أبوظبي – الوطن:
أكدت ندوه علمية نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع الأمانة العامة للأخوة الإنسانية أهمية ترسيخ قيم التسامح والتعايش كأساس لتحقيق السلام العالمي، ودعت إلى قبول الآخر واحترام التنوع الديني والفكري والعرقي كوسيلة للحد من النزاعات والصراعات.
حملت الندوة عنوان: «نحو عالم يسوده السلام والعدالة والتعايش.

. تعزيز المعرفة وترسيخ التسامح» وافتتحت بكلمة رئيسية للدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، أكد فيها أن ترسيخ قيم التسامح والتعايش السبيل الأمثل لتحقيق السلام العالمي، مشدداً على أهمية قبول الآخر واحترام التنوع الديني والفكري والعرقي للحد من النزاعات والصراعات.
وأشار العلي إلى أن مركز تريندز يساهم منذ تأسيسه في نشر ثقافة التسامح والسلام من خلال ثلاثة مسارات رئيسية، تشمل إنتاج المعرفة التي تعزز مبادئ التسامح والأخوّة الإنسانية، من خلال الكتب والدراسات والفعاليات العلمية، ومواجهة الفكر المتطرف والتصدي للتلاعب السياسي بالدين، عبر تفكيك أفكار الجماعات المتطرفة، وتسليط الضوء على قيم التجديد الديني والمواطنة والتعايش السلمي، وبناء شراكات معرفية عالمية لتعزيز التسامح، حيث نظم المركز عشرات الفعاليات في مختلف العواصم العالمية، مستهدفاً نشر ثقافة التعايش ومكافحة الفكر المتطرف.
وفي ختام كلمته، دعا الدكتور محمد العلي إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق هدف بناء عالم يسوده السلام والعدل والتعايش، مؤكداً أن الحوار والتعاون هما الأساس لترسيخ هذه القيم على المستويات كافة.
من جهته، أكد سعادة السفير الدكتور خالد الغيث، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، أهمية التعليم والتعاون الفكري في تعزيز قيم الأخوة الإنسانية بشكل مستدام. وأشار إلى أن الأمانة العامة تعمل على إقامة شراكات قوية مع الحكومات والمؤسسات لضمان أن تصبح الأخوة الإنسانية ركيزة أساسية في السياسات الوطنية والدولية.
وأضاف الغيث أن الدراسات والبحوث العلمية تلعب دوراً محورياً في تشكيل مجتمعات تقوم على الاحترام المتبادل والتعايش، مشيراً إلى التعاون النشط مع الجامعات ومراكز الفكر لتحقيق هذه الأهداف.
من جانبه أكد الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، أن السلام والعدالة والتعايش قيم إنسانية عليا تزدهر بها المجتمعات، محذراً من أن غيابها يؤدي إلى الحروب والكراهية. وأوضح أن التكلفة الاقتصادية للحروب والصراعات في عام 2023 بلغت 19 تريليون دولار، ما يعادل 13.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، مشدداً على ضرورة استثمار هذه الأموال في التنمية المستدامة بدلاً من تبديدها في الصراعات.
وسلط الكعبي الضوء على تجربة الإمارات الرائدة في تعزيز التسامح والتعايش، حيث استحدثت وزارة للتسامح في 2016، ووقعت وثيقة الأخوة الإنسانية في 2019 بحضور بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر. وأشار إلى أن الإمارات، التي تستضيف أكثر من 200 جنسية، تعد نموذجاً فريداً للتعايش بين الثقافات والأديان المختلفة، مما ساهم في ريادتها في مؤشرات التنمية البشرية والاقتصاد الجديد.
وقد أدارت الندوة الباحثة نورة الحبسي، مديرة إدارة النشر بمركز تريندز، مشيرة إلى ضرورة إدماج قيم التسامح والتعايش في المناهج الدراسية، وتشجيع التبادل الثقافي بين الشعوب.
الحوار
وفي مداخلته أمام الندوة، شدد المونسنيور الدكتور يوأنس لحظي جيد، السكرتير الشخصي السابق لقداسة البابا فرنسيس، رئيس مؤسسة الاخوة الإنسانية، على أن الحوار بين الحضارات ليس مجرد فكرة نظرية، بل ضرورة حتمية لبناء عالم أكثر عدلاً واستقراراً. وأكد أن الشباب يشكلون القوة الدافعة لتعزيز هذا الحوار، ويتحملون مسؤولية بناء مستقبل أكثر تسامحاً من خلال التعليم، والتبادل الثقافي، ومكافحة خطاب الكراهية.
وأشار لحظي إلى أن تعزيز ثقافة التعايش يتطلب نهجاً تعليمياً شاملاً يُركز على غرس قيم التسامح والاحترام المتبادل بين الأجيال الجديدة، بالإضافة إلى تعزيز دور الأديان في دعم التعايش السلمي. وقال إن الحوار بين الحضارات يجب أن يبدأ من الفصول الدراسية، حيث يتعلم الأطفال كيف يتعاملون مع التنوع الثقافي والفكري والديني، مما يؤدي إلى بناء مجتمعات أكثر تسامحاً وتماسكاً.
بدوره، أكد الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، أنه لا يمكن تحقيق السلام من دون أن يصبح نهجاً وسلوكاً يومياً في حياة المجتمعات، مشيراً إلى أن التسامح لا يُختزل في الخطابات الرنانة، بل يتطلب ترسيخ ثقافة النقد البناء والانفتاح على الآخر.
وأوضح طريف أن التعايش بين الأديان والثقافات يتطلب حواراً مستداماً وإيماناً عميقاً بضرورة تعزيز التواصل والتفاهم المشترك، داعياً إلى إطلاق مبادرات ثقافية واجتماعية لتعزيز الروابط بين مختلف الفئات، من خلال إقامة فعاليات شعبية وعقد لقاءات موسّعة تهدف إلى تعزيز قيم الاحترام المتبادل والاندماج المجتمعي.كما أشاد طريف بنهج دولة الإمارات العربية المتحدة في تبني قيم الأخوة الإنسانية.
وفي السياق ذاته، أوضح الإمام محمد توحيدي، نائب رئيس مجلس الأئمة العالمي، أن جميع الأديان السماوية تتشارك في قيم السلام والمحبة والتعايش، داعياً إلى تكثيف الجهود العالمية لترجمة هذه القيم إلى ممارسات عملية تعزز العدالة الاجتماعية وتحد من النزاعات الدينية والفكرية.
وأشاد بدور الإمارات في نشر ثقافة السلام والتسامح، مشيراً إلى أنها قدمت نموذجاً عالمياً في تعزيز التعاون بين الأديان، من خلال توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية واستضافة العديد من اللقاءات الدينية والفكرية التي تهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان.
بدوره أكد الإعلامي رفعت بو عساف أن التسامح في جوهره هو ثقافة وأصالة مجتمعية، متطرقا إلى تجربة الإمارات كدولة نموذجية في تجسيد قيم التسامح.
وفي مداخلتها امام الندوة، شددت لينا ناصر البلوشي، الخبيرة في حقوق الإنسان، على أن بناء عالم يسوده السلام يتطلب تعزيز مبادئ المحاسبة الذاتية والالتزام بالحقوق الأساسية التي تكفلها الدساتير وتحميها الحكومات، مؤكدة أن المساواة تبدأ من العقل ومن التصورات المجتمعية التي تصنف الأفراد.
واستشهدت البلوشي بـ«وثيقة المدينة» التي أرسى دعائمها النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، كأول دستور مدني للتعايش السلمي بين مختلف المكونات الاجتماعية.
وخلصت الندوة إلى عدد من التوصيات، أبرزها أهمية تعزيز التعليم كأداة رئيسية لنشر ثقافة التسامح والتعايش، وتوسيع نطاق الحوار بين الأديان والثقافات لتعزيز التقارب العالمي، ومكافحة خطاب الكراهية من خلال الإعلام والتعليم والمبادرات الثقافية، وتعزيز السياسات الداعمة للمساواة والعدالة الاجتماعية في مختلف المجتمعات، ودعم مبادرات الشباب في مجالات التسامح والسلام العالمي.
وأكد المشاركون أن تحقيق السلام والعدل في العالم يتطلب جهوداً مشتركة بين الحكومات والمؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية، مشددين على أن التسامح ليس مجرد شعار، بل هو منهج عملي يُبنى على الحوار والتفاهم المشترك.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

كيف تمارس الرياضة في شهر الصيام بشكل صحي وآمن؟

يحرص الكثيرون على الحفاظ على لياقتهم البدنية خلال شهر رمضان المبارك، مع مراعاة خصوصية الصيام والروحانية التي يتميز بها هذا الشهر. ويتبنى البعض أساليب منظمة لتعديل نشاطاتهم الرياضية بما يتناسب مع طبيعة الصيام، لتحقيق التوازن بين متطلبات العبادة والاعتناء بالصحة البدنية.

وفي هذا السياق، نسلط الضوء على كيفية ممارسة العمانيين للرياضة بشكل صحي وآمن خلال الشهر الفضيل.

بداية، أوضح محمد بن درويش السيابي أنه من الأفضل ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة قبل الإفطار بقليل أو بعد صلاة التراويح، حيث يكون الجسم في أتم جاهزيته وقدرته على التحمل بعد ساعات الصيام. وأكد السيابي أن ممارسة الرياضة في رمضان تساهم في تنشيط الدورة الدموية وتحسين اللياقة البدنية، فضلاً عن المساعدة في الحفاظ على الوزن الصحي.

وأضاف السيابي أنه من الضروري تجنب ممارسة التمارين الشاقة أثناء الصيام، مع التأكيد على أهمية شرب كميات كافية من الماء بعد الإفطار لتعويض السوائل المفقودة خلال النهار. وأشار إلى أن الالتزام بهذا الروتين طوال أيام الشهر الفضيل يتيح للشخص الحفاظ على نشاطه البدني دون التأثير على صحته أثناء الصيام.

التوازن والتخطيط

يشير عادل بن محمد الهوتي إلى أن التوازن في حياة الإنسان هو أساس النجاح والانطلاق، فلا يمكن أن تتوازن الأمور إلا من خلال نمط حياة صحي يعكس ما يقدمه الفرد خلال أيامه. فالصيام، على سبيل المثال، له طابع خاص في حياة المسلم، ويجب أن يترافق مع استمرار الإنتاجية في المجتمع، مع مراعاة الحفاظ على الصحة.

ويضيف الهوتي أن التحدي يكمن في كيفية ترتيب الأمور بشكل منطقي ومتوازن، من خلال وضع نظام شامل يضمن عدم التقصير في أي جانب. يتطلب ذلك التخطيط المسبق لوضع خطة محكمة يمكن تنفيذها خلال أيام رمضان. ويؤكد على أهمية الحفاظ على التوازن بين العبادة والإنتاجية، ففي النهار يجب أن نركز على العبادة والصيام، بينما في المساء يجب أن نتناول وجبة إفطار صحية ومتوازنة، كما يجب تخصيص وقت للعائلة بعد الفطور. وبعد صلاة التراويح، يُنصح بممارسة الرياضة لمدة ساعة لتنشيط الدورة الدموية، مما يساعد على التركيز وتجديد النشاط لليوم التالي. بهذا التوازن والترتيب، يمكن أن تحقق النجاح في تحقيق أهدافك خلال شهر رمضان.

التوقيت المناسب

ويقول داؤود بن سليمان الخروصي إن ممارسة الرياضة تعتبر من الأنشطة الأساسية التي يعتمد عليها الكثيرون في شهر رمضان المبارك، فهي مفيدة سواء للمريض أو لغير المريض. ويضيف أن الرياضة تساعد في تنشيط الجسم بعد انقطاعه عن الطعام والشراب خلال ساعات الصيام، كما تساهم في إزالة شعور التعب والخمول الذي قد يشعر به الفرد بعد الإفطار، فضلاً عن تحفيز إفراز هرمون الإندورفين الذي يعزز الشعور بالراحة والسعادة.

ويؤكد الخروصي على أن ممارسة الرياضة تلعب دورًا مهمًا في تخفيف الوزن وضبط مستويات السكر في الدم، وبالتالي الوقاية من الأمراض. كما يعتبر شهر رمضان فرصة مثالية لممارسة الرياضة، حيث يُنصح بتخصيص وقت محدد لممارسة الأنشطة الرياضية مثل المشي أو غيره من التمارين لمدة تتراوح بين نصف ساعة إلى ساعة. هذه الأنشطة تساعد في زيادة إمداد الجسم بالأوكسجين والمواد المغذية، مما يساهم في تحسين المزاج وزيادة الطاقة.

ويشدد الخروصي على أهمية اختيار التوقيت المناسب لممارسة الرياضة، حيث يُعد الوقت المثالي لذلك هو بعد صلاة التراويح، مع التأكيد على ضرورة تحديد الأولويات بحيث تظل العبادة هي الأولوية الأولى خلال شهر رمضان.

القلب السليم في الجسم السليم

يرى إبراهيم بن سعيد الرويضي أن شهر رمضان شهر العبادة والتقرب إلى الله، ولأداء هذه العبادة على أكمل وجه، يؤكد الرويضي على أهمية الحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية. ويعتبر أن الرياضة تعد من العوامل الأساسية للحفاظ على الجسم بصحة جيدة، إلى جانب تناول الطعام الصحي والمتوازن.

ويشير الرويضي إلى أن العمانيين يحققون توازنًا جيدًا بين الصيام والرياضة من خلال تنظيم برنامج يشمل الأنشطة البدنية إلى جانب العبادات. ويتضمن هذا البرنامج أنشطة متنوعة مثل رياضة المشي، والألعاب الحركية مثل كرة القدم وكرة الطائرة، إلى جانب المسابقات الفكرية التي تقام في المساجد، مما يثري هذا الجانب من الحياة. وغالبًا ما تُمارس هذه الأنشطة بعد أداء صلاة التراويح التي يحرص المسلمون على أدائها.

ويضيف الرويضي أنه من غير الممكن أداء جميع الأنشطة في يوم واحد، بل يتم تقسيمها بما يتناسب مع القدرة الشخصية والأوقات المناسبة، مع الحرص على عدم التأثير على الجوانب التعبدية. وفيما يتعلق بتأثير الرياضة على الصحة، يؤكد الرويضي أن الرياضة تعزز الجانب التعبدي بشكل كبير، حيث إن "العقل السليم في الجسم السليم". ويعتبر أن رياضة المشي هي الأكثر شيوعًا بين العمانيين في رمضان، حيث تساعد الشخص على الخروج من روتين المنزل والتمتع بالطبيعة، مما يعزز الصفاء الذهني والتركيز، ويعود عليه بفوائد صحية تساعده في أداء عباداته بشكل أفضل.

فرصة لإنقاص الوزن

وتشير الممرضة نجلاء بنت خميس المعمرية إلى أهمية تعديل أوقات ممارسة الرياضة وشدتها لتتناسب مع مستويات الطاقة المتغيرة خلال اليوم، حيث يُفضل ممارسة التمارين الخفيفة إلى المتوسطة مثل المشي السريع أو تمارين الكارديو الخفيفة. وتؤكد المعمرية على ضرورة أن لا يرهق الصائم جسمه أثناء ممارسة الرياضة، مع ضرورة التوقف فورًا إذا شعر بالدوخة أو الإرهاق الشديد.

وتضيف المعمرية أن الكثيرين يفضلون ممارسة الرياضة قبل الإفطار بساعة نظرًا للفوائد الصحية الكبيرة لذلك، حيث يكون الجسم في حالة صيام، ما يساعد بشكل كبير في انخفاض مستويات السكر في الدم. كما يساعد هذا التوقيت في دفع الجسم لاستخدام الدهون المخزنة كمصدر للطاقة، مما يسهم في حرق الدهون بشكل أكثر فعالية.

وتلفت المعمرية إلى أن الرياضة في رمضان تمثل فرصة مثالية لمن يعانون من زيادة الوزن ويرغبون في إنقاصه. إذ تساعد الرياضة على تحفيز عملية التمثيل الغذائي، مما يزيد من قدرة الجسم على حرق الدهون حتى أثناء الراحة. وللحفاظ على التوازن الصحي، تشدد على ضرورة تعويض السوائل المفقودة، من خلال شرب كمية كافية من الماء بين الإفطار والسحور لتعويض ما فقده الجسم أثناء ممارسة الرياضة.

مقالات مشابهة

  • الجن زمن الإنسانية المتحولة
  • كيف تمارس الرياضة في شهر الصيام بشكل صحي وآمن؟
  • عالم بالأوقاف يكشف أعظم نعمة يمنحها الله لعباده في الدنيا
  • وزير إندونيسي يثمن جهود “حكماء المسلمين” في نشر قيم التسامح والتعايش
  • محمد بن راشد: شهر رمضان يدعو إلى نشر السلام والمحبة والتعايش
  • وزير إندونيسي يثمن جهود «حكماء المسلمين» في نشر قيم التسامح والتعايش
  • وزير الإنتاج الحربي: مركز التميز العلمي ركيزة أساسية لربط البحث بالصناعة
  • الاتحاد الأوروبي يدعو إلى تعزيز وقف إطلاق النار في غزة
  • السيد ذي يزن: الحكومة حريصة على تعزيز الحوار مع المواطن حول مختلف القرارات