كيف تكيفت أسواق دارفور مع تحديات رمضان في ظل الحرب؟
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
الفاشر– في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تفرضها الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل/نيسان الماضي بين الجيش السوداني وحلفائه من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، تبرز مدينة الفاشر في دارفور كواحدة من أكثر المناطق تأثرا بتداعيات هذه الحرب.
ومع دخول شهر رمضان المبارك، يواجه السكان تحديات جديدة تتمثل في الارتفاع الحاد للأسعار وصعوبة تأمين المواد الغذائية الأساسية، الأمر الذي يضغط على الأسر، ويجعل من الصعب عليها تلبية احتياجاتها خلال هذا الشهر الفضيل، بما يتطلبه من زيادة في الإنفاق على الطعام والاحتياجات اليومية.
ومع ذلك، فإن هذه الأزمة لم توقف عجلة الحياة الاقتصادية في المدينة، بل دفعت التجار والمستهلكين إلى ابتكار حلول بديلة للتكيف مع الواقع الجديد، حيث بات من الضروري تحسين إستراتيجيات الشراء والتسويق، مما يعكس قدرة المجتمع على التكيف مع الظروف القاسية والمضي قدمًا رغم التحديات.
تكيف أسواقوفي مواجهة نقص الإمدادات القادمة من شرق السودان، لجأ سكان مدينة الفاشر بدارفور إلى الاعتماد بشكل أكبر على المنتجات المحلية، فقد قام المزارعون بتكثيف جهودهم لتوفير المواد الغذائية الأساسية مثل الذرة والدخن والخضروات، والتي أصبحت بديلا رئيسيا للسلع المستوردة التي أصبحت نادرة أو باهظة الثمن.
يقول التاجر محمد سليمان للجزيرة نت: "لقد اضطررنا لتعديل أساليب عملنا، حيث أصبحنا نعتمد بشكل أكبر على المنتجات المحلية مثل الذرة والدخن والخضروات".
إعلانوأشار إلى أنه في ظل الظروف الحالية، شهدت الأسواق زيادة في مبيعات اللحوم المحلية كبديل للدجاج المستورد الذي أصبح نادرًا بفعل الحصار.
وأضاف سليمان بحزن: "القصف المدفعي الممنهج من قبل الدعم السريع على أسواق المدينة جعل التجار يعيشون في كابوس يومي".
وأكد أن السوق الرئيسي، المعروف بالسوق الكبير، أغلق تمامًا نتيجة القصف، مما زاد من صعوبة الوصول إلى السلع الأساسية.
وتابع "معظم المتاجر أصبحت مجرد أنقاض. نحن نحاول جاهدين إعادة بناء ما تهدم، ولكن الأمل يتلاشى مع كل قذيفة تسقط".
وفي سياق متصل، قال جمال هارون، أحد بائعي الخضر والفواكه بسوق مخيم أبو شوك للنازحين شمال الفاشر، إن الزبائن أصبحوا أكثر وعيًا بأهمية المنتجات المحلية، إذ يفضلون شراء السلع المحلية، مما ساعد في تحسين وضع المزارعين وزيادة الإنتاج.
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن اللحوم والدواجن المستوردة باتت خارج حسابات معظم السكان هذه الأيام، لافتا بألم "لقد عانينا كثيرًا بسبب الدمار الذي لحق بأسواقنا. الكثير من التجار فقدوا أعمالهم، مما أثر على قدرتنا على تلبية احتياجات الزبائن".
وأكد أن الجراح عميقة، معبرًا عن أمله في استعادة الأمن والاستقرار قريبًا، وعودة الحياة الطبيعية للأسواق التي كانت يومًا ما تعج بالحركة والحيوية.
غياب دوليوبرغم التحديات القاسية التي تشهدها المدينة، استطاعت الأسر إيجاد طرق للتكيف مع آثار الحرب والأزمة الاقتصادية خلال شهر رمضان، حيث يتعاون الجيران والأقارب في تبادل الموارد المتاحة، مما يساعد في تخفيف الأعباء الثقيلة.
كما تلعب السلطات المحلية والمطابخ الخيرية دورا محوريا في تقديم المساعدات الغذائية للنازحين والأسر المحتاجة، خاصة مع تزايد الطلب على هذه الخدمات خلال الشهر الفضيل.
وفي المقابل، يغيب الدور الدولي الفاعل في تخفيف الأزمة، فبرامج الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الكبرى تكاد تكون غائبة تمامًا عن المشهد، بسبب القيود الأمنية وتعقيدات الوصول التي تفرضها قوات الدعم السريع في دارفور.
إعلانوفي هذا السياق، يقول الناشط عمر إبراهيم، الذي يعمل في أحد المطابخ الجماعية، للجزيرة نت: "لم نرَ أي مساعدات دولية تدخل الفاشر منذ بدء الحرب. حتى التبرعات الخيرية من الخارج لم تعد تكفي، خاصة مع زيادة عدد النازحين".
ويضيف: "يزداد الوضع سوءًا يومًا بعد يوم، ونحن نعمل بلا كلل لتلبية احتياجات الناس، لكن الدعم الخارجي كان ضروريا لتخفيف هذه الأعباء"، مؤكدا أن غياب المساعدات فاقم من معاناة الأسر، مما يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي.
وتشير تقارير محلية إلى أن الغالبية العظمى من الأسر في مدينة الفاشر تعتمد على التكافل المجتمعي لتلبية احتياجاتهم اليومية، حيث لا يوجد أي دور للمنظمات الأممية في المنطقة.
إلى جانب ذلك، لجأت العديد من الأسر إلى تغيير أنماط استهلاكها، حيث يقوم البعض بتقليل كميات الطعام أو الاعتماد على بدائل أقل تكلفة لتلبية احتياجاتهم، ما يعكس وعيهم بأهمية مواجهة الواقع الصعب، ويعزز قدرتهم على التكيف مع الأزمات والتحديات.
جهود السلطاتوبحسب مدير عام وزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية بشمال دارفور، الدكتورة بدور آدم محمد، فإن حكومتها، رغم الظروف المعقدة، تمكنت هذا العام من توزيع سلة غذائية لشهر رمضان المبارك لبعض الأسر الفقيرة في مدينة الفاشر بتكلفة بلغت 550 مليون جنيه سوداني (ما يعادل نحو مليونين و261 ألف دولار).
وأوضحت للجزيرة نت أن المشروع شمل توزيع كميات من الدخن والسكر والبلح وزيت الطعام لـ4500 أسرة في أحياء ومراكز إيواء النازحين، بالإضافة إلى تكايا الطعام داخل المدينة.
وشددت على أهمية التعاون بين جميع الجهات المعنية لضمان استدامة المساعدات وتلبية احتياجات الناس في هذه الأوقات العصيبة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، تفرض قوات الدعم السريع حصارًا على المدينة التاريخية. وفي مايو/أيار الماضي، تصاعدت حدة المعارك في محاولة للسيطرة على الفاشر، ولكنها واجهت مقاومة قوية من الجيش وحلفائه.
إعلانوأدت هذه الاشتباكات إلى تدمير البنية التحتية للمدينة وتعطيل الخدمات الأساسية، كما تسببت في أضرار كبيرة للأسواق ومرافق الكهرباء والمياه، مما أثر بشكل كبير على المستشفيات والمدارس وغيرها من الخدمات الحيوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الدعم السریع مدینة الفاشر للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: نزوح جماعي من مخيم زمزم ويجب حماية المدنيين
الأمم المتحدة أكدت أن التدفق الهائل للنازحين إلى المجتمعات والبلدات المضيفة يخلق ضغطاً حرجاً في أنحاء شمال دارفور.
التغيير: وكالات
قالت الأمم المتحدة إن سكان الفاشر وطويلة وأجزاء أخرى من ولاية شمال دارفور يواجهون “وضعا مروعا” بسبب النزوح الجماعي وسقوط ضحايا من المدنيين وتزايد الاحتياجات الإنسانية، حيث سعى العديد من المدنيين إلى إيجاد الأمن والمأوى بعد استيلاء قوات الدعم السريع على مخيم زمزم.
وأفاد شركاء الأمم المتحدة في المجال الإنساني على الأرض أن مئات الآلاف من سكان المخيم فروا إلى مواقع أخرى.
وفي مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، ذكّر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بأن بعض سكان المخيم كانوا يعيشون فيه منذ بداية الصراع في دارفور عام 2003، وأنه تم تأكيد ظروف المجاعة هناك مؤخرا.
وقال: “إن التدفق الهائل للنازحين إلى المجتمعات والبلدات المضيفة حيث الاحتياجات مرتفعة بالفعل يخلق ضغطا حرجا على الخدمات الصحية والبنية التحتية للمياه وأنظمة الغذاء المحلية في جميع أنحاء شمال دارفور”.
القدرة على الاستجابةوقال دوجاريك- بحسب مركز أخبار الأمم المتحدة- إن المنظمة وشركاءها الإنسانيين يوسعون نطاق عملياتهم لتلبية الاحتياجات المتزايدة في مناطق متعددة من الولاية، إلا أن حجم النزوح، إلى جانب انعدام الأمن والقيود اللوجستية المتزايدة التي أعاقت وصول المساعدات الإنسانية، “يُثقل كاهل القدرة على الاستجابة بشدة”.
وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة إلى العمل على تنسيق مهمة عبر الحدود من تشاد إلى دارفور في الأيام المقبلة، ستحمل مساعدات لما يصل إلى 40 ألف شخص. بالإضافة إلى ذلك، تدير المنظمات غير الحكومية المحلية في الفاشر عيادات صحية متنقلة وعيادات تغذية، وقد أطلقت مشروعا لنقل المياه بالشاحنات، يوفر 20 مترا مكعبا من المياه يوميا لعشرة آلاف شخص.
ودعا دوجاريك جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي الإنساني، وضمان المرور الآمن للمدنيين، وتسهيل وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
لعمامرة يكثف المساعيوفي سياق متصل، وصل المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، رمطان لعمامرة، إلى بورتسودان، حيث التقى بالجنرال عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى كبار المسؤولين الآخرين.
وتأتي هذه الزيارة في إطار تكثيف مشاوراته وتواصله مع الأطراف وجميع الجهات المعنية لاستكشاف سُبل تعزيز حماية المدنيين وأي جهد لتهدئة الصراع.
وقال دوجاريك إن المبعوث الشخصي سيؤكد من جديد خلال زياراته دعوة الأمم المتحدة إلى حوار عاجل وحقيقي بين أطراف الصراع من أجل وقف فوري للأعمال العدائية.
وجدد المتحدث دعوات الأمم المتحدة إلى عملية سياسية شاملة لمنع مزيد من التصعيد، وحماية المدنيين، وإعادة السودان إلى مسار السلام والاستقرار.
وأضاف: “نحث الأطراف على اغتنام فرصة زيارة السيد لعمامرة إلى البلاد والمنطقة للالتزام بالانخراط في طريق شامل للمضي قدما وتعزيز حماية المدنيين، بما في ذلك من خلال محادثات غير مباشرة محتملة”.
الوسومالأمم المتحدة السودان الفاشر جنيف رمطان لعمامرة زمزم ستيفان دوجاريك شمال دارفور طويلة