رمضان في الإمارات.. عادات وتقاليد أصيلة تتوارثها الأجيال
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
إطلاق المدفع، وتجهيز المجالس، وتوزيع المير الرمضاني.. عادات أصيلة يتحلى بها شهر رمضان المبارك في دولة الإمارات، الذي يمتاز بنكهة مميزة تتمثل في مراسم استقباله ووداعه وأكلاته المتنوعة، فضلاً عن لياليه الروحية.
ولفتت راية المحرزي، رائدة في العمل الإنساني والاجتماعي، عبر 24، إلى أن "مظاهر الاحتفال بحلول شهر رمضان المبارك في الإمارات، تبدأ قبل حتى دخوله عبر الاحتفال بليلة النصف من شعبان "حق الليلة"، وهو تقليد شعبي يعكس روح الفرح والترحيب بالشهر الفضيل، إذ يتجمع الأطفال في الأحياء السكنية، حاملين الأكياس ويتنقلون من منزل إلى آخر وهم ينشدون: "عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم"، مطالبين جيرانهم بالهدايا الرمضانية كالحلويات والمكسرات. مدفع رمضان وقالت المحرزي: "كانت التقاليد الرمضانية تبدأ بتقاليد موروثة لإثبات مولد هلال رمضان في آخر ليلة من شهر شعبان، وكان الرجال الموثوقين والمشهود لهم بالدقة في التحري يجتمعون كل يوم بعد صلاة المغرب لتحري الهلال، وإذا ثبت رؤيته يتم الإعلان عن ذلك بواسطة إطلاق المدفع، ليتبادل الجميع التهاني بحلول الشهر الفضيل، ويستعدون لتجهيز وجبة السحور التي عادة ما تتكون من العيش والتمر والقهوة . المير الرمضاني بدورها، أشارت لطيفة المطروشي، باحثة في مجال التراث، إلى أنه "لم تتغير العادات الرمضانية في الإمارات كثيراً بين الماضي والحاضر، إذ تبدأ الاستعدادات لاستقبال الشهر الفضيل قبل أيام بتحضير المستلزمات، وتجهيز المجالس لاجتماع العائلة والجيران، وشراء "المير الرمضاني"، الذي يُعتبر عادة إماراتية أصيلة، تقدم فيها الهدايا للأهالي والأصدقاء، كنوع من صلة الرحم. الإفطار الجماعي وأضافت "قديماً، كانت تنتشر في الإمارات موائد الإفطار الجماعي، حيث يجتمع أهل الحي في مكان واحد للإفطار، ويتشارك الجميع في تناول مختلف الوجبات الإماراتية مثل الأرز، والهريس، والمحلى، والعصيدة، واللقيمات، ومن الحلويات الخبيصة، والبثيثة، والخنفروش، والبلاليط". الولائم العائلية وتابعت المطروشي: "تعد الولائم العائلية جزءاً أساسياً من تقاليد الشهر الفضيل، وجرت العادة أن يتم الاجتماع لدى كبير العائلة، سواء الجد أو الأب على مائدة واحدة، ويحرص أفراد العائلة أو الضيوف على إعداد أطباق خاصة وجلبها معهم لمشاركتها مع الجميع، وهذه عادة أصيلة لا تزال حاضرة في وجدان الكثيرين". المجالس الرمضانية ومن جانبه، أوضح المواطن عبدالله النقبي، أن "عادة التزاور، بين الأهل والأقارب والجيران، بعد صلاة التراويح لا تزال من أبرز عادات الشعب الإماراتي في رمضان، بالإضافة إلى المجالس الرمضانية المعروفة بـ"المِيْلَس" أو "الديوانية"، التي كانت تنتشر بين الأحياء، وقديماً كانت تُعد ملتقى أهل المنطقة، لتبادل أخبار الغوص، والأسفار، أو إنشاد الشعر، وكانت تستمر حتى وقت السحور.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية رمضان 2025 الإمارات فی الإمارات
إقرأ أيضاً:
عادات رمضانية تقاوم الاختفاء
تعيد المناسبات الدينية والشعائر التعبدية التذكير ببعض العادات المرتبطة بها سواء تلك المستمرة معها، أو المختفـية بسبب التطور والتحديث الذي طال الأدوات والوسائل المرتبطة بالشعائر المقامة فـي المساجد، فمثلا لم يُعد للكتاتيب دور فـي التعليم وتربية النشء على القراءة والتجويد والكتابة، إذ حلت محلها المدارس وروض الأطفال، وقس على ذلك العديد من طرق التدريس ونشر العلم، والمؤذن لم يعد يصعد إلى المنارة للأذان، فقد ساعدت مكبرات الصوت على رفع الأذان وإسماعه إلى أماكن أبعد. والمدافع التي تطلق طلقاتها إيذانا بموعد الإفطار اُستغني عنها، وبقيت كتراث توظفه بعض المدن لإحياء الذاكرة الشعبية المرتبطة بشهر رمضان. ولأننا فـي ظفار لم نسمع طلقات المدافع المرتبطة برمضان، ولم نرَ الفوانيس الدالة على الشهر الكريم لدى بعض المجتمعات، فإننا سنسرد بعض العادات التي تُذكرنا بالشهر الفضيل، فعلى سبيل المثال يُستقبل رمضان فـي بعض مناطق ظفار بعبارات الترحيب فـيردد الناس:
«مرحب مرحب يا رمضان وأهلا وسهلاً بشهر الصِّيام
ويا مرحبًا بِكَ خير الضُّيوف وأهلاً وسهلاً بِشهرِ القِيَام»
هذا الترديد بدأ بالتلاشي تدريجيا ولم يعد متداولا كما فـي السابق.
توجد عادة أخرى تقام فـي شهر رمضان مثل «قراءة السيرة النبوية ونظم من الموالد والأشعار الدينية بعد صلاة الظهر فـي شهر رمضان، وتسبيحات رمضان جماعيا بعد صلاة الفجر وصلاة العصر وبعد ركعة الوتر من صلاة التراويح والتسبيحات هي: «أشهد أن لا إله إلا الله نستغفر الله نسألك الجنة ونعوذ بك من النار» هذه العادة أصبحت نادرة فـي بعض المناطق.
أتذكر أنه فـي بعض المساجد فـي منتصف التسعينيات، يقوم الإمام بالجهر بنية الصيام، بعد صلاتي المغرب وصلاة التراويح فـيردد الإمام وخلفه المصلين «نويت صوم غد عن أداء شهر رمضان هذه السنة لله تعالى» لا تزال هذه العادة مستمرة فـي بعض المساجد.
من العادات التي انقطعت تماما عادة الترحيم فـي السَحر، حيث يعد المؤذن إلى منارة المسجد ويردد بصوت عالٍ
«قم يا نائم الليل كله... عادك با تزور المقابر وباتنام الليل كله
قم يا نائم ...وحد الدائم... اغنم الغنائم».
ثم يردد «سبحان من رفع السماوات بغير عمد، سبحان من بسط الأرض على ماء فجمد، سبحان من خلق الخلق فأحصاهم عدد، سبحان من قسم الأرزاق ولم ينس أحد، سبحان من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد».
وتقام هذه العادة لحث النائمين على قيام الليل والتهجد، قبل موعد آذان الفجر.
ومثلما استقبل شهر رمضان بالتهليل يُودع كذلك بقراءة القرآن وختمه، فـيردد الصائمون تهلولة «ودع مودع يا رمضان.. شهر البركة والإحسان.. نعوده فـي خير يا رمضان».
يُختم قراءة القرآن فـي بعض المساجد فـي النصف الثاني من العشر الأواخر من شهر رمضان و«يُقرأ فـي الصلاة سورة الضحى إلى آخر القرآن، وبعد الصلاة يدعون دعاء ختم القرآن ثم يقرؤون القوافـي الفزارية التي تنسب إلى الشاعر عويف بن عقبة بن معاوية الفزاري الذي سمي عويف القوافـي وكان من شعراء القرن الثاني الهجري. لقد أصبحت ختمة رمضان مقتصرة على دعاء ختم القرآن بعد التراويح إلى جانب المدح اليومي».
إن الكتابة عن العادات المنسية المرتبطة بمناسبات دينية أو اجتماعية ما هي إلا محاولة للتذكير بها والاحتفاظ بها ولو فـي التدوين، خاصة وأننا نشهد تلاشي عادات وإحلال أخرى محلها، وهذه سنة الكون والتغيير والتبديل، ومع ذلك يتوجب الكتابة عن ثقافة العادة خاصة شقها الشفوي لما لها من دلالات وقيم ثقافـية وإنسانية.