العميد عاطف الإسلامبولى.. شهيد الواجب ورمز الشجاعة الذى لا يغيب
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
فى الثانى من فبراير 2015، كانت مدينة الصف تشهد مشهدًا من الأمل والتضحية، حين استجاب العميد عاطف الإسلامبولي، مفتش مباحث شرق الجيزة، لاستغاثة كانت أشبه بصرخة فزع من سيارة نقل أموال تعرضت لسطو مسلح على طريق الكريمات. انطلق العميد إلى المكان، ساعيًا وراء العدالة، فى درب مليء بالتحديات والمخاطر، لم يكن يعلم أن تلك اللحظة ستكون آخر لحظات حياته.
وهو الذى خدم الوطن 25 عامًا فى صفوف الشرطة، حيث تنقل بين العديد من المناصب حتى أصبح مفتشًا لمباحث شرق الجيزة، لم يكن مجرد ضابط بل كان مدرسة فى الشجاعة والالتزام، وأحد أبرز القامات التى قدمت مثالًا حيًا للوفاء بالواجب. كان يعلم تلامذته أن الدفاع عن الوطن لا يتوقف عند الخوف من الموت، بل هو درب من التضحية لا يعترف بالعودة.
فى تلك اللحظة الحاسمة، وعلى الرغم من مخاطرة حياته، اندفع لملاقاة الخطر بشجاعة لا تخشى الموت، ليصبح أول من يدفع الثمن، ويستشهد برصاص المجرمين الذين كانوا فى طريقهم للهروب.
تظل ذكراه خالدة فى قلوب من عرفوه، وحتى اليوم، يعبر من حوله عن فخرهم به. تقول ابنته دينا بحزن مفعم بالفخر: "أنا بنت الشهيد، أنا بنت البطل، وبقول لكل بنت شهيد خليكى دايمًا فخورة مش مكسورة"، كلماتها هى إشراقة الأمل فى عيون الأجيال الجديدة، تأكيدًا على أن البطل لا يموت، بل يبقى حيًا فى قلوب من يعشقون وطنهم.
رحل العميد عاطف الإسلامبولى عن دنيانا، لكنه ترك إرثًا من الفخر والشجاعة لا يزول. خلف وراءه أبناء يحملون رايته، ويواصلون المسير لحماية هذا الوطن العزيز. ستظل ذكرى عاطف الإسلامبولى راسخة فى ذاكرة مصر، رمزًا للإقدام والتضحية فى سبيل الأمن والعدالة.
فى قلب هذا الوطن الذى لا ينسى أبنائه، يظل شهداء الشرطة رمزًا للتضحية والفداء، ويختصرون فى أرواحهم أسمى معانى البذل والإيثار، رغم غيابهم عن أحضان أسرهم فى شهر رمضان، يبقى عطاؤهم حاضرًا فى قلوب المصريين، فالوطن لا ينسى من بذل روحه فى سبيل أمنه واستقراره.
هم الذين أفنوا حياتهم فى حماية الشعب، وسطروا بدمائهم صفحات من الشجاعة والإصرار على مواجهة الإرهاب، هم الذين لم يترددوا لحظة فى الوقوف أمام كل من يهدد وطنهم، وواجهوا الموت بابتسامة، مع العلم أن حياتهم ليست سوى جزء صغير من معركة أكبر ضد الظلام.
فى رمضان، حين يلتف الجميع حول موائد الإفطار فى دفء الأسرة، كان شهداء الشرطة يجلسون فى مكان أسمى، مكان لا تدركه أعيننا، ولكنه مكان لا يعادل فى قيمته كل الدنيا؛ فإفطارهم اليوم سيكون مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.
مع غيابهم عن المائدة الرمضانية فى بيوتهم، يظل الشعب المصرى يذكرهم فى صلواته ودعواته، تظل أسماؤهم محفورة فى ذاكرة الوطن، وتظل أرواحهم تسكن بيننا، تعطينا الأمل والقوة لنستمر فى مواجهة التحديات.
إن الشهداء هم الذين حفظوا لنا الأمان فى عز الشدائد، وهم الذين سيظلون نجومًا مضيئة فى سماء وطننا، فلهم منا الدعاء فى كل لحظة، وأن يظل الوطن فى حفظ الله وأمانه.
مشاركة
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: شهداء شهداء الشرطة شهداء الوطن الداخلية اخبار الداخلية وزارة الداخلية افطارهم في رمضان قصص الشهداء اسر الشهداء حوادث اخبار الحوادث
إقرأ أيضاً:
هل زرع ترامب الرعب في قلوب الأميركيين في أقل من 100 يوم؟
واشنطن- عبّر أحد مديري الصناديق المالية، الذي جاء من مدينة نيويورك إلى واشنطن قبل أيام للمشاركة في دورة "اجتماعات الربيع" لصندوق النقد والبنك الدوليين، عن رعبه مما تشهده بلاده.
