عطوان للقمة العربية: الاولوية ليست الاعمار!
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
نشرح أكثر ونقول، إنّ الإهانة الإسرائيليّة المُتعمّدة لهذه القمّة وكُل المُشاركين فيها، أو المُقاطعين لها، تمثّلت في شن حرب تجويع على القطاع بوقف دخول المُساعدات الإنسانيّة قبل انعِقادها بيومين، وبدء شهر رمضان المُبارك في تعمّدٍ مقصودٍ يُؤكّد مدى استهانة هذا العدو وداعمه الأمريكي بالعرب، واحتِقاره لهم، وضمان عدم إقدامهم على أيّ رد، فقد خَبِرَهُم جيّدًا.
التّقارير الأوليّة القادمة من القطاع تُؤكّد تصاعد القلق والخوف في أوساط مِليونين من أبناء القطاع من الموت جُوعًا، حيث أغلقت دولة الاحتلال جميع المعابر في وجه شاحنات المُساعدات، وارتفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 200 بالمئة في مُعظم الحالات، إنّه سلاح التّجويع حتّى الشّهادة، وأمام سمع “الزّعماء” العرب وبَصَرِهِم، وموائدهم العامرة، لا أعرف كيف يُقيمون هذه المآدب وإخوانهم الصّائمين على بُعد عدّة كيلومترات منهم في قطاع غزة لا يجدون رغيف الخُبز ولا التّمر ولا الماء لكسْرِ صِيامهم.
***
دولة الاحتلال تستخدم هذا السّلاح في تَحَدٍّ مُباشر للزّعماء العرب المُشاركين في هذه القمّة، بهدف استِفزازهم وابتِزازهم، وإجبارهم على مُمارسة الضّغوط على حركات المُقاومة الإسلاميّة في القطاع بزعامة “حماس” للرّضوخ للشّروط الإسرائيليّة بتمديد المرحلة الأولى من اتّفاق وقف إطلاق النّار، والتهرّب من كُلّ البُنود التي تنصّ على الانسِحاب الكامل والوقف الشّامل لإطلاق النّار (الضّغوط على حماس بدأت وفي تصاعدٍ قبل القمّة وبعدها).
إذا لم تتّخذ هذه القمّة والقادة المُشاركون فيها إجراءات عمليّة للتصدّي لهذه الغطرسة الإسرائيليّة والدّعم الأمريكي لها، فإنّ هذه وصمة عار سيدفعون ثمنًا باهظًا وستُشجّع بنيامين نتنياهو على المُضي قدمًا في حرب الإبادة والتّجويع التي يُنفّذها مُنذ ما يَقرُب من عامٍ ونصف العام في القِطاع المُحتل.
لا يُخامرنا أدنى شك في أنّ جميع القادة المُشاركين في هذه القمّة لن يُطلقوا رصاصةً واحدةً دفاعًا عن مِليونيّ عربي مُسلم مِن المُفترض أنّهم أشقّاؤهم، وأبناء عقيدتهم، ونحنُ ومِئات الملايين مثلنا، يئسوا من المُطالبة بهذا الطّلب المشروع والأخلاقي لأنّ مُعظم من سيُوجّه إليهم باتُوا في حالِ مواتٍ سريريّ، ولا يملكون الحدّ الأدنى من الشّهامة والكرامة والمسؤوليّة الوطنيّة والأخلاقيّة، وإذا سمعوا كلمة المُقاومة وغزة يسقطون مَغشيًّا عليهم.
مُعارضة التّهجير لأبناء القطاع خطوةٌ جيّدة لكنّها ليست بُطولة، ولا تأتي دِفاعًا عن أبناء القطاع فقط، فالغالبيّة السّاحقة من “الكفّار” الأوروبيين وغير الأوروبيين عارضوا هذا التّهجير وأدانوه، ولكنّهم يُدافعون عن أنفسهم وأمنهم القوميّ أوّلًا، إذا ما تصدّوا لهذا المشروع، الذي سيبدأ في غزة، ويمتد إلى مِصر والأردن والمملكة العربيّة السعوديّة، وكُلّ الدّول المُرشّحة باستِضافة المُهَجّرين مِثل المغرب وليبيا وسورية والعِراق، فنتنياهو لا يُعارض إقامة الدّولة الفِلسطينيّة المُستقلّة، بل يُؤيّد قيامها بقوّة، ولكن في الجزيرة العربيّة، ها نحنُ نُشاهد ذراعه الطّويلة تضرب في شمال سورية، وتحتلّ ضِعفَيّ مساحة القطاع في جنوبها، وتحتل شريطًا طويلًا وعريضًا من لبنان والقادم أعظم.
إذا لم تتّخذ هذه القمّة قرارات عمليّة يتم تطبيقها فورًا، أوّلها التصدّي لحربيّ الإبادة والتّجويع، وثانيها وقف كُل “الوساطات” التي تُوفّر الغِطاء للعُدوان الإسرائيلي ومجازره في الضفّة وغزة وجنوب لبنان، وثالثه طرد سُفراء العدو، وقطع العلاقات كُلِّيًّا مع “تل أبيب”، أُسوةً بجنوب إفريقيا ودول أمريكا اللاتينيّة كحدٍّ أدنى، فإنّها ستدخل والمُشاركون فيها التّاريخ من أوسعِ بوّابات العارِ والخِيانة.
***
ربّما تتراجع فصائل المُقاومة إلى الوراء قليلًا، وتقبل الجُلوس في المقاعد الخلفيّة مُؤقتًا حِرصًا على حقن دماء أبناء القطاع، والتّنازل عن الحُكم، والمقصود هُنا حركة “حماس” التي لم تستبعد هذا الخِيار مُطلقًا، ولكنّها يجب أن لا تُسلم سِلاحها مهما كانت الضّغوط العربيّة والأمريكيّة، وطبعًا الإسرائيليّة، فلا يُوجد في التّاريخ سطرًا واحدًا يقول إن هُناك حركة مُقاومة تخلّت عن سلاحها إلّا منظّمة التحرير الفِلسطينية للأسف ودون مُقابل، نقولها وبكُلّ مرارة، والأخطر من ذلك أنّها وظّفت هذا السّلاح في خدمة حماية الاحتلال ومُجرميه، ولهذا وبعد أدائها “النّاجح” إسرائيليًّا في الضفّة قد تتسلّم الحُكم في القطاع، ولكنّ حُكمها قد لا يطول، هذه إذا حكمت والذّكي لا يُلدغ من الجُحر مرّتين، واسألوا أهل القطاع، ولا نعتقد أنّ حركات المُقاومة في الضفّة والقطاع ستقع في هذه المِصيدة التي يسعى إلى نصبها الاحتلال بدعمٍ من أمريكا ومُساعدة حُكومات عربيّة ونأمل أن يُثبت المُشاركون في القمّة أنّنا، وعشرات الملايين مِثلنا، على خطأ وسنكونُ لكُم من الشّاكرين.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: الإسرائیلی ة هذه القم ة الم قاومة م قاومة
إقرأ أيضاً:
إيران اليوم ليست كما كانت
30 أبريل، 2025
بغداد/المسلة:
وليد الطائي
في عالم تحكمه موازين القوى لا المبادئ، تتجلى المفاوضات الأمريكية الإيرانية كصورة حيّة للصراع بين مشروعين: مشروع الهيمنة الغربية، ومشروع الاستقلال والسيادة الذي تمثله الجمهورية الإسلامية في إيران.
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، بدا واضحًا أن واشنطن لا تبحث عن حلول دبلوماسية حقيقية، بل تسعى لفرض شروطها عبر سياسة “الضغط الأقصى”، ظنًا منها أن الحصار الاقتصادي سيُجبر إيران على الركوع. لكن الجمهورية الإسلامية، بقيادتها الحكيمة وموقفها الشعبي الصلب، أثبتت أن الكرامة الوطنية لا تُشترى، وأن السيادة لا تُفاوض عليها.
إيران… ثبات في الموقف لا يُكسر
إيران لم ترفض التفاوض كمبدأ، بل رفضت أن تكون المفاوضات غطاءً للابتزاز. دخلت طاولة الحوار من موقع القوي، لا الخاضع، وأكدت مرارًا أن أي اتفاق لا يضمن مصالح الشعب الإيراني ويرفع العقوبات الجائرة بشكل فعلي ومضمون، فهو مرفوض.
لم تكن إيران يومًا الطرف المتعنت، بل الطرف الذي يلتزم بالاتفاقات، كما أثبتت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرارًا. أما الