بغداد ـ رغم أن المعلن هو الاستغناء عن قوات أميركية بقوات أخرى، غير أن الغموض ما زال يكتنف وجود قوات أميركية على الحدود العراقية السورية بمنطقة القائم العراقية والبوكمال السورية.

وباتت تلك التحركات العسكرية تثير العديد من التساؤلات في أوساط المراقبين، بين من يرى أنها عملية إعادة انتشار ومن يرى أن هدفها منع وصول الأسلحة إلى حزب الله اللبناني، في حين يعرج آخرون إلى أن الهدف هو سوريا وليس العراق.

ولم تعلن الحكومة العراقية بشكل واضح طبيعة هذا الوجود، وما إذا تم بالتنسيق مع القيادات العراقية، غير أن مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الأمنية خالد اليعقوبي نفى وجود تحشيد للقوات الأميركية داخل الأراضي العراقية، مؤكدا أن هناك استبدالا للقطعات الأميركية الموجودة في سوريا.

وقال اليعقوبي في حديث للتلفزيون العراقي الرسمي أول أمس الاثنين، إن القيادة العراقية ركزت في مفاوضاتها مع الجانب الأميركي على حفظ سيادة العراق، مبينا إتمام توقيع محضر اجتماع بين البلدين يقضي بطيران الطائرات المسيّرة بالمناطق الأمنية بموافقة الحكومة العراقية حصرا، منوها إلى عدم وجود أي فقرات أو اجتماعات سرية في المفاوضات مع واشنطن.

وفي حديث مقتضب للجزيرة نت استبعد اليعقوبي وجود عملية عسكرية كبيرة في المنطقة في مثل تلك الظروف ومع الاستقرار الأمني الذي يعيشه العراق.

اليعقوبي استبعد أن يكون الهدف عملية عسكرية في الظرف الراهن (وكالة الأنباء العراقية) وجود جزئي ومؤقت

وعن التقارب الإقليمي بين دول المنطقة والتحشيد الأميركي على الحدود، يبين الخبير الأمني والمقرب من الحكومة فاضل أبو رغيف، أن الولايات المتحدة تريد إعادة خارطة وجودها في المنطقة، خاصة أن هناك تقاربا إقليميا بين العراق ومحيطه الإقليمي، وتقاربا سعوديا إيرانيا.

وأشار أبو رغيف في حديث للجزيرة نت، إلى أن "هذا الوجود لا علاقة له بالتنسيق العراقي الأميركي لا في مفاوضات معلنة ولا في مفاوضات سرية، وأن هذا الوجود جزئي ومؤقت، ويندرج ضمن الفعاليات والتدريبات الأميركية، بغية إيصال رسائل إلى تركيا وإيران، والقيام بعمليات حصر وجرد جديدة لوجود القطعات المتطرفة وكذلك المناوئة لها سواء من الفصائل المسلحة أو تنظيم الدولة".

ونفى أبو رغيف وجود قوات أو أرتال أميركية تتجول في العاصمة بغداد ومدن أخرى، مؤكدا وجود حالة تموضع للقوات الأميركية عند الشريط الحدودي بين العراق وسوريا ومن جهة سوريا وليس العراق.

أبو رغيف أكد أن أميركا تريد إعادة خارطة وجودها في المنطقة (الجزيرة)

وكان التحالف الدولي للقضاء على تنظيم الدولة قد أعلن الخميس الماضي، الاستغناء عن إحدى فرقه العسكرية بقوة أخرى في العراق، ضمن إجراءات إعادة الانتشار واستبدال القوات العاملة في البلاد.

وطبقا لبيان التحالف الدولي فإن أفرادا من الخدمة في التحالف من الفرقة الجبلية العاشرة حلوا محل أفراد الخدمة من الحرس الوطني لولاية أوهايو، وذلك جزء من عملية الإحلال والمناوبة المخطط لها للقوات لدعم قوة المهام المشتركة، منوها إلى أن أفراد الخدمة في الوحدة المقرر لها أن تحل محلها على أهبة الاستعداد والجاهزية لتولي المسؤولية، ويشمل ذلك المعدات العائدة للوحدة، وهذه العملية تسمى عملية إحلال ومناوبة وانتقال المسؤولية.

وفي منتصف أغسطس/آب الحالي أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن العراق لم يعد بحاجة إلى وجود قوات مقاتلة أجنبية على أراضيه، وذلك في اجتماع مع عدد من قادة الجيش العراقي، كما نقل المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عن السوداني قوله "نجري حوارات متقدمة لتحديد شكل العلاقة المستقبلية والتعاون مع التحالف".

وكان وفد عسكري عراقي رفيع المستوى قد زار العاصمة الأميركية واشنطن قبل نحو أسبوعين، برئاسة وزير الدفاع ثابت العباسي، والعديد من القادة الأمنيين، وأعلن الوفد عن اتفاق مع الجانب الأميركي على تشكيل لجنة عليا مشتركة مع التحالف الدولي للبدء بتنفيذ مخرجات الحوار المشترك الذي جرى بين الطرفين.

ما علاقة إيران؟

وعن تزامن وجود قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني في بغداد مع الانتشار العسكري الأميركي؛ يرى الخبير الأمني صفاء الأعسم، أن سبب زيارة قآني إلى العراق في هذا التوقيت هو لمعرفة ما تم بين العراق والولايات المتحدة، خاصة بعد الاتفاق الأخير باعتبار أن أميركا هي شريك رئيسي للعراق، وأن لدى العراق مع إيران اتفاقات كثيرة سياسية واقتصادية وأمنية، وهناك ضرورة لمعرفة إيران بما يحدث كونها دولة جارة وشريكة مع العراق.

ويعبر الأعسم للجزيرة نت عن اعتقاده أن العراق لن يتأثر بهذا الوجود الأميركي، خاصة أن هناك مشاكل داخل الأراضي السورية ومنها تحركات قوات سوريا الديمقراطية فضلا عن مخيمات اللجوء مثل مخيم الهول وغيره، منوها إلى أن لدى العراق تخوفا من احتمالية اختراق هذا الأمر من قبل جماعات إرهابية، وهذا الاحتراز مشروع بالنسبة للعراق.

وكشف قائد عملية "العزم الصلب" في قيادة قوة المهام المشتركة في العراق وسوريا، الجنرال ماثيو ماكفارلين، عن مراقبة التحالف لما وصفها بالتهديدات التي تقودها جماعات في العراق على منصّات التواصل الاجتماعي، وتفيد بإمكانية استهداف قواعد البعثة العسكرية الدولية.

وأكد الجنرال الأميركي في إيجاز خاص من بغداد -ردا على أسئلة مجموعة من الصحفيين عبر الإنترنت- الاستعداد الأميركي للرد على هذه الجماعات، مبينا في الوقت ذاته أن أيديولوجية تنظيم الدولة لا تزال تشكل خطرا، وأنه يطمح لاستعادة قدراته العسكرية.


مراقبة دول المنطقة

وفي السياق يرى مدير مركز الرفد للإعلام والدراسات الإستراتيجية عباس الجبوري أن الوجود الأميركي في العراق ليس بالجديد مع وجود قواعد عسكرية عدة في العراق وسوريا، وأن واشنطن جاءت لتبقى وليس لتغادر، وهذا ما سبق أن أعلنه الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث أكد أن وجودهم هنا لمراقبة العراق وسوريا.

ويقول الجبوري للجزيرة نت إن المؤكد من هذا الوجود هو غلق الحدود العراقية السورية، لمنع ذهاب أي سلاح إلى حزب الله اللبناني، وبالمقابل فإن تلك القوات تدرك تماما ردود الفعل في حال استهداف أي موقع عراقي، خاصة أن العراق اليوم يمتلك القدرات الكبيرة لمواجهة أي تعدٍ.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العراق وسوریا الأمیرکی على للجزیرة نت بین العراق فی العراق إلى أن

إقرأ أيضاً:

البيئة السنية على طرفي الحدود العراقية السورية.. تواصل أم تهديد ؟

20 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: بعد سنوات طويلة من الفوضى والاضطرابات، شهد منفذ البوكمال السوري المقابل لمنفذ القائم العراقي تطورًا لافتًا في الأحداث، حيث نشرت السلطات السورية لأول مرة منذ سقوط نظام بشار الأسد قوات عسكرية نظامية في هذا الموقع الحدودي الحساس.

الخطوة تأتي في وقت تزايدت فيه المخاوف من استغلال التنظيمات الإرهابية للفراغ الأمني على جانبي الحدود.

من الجانب العراقي، تواجدت قوات عسكرية مزودة بدبابتين عند مدخل منفذ القائم، وهو ما يعكس جدية بغداد في تأمين هذه المنطقة الحدودية التي لطالما شكلت تحديًا أمنيًا بسبب نشاط الجماعات الإرهابية وتنقلها عبر الحدود. ورغم التواجد العسكري على جانبي المنفذ، لم تسجل أي حالات تماس بين القوات العراقية ونظيرتها السورية حتى الآن.

في سياق متصل، شهد المنفذ حركة لافتة لعدد من العوائل السورية التي قررت العودة طوعًا من الجانب العراقي إلى وطنها.

ورغم أن هذه العودة تبدو مبشرة، إلا أنها تأتي وسط استمرار وجود العديد من العوائل السورية في مناطق غرب العراق، ما يثير مخاوف من احتمالية استغلال التنظيمات الإرهابية لهذه الأوضاع لإعادة تشكيل وجودها أو شن هجمات جديدة.

تاريخيًا، تشترك مناطق غرب العراق ونظيرتها السورية في بيئة سكانية سنية متشابهة، ما يجعلها بيئة خصبة للتنظيمات الإرهابية التي تستغل الروابط الاجتماعية والجغرافية لتوسيع نفوذها. ومع ذلك، فإن انتشار الجيش العراقي في المنطقة يشكل حاجزًا أمنيًا حاسمًا يسهم في منع إعادة إنتاج زخم الإرهاب عبر الحدود.

على الجانب الآخر، فإن نشر قوات سورية رسمية في البوكمال قد يكون خطوة إيجابية تخدم استقرار المنطقة، شريطة أن تكون هذه القوات موجهة نحو محاربة التنظيمات الإرهابية المسلحة وليس التواطؤ معها أو تسهيل تحركاتها.

وفي هذا السياق، يبقى التنسيق الأمني بين بغداد ودمشق أمرًا بالغ الأهمية لضمان تحقيق الأهداف المشتركة المتمثلة في تأمين الحدود والقضاء على بقايا الإرهاب.

المشهد الحدودي الحالي يمثل اختبارًا حقيقيًا للطرفين، حيث يتطلب الأمر تعاونًا مشتركًا وإجراءات صارمة لضمان أن لا تصبح هذه المنطقة مرة أخرى نقطة انطلاق للتهديدات الأمنية التي طالت البلدين لسنوات طويلة.

وكان العراق نشر آلافا من القوات العسكرية والأمنية والحشد الشعبي على طول الشريط الحدودي مع سوريا الذي يبلغ أكثر من 620 كيلومترا معززة بإجراءات أمنية وحواجز أسمنتية وأسلاك شائكة وخندق أمني كبير وحماية من القوات الجوية والكاميرات الحرارية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • صواريخ صنعاء تهز البحرية الأمريكية: إسقاط إف-18 يثير تساؤلات حول التفوق العسكري
  • تحالف تقني محتمل بقيادة "بالانتير" و"أندوريل" يسعى لتحدي احتكار عمالقة الدفاع الأميركي
  • تحالف الفتح:التحشيد العسكري على الحدود مع سوريا لمنع اختراق الجماعات الإرهابية
  • ..وسقطت العراق ولبنان وسوريا.. وماذا بعد؟!!
  • نائب إطاري:التحشيد العسكري على الحدود السورية لمنع الإرهابيين من دخول العراق
  • إيران تعلن الإطاحة بشبكة تكفيرية متطرفة على الحدود العراقية
  • انتحار منتسب بسلاحه الشخصي على الحدود العراقية الإيرانية
  • في أول رد.. فصيل مسلح: لا يمكن لأي جهة نزع سلاح المقاومة في ظل الوجود الأمريكي
  • في أول رد.. فصيل مسلح: لا يمكن لأي جهة نزع سلاح المقاومة في ظل الوجود الأمريكي - عاجل
  • البيئة السنية على طرفي الحدود العراقية السورية.. تواصل أم تهديد ؟