انقلاب يقوده نتنياهو لإجبار قادة الأمن على الولاء الشخصي له
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
على خلفية الأزمة التي تعيشها أجهزة الاستخبارات الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب، يطرح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مطلبا جديدا بالولاء الشخصي من رؤساء الأجهزة الأمنية، رغم تحذيرات الخبراء بأن هذه الخطوة تعرّض مهنية هذه الأجهزة للخطر، وقد تتسبب بأضرار جسيمة للدولة.
البروفيسور أوري بار يوسف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حيفا، ذكر أن "الساحات المعادية لإسرائيل قررت التعاون بين بعضها لشنّ هجوم عليه، هو السيناريو الرئيسي الذي حذرت منه أجهزة الاستخبارات قبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر، ولم يختف هذا التهديد، وإن فقد شدّته، لكنه اليوم يتم استبداله بتهديد آخر، لا يقل خطورة، يتمثل في التقاء الساحات، المتمثلة بروح ترامب التي تهبّ بقوة في الولايات المتحدة، ووصلت إلينا، وتزيد من حدّة التهديدات للمؤسسة الأمنية بشكل عام، ومجتمع الاستخبارات بشكل خاص".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "معاريف"، وترجمته "عربي21" أن "التعبير الأكثر وضوحًا وتهديدًا عن ذلك تمثل ببداية اجتماع مجلس الوزراء الأمني في 11 شباط/ فبراير، عندما ألقى نتنياهو، دون أي صلة بموضوع المناقشة، خطابًا أذهل الحاضرين، في مركزه رسالة بدت وكأنها قادمة مباشرة من مكتب ترامب، ومفادها أن دولة إسرائيل تدخل عصر "الولاء"، بحيث لن يكون اختبار أعضاء النظام الأمني هو أداؤهم المهني، بل درجة ولائهم الشخصي له".
وحذر أن "اختبار الولاء هذا يهدّد بتدمير الاستخبارات الاسرائيلية، لأن تقييماتها لن تعتمد على المهنية والموضوعية، بل منحازة سياسياً، وصولا لتنفيذ عمليات تطهير فيها من العناصر غير الموالية، وربما طرد كبار مسؤوليها غير المخلصين بدرجة كافية، كما تلقى عشرون ألف موظف بوكالة المخابرات المركزية عرضًا بالتقاعد المبكر لذات السبب، والتلميح لمن لا يتماهون مع الإدارة الجديدة أنه يجب عليهم اغتنام الفرصة، وهو ما تكرر بوكالة الأمن القومي، الموازية الأمريكية لوحدة 8200، وفي وكالات استخباراتية أخرى".
وأكد أن "نتيجة مثل هذه الخطوات ستكون خسارة كبيرة بأعداد الموظفين المحترفين، مما سيعيد العمليات الاستخباراتية سنوات للوراء، وتهديداً لمصادرها، وكشف قوائم الجواسيس العاملين بدول أجنبية، ومصادر الاستخبارات شديدة الحساسية وهوياتها، التي يفترض أن تبقى سرية".
وأشار إلى أن "إرهاصات مثل هذا الانقلاب في مستقبل أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية تتمثل بحفاظ نتنياهو على علاقة متزعزعة مع قياداتها لأكثر من عامين، وتحميلها المسؤولية الكاملة عن كارثة السابع من أكتوبر، رغبة بصرف اللوم عن مسؤوليته الخاصة، وفي الوقت نفسه، يسعى لإنشاء إدارة استخبارات بمكتبه، ستوفر له تقييمات استخباراتية تلبي رغباته، وتتفوق على التقييمات الاستخباراتية المهنية للمنظومة الأمنية بأسرها، ويسمح لوزير دفاعه يسرائيل كاتس توبيخ رئيس الشاباك رونين بار، فقط لأنه يقوم بواجبه".
وأكد أن "عنصر الولاء الشخصي في العمل الأمني سيدبّ الفوضى في منظومته السرية، والحيلولة دون استجابة مسؤوليها لمقتضيات ضميرهم المهني لفتح تحقيق فيما يرونه خرقاً أمنياً، ولو لم يتناسب مع توجهات نتنياهو، الذي لم يتردد بتهديد كل من يقترب من أخطائه، وفي هذه الحالة نتخيل ماذا سيفعل خليفته، الذي سيعين على أساس الولاء للزعيم، وما هي تقييمات رئيس الاستخبارات العسكرية إذا استمرّ تعرضه للهجوم من وزير الدفاع، ولمن يدين أفراده بالولاء، وهم يدركون أن أداء واجبهم المهني قد يمنع ترقيتهم الوظيفية".
وختم بالقول إن "هذه أسئلة لم تكن لتخطر على بال أحد في دولة إسرائيل حتى وقت قريب، لكن الأمور تغيرت، والمخاطر ما زالت قائمة، والثمن قد يكون باهظا، ومن المناسب طرح هذه القضية على جدول الأعمال العام، ويرفع رؤساء هيئة الاستخبارات والموساد والشاباك أصواتهم، السابقين والحاليين، وكل من ساهم ببناء مجتمع الاستخبارات المهني في الدولة، وإلا فإن المخاطر إذا تحققت، فسيجدون صعوبة بالنظر للمرآة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال نتنياهو نتنياهو الاحتلال امن صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
عبيد البخاري.. جيش أقسم على صحيح البخاري من أجل الولاء لسلطان المغرب
جيش نظامي تأسس بالمغرب في عهد السلطان العلوي المولى إسماعيل، الذي حكم البلاد ما بين 1672 و1727. كان يتكون أساسا من عبيد اشترتهم الدولة من أسيادهم، إضافة إلى العبيد الذين تحرروا وأيضا سود البشرة الأحرار، وتم تدريبهم وتربيتهم منذ الصغر في معسكرات خاصة على الولاء للسلطان فقط.
سمي هذا الجيش بعبيد البخاري نسبة الى كتاب صحيح البخاري، وهو كتاب للأحاديث الصحيحة جمعه العلامة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وجرت عادة المغاربة أن يعقدوا مجالس لقراءته ومدارسة مضامينه.
فقد كان جنود جيش البخاري يقسمون على كتاب صحيح البخاري من أجل الولاء والطاعة للسلطان، ويرى بعض المؤرخين أنه كان أكثر الجيوش انضباطا وفعالية في تاريخ المغرب.
كان لهذا الجيش دور محوري في ترسيخ سلطة الدولة المركزية، خاصة في مواجهة التمردات القبلية، وفي تحرير عدد من المدن الشاطئية من الاحتلال الإسباني والإنجليزي، وتوسيع رقعة وحدود البلاد لتمتد إلى نهر السنغال جنوبا ونواحي تلمسان شرقا.
تحول بعد وفاة السلطان مولاي إسماعيل إلى قوة أثرت على استقرار الحكم نتيجة تدخله في تولية السلاطين وعزلهم واغتيال بعض رجال الدولة، مما أدى إلى انتشار الفوضى في البلاد.
تأسس جيش عبيد البخاري عام 1673، أي في السنة الثانية لتولي السلطان العلوي المولى إسماعيل الملك، بهدف تكوين جيش نظامي، على غرار الجيش العثماني المعروف باسم الانكشارية وجيش المنصور السعدي، يكون ولاؤه للسلطة المركزية ولا يتأثر بتقلبات القبائل وولاءاتها.
إعلانيقول مؤرخون إن كاتب السلطان عمر بن قاسم الشهير باسم عليليش كان يحتفظ بدفتر يضم أسماء العبيد الذين كانوا في خدمة الجيش السعدي ورثه عن والده، وكان كاتبا لدى المنصور السعدي، فاقترح على السلطان مولاي إسماعيل جمع من بقي منهم ومن أولادهم لتشكيل الجيش.
ومرت عملية بناء هذا الجيش من مرحلتين أساسيتين، اقتصرت الأولى على جمع العبيد الذين وجدوا في دفتر عليليش، واشترت الدولة العبيد من أسيادهم في مختلف نواحي البلاد.
وفي المرحلة الثانية بدأ جمع العبيد الذين نالوا حريتهم، وكان يطلق عليهم "الحر الثاني"، ثم أضيف إليهم الأحرار، ومنهم أفارقة من جنوب الصحراء كانوا يسكنون المغرب، وقد أجبروا على الانضمام للجيش بسبب لونهم وقوتهم.
كان يتم جمع جنود جيش البخاري في مكان يسمى مشرع الرملة أسسه السلطان سنة 1678، وحسب بعض المؤرخين، يعد هذا الموقع أكبر تجمع عسكري في تاريخ المغرب، إذ كان يمتد على مسافة تشمل المجال الفاصل بين مدينتي سيدي يحيى الغرب وسيدي سليمان، وهناك كانت تعطى لهم الملابس العسكرية والسلاح.
وقدر عدد العبيد الذين تم جمعهم بـ12 ألفا، إضافة إلى ألفي عبد آخرين كان المولى إسماعيل قد عاد بهم من حملته على شنقيط عام 1678.
تزايد هذا العدد طوال عهد السلطان مولاي إسماعيل إما عن طريق تجنيد السود الذين كانت تأتي بهم القوافل بانتظام من الدول الأفريقية، أو بجمع كل العبيد الذين كانوا لا يزالون إما في ملكية بعض العائلات، أو متفرقين على القبائل، إذ أصبح من المحظور على أي كان أن يتملك عبدا، وجعل السلطان العبيد الذين جمعوا في مشروع الرملة أداة للإنجاب، إذ كان يزوجهم من الإماء قبل أن يرسلهم إلى معسكر الجيش.
وأثار إرغام سود البشرة الأحرار أو من كان يطلق عليهم في تلك الفترة "الحراطين" على الجندية جدلا في أوساط العلماء، وقيل إن لفظة "الحرطاني" هي تركيب مزجي بين "حر" وثان" وحرفت إلى "حرطان" ثم "حرطاني" وجمعها "حراطين".
إعلانوبينما أباح فريق من العلماء مسألة تمليك "الحراطين" بدعوى مصلحة الجماعة، رفض فريق آخر منح الشرعية للسلطان فيها لعدم وجود مبرر ديني لاسترقاق الأحرار، وتزعم هذا الفريق الفقيه عبد السلام بن حمدون جسوس، وقد أدت هذه المعارضة إلى خروج عدد من سكان فاس للاحتجاج واتجهوا صوب قصر السلطان في مدينة مكناس (وسط المغرب).
وكان رأي هذا الفقيه أنه لم يجد أي مبرر شرعي -لا في الكتاب ولا في السنة ولا في آراء كبار الأئمة والفقهاء- يبيح للسلطان تمليك الناس.
وجر هذا الموقف المعارض على الفقيه غضب السلطان، فحبسه إلى أن توفي مخنوقا بباب سجن القلعة في فاس عام 1120 هجرية بعد أن تعرض لتعذيب شديد.
سبب التسميةيقول المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى" إن سبب تسمية هذا الجيش بعبيد البخاري، أن المولى إسماعيل عندما شكل الجيش جمع أعيان البلاد، وأحضر نسخة من صحيح البخاري، وخاطب الجنود قائلا "أنا وأنتم عبيد لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعه المجموع في هذا الكتاب، فكل ما أمر به نفعله، وكل ما نهى عنه نتركه وعليه نقاتل"، فعاهدوه على ذلك، وأمر بالاحتفاظ بتلك النسخة من الكتاب، وأن يحملوها في كل خرجاتهم ويقدموها في حروبهم.