بدأت منصة نتفليكس عرض المسلسل الوثائقي "ديب ضد هيرد" (Depp V. Heard) من 3 حلقات، يعيد سرد أحداث محاكمة "جوني ديب" و"آمبر هيرد" بعيون فنية، ليعرض ما لم يظهر في المرة الأولى، ويحلل كل العوامل التي آلت بالقضية لهذا المصير.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد اشتعلت منذ أكثر من عام خلال متابعة المحاكمة الشهيرة بين الزوجين السابقين، وتركت هذه القضية أثرا كبيرا لشهور على طرفيها.

مونتاج أعاد قراءة المحاكمة

يُعرض مسلسل "ديب ضد هيرد" -المكون من 3 أجزاء وأخرجته إيما كوبر- على منصة "نتفليكس" بعد أكثر من عام على انتهاء محاكمة جوني ديب بتهمة التشهير ضد آمبر هيرد، ووصول القضية إلى خط النهاية.

الأمر الذي أتاح للعمل ترك مسافة بما يكفي بينه وبين الحدث الذي يتناوله، لإلقاء نظرة أكثر موضوعية وبعيدة عن زخم وسائل التواصل الاجتماعي، الذي جعل كل شيء ضبابيا وقت المحاكمة.

باستخدام ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي وقت المحاكمة، إلى جانب اللقطات المجمعة لشهادات قاعة المحكمة، استطاعت المخرجة تقديم نظرة عامة عما قد تكون عليه أول محاكمة على تطبيق "تيك توك"، الذي ازدادت شهرته بسببها.

رصدت المخرجة ارتباك العملية القانونية والتحيزات المذهلة، نتيجة زخم المشاعر عبر الإنترنت، الأمر الذي لم يكن واضحا للكثيرين بالفعل في ذلك الوقت.

المسلسل عمد إلى مقابلة شهادات ديب وهيرد واستعان أيضا بمقاطع فيديو لمحبيهما (الفرنسية)

ويشرح المسلسل الوثائقي تفاصيل المحاكمة التي وقعت في مقاطعة فيرفاكس بولاية فيرجينيا، بصيغة المضارع دون الاهتمام بالإدراك المتأخر والوقت الذي مر على نهاية الحدث أو الاستفادة من هذا الإدراك، ووضع صناع العمل جانبا الأساليب المستخدمة عادة في مثل هذه الوثائقيات مثل إجراء الحوارات المباشرة.

يستعرض المسلسل -بدلا من ذلك- تدفق المعلومات التي نشرت خلال المحاكمة المصورة بالكامل وتم بثها حول العالم، بالإضافة إلى ردود الفعل كذلك على مواقع التواصل المختلفة.

وهي تقنية تعطي نتائج متميزة إذا كانت المخرجة قادرة على العثور على نصوص أو حقائق لم يسبق الإفصاح عنها أو تستخدم المونتاج للقطات نفسها التي نعتقد أننا نعرفها جيدا بطريقة تقدم سياقا جديدا أو تجبرنا على فهمها بشكل مختلف.

في مسلسل "ديب ضد هيرد" تتمثل الإضافة الهيكلية الكبرى التي قامت بها المخرجة والمونتير المتعاون معها في وضع شهادات ديب وهيرد جنبا إلى جنب بالتوازي، الأمر الذي لم يحدث في الحقيقة، وذلك حتى نتمكن من فهم كيف ينظر كل منهما للأحداث المسيئة التي دارت بينهما، مثل معركة الطائرة أو قطع أصبع ديب وغيرها.

تقنية المونتاج تسمح للمشاهدين باكتشاف أنهم في تجربة تتلخص في "ماذا قيل؟"، وأن ما قيل في الواقع أشياء مختلفة، الأمر الذي يحدث صدمة، لأن هذه السردية مختلفة عما كان شائعا خلال زخم المحاكمة نفسها، التي شكلتها -بقصد أو بغير قصد- وسائل التواصل الاجتماعي، والذي كان وراءه عدد مهول من محبي جوني ديب المخلصين، الذين رغبوا بالتأكيد في رؤيته ضحية، ولذلك ساهموا في صنع حقيقة موازية، أو ما يشبه حقيقة صدقها الجميع.

قضية حكمت فيها وسائل التواصل

ولكن من الجمهور المثالي لمسلسل "ديب ضد هيرد"؟ من المؤكد أن بعض مؤيدي جوني ديب الأكثر صخبًا وتألقًا عبر الإنترنت سيكونون سعداء برؤية أنفسهم في المسلسل، وقد تم استخدام مقاطع مصورة كثيرة لهم، مأخوذة من حساباتهم على وسائل التواصل، لذلك ربما سيكون المسلسل خاصة في بدايته رحلة زمنية ممتعة لهم.

يحاول المسلسل في بدايته خلق إحساس بالتوازن والحياد، فهو لا يفضل جانبا على الآخر من طرفي القضية، بل يراقب بموضوعية كل هذه الفوضى، ولكن في الحلقة الأخيرة يلقي الكثير من الأسئلة حول طبيعة التداخل بين جنون وسائل التواصل والحكم القانوني الذي تم الوصول إليه؟

كررت القاضية لمرات لا تحصى خلال المحاكمة أن المحلفين، الذين يتخذون في النهاية قرارا يحدد من هو الجاني في هذه القضية، يجب ألا يستخدموا أيا من وسائل التواصل الاجتماعي لمتابعة القضية، أو قراءة الصحف أو مشاهدة البرامج التلفزيونية، وعليهم ببساطة عدم التأثر بأي شيء لا يقال داخل قاعة المحكمة، والتزام الحياد التام.

على الجانب الآخر يتساءل المسلسل الوثائقي عن ضمان عدم التأثر هذا، وقد استمرت المحاكمة لعدة أسابيع، عاد خلالها المحلفون بشكل يومي إلى منازلهم وأسرهم، الذين لا يقع هذا الحظر عليهم، وبالتالي هل بالفعل لم يتأثر هؤلاء المحلفون بهذا الرأي العام الجارف؟

يلقي المسلسل الضوء على استفادة مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي من هذه المحاكمة، وقد أعربوا بأنفسهم وعبر حساباتهم عن زيادة عدد مشاهداتهم، والتبرعات التي حصلوا عليها من متابعيهم بسبب المحتوى الذي يقدمونه عن قضية جوني ديب وآمبر هيرد، وتطرح سؤالًا ضمنيًا، هل قدم هؤلاء المؤثرون محتوى يدفع بالرأي العام بناء على قناعاتهم أم لاسترضاء محبي جوني ديب؟

ويشير المسلسل كذلك إلى العدد المهول من الحسابات الزائفة التي كانت تندد بأي دفاع عن آمبر هيرد على مواقع التواصل الاجتماعي، وتستخدم المقاطع الساخرة، أو المسيئة سواء لها أو لطاقم المحامين الخاص بها.

حتى النهاية، لم تفصح المخرجة عن رأيها بشأن هوية الجاني والضحية في القضية، ولكنها فقط تدعو المشاهدين لإلقاء نظرة أكثر موضوعية ليس فقط على الحدث، ولكن على التأثير المخيف لوسائل التواصل الاجتماعي، التي يمكن أن تؤثر بشكل لا يتخيله أحد على أحداث أهم من قضية بين زوجين، بل أمور مثل الانتخابات الرئاسية على سبيل المثال، أو التلاعب الاقتصادي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی الأمر الذی جونی دیب

إقرأ أيضاً:

“وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهير صناعة محتوى” .. جلسة حوارية

تطرق ملتقى “المسؤولية الاجتماعية 2024” في جلسة حوارية اليوم إلى “وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها منصات ومشاهير في صناعة محتوى يعزز أهمية المسؤولية الاجتماعية “، كمحور نقاش بمشاركة أكاديميين متخصصين سلطوا الأضواء على القضايا الاجتماعية المتداول, وذلك ضمن فعاليات الملتقى المنعقد في مقر وكالة الأنباء السعودية.
وناقش المتحدثون الدكتور سعيد الغامدي والدكتورة ماجدة السويح والدكتور ماجد الغامدي في الجلسة الحوارية التي أدارتها الدكتورة طرفة بن حميد، تأثيرات منصات التواصل الاجتماعي في بناء مجتمع واعٍ ومسؤول، ونظريات المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام وتنوعها وآلية العمل بها، مستعرضين عدد مستخدمي الإنترنت والجوال عالميًا ومحليًا، وأبرز المنصات المستخدمة في المملكة.
كما تناولوا ميزات وعيوب وسائل الإعلام الاجتماعي، والمكاسب المالية التي تحققها الشركات من الإعلانات، ودورها في إثارة القضايا، مشيرين إلى قدرة وسائل الإعلام الاجتماعي على نشر الوعي وتعزيز الحوار والشفافية، وتمكين الشركات من استقطاب الأفراد للمشاركة في برامج المسؤولية الاجتماعية، إضافة إلى تأثيرها في السلوك الاستهلاكي والسياسات العامة.
ولفت الأكاديميون النظر إلى استهداف الجمهور بدقة وتعزيز الارتباط العاطفي، وأهمية المصداقية في المحتوى المقدم، ومدى توافقه مع رسالة المسؤولية الاجتماعية، مبينين أن الإعلام لا يقتصر على نقل المعلومات بل يسعى لإحداث تأثير اجتماعي من حيث تغيير القناعات والاهتمامات والمهارات والعلاقات.

مقالات مشابهة

  • أستراليا تقدم مشروع قانون يحظر الأطفال من وسائل التواصل الاجتماعي
  • هل مواقع التواصل الاجتماعي تُنهي مشاهدة التليفزيون؟.. خبير إعلامي يجيب
  • هل مواقع التواصل الاجتماعي ستُنهي مشاهدة التلفزيون؟.. ياسر عبد العزيز يجيب
  • أستراليا تقدم مشروع قانون لحظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عامًا
  • “وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهير صناعة محتوى” .. جلسة حوارية
  • اتصالات النواب تدرس حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا
  • دولة تعلن حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا
  • «الملك جيمس» يعتزل «التواصل الاجتماعي»!
  • المملكة المتحدة تدرس حظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن الـ16
  • 20 % من الأمريكيين يعتمدون في الأخبار على ما يكتبه مؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي