تحقيق “الشاباك” يكشف الإخفاقات الكبرى قبل ملحمة طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
يمانيون../
أقرّ رئيس جهاز الأمن الداخلي الصهيوني “الشاباك”، رونين بار، بالفشل الذريع في التعامل مع ملحمة طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، وذلك في تحقيق داخلي نشر ملخصه يوم الثلاثاء، كشف عن سلسلة من الإخفاقات الاستخباراتية والإدارية التي سبقت العملية.
فشل استخباراتي وغياب التحذيرات المسبقة
بحسب التحقيق، فإن “الشاباك” لم يتمكن من إصدار تحذير مبكر بشأن الهجوم رغم وجود إشارات تحذيرية تلقاها الجهاز عشية 6 أكتوبر، إلا أنه لم يتخذ أي خطوات احترازية كبرى.
أسباب الإخفاق: غياب التنسيق والاستخفاف بالمقاومة
وأشار التحقيق إلى عدة عوامل رئيسية ساهمت في الفشل، أبرزها:
ضعف التنسيق بين “الشاباك” والجيش الصهيوني، إذ لم يكن هناك تقسيم واضح للمسؤوليات حول من يجب أن يقدم التحذيرات بشأن اندلاع الحرب، خاصة في ظل تحول حركة حماس إلى قوة عسكرية متكاملة.
سوء تقدير نوايا المقاومة الفلسطينية، حيث ظن “الشاباك” أن المقاومة تركز على التصعيد في الضفة الغربية فقط، ولم تكن تخطط لعملية كبرى من داخل قطاع غزة.
الثقة المفرطة في قوة التحصينات الأمنية، حيث اعتمد العدو على تصور خاطئ بأن السياج الأمني الحدودي مع غزة والمراقبة العسكرية كفيلة بمنع أي هجوم واسع.
فشل استخباراتي في استيعاب الخطة العسكرية للمقاومة، إذ أن الجيش الصهيوني كان قد حصل على وثيقة “أسوار أريحا” التي تضمنت خطة حماس للهجوم البري، إلا أن هذه المعلومات لم يتم التعامل معها بجدية كافية ولم تُترجم إلى سيناريوهات تدريبية أو إجراءات دفاعية.
كيف تمكنت المقاومة من تنفيذ العملية؟
كشف التحقيق عن عوامل عديدة مكّنت المقاومة الفلسطينية من تنفيذ ملحمة طوفان الأقصى، أبرزها:
تآكل الردع الصهيوني بشكل مستمر، حيث اعتقدت المقاومة أن كيان الاحتلال أصبح ضعيفًا من الداخل، بسبب الانقسامات السياسية والأزمات الداخلية.
السياسة الصهيونية تجاه غزة، التي اعتمدت على فترات من التهدئة المؤقتة، مما منح المقاومة فرصة لبناء قوتها العسكرية بعيدًا عن الضربات الاستباقية.
عدم استهداف قادة المقاومة بشكل كافٍ، حيث ذكر التحقيق أن “الشاباك” كان لديه إدراك تام لخطر حركة حماس، لكنه لم يتخذ خطوات حاسمة للقضاء على قيادتها أو إضعاف بنيتها التحتية.
الدعم المالي المقدم من قطر، والذي اعتبره التحقيق عاملاً مساعدًا في تقوية قدرات المقاومة العسكرية واللوجستية.
رئيس “الشاباك” يعترف بالفشل لكنه يرفض الاستقالة
في بيان رافق التحقيق، اعترف رونين بار بأن “الشاباك” أخفق في توقع الهجوم ومنعه، مشيرًا إلى أن الهجوم كان من الممكن تجنبه لو تم اتخاذ إجراءات مختلفة خلال السنوات السابقة وعشية الهجوم. وقال:
“هذا ليس المعيار الذي توقعناه من أنفسنا، ولا الذي توقعه الإسرائيليون منا. رغم أننا لم نستخف بحركة حماس، إلا أننا فشلنا في منع هجومها الكاسح.”
ورغم الضغوط السياسية، أعلن بار أنه لا يعتزم الاستقالة حاليًا، لكنه سيغادر منصبه قبل انتهاء ولايته، تاركًا القرار النهائي في يد رئيس الحكومة.
نتنياهو يضغط لإقالة بار خلال أيام
في الوقت نفسه، كشفت وسائل إعلام عبرية أن مكتب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يسعى لدفع رئيس “الشاباك” للاستقالة خلال الأيام المقبلة، وإن لم يحدث ذلك، فإنه سيطرح الأمر في اجتماع الحكومة لاتخاذ قرار بشأنه.
وأكدت مصادر مقربة من نتنياهو أن التحقيق الذي قدمه “الشاباك” لا يجيب على أي تساؤلات جوهرية، بل جاء لتبرير الفشل دون تقديم حلول واضحة، مشيرة إلى أن بار كان “أسيرًا لمفاهيم خاطئة أدت إلى الفشل الذريع”.
خلاصة التحقيق: انهيار منظومة الأمن الصهيوني أمام المقاومة
يكشف هذا التحقيق الداخلي عن مدى الهشاشة الأمنية والاستخباراتية لدى العدو الصهيوني، ويؤكد أن ملحمة طوفان الأقصى لم تكن مجرد هجوم مفاجئ، بل كانت نتيجة سنوات من الإخفاقات الاستراتيجية والتكتيكية. كما يبرز أن المقاومة الفلسطينية استطاعت اختراق كل التحصينات الصهيونية، متجاوزةً الجيش وأجهزة الاستخبارات، وهو ما يمثل ضربة قاسية لصورة الردع الصهيونية التي تآكلت بشكل غير مسبوق.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة ملحمة طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
تحقيق عسكري إسرائيلي يكشف فشلًا استخباراتيًا في هجوم 7 أكتوبر
توصيات أمنية بتعزيز الجيش والمخابرات بعد الفشل
لماذا أخفقت إسرائيل في صد الهجوم؟ وما علاقة "جدار أريحا" بـ"طوفان الأقصى"؟
كشف تحقيق عسكري إسرائيلي عن فشل استخباراتي وتكتيكي كبير في التعامل مع هجوم 7 أكتوبر 2023، حيث فاجأت حماس الاحتلال بهجوم منسق رغم تفوق إسرائيل عسكريًا. وأظهر التحقيق أن القادة الإسرائيليين أساءوا تقدير نوايا الحركة، رغم امتلاكهم معلومات مسبقة عن خططها منذ عام 2019، لكنهم اعتقدوا أنها غير قادرة على تنفيذها.
كما أكد التقرير أن إسرائيل انشغلت بتهديدات أخرى، ما جعل غزة "نقطة عمياء"، وأوصى بإنشاء وحدة استخبارات متخصصة وزيادة حجم الجيش وتعزيز الدفاعات الحدودية، في محاولة لعدم تكرار الفشل.
أجرى جيش الاحتلال الإسرائيلي تحقيقًا موسعًا عن إخفاقه في صد هجمات السابع من أكتوبر 2023 التي قامت بها المقاومة الفلسطينية والمعروفة بطوفان الأقصى، واعترف قادة الكيان الصهيوني بتفوق المقاومة الفلسطينية استخباريًا وتكتيكيًا في القيام بتلك الهجمات وخداع دولة الاحتلال التي تمتلك قدرات استخباراتية وعسكرية متطورة بمراحل كبيرة عن تلك التي تمتلكها المقاومة.
وقالت اللجنة العسكرية، وفق التحقيقات: إن المسؤولين العسكريين فوجئوا بالهجوم الذي قادته المقاومة بعد أن أساءوا تفسير نواياها واستخفوا بقدراتها إلى حد كبير، حتى قبل ساعات من الهجوم.
ورغم أن دلالات الهجوم الوشيك كانت في كل مكان، فإن المسؤولين الإسرائيليين لم يتعاملوا معها على وجه السرعة، حيث كانوا يعتقدون أن حماس إما كانت تقوم بتدريب عسكري، وإما كانت تستعد للدفاع ضد هجوم إسرائيلي، أو تستعد لشن غارات صغيرة عبر الحدود، مما عزز الاعتقاد الخاطئ بين المسؤولين العسكريين بأن شيئًا لم يكن خارجًا عن المألوف.
وجاء في التحقيق أنه "قبل ساعات من الهجوم، ظل كبار المسؤولين العسكريين مستيقظين حتى وقت متأخر من الليل يناقشون السلوك غير المعتاد للمقاومة في ذلك اليوم، وأمر رئيس الأركان العسكرية الإسرائيلية، هيرتسي هاليفي، مساعديه بجمع المزيد من المعلومات لإحاطته في وقت لاحق من اليوم التالي".
وقال مسؤولون إسرائيليون: إن أحدًا لم يعتقد أن الوقت كان عاملًا حاسمًا، ومع ذلك، تم استدعاء أعلى جنرال إسرائيلي في الشمال في وقت متأخر من تلك الليلة إلى مقر الجيش في تل أبيب، بينما كان الجيش مشغولًا بهجوم محتمل يأتي من الشمال من قبل مسلحي حزب الله في لبنان بعد أشهر من التوتر، مما جعل غزة نقطة عمياء وأصبحت في النهاية هدفًا سهلًا للمقاومة.
وقال التقرير: إن المقاومة ظلت كامنة لمدة عامين بعد قتال دام أسابيع مع إسرائيل في عام 2021، غير أنها باغتت إسرائيل بالهجوم في عطلة "سيمخات توراه" اليهودية، عندما كان عدد القوات على طول الحدود أقل من المعتاد.
خططت حماس لاختراق ما بين أربع إلى ثماني نقاط على طول الحدود، إلا أن مسلحيها هاجموا ما يقرب من 60 نقطة. وكان الهدف الأول لحركة المقاومة القاعدة الإسرائيلية المسؤولة عن المنطقة المحيطة بقطاع غزة، وهي قاعدة ناحال عوز، حيث دخلها المسلحون بسهولة وقتلوا كبار القادة العسكريين بها، ودمروا قدرات الاستخبارات الإسرائيلية التي تشرف على المنطقة. وهو ما جعل إسرائيل عمياء لمدة ثلاث ساعات مع تطور العملية الأوسع نطاقًا، مما سمح لموجات من المسلحين بعبور السياج إلى إسرائيل دون مقاومة.
