الانتخابات البلدية بين 4 و25 أيار... ولا استثناء للقرى الحدودية
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
الانتخابات البلدية والاختيارية ستُجرى في أيار المقبل وفق ما أبلغ وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابية أمس، مؤكداً أن «الوزارة حاضرة لدعوة الهيئات الناخبة قبل 4 نيسان المقبل والاعتمادات المالية لهذه العملية مؤمّنة، بما فيها بدل العمل اليومي الإضافي للموظفين والقوى الأمنية والعسكر والقضاة».
وسيُنجز الاستحقاق البلدي والاختياري على 4 مراحل، فيُخصص على مدى أربعة أسابيع - بين 4 أيار و25 منه - يوم أحد انتخابي لكل محافظة أو محافظتين معاً، تبدأ بمحافظة الشمال وعكار، ثم جبل لبنان، فبيروت والبقاع، ثم الجنوب والنبطية.
وكتبت" الاخبار": أجمع ممثلو كل الكتل النيابية في اللجنة، بما فيها حركة أمل وحزب الله، على ضرورة إجراء الانتخابات في الجنوب، خصوصاً في قرى الحافة الأمامية، كرسالة للعدو بتمسك الجنوبيين بأرضهم، ولحاجة المناطق المدمّرة إلى بلديات تواكب عملية إعادة إعمارها، فضلاً عن أن عدداً كبيراً من رؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية استشهدوا في الحرب الأخيرة. وطُرح أن يكون الاقتراع في القرى المدمّرة نفسها بعد توفير بيوت جاهزة للتصويت. إلا أنه كان للنائب الياس جرادة رأي آخر، إذ إن «الناس لم يلتقطوا أنفاسهم بعد ويحتاجون إلى بعض الوقت ليكونوا جاهزين، إضافة إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار الخطر الأمني في استمرار وجود قوات الاحتلال في بعض النقاط، ما يعرّض حياة المواطنين للخطر».
رئيس لجنة الدفاع والداخلية النائب جهاد الصمد أكّد لـ«الأخبار» أيضاً أن «الاعتمادات المالية متوفّرة من موازنة عام 2024 بقيمة 11 مليون دولار مع تأكيد المدير العام لوزارة المال أن الوزارة قادرة على تأمين اعتمادات إضافية في حال كانت هناك حاجة إليها لسدّ حاجات الموظفين وأساتذة المدارس والقوى الأمنية». وشدّد على «عدم استثناء أيّ منطقة من الانتخابات، خصوصاً قرى الشريط الحدودي، حتى يفهم العدو أن المقاومة الوطنية موجودة ويعبّر عنها أبناء الجنوب بمختلف الأشكال».
اضافت" الاخبار":رغم تطمينات وزير الداخلية وتأكيده على الجهوزية التامة وغياب مبرّرات التأجيل مع انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، يشكّك نواب في إمكانية التحضير لانتخابات على مستوى كل لبنان في غضون شهرين، ولا سيما مع غياب أي أجواء انتخابية في كل المناطق. ويعزو هؤلاء ذلك إلى تأجيلين متتاليين للاستحقاق عامي 2022 و2023، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي وشحّ أموال البلديات، ما يخمد حماسة المرشحين. أضف إلى ذلك أنه سبق لوزير الداخلية السابق بسام المولوي أن قام بكل الإجراءات ودعا الهيئات الناخبة العام الماضي قبل أن يتبيّن أن القوى السياسية متفقة على التأجيل، ليقرّ المجلس النيابي قانون التمديد للمجالس البلدية.
ورغم الحديث في الأيام القليلة الماضية عن تأجيل «تقني» حتى أيلول المقبل، ومع تأكيد الحجار على الالتزام بالمواعيد المحددة، بات لزاماً على الأحزاب «تزييت» ماكيناتها الانتخابية، ولو أنها ستخوض الاستحقاق من وراء الكواليس خوفاً من انعكاس تدخلها في الانتخابات البلدية التي ترتدي الطابع المناطقي - العائلي على نتائج الانتخابات النيابية المقبلة في حزيران 2025. لذلك تتلاقى أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر والاشتراكي حول ترك العائلات تتنافس في ما بينها من دون مشاركة حزبية نافرة ومعارك طاحنة.
وفيما تعقد قوى المجتمع المدني اجتماعات نهاية هذا الأسبوع لمناقشة التعاون في الانتخابات وتشكيل لوائح موحّدة ولا سيما في بيروت، أعلنت حركة أمل أخيراً بعد اجتماع لكلّ الهيئات التابعة لمكتب الشؤون البلدية والاختيارية المركزي «جهوزية المكتب لخوض الاستحقاق بالتعاون والتواصل مع العائلات لاختيار المرشحين المناسبين والوصول إلى مجالس بلدية واختيارية متجانسة للبدء بمتابعة الملفات والاستحقاقات ولا سيما ملف إعادة الإعمار».
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الانتخابات البلدية في جنوب لبنان.. صناديق اقتراع فوق الركام
جنوب لبنان- بعد تأجيل متكرر فرضته الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية المتلاحقة، تعود الانتخابات البلدية والاختيارية هذا العام إلى الواجهة في لبنان، لكنها لم تعد مجرد محطة لتنمية محلية، بل تحولت إلى ساحة اختبار سياسي في ظل واقع يثقل كاهل البلاد بين عدوان إسرائيلي وأزمات معيشية وإنمائية متفاقمة.
ويتجلى التحدي الأكبر في الجنوب اللبناني، حيث خلفت الحرب دمارا واسعا في القرى الحدودية الأمامية، كما طالت الأضرار البنى التحتية في بلدات الخط الثاني، مما يجعل من تنظيم الانتخابات هناك مهمة شاقة وسط مشهد إنساني مأزوم.
إداريا، يتوزع لبنان على 8 محافظات تضم 25 قضاء وهي بيروت، وجبل لبنان، والشمال، وعكار، والبقاع، وبعلبك-الهرمل، والجنوب، والنبطية. ويضم 1080 بلدية تتولى إدارة الشؤون المحلية وتقديم الخدمات الأساسية للسكان، وتشكل ركيزة رئيسية في العمل الإداري والإنمائي.
ومن المقرر أن تنطلق الانتخابات البلدية في 4 مايو/أيار المقبل، وفق جدول زمني يمتد لـ4 أسابيع موزعة على المحافظات كما يلي:
4 مايو/أيار: محافظة جبل لبنان. 11 مايو/أيار: محافظتا الشمال وعكار. 18 مايو/أيار: بيروت، والبقاع، وبعلبك-الهرمل. 24 مايو/أيار: الجنوب والنبطية.في بلدة ميس الجبل الحدودية التي نكبت جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، تتقاطع مشاعر القهر والإصرار بين سكانها العائدين إلى ركام المنازل وغياب مقومات الحياة.
إعلانعاد حسين حمادة، أحد أبنائها، ليجدها على حد وصفه "منكوبة لا أثر للحياة فيها، المحل الذي كنت أملكه بات ركاما، ولا طرقات مفتوحة، والمنازل مدمرة، تكاد لا تطيق النظر إلى بلدتك بهذا الشكل وتشعر بالقهر والعجز".
ورغم هذا الواقع المؤلم، فلا يخفي حمادة عزمه على المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة، مؤكدا أنه لطالما مارس هذا الحق، ويدعو الآخرين إلى الاقتداء به والوقوف صفا واحدا خلف البلدية المقبلة من أجل النهوض بميس الجبل، ويقول للجزيرة نت "هذه المرة نحن مع الجميع، سواء حزب الله أو حركة أمل، لا يهم من يفوز، المهم أن يعمل من أجل ميس الجبل، نريد أن نعيش كما كنا قبل الحرب".
أما خليل، الذي فقد منزله ومصدر رزقه، فاختار العودة إلى ميس الجبل حاملا معه رسالة صمود وإصرار على البقاء، ويعتبر مشاركته في الانتخابات تعبيرا عن تمسكه بالأرض وبحقوقه كمواطن، وخطوة نحو استعادة الحياة تدريجيا في بلدة دمرتها الحرب.
ويعرب للجزيرة نت عن أمله في أن يتمكن المجلس البلدي الجديد من إعادة تأهيل البنية التحتية، وإحياء المرافق الحيوية، مؤكدا أن المهمة لن تكون سهلة في ظل الخراب الواسع الذي خلفه العدوان الإسرائيلي، و"أعاد البلدة سنوات إلى الوراء".
مهمة صعبةمن جهته، ينتظر المهندس حسن طه الانتخابات بفارغ الصبر، آملا في ولادة مجلس بلدي فاعل يضم كفاءات قادرة على تنفيذ مشاريع تنموية تتناسب مع حجم الكارثة، ويؤكد للجزيرة نت أن البلدة بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل المستشفيات والمدارس، وشبكتي الكهرباء والمياه، فالمقومات الأساسية للحياة باتت شبه معدومة، ومن الضروري الإسراع بإطلاق ورش العمل لإعادة الحد الأدنى من الخدمات.
وفي بلدة حولا الجنوبية التي أنهكها الدمار وأثقلها الخراب، عاد علي حمدان ليقف على أطلال بيته الذي كان يوما يعج بالحياة، ويقول بمرارة للجزيرة نت "كل زاوية في هذا البيت تحمل ذكرى والآن لم يبقَ منها إلا الجدران المحروقة، رغم الخراب عدتُ إلى حولا لأن الانتماء للأرض أقوى من الحرب".
إعلانويؤكد حمدان أنه سيتوجه إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة "لأنها بداية الطريق نحو استعادة بلدتنا، وعلى المجلس الجديد أن يكون بمستوى آلام الناس وتطلعاتهم، ما نحتاجه ليس فقط إعادة إعمار الحجر بل إعادة بناء الثقة والأمل، فحولا ليست مجرد بلدة، إنها بيت كبير علينا جميعا أن نعيد إليه نبض الحياة".
بدوره، يتهيأ أحمد عواضة، أحد أبناء البلدة العائدين حديثا، للمشاركة في السباق الانتخابي القادم حاملا معه قائمة طويلة من المطالب والآمال، ويوضح للجزيرة نت "الانتخابات هذه المرة ليست مجرد استحقاق بلدية بل معركة من أجل البقاء، نريد مجلسا بلديا يعكس وجع الناس ويبدأ فورا بورش العمل لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب".
ويشدد عواضة على ضرورة أن يضم المجلس الجديد شخصيات كفؤة ونزيهة قادرة على التعامل مع حجم الكارثة التي لحقت بالبنية التحتية والخدمات الأساسية، ويتابع "نحتاج إلى خطط سريعة لإصلاح شبكات الكهرباء والمياه، وإعادة فتح الطرق والمدارس، وتأمين الدعم للعائلات المتضررة".
ويؤكد أن أبناء حولا اليوم لا يطلبون ترفا بل الحد الأدنى من مقومات الحياة. وبالنسبة له، الاقتراع هذا العام هو فعل صمود، وممارسة ديمقراطية تحمل في طياتها نداء لإنقاذ بلدة أرهقتها الحروب وأحيتها الإرادة.
رسالة صمودمن جانبه، قال رئيس بلدية حولا شكيب قطيش للجزيرة نت إن الوضع في البلدة بالغ الصعوبة وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة ومع ذلك ستُجرى الانتخابات البلدية، وهذه المرة تأتي محملة بأبعاد تنموية وإنمائية ووطنية، وتحمل في الجنوب اللبناني رسالة صمود وإرادة حياة فوق الركام والدمار.
وأضاف أن البلدية تواجه اليوم تحديات جسيمة في وقت تعد فيه ميزانيتها ضئيلة حتى في الظروف العادية. متسائلا "فكيف الحال في ظل ما نمر به من أوضاع استثنائية؟ نحن بحاجة إلى كل شيء، من إعادة إعمار إلى ترميم المدارس والمستشفيات والمساجد".
إعلانوحسب قطيش، فإن معظم مباني البلديات إما مدمرة أو متضررة، لكن هذه الانتخابات تحمل بعدا وطنيا يؤكد أن أهل الجنوب رغم الدمار والعدوانية الإسرائيلية التي طالت بلداتهم، لا يزالون متمسكين بأرضهم وحقهم في الحياة.
وختم بدعوة الأهالي إلى المشاركة في الانتخابات، قائلا "صوتكم اليوم ليس مجرد خيار إداري، بل فعل صمود ومقاومة، عبر الاقتراع نثبت أننا شعب لا تكسره الحروب ولا تهزم إرادته".