وقال المدير، الذي تحفّظ على ذكر اسمه ومحل عمله، للجزيرة نت "ربما تكون هذه الاجتماعات الأخيرة من نوعها؛ ما يقوم به الرئيس دونالد ترامب، عمدا أو جهلا، كفيل بتدمير النظام المالي العالمي المرتكز على أعمدة عدة من بينها أعمدة التنظيم المالي المؤسسي العالمي الذي تلعب فيه منظمات كصندوق النقد والبنك الدولي دورا رئيسا، إلا أن إدارة ترامب تحتقر هذه المؤسسات وتتبع سياسات معادية لها".
ولكن أهم ما أشار إليه المدير المالي هو ما حدث أمس من إلقاء ضباط مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) القبض على هانا دوغان، القاضية بمدينة ميلواكي بولاية ويسكونسن، على خلفية اتهامها بإعاقة عملية احتجاز مهاجر غير نظامي.
ومثّلت الحادثة نقلة كبيرة ونوعية في طبيعة المواجهة بين إدارة الرئيس ترامب والقضاء. واعتبر المدير المالي أن ترامب "جاد جدا في ترحيل مواطنين أميركيين إلى السلفادور، وأنه يفكر في الترشح لفترة حكم ثالثة".
إعلانوأشار المدير المالي إلى خطاب ألقاه، أمس الأول، وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، أمام معهد التمويل الدولي في واشنطن العاصمة، ودافع فيه عن فرض إدارته رسوما جمركية عالية للغاية على الصين بنسبة 145%.
وحدد بيسنت ما سماه "مخططا لإعادة التوازن إلى النظام المالي العالمي والمؤسسات المصممة للحفاظ عليه"، وتحديدا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وقال بيسنت إن "صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لهما قيمة دائمة، لكن ابتعدت هذه المؤسسات عن مسارها الصحيح. يجب أن نسنّ إصلاحات رئيسية لضمان أن مؤسسات بريتون وودز تخدم أصحاب المصلحة وليس العكس".
غياب الكونغرس والحزبين
وفاجأ المدير المالي مراسل الجزيرة بالقول "أنا مرعوب مما تشهده أميركا! ما نراه يعد استثنائيا وخطيرا بصورة لا يمكن قبولها. والأخطر هو عدم وجود رد فعل من أي من الجهات المنوط بها دستوريا مواجهة توغل السلطة التنفيذية. الكونغرس بحزبيه، الجمهوري والديمقراطي، ليسا حاضرين؛ لا يقومان بما يطالبهما به الناخبون من ضرورة وقف تهور إدارة ترامب وتنمّرها".
وأوضح "أتخيل أنني في كابوس، وأننا في دولة دكتاتورية غريبة، لكن مع كل صباح جديد أكتشف أنني لا أزال في أميركا، بلد الحريات، وسيادة القانون، والفصل بين السلطات". وأضاف أن ترامب "يهدد ذلك كله ويدمره، وهو لم يكمل بعد 4 أشهر من بدء حكمه".
وتابع "لقد نجح ترامب في كشف عورة القضاء الذي لا يملك آلية عملية لتنفيذ قراراته، لذلك تشجع الرئيس وتمادى في إهانة القضاء وتجاهل قراراته، وهذا لم يحدث من قبل مع أي رئيس أميركي" كما قال المدير المالي.
كذلك أشار إلى حالة المهاجر السلفادوري كيلمار أبريغو غارسيا، المتزوج بمواطنة أميركية، والذي تم ترحيله إلى السلفادور بطريق الخطأ، وقرار المحكمة العليا بضرورة قيام إدارة الرئيس دونالد ترامب باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين عودته إلى عائلته القاطنة بولاية ماريلاند، وهو ما تجاهلته إدارة ترامب.
إعلانوتتجاهل إدارة ترامب أيضا عشرات من قرارات المحاكم القاضية بوقف القبض على الطلاب الأجانب أو ترحيلهم على خلفية مشاركتهم في الحركة الاحتجاجية ضد موقف واشنطن من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبدئها إجراءات لمعاقبة الجامعات الأميركية في محاولة للسيطرة عليها.
الطريق إلى الاستبداد
حتى الآن فشلت الضوابط التي يعجّ بها الدستور الأميركي في إيقاف ترامب. واعتبرت خبيرة قانونية، تحفظت على ذكر اسمها، في حديث للجزيرة نت، أن "الدساتير ما هي إلا نصوص من حروف وكلمات، ولا تعني معانيها الشيء ذاته عند الجميع. من هنا من الأهمية بمكان أن يوفر الدستور آليات لمنع استغلاله ولتنفيذ نصوصه، وهذا ما تفتقده الولايات المتحدة في ظل "الاستقطاب الحاد بين الحزبين، والتقارب الشديد بينهما في نسب التمثيل في مجلسي الكونغرس".
