السيد القائد.. جهدٌ رائد في توعية الأُمَّــة
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
أصيل البجلي
في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها الأُمَّــة الإسلامية، وفي المقدمةُ منها اليمن، تبرز الجهودُ الفاعلةُ التي يبذُلُها السيد القائد في سبيل توعية الأُمَّــة وتوجيهها نحو ما فيه فلاحها وعزتها وغلبتها.
جهود ليست مُجَـرّد كلمات أَو خطابات، بل هي عملٌ دؤوب يستهدف بناء وعي جمعي قادر على مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدّد وجودنا ومستقبلنا.
توعية الأُمَّــة: سلاح في وجه التضليل:
إن السيد القائد يدركُ تمامًا أن الوعي هو السلاح الأمضى في وجه التضليل الإعلامي والحرب النفسية التي يشنها الأعداء.
قائدٌ يسعى جاهدًا إلى كشف الحقائق وتوضيح الرؤى، وتبيان المؤامرات التي تحاك ضد الأُمَّــة. وفي هذا السياق، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، فالنصر الحقيقي يبدأ بالوعي والإيمان والثبات على الحق.
توجيهُ الأُمَّــة نحو العزة والكرامة:
لا يقتصر دور السيد القائد على التوعية فقط، بل يتعداه إلى توجيهِ الأُمَّــة نحو طريق العزة والكرامة؛ فهو يدعو إلى التمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية، وإلى رفض الذل والخضوع للأعداء.
كما يحث على بناء أمةٍ قوية قادرة على الدفاع عن نفسها وحماية مصالحها؛ إذ يقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، فالعزة الحقيقية هي في التمسك بدين الله والاعتماد عليه.
تحقيقُ الغَلبة والنصر:
إن السيد القائد يؤمن بأن الأُمَّــة الإسلامية قادرة على تحقيق الغلبة والنصر على أعدائها، إذَا ما توحَّدت وتكاتفت وتمسكت بدينها؛ فهو يدعو إلى نبذ الخلافات والتفرقة، وإلى التعاون والتضامن في مواجهة التحديات.
ويحُضُّ سيد التوعيةِ على الاستعداد والجهاد في سبيل الله، وبذل الغالي والنفيس؛ مِن أجلِ الدفاع عن الوطن والأمة. وفي هذا الإطار، يقول الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، فالقوة الحقيقية هي في الإيمان والوحدة والاستعداد.
جهود السيد القائد: ثمارٌ يانعة:
لقد أثمرت جهودُ السيد القائد في توعية الأُمَّــة وتوجيهها ثمارًا يانعة، تمثّلت في صمود الشعب اليمني في وجه العدوان، وفي تحقيق الانتصارات المتتالية على الأعداء.
وتجلت أيضًا في بناء جيل واعٍ ومثقف، قادر على تحمل المسؤولية والمساهمة في بناء مستقبل مشرق لليمن والأمة الإسلامية.
إن جهودَ السيد القائد في توعية الأُمَّــة وتوجيهها هي صمام أمان في وجه التحديات، وهي السبيلُ الوحيد لتحقيق الفلاح والعزة والغلبة لشعبنا وأمتنا.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السید القائد توعیة الأ م فی وجه
إقرأ أيضاً:
مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (4) للسيد القائد
(المحاضرة الرمضانية الرابعة)
" استدراك "
ستظل شخصيات الدكتور أحمد ونجليه صلاح ومُنير تتواجد في جزئية محاضرات القصص القرآنية؛ لاتساقها مع موضوع المحاضرة وعدم تشتيت انتباه القارئ.
"الدكتور أحمد أستاذ الفقه المقارن في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر.
أما نَجَلاه صلاح ومُنير، فيدرسان في كلية الطب بالجامعة ذاتها."
يفرغ مُنير من صلاة التراويح في مسجد الحي المجاور لمنزلهم، فيلتفت بيمينه تجاه شقيقه صلاح، ويتحدث معه مُستعجِلًا إيّاه للعودة إلى المنزل للاستماع إلى محاضرة السيد الرمضانية الرابعة.
يعودان إلى المنزل، فيجدان والدهما بانتظارهما في غرفة المعيشة يشاهد قناة المسيرة.
يُلقيان عليه التحية، ثم يسأل مُنير والده:
– تُرى، ما هي الاضاءات التنويرية التي سيقدمها السيد عبدالملك في محاضرة الليلة ضمن قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام ؟
يبتسم والده ويُجيبه:
– لا تستعجل يا مُنير، ستبدأ المحاضرة الآن وسنعرف.
ومع نهاية إجابته، انطلقت محاضرة السيد القائد للتو :-
في بداية قصة نبي الله وخليله ورسوله إبراهيم عليه السلام، تحدثنا عن المسيرة البشرية، وما اعتراها من مخالفات وانحرافات كبيرة جداً، وصلت إلى مستوى الشرك بالله سبحانه وتعالى،
أبا البشر الذي هو آدم عليه السلام هو نبيٌ بنفسه، نبيٌ من أنبياء الله سبحانه وتعالى، حظي من الله بالهداية، وآتاه الوحي الإلهي، والتعليمات الإلهية، وبالتالي لم تكن المسألة في واقع البشر أن الأساس هو الانحراف،
الذي هو طارئٌ على حياة المجتمع البشري، وشاذٌ في مسيرة حياتهم، ومخالف للمسار الصحيح الطبيعي الفطري، هو: الانحراف عن نهج الله ورسالته
فهذه مسألة مهمة؛ لأن الكثير من الكُتَّاب، والأسلوب في المجتمع الغربي في الأبحاث والدراسات، يصوّر الحالة وكأن المجتمع البشري كان منذ البداية مجتمعاً بدائياً في دينه، بدائياً في مسألة الدين إلى درجة الجهل التام بالله، وإلى درجة التنكر التام لمبدأ التوحيد،
فهذه مسألة جوهرية في هذا الموضوع، وفي نفس الوقت يجب أن ندرك أن المجتمع البشري كانت كله خسارته، ناتجةً عن المخالفة للرسل والأنبياء، وعن الانحراف عن نهج الله سبحانه وتعالى، وهكذا هي المسألة على امتداد الزمن، كلما وجدنا حالة الانحراف في المجتمعات البشرية، والأفكار المِعْوَجَّة، والضلال بكل أشكاله، والاتِّباع للباطل، والتمسك بالخرافات
- يعقب الدكتور احمد محدثاً نجليه : بالفعل هذه النقطة التي اشار لها السيد عبدالملك في مستهل محاضرات نقطة غاية في الاهمية خاصة للكٌتاب والباحثين انهم صوروا المجتمع بدائياً في دينه
مسألة التوحيد، المبدأ العظيم، كذلك هو ليس مجرد مبدأ يتحول إلى معتقد يعبِّر عنه الإنسان بكلمة، مثلاً: (أشهد أنْ لا إله إلا الله) وانتهى الأمر، أو تلحق به كذلك شعائر دينية محدودة- مثلاً- في المساجد، أو شعائر متنوعة .
فالمسألة في مبدأ التوحيد لله هو مبدأٌ يبنى عليه نهجٌ عظيمٌ لمسيرة الحياة، ولذلك فالخطأ عندما يُجَمَّد هذا المبدأ، وتكون هناك تصورات أنه يكفي مع هذا المبدأ العظيم الإقرار به، التعبير عن هذا الإقرار بالشهادة، شعائر دينية محدودة؛ ثم يتَّجه الإنسان في مسيرة حياته بعيداً عن ذلك، ليُعَبِّد نفسه لغير الله، هذه حالة انحراف، وعدم استيعاب لهذا المبدأ العظيم: مبدأ التوحيد لله.
إيماننا بأنه لا إله إلا الله، وأنه وحده الإله، وأن علينا أن نتَّجه بالعبادة له وحده، هذا يعني العبادة بمفهومها الشامل، بمفهومها الكامل، في التزامنا في مسيرة الحياة بنهجه، بتعليماته، بالطاعة المطلقة له سبحانه وتعالى
ولهذا يقول الله جل شأنه عن هذه المسألة: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}[النحل:2]، هكذا هي الثمرة: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}، الله يخاطبنا هكذا، فييبنى على ذلك التقوى لله سبحانه وتعالى، في آيات أخرى يؤكِّد على العبادة كذلك، على الرهبة، على بقية ما يرتبط بهذا المبدأ المهم والعظيم.
- ايضاً يا ولديّ هذه نقطة غاية في الاهمية وهي توضيح السيد عبدالملك لمسألة التوحيد والخبر من وتحويلها لشعيرة دينية محدودة موضحاً ماهية التوحيد بالمفهوم الايماني
الإنسان إذا لم يتَّجه الاتِّجاه الصحيح، فهو ينحرف بهذه الفطرة في الاتِّجاه الخاطئ، يعني يُعبِّر عن عبوديته لغير الله تعالى، وهذا ما حصل في واقع المشركين،
ولكن مع إقرارهم بالله كانوا يعتقدون أن هناك شركاء، يشركونهم مع الله في الألوهية، يعتبرونهم آلهة مع الله، ثم يتَّجهون بعبادتهم إليهم، يطلبون منهم النصر، يطلبون منهم مطلب العبودية، يعني: يعتبرونهم آلهة، يقدرون على أن يمنحوهم ذلك، يتقرَّبون إليهم بالقرابين، يؤدُّون لهم طقوساً معينة وشعائر معينة، كما قال الله عنهم: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا}[مريم:81]، قال أيضاً: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}[يس: 74-75]،
لأنهم يدركون في عمق فطرتهم أن كل أولئك الذين يعتقدونهم آلهة، ويتقربون إليهم كآلهة، لا يملكون لهم ضراً ولا نفعاً، ولا يتمكنون من أن يفعلوا لهم شيئاً، فيدعون الله وحده، هنا عادوا إلى الفطرة، عندما كانوا فيه حالة أزمة شديدة وخطر كبير، يقول الله عنهم: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[لقمان:32]، فهم كانوا يعودون إلى الفطرة.
- انها جزئية مهمة وهي حالة الانحراف التي تطغى على من اقروا بالله يعتقدون ان هنالك شركاء مع الله ومع تزايد هذه الحالة كما اوضحها السيد عبدالملك وعند اي ازمة سيدعون الله وحده .
فالانحراف في حالة الشرك، الانحراف عن نهج الله بكله، وصولاً إلى هذا المستوى، كما قلنا: الباطل يزداد، الظلال ينمو، فيصل الإنسان في معتقداته، في أفكاره، إلى مستوى فظيع جداً وسيء للغاية؛ لأنه ابتعد عن قنوات الهداية، وعن مصدر الهداة، فكلما ابتعد أكثر؛ ظل أكثر في تصوراته، معتقداته، أفكاره، يتحول إلى ظلاميٍ، ظلاميٍ بكل ما تعنيه الكلمة.
ما وراء هذا الانحراف الكبير في مسألة الشرك هو: عدم الإيمان، أو نسيان المبدأ المهم، الذي هو: الكمال المطلق، مبدأ الكمال المطلق أنه هو المبدأ الأساس في مسألة الألوهية، وإنما سوى الله سبحانه وتعالى ناقصٌ، عاجزٌ، مخلوقٌ، مُدبرٌ، في إطار تدبير الله سبحانه وتعالى، وأن الله وحده هو الخالق، هو رب العالمين،
هذه المسألة مسألة مهمة جداً، يعني كان تقبُّل المشركين لأن يعتقدوا في غير الله أنه آلهة، هو بغفلتهم عن هذا المبدأ، مع أنه مبدأٌ فطري؛ ولـذلك وصل بهم الحال إلى أن يتَّجهوا في أن يؤلِّهوا من هو حتى دون مستواهم كبشر، من مثل حالة الأصنام؛ لأنهم نسوا هذا المبدأ، فاتَّجهوا إلى الكائنات، أو الجمادات، أو مخلوقات، حالها حالهم، في افتقارها إلى الله، في عجزها، في ضعفها، في عبوديتها لله سبحانه وتعالى، وهذه هي المسألة الخطيرة جداً، الإشكالية الكبيرة، التي كانت مؤثِّرةً في مستوى تقبّلهم وانحرافهم إلى هذه الدرجة.
- بالفعل يا ولدىّ هذه اشكالية خطيرة للغاية وقد اوضح السيد عبدالملك الانحراف في حالة الشرك واسباب هذا الانحراف .
عندما نعود إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام، قلنا بالأمس: أن البيئة التي نشأ فيها، والمجتمع الذي نشأ فيه، كان قد سيطر عليه الضلال والانحراف والشرك إلى حدٍ كبير، إلى درجة محيطه الأسري، فيما يتعلق بأبيه (أبيه آزر)، سواءً على مستوى ما يقوله البعض من المفسرين والمؤرخين بأن المقصود عمه، أو غير ذلك، أو أنه الأب نفسه (والده).
وسعى مع أبيه آزر لإقناعه، لهدايته، لاستنقاذه من هذا الظلال الرهيب جداً، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
نلاحظ في هذا السؤال، الذي هو سؤال توبيخ واستنكار: {أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً}، مستوى الانحطاط والتخلف الفكري والثقافي، لدى المجتمعات والشعوب التي وصلت إلى هذه الحالة، إلى أن تتَّخذ من الأصنام، ما هي الأصنام؟ هي التماثيل المنحوتة بأشكال معينة، سواءً من الحجارة، البعض ينحتونها من الصخور، أو من الأخشاب،
وصل الحال ببعضهم أن كانوا يصنعونها من العجين والتمر، فيما إذا دهمتهم أزمة شديدة، وحصل لهم مجاعة، يقومون بأكلها بدلاً من عبادتها، هذه الحالة من التخلف والانحطاط الكبير انتشرت في مجتمعات كثيرة، وعلى مدى عصور كثيرة، ولا زالت في عصرنا هذا، بالرغم من كل التقدم في هذا العصر، عصر الفضاء، والتكنولوجيا، والأقمار الصناعية... وبقية الأشياء، من نفس تلك المجتمعات لا يزال هناك من هم في هذا المستوى من التخلف والانحطاط الفكري،
في الواقع العربي في الجاهلية، في حالة السفر، عندما يكونون مسافرين، وابتعدوا في أسفارهم عن أصنامهم التي هي في بلدانهم، فهم بحاجة إلى إله سفري، إلى صنم يعني مع حاجة السفر في ظروف السفر، يصلون إلى وادٍ معين، أو إلى منطقة مُقفرة، يبحثون عن أي صخرة تختلف عن بقية الصخور، صخرة ملساء مثلاً، أو لها شكل ملفت، ثم يقومون بالطواف عليها، والعبادة لها، والتقرب إليها،
أو يذبحون لها، ويقدمون لها القرابين، ثم يتضرعون إليها،
هذا التوبيخ الذي وجَّهه نبي الله إبراهيم، والاستنكار في خطابه لأبيه آزر: {أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً}؛ لأن المسألة في بطلانها في منتهى الوضوح، باطل واضح يعني، كيف تنحت صخرةً، أو خشبةً، أو عوداً، أو أي شيءٍ آخر، أو تصنع أنت، أنت تصنع من مواد معينة ما تعتقده إلهاً لك، وتعتقد نفسك عبداً له، ثم تطلب منه كل شيء: تريد أن ينصرك، أن يحفظك، أن يرزقك، أن يعينك، وقد يتغير الحال، وتستبدله بصنم آخر أو حالة أخرى.
- ها قد اوضح السيد عبدالملك البيئة التي نشأ فيها سيدنا ابراهيم عليه السلام مبيناً حالات الفكر الضال التي اوصلت المجتمعات لعبادة ما يصنعون منذ بداية الخلق وحتى المجتمعات الحالية وكذا عصر العرب الجاهلي .
الحالة التي تصل بالبعض من الناس، على مستوى أمم والشعوب، إلى هذا المستوى من الانحطاط والتخلف الفكري هي ماذا؟ هي الضلال والمضلون، والابتعاد عن الهدى والهداة، فهذه نتيجة لهذا، ولهذا قال نبي الله إبراهيم عليه السلام: {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}،
الضلال هو الذي يصل بالناس إلى أن يتقبلوا أي باطل، مهما كان سخيفاً وسيئاً، ومهما كان فظيعاً، فظيعاً جداً، يعني: فيه تَنَكُّر لحق عظيم، لحق مهم، لمبادئ عظيمة ومقدسة؛ لأن هذا الظلال الذي يصل بالناس إلى الشرك بالله، هو مع سخافته، ومع وضوح بطلانه، هو تنكر لأعظم مبدأ، وهو مبدأ: أن الله وحده الذي هو ربُّ العالمين، وخالق السماوات والأراضين، والمالك كل شيء
حالة الضلال هي التي تهيئ الإنسان لتقبّل الباطل، لتقبّل السخافات، لتقبّل أي شيء مهما كان سيئًا جدًا؛ ولهـذا يأتي في القرآن الكريم التحذير الواسع من الضلال والمضلين، الذين ينحرفون بالناس، ويجعلونهم يتقبلون أفكاراً خاطئة، تصورات خاطئة، مفاهيم خاطئة وسخيفة، وتتحول إلى دين يتدينون به، ولهـذا عندما نتأمل في هذه المسألة، وهي مسألة مهمة؛ لأن تأثيرها في واقع البشر كبيرٌ جداً، فهناك فئة المضلين، الذين لهم الدور.
- يعقب صلاح قائلاً بالفعل هذه مسألة مهمة للغاية التي اوضحها السيد عبدالملك وهي حالة الضلال وكيف تحول الناس لتقبل الباطل.
في مجتمع نبي الله إبراهيم عليه السلام، كان هناك سلطة ظالمة، على رأسها طاغٍ متكبر، وصل به الطغيان إلى أن يدَّعي لنفسه الربوبية، هذه واحدة.
ثم هناك أيضاً معه فئة نافذة في المجتمع، أصبح لها تأثير في المجتمع، وأصبح المجتمع مرتبطاً بها، وبناء على هذه الروابط تريد أن تحافظ على ذلك الوضع؛ لأنها تستغله هو في التأثير على البقية.
هناك فئة مستفيدة على المستوى المعنوي والمادي، مثل: منتجي الأصنام، الذين يصنعونها، ويبيعونها بأثمان غالية، سعر الإله حقهم سعر غالي يعني، وإذا كان بشكل معيَّن ي يرفعون السعر، فئة مستفيدة.
كهنة المعابد أيضاً، كهنة المعابد الذين هم من يستفيد مما يقدَّم من نذورات، وقرابين، ومأكولات، لتلك التي يسمونها بالآلهة... وهكذا.
تلك الفئة لأنها مستفيدة؛ تُصِرّ على ترسيخ ذلك، ثم في واقع الناس يرسخون هالة من الأساطير المعينة عنها، [أنها فعلاً فلان قدَّم لها قرابين وشفي مريضه، وفلان قدَّم قرابين وعاد قريبه الذي كان مسافراً بسلام، وفلان كذا...]، أساطير تحاكي حولها، [وفلان لم يُقدِّم لها القرابين الجيدة فحصل له مصيبة...]
- يتحدث الدكتور احمد كيف لخص السيد عبدالملك مجتمع نبي الله ابراهيم عليه السلام من سلطة ظالمة على رأسها طاغٍ متكبر وقسم المجتمع لثلاث فئات .
من أخطر أنواع الظلال: ما يُقدَّم ديناً، يعني: الضلال واسع: ضلال في أفكار الناس، في تصوراتهم، في مفاهيمهم، التي هي بعيدة عن الهدى، وعن قنوات الهداية ومصدر الهداية، ولكن عندما يكون هناك- مثلاً- ما هو باسم معتقدات دينية، ما هو باسم دين، وهو من الضلال، ليس من دين الله الحق، فالمسألة خطيرة جداً، أكثر خطورة؛ لأن الناس في مسألة التدين والالتزام الديني، ولاسيَّما البعض منهم، يعني التدين عندهم قويٌ جداً، إن تدين بالباطل، كان شديداً؛ وإن تدين بالحق، كان قوي الالتزام ومتمسكاً، ما يتحول إلى معتقدات دينية، وهو من الضلال، يصبح الكثير من الذين يؤمنون به، يعتنقونه، يتقبلونه، يقتنعون به، أكثر التزاماً وتمسكاً، وأشد تشبثاً به، ويصعب إقناعهم عن تركه، ويتعصبون له بشدة، وهذا ما حصل في معتقدات المشركين، كانوا يتعصبون جداً لأصنامهم، إلى درجة أن يقاتلوا من أجلها، وأن يعادوا من يعترض على عبادتهم لها،
حتى العرب في جاهليتهم، مع اهتمامهم بمسألة الأبناء الذكور، في صراعاتهم وموقفهم في الجاهلية المعروف من الإناث، معروفٌ جداً، {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}[النحل:58]، قد يكون له ابن عزيزٌ عليه جداً، من شدة معزة ابنه عليه، يرى أنه أحسن قربان يقدِّمه لتلك الخشبة التي يعتقدها إلهاً، ذلك الصنم الذي هو إمَّا من صخر، أو من عود... أو غير ذلك، يذهب بابنه، يأخذ السكين ويذبح، قرباناً لذلك الصنم؛ لهـذا قال الله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام:140]، يصل بهم الحال إلى هذا المستوى، {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ}[الأنعام:137]،
يحكي لنا القرآن الكريم عن مدى تشبثهم، عصبيتهم، في قوله تعالى: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}[ص:6]، يقولون على رسول الله: {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا}[الفرقان:42]، يعني: يصل بهم الحال إلى أنه يغضب لصنمي أكثر مما تغضب أنت كمسلم من أجل الله، من أجل دينك، من أجل مقدساتك، إذا لم يكن انتماؤك الإيماني قوياً، هذا هو بسبب الضلال؛ ولهـذا قال إبراهيم "عليه السلام": {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
- انتهت المحاضرة وبدا على محيا ثلاثتهم الارتياح والاعجاب لما سمعوه من اضاءات تنويرية في محاضرة اليوم .