فيلم أوبنهايمر يسلط الضوء على مشروع مانهاتن
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
سياتل «د.ب.أ»: مع عرض فيلم "أوبنهايمر" في دور السينما، والذي يصور مهمة العالم الشهير روبرت أوبنهايمر في تصنيع القنبلة الذرية، أصبح "مشروع مانهاتن" الأمريكي تحت الأضواء الآن، بحسب وسائل إعلام أمريكية.
ففي عام 1943 بدأ آلاف العاملين في الوصول إلى مواقع نائية، في واشنطن ونيومكسيكو وتينيسي، للانخراط في مشروع تعمل فيه العبقرية الأمريكية بأقصى ما تستطيع؛ لإنتاج أول قنبلة ذرية في العالم.
ومن بين أولئك العاملين في المشروع الذي أطلق عليه اسم "مانهاتن"، مجموعة معينة من ثماني نساء، ما كان سيكون لهن أي ذكر، لولا الحملة المحمومة التي شنها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، بحثا عن التفاصيل الخفية في حياتهن، مما دفع الحكومة التي جندتهن للعمل في ذلك المشروع النخبوي، لأن تسعى لإلغاء التصاريح الأمنية الخاصة بهن.
وتحتوي سجلات مكتب التحقيقات الفيدرالي التي رُفعت عنها السرية، وكذلك بيانات لجنة الطاقة الذرية، التي اطلعت عليها صحيفة ذي سياتل تايمز، على التجارب التي خاضتها النساء الثماني، في سعيهن لممارسة حياتهن الحقيقية، بينما يحاولن سبق مكتب التحقيقات الفيدرالي، في مطاردة امتدت على مدى عقد من الزمان، من منطقة لوس ألموس إلى موقع هانفورد الذي كانت تجرى فيه التجارب. وبدأت المذكرات الداخلية تنفيذا لأمر رئاسي، صدر عام 1953، يحظر تشغيل المثليين في وظائف بالجهات الفيدرالية، مما كان له تداعيات فورية.
وقصة هذه المجموعة النسائية، التي أطلقت عليها صحيفة ذي سياتل تايمز وصف "ثمانية مانهاتن"، لم تكن معروفة من قبل لبعض أبرز الباحثين المعنيين بمشروع مانهاتن، وأيضا الدارسين لما يعرف باسم "رعب اللافندر"، وهو الاسم الذي أطلقه المؤرخون على "الحملة الصليبية"، التي شنتها الحكومة الأمريكية ضد المثليين، واستمرت خلال فترة الخمسينيات من القرن العشرين، وذلك وفقا للمقابلات التي أجرتها الصحيفة.
وتلقي هذه القصة الضوء على فصل مظلم من التاريخ الأمريكي، حينما تعرض الموظفون في الجهات الفيدرالية، إلى مراقبة شديدة لأنشطتهم الشخصية وأيضا لمعارفهم واتصالاتهم، وتقوم هذه المراقبة على أتفه المعلومات، أو تصورات الآخرين عنهم.
وداخل موقعي هانفورد ولوس ألموس اللذين يعدان قلب مشروع مانهاتن، كان هناك اعتقاد بأنه يتُنصت على مقار إقامة الجميع، وتعقب زبائن مكتب التحقيقات الفيدرالي، العاملين في المشروع خارج ساعات العمل، ونقبوا في ماضيهم واستجوبوا معارفهم أثناء فترة الطفولة، بحثا عن معلومات عنهم، أو أية إشارة تفيد بأن أيا منهم يشكل خطرا أمنيا، أو أن هناك ضعفا ما في شخصيتهم يعرضهم للابتزاز من جانب أعداء الولايات المتحدة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مکتب التحقیقات الفیدرالی
إقرأ أيضاً:
نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 51
كان من المفترض أن يكون ذلك المقال هو استكمال موضوع مقالة من طرف خفي 50 التي تناولت بها علاقة سيناء بتابوت العهد، الا انني فضلت التحدث هنا عن موضوع أكثر خطورة علي الأمن القومي و الهوية المصرية و العربية معا، نظرا لما حدث مؤخرا بشأن ظهور أحد الشخصيات بملابس غير لائقة أثناء تمثيله مصر في محفل دولي .
الفن الهابط أداة للسيطرة وتفكيك الانتماء و يعد أهم استراتيجية اعتمد عليها مشروع الشرق الأوسط الكبير لبرنارد لويس، و سبق و تحدثت عنها مرارا من خلال سلسلة مقالات من طرف خفي ، ومقالات أخرى، فضلا عن مجموعة كتب مغامرات صحفية لكشف الربيع العبري.
في ظل المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية، يتعاظم دور الفن والإعلام كأدوات تشكيل الوعي المجتمعي، إلا أن تساؤلًا بات يطرح نفسه بإلحاح: هل ما يُقدَّم على الشاشات الآن هو فنٌ حقيقي؟ أم أنه وسيلة لإلهاء الشعوب وإعادة تشكيل انتماءاتها؟
ولعل الإجابة تقودنا إلى مسارات أعمق ترتبط بما يُعرف بـ"مشروع الشرق الأوسط الكبير"، وهي خطة جيوسياسية تهدف لإعادة رسم خريطة المنطقة بما يخدم مصالح قوى كبرى، باستخدام أدوات ناعمة أبرزها الإعلام والفن.
الفن الهابط.. تغييب الوعي لا تنويره
الفن، كما يفترض أن يكون، هو انعكاس للواقع وتعبير عن آمال الناس آلامهم، لكنه في العقود الأخيرة، تحول –بشكل ملحوظ– إلى منتج استهلاكي يروّج للسطحية والانحلال القيمي. مسلسلات وأغاني وبرامج مليئة بالإثارة الإيحاءات، ومليئة أكثر بمحاولات نسف الهوية الثقافية والذوق العام.
يسهم هذا النوع من الفن في قتل الحس النقدي لدى المتلقي، ويخلق أجيالا تبحث عن الشهرة السريعة والمكاسب الرخيصة، بدلا من العلم والعمل والانتماء الحقيقي للأوطان.
السيطرة على الإعلام.. الماسونية
عبر تاريخها، سعت الجماعات السرية مثل الماسونية إلى اختراق مفاصل الإعلام والفن، انطلاقًا من فهمها العميق لتأثير الصورة والكلمة في تشكيل وعي الشعوب.
من خلال امتلاك شركات إنتاج عملاقة، وشبكات بث عالمية، استطاعت تلك القوى أن تفرض رسائل معينة بشكل ناعم ومتكرر: تمجيد الفردية، تفكيك الأسرة، تشويه الرموز الوطنية، والترويج لثقافة الاستهلاك، وكلها تصب في تقويض مفاهيم الانتماء والهوية الجماعية.
في كثير من الأعمال المنتشرة على نطاق واسع، نلحظ رموزًا ماسونية صريحة، أو رسائل مشفرة تخاطب اللاوعي وتخترق دفاعات العقل.
مشروع الشرق الأوسط الكبير.. تفكيك لا تطوير
أطلق هذا المشروع رسميًا في أوائل الألفينات كخطة لتحديث المجتمعات العربية وفق "نموذج ديمقراطي غربي"، لكنه في جوهره كان محاولة لإضعاف الدول المركزية، وإثارة الفوضى الخلّاقة، وإعادة تشكيل الانتماءات من الوطنية إلى الطائفية والعرقية.
الفن الهابط، والإعلام الموجّه، كانا جزءًا من أدوات تنفيذ هذا المشروع. فبدلًا من دعم الفنون الهادفة التي تعزز روح المقاومة والهوية، جرى تلميع "النجوم" المصطنعين، وتهميش الفنانين الحقيقيين، ومحاصرة الأصوات الحرة.
الانتماء.. الضحية الصامتة
في خضم هذه المنظومة، كان الانتماء أول الضحايا. الانتماء للأسرة، للهوية الثقافية، للوطن. فحين يُسخّف التاريخ، ويُستهزأ بالرموز، وتُشيطن الوطنية، يُصبح الفرد فريسة سهلة لأي مشروع خارجي.
ولذلك فإن مقاومة الفن الهابط ليست معركة ذوق فقط، بل معركة وعي ووجود. مقاومة إعلام التسطيح ليست ترفًا، بل ضرورة للحفاظ على ما تبقى من انتماء وهوية في وجه مشاريع التفتيت.
حين نربط بين الفن الهابط، السيطرة على الإعلام، المشروع السياسي الكبير، والانتماء، نكتشف أننا أمام معركة وعي شاملة. والرد لا يكون بالرفض فقط، بل بصناعة البديل: فن راقٍ، إعلام صادق، مشروع ثقافي نهضوي، يعيد بناء الإنسان المصري و العربي على أسس من الانتماء والكرامة والحرية.