وأشار التقرير إلى أن المسلحين كانت لديهم حرية مطلقة في مهاجمة الوحدات العسكرية، ما أدى إلى مقتل 1200 من أفراد الأمن والمدنيين الإسرائيليين في ذلك اليوم، بالإضافة إلى أخذ 251 شخصًا كرهائن. واستغرق الأمر خمس ساعات ونصف الساعة لجلب التعزيزات إلى المنطقة، وثلاثة أيام لصد المهاجمين بالكامل.
وأضافت لجنة التحقيق في تقريرها: "لم يكن أحد في أي مكان في إسرائيل قادرًا على القول، في الساعة السادسة والنصف صباحًا يوم 7 أكتوبر: إن حماس على وشك تنفيذ هجوم كبير على إسرائيل"، في إشارة إلى الوقت الذي أطلقت فيه المقاومة 1400 صاروخ على إسرائيل لتحويل الانتباه عن غزوها البري. "لم يكن هناك مثل هذا الشخص في نظامنا. كان لدى إسرائيل جنود نظاميون في الاستخبارات ومراقبون في الميدان حذروا من أن حماس تخطط لهجوم، لكن هذه المعلومات لم تكن كافية لإثناء كبار مسؤولي الاستخبارات عن التقييم العام بأن المقاومة لا تريد الحرب".
وأكد تقرير لجنة التحقيق أن إسرائيل اكتشفت خطة المقاومة قبل سنوات من طوفان الأقصى، وأن القادة الإسرائيليين كانوا على علم بخطة حماس لمهاجمة جنوب إسرائيل في عام 2022، غير أن مسؤولي البلاد قرروا أن الخطة، التي أطلق عليها اسم "عملية جدار أريحا"، كانت مجرد طموح، وأن حماس ليست مهتمة ببدء حرب.
وأوضح التقرير أن خطة المقاومة، التي كانت معروفة بعملية "جدار أريحا" للهجوم على جنوب إسرائيل، تمت الموافقة عليها من قبل قيادة المقاومة عام 2019، وحصلت على موافقة تشغيلية في أغسطس 2021. وبحلول أبريل 2022، كانت الحركة تدرس بالفعل توقيت الهجوم، الذي لم يكن معروفًا إلا لقلة مختارة، لكن آلافًا من مسلحي الحركة تدربوا عليه لسنوات استعدادًا له.
وقال التحقيق: إن أصول هجوم السابع من أكتوبر تعود إلى عام 2016، فيما كانت إسرائيل تعتقد أن المقاومة تركز على بناء دولة في غزة ومحاولة السيطرة على الضفة الغربية قبل أي مواجهة كبرى.
وقال مسؤولون إسرائيليون: إن هذا كان صحيحًا، غير أن الاستخبارات الإسرائيلية أخطأت في تقدير هذا التحول الاستراتيجي للمقاومة، التي استغلت الاضطرابات الداخلية في إسرائيل - الصراع بين حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو ضد الجيش والمحكمة العليا في إسرائيل - وشنت الهجوم في هذا التوقيت.
وخلص التقرير إلى أن المقاومة خدعت إسرائيل وجعلتها تعتقد أن أولويتها هي الحصول على امتيازات اقتصادية لتعزيز حكمها في غزة، كما أنها لم تبادر بأي أنشطة مسلحة ضد إسرائيل قبل هجمات السابع من أكتوبر، مما دفع المسؤولين الإسرائيليين إلى افتراض أن حماس قد تم ردعها.
وأشارت تقارير إلى أن المخابرات الإسرائيلية انحرفت عن مهمتها الرئيسية، المتمثلة في توفير الإنذار المبكر لأي هجوم محتمل، وأصبحت مهتمة بشكل كبير بتوفير المعلومات الاستخبارية التكتيكية للعمليات العسكرية الأوسع لإسرائيل. وكان الاستنتاج الرئيسي من التحقيق هو أن إسرائيل لا يمكنها السماح للتهديدات بالنمو على حدودها، كما فعلت مع حماس وحزب الله.
وأوصت لجنة التحقيق بإنشاء وحدة استخبارات لتقييم إشارات التحذير، وزيادة حجم الجيش بشكل كبير، وتعزيز دفاعات الحدود.ويرى مراقبون أن هذا ما تقوم به إسرائيل حاليًا بالفعل، سواء على حدودها في لبنان وسوريا أو من خلال محاولتها السيطرة على محور فيلادلفيا.
ويبقى السؤال: هل ما يقوم به الكيان كافٍ لردع أي مقاومة لدولة الاحتلال؟ ويجيب التاريخ بأن ما قامت به الدول المحتلة على مدى العصور السابقة، من إنشاء تحصينات لقواتها وقيامها بعمليات تطهير عرقي لأصحاب الأرض، لم يردع أي مقاومة للاحتلال.