وسهّل ذلك من توغل البيت الأبيض والرئيس ترامب عن طريق إصدار أكثر من مائة أمر تنفيذي في مختلف القضايا والسياسيات وتجاهل الآلية التشريعية بصورة شبه كاملة رغم سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس.
وكتب الأكاديميان ستيفن ليفيتسكي من جامعة ييل ولوكان واي من جامعة تورونتو مقالا في دورية "شؤون خارجية" (فورين أفيرز) يحذران فيه من انزلاق الولايات المتحدة إلى استبداد من نوع جديد.
وقال المقال إن مواقف ترامب في فترة رئاسته الأولى دفعت إلى وجود رد فعل قوي ومقاوم من المؤسسات السياسية الأميركية. لكن ما يقوم به منذ عودته للبيت الأبيض يقابل بلامبالاة مذهلة.
وبينما اعتبر العديد من السياسيين والنقاد والشخصيات الإعلامية وقادة الأعمال ترامب تهديدا للديمقراطية قبل 8 سنوات، يتعاملون الآن مع هذه المخاوف على أنها مبالغ فيها؛ فبعد كل شيء، نجت الديمقراطية من فترته الأولى في المنصب.
انتهك ترامب أسس العملية الديمقراطية بعدم اعترافه بنتائج انتخابات 2020، والتي خسرها لمصلحة جو بايدن؛ إذ حاول ترامب قلب نتائج الانتخابات وفشل، وحاول منع الانتقال السلمي للسلطة وفشل. ومع ذلك، لم يحاسبه الكونغرس ولا القضاء، وأعاد الحزب الجمهوري ترشيحه للرئاسة.
إعلانأدار ترامب حملة انتخابية استبدادية علنية في عام 2024، وتعهد بمقاضاة خصومه ومعاقبة وسائل الإعلام الناقدة له، ونشر الجيش لقمع الاحتجاجات إذا اضطر إلى ذلك. ورغم كل ذلك فاز بأصوات أكثر من 77 مليون أميركي، وبفضل قرار استثنائي للمحكمة العليا، سيتمتع بحصانة رئاسية كاملة خلال سنوات حكمه الأربع.
وخلال ولايته الأولى، نجت أميركا بديمقراطيتها لأنه لم يكن لدى ترامب خبرة أو خطة أو فريق. ولم يسيطر على الحزب الجمهوري عندما تولى منصبه في عام 2017، وكان معظم القادة الجمهوريين لا يزالون ملتزمين بالقواعد الديمقراطية للعبة.
حكم ترامب مع الجمهوريين والتكنوقراط المؤسسيين، وقاموا بتقييده إلى حد كبير. لكن لم يعد أي من هذه الأشياء صحيحا بعد الآن. هذه المرة، اختار ترامب الاعتماد كليا على من لديهم ولاء كامل له، ويوافقون على ما يقرره من دون نقاش، حتى لو كان موقفا استبداديا غير دستوري.
تكلفة المعارضةأوضحت تحركات ترامب في الأشهر الماضية، من خلال سيل الأوامر التنفيذية المشكوك في دستوريتها، أن تكلفة معارضة ترامب سترتفع بشكل كبير. وبعد اختياره لحليفه مايكل فولكندر، ليترأس مصلحة الضرائب الأميركي (IRS)، يُخشى من استهداف مانحي الحزب الديمقراطي من قبل مصلحة الضرائب.
وقد تواجه الشركات التي تموّل جماعات الحقوق المدنية تدقيقا ضريبيا وقانونيا مشددا، أو تجد مشاريعها محبطة من قبل الجهات الحكومية.
في الوقت ذاته لم يخفِ ترامب رغبته في ترويض وسائل الإعلام المعارضة له، وبدأ بالفعل في رفع دعاوى تشهير مكلفة أو إجراءات قانونية أخرى ضد الشركات الأم المالكة لها.
وبعدما نجح في تعيين موالين له وعلى رأسهم وزيرة العدل بام بوندي، وزوكاش باتال مديرا لمكتب التحقيقات الفدرالي، ومايكل فولنكندر مديرا لهيئة الضرائب، ضمن ترامب استخدام أجهزة الدولة لتحقيق غايات شخصية مناهضة للديمقراطية من خلال التحقيق مع المنافسين ومقاضاتهم، واستمالة المجتمع المدني، وحماية الحلفاء من الملاحقة القضائية.
إعلانوأثمرت إستراتيجية ترامب عن اتخاذ شبكة "إيه بي سي" (ABC) قرارا صادما بتسوية دعوى تشهير رفعها الرئيس، ودفعت له 15 مليون دولار لتجنب محاكمة ربما كانت ستنتصر فيها. ويقال إن مالكي شبكة "سي بي إس" (CBS) يعملون أيضا على تسوية دعوى قضائية من قبل ترامب، وهو ما يدل على فاعلية لجوئه إلى سلاح مطاردة منتقديه.