"المحور العسكري".. مراحل الصراع العربي الإسرائيلي 1948-1973
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
في لحظات الانكسار واليأس والهزيمة في تاريخ الشعوب والأمم.. تظل لحظات مضيئة تخلص فيها العزائم والهمم وتتوحد فيها الأهداف فتنتصر الإرادة.. فيبدي الشعب ثباتًا وصمودًا ضد كل الضغوط السياسية والعسكرية.. وعندما تخلص العزائم، وتتوحد الأهداف يتحقق النصر الذي يعبر بالأمة العربية كلها إلى آفاق جديدة، ويرفع عن كاهلها ذكريات حزينة مؤلمة.
هذا ما نشعر به، ونحن نقلب صفحات التاريخ للتأمل، والتعليم والاستفادة.. ولنلقي الضوء على أهم الصراعات العسكرية العربية الإسرائيلية منذ عام 1948..
صراع 1948.. كان مجرد قضية دولية للاجئين اليهود المهاجرين إلى فلسطين بعد وعد بلفور..
تم استيلاء اليهود على 20% من أرض فلسطين بمساعدة العصابات الصهيونية وأمريكا وروسيا وبريطانيا.. ولم تكن مشاكل إسرائيلية وأقلية تخص أقلية عربية إسرائيلية.. ولم يأب غالبية الإسرائيليين بالمشكلة الفلسطينية..
ذهب متطوعون من الجيش المصري بقيادة العقيد أحمد عبد العزيز، وانتهى الصراع العسكري 1948 بهزيمة العرب، ووقف القتال بمفاوضات رودس 1949، وأطلق على إسرائيل وقتها (إسرائيل المزعومة)..
وفي عام 1956 نشأ صراع عسكري مصري- إسرائيلي.. كان قضية قومية وطنية (ممكن الدفاع عنها) بدأها الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس.. وتأكد بعدم قدرة القوات على التحرك السريع فلم يلوح باستخدام الجيش المصري، أو حشده رغم ما بدا هزيمة عسكرية.
أدار الرئيس جمال عبد الناصر قراره لصالح مصر سياسيًّا.. وقتها كان الحلم العربي تحرير فلسطين..
وجاء الصراع الثالث 1967..
لم تكن هناك قضية وطنية واضحة.. فلا وضوح للقرار السياسي، ولا تحديد أهداف.. وبدأت الأزمة (الصراع العسكري المصري/ الإسرائيلي) باستخدام الجيش، وتحركه واستدعاء القوات على عجل ومعظمهم من الاحتياط.. وتم حشد أكثر من مائة ألف على مسرح عمليات غير جاهز في سيناء.. فكان صراعًا عسكريًّا بلا أهداف، ولا مهمة فانتهى بالهزيمة قبل أن يبدأ.. وكانت النتيجة قيام إسرائيل باحتلال الضفة الغربية في سوريا، وغزة والقدس والجولان وسيناء.. وتم إنهاء الصراع بعد موافقة الطرفين على قرار مجلس الأمن الدولي 242.. وأصبح هذا القرار مرجعية كل متحدث عن الصراع العربي حتى الآن، وشمل القرار النقاط الآتية:
1- إنهاء جميع حالات الحرب، أو الادعاء بها.
2- الاعتراف بكل دولة في المنطقة.
3- العيش في نطاق حدود آمنة.
4- إقامة إجراءات أمن بينها مناطق منزوعة السلاح.
- كان من نتائج ذلك..
- أصبح الإسرائيليون في مواجهة العرب لأول مرة واتصال يومي بينهم وهي نقطة تحول.. كما دفعت بالقضية الفلسطينية إلى الأمام كمشكلة وطنية.. وسار الصراع حول مستقبل الأراضي المحتلة، وسكانها الفلسطينيين وكان احتلال الأرض لم يكن سوى أسوأ ما في يونيو 1967 وحتى اليوم مازلنا نعيش يونيو 67 الأسود بنتائجه السياسية.
- جميع الاتفاقات بعد يونيو 67.. ولدت من رحم يونيو، ولم تطوَ صفحته حتى اليوم ودخل التاريخ.. وأعطت إسرائيل ظهرها ولم نجد من يرغمها على الانسحاب ولم تفعل إلا عندما قاد الرئيس الشهيد (بطل الحرب والسلام) محمد أنور السادات الصراع العسكري في أكتوبر 73.. وصراع نوفمبر السلمي..
- الصراع العسكري أكتوبر 73..
كان هناك قرار سياسي لهذا الصراع.. صدر قرار القائد العام أول أكتوبر 73.. تناول أبعاد الموقف السياسي محليًا، وعالميًا والهدف الإستراتيجي المطلوب للقوات..
- في 5 من أكتوبر أصدر الرئيس السادات خطابًا ثانيًا صدر للقائد العام ثلاث مهام للعمليات..
1- كسر وقف إطلاق النار على الجبهة.
2- تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة.
3- العمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل.
- تحولت المشكلة الوطنية إلى قضية سياسية خارجية.. أثارت مفهوم الصهيونية اليهودية القومية الفلسطينية..
- ظهر أن التجربة الصهيونية بل وتاريخ اليهود كله.. ثبت عدم صحة مبدأ سيادة الحكومة الإسرائيلية على حقوق عرب فلسطين.
- إن نصر أكتوبر المجيد عام 73 سيبقى صفحة مضيئة في تاريخنا جيلاً بعد جيل.. وفي ضميرنا شعاع ضوء يعيد لنا الثقة في قدراتنا.. وسيظل حدثًا عظيمًا، وصورة غالية لصحوة أمة استطاعت أن تخرج من نكستها عام 67..
- صراع أكتوبر.. لم يكن نصرًا عسكريًّا فقط على قوة محتلة غاشمة ولكن كان صراعًا بكل المقاييس والأبعاد العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.. جرأة في القرار.. براعة، وعبقرية القرار.. ودقة الأداء.. مفاجأة وخداع.. معجزة في شجاعة الجندي المصري الذي يؤمن بربه، وعدالة قضيته.. وسيظل حدثًا عظيمًا، وصورة غالية لصحوة أمة.. وللأسف نصر أكتوبر الآن يمر في صورة سريعة، ولا تعرف الأجيال الجديدة شيئًا سوى أغنيات وقصصًا وأوبريتات عابرة تردد دون استفادة شيء منها.. وذلك من خلال قنوات تليفزيونية وقنوات فضائية خاصة وأجيال لم تعاصر الحرب.. إن دماء الشهداء الأوفياء والأبرار لا تجف.. والذين أعطوا أرواحهم لا ينبغي أن يكونوا صفحات عابرة.. فكم من أصاغ دمه.. فجرًا أضاء لمصر أعتى دياجيها..
- إلى الشهداء الأبرار.. والأبطال المجهولين.. والمقاتلين الأوفياء عرفانًا بفضلكم وحسن أدائكم وعطائكم في معركة العبور العظيم تحت شعار القوات المسلحة المصرية والفرقة 19 مشاة التي شَرُفت بقيادتها في حرب أكتوبر 73 (الإيمان.. الشرف.. الجهاد)، لن أنسى أن أسأل الله تعالى أن يؤتي كل ذي فضل فضله، وأن يرزقكم الحسنى وزيادة.. وأن أختم كلمتي هذه بصفحة عزيزة عليّ..
يقول القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، الرئيس الراحل (محمد أنور السادات.. .. .. .. .. .. .. .
- كنت أعلم نوع تفكير القادة الإسرائيليين وكنت أقرأ ما في أذهانهم ولي بهم خبرة طويلة..
لقد كان الإسرائيليون يتوقعون منا-مثلًا- أن نندفع بسرعة إلى داخل سيناء.. وفضلوا أن ينصبوا لنا الشرك وينتظرونا لندخل الكمين الذي أعدوه ثم يرتدون علينا في هجوم مضاد ليفتكوا بنا كما أرادوا.
كنا على بينة من أسلوبهم، وكنا نقرأ أفكارهم، ولم نمنحهم الفرصة، ولم نندفع في عمق سيناء..
وكان علينا.. أن ننتبه.. مرة أخرى لرد فعلهم.. لموقفنا من خططهم.. وأمكننا أن نقتنع بأن صبرهم سوف ينفد.. فقد كنا نثق بأن هذا المسلك من جانبنا سوف يحملهم مضطرين على مهاجمتنا..
وهكذا.. تنبأنا بالهجوم وأعددنا له العدة.. وبالفعل حضروا إلينا ودمرناهم..
وكانت البداية قصة الفوج 190 المدرع الذي أُفنى عن آخره، وأُسر قائده (عساف ياجوري).. ثم صمود الجيش الثالث الميداني ومدينة السويس الباسلة..
هكذا.. كنا نبني تخطيطنا على أساس ما نعتقده، ونتنبأ به من تفكير وتخطيط العدو (توقيع/ الشهيد البطل محمد أنور السادات).
- والآن لك أيها القارئ العزيز نقدم لك كتابنا هذا «المحور العسكري-مراحل الصراع العربي الإسرائيلي 48-73» تأريخًا للأحداث بحلوها ومرها وكاشفًا لخفايا وأسرار الزمن
*فريق يوسف عفيفي
محافظ البحر الأحمر والجيزة الأسبق
قائد الفرقة 19 مشاة في حرب
أكتوبر 1973
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الصراع العسکری صراع ا
إقرأ أيضاً:
الرئيس الإيراني: أي خطأ يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي سيواجه برد قاسٍ
قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: «لن نترك أي اعتداء على أمننا وسيادتنا دون رد، وأي خطأ يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي سيواجه برد قاسٍ»، حسبما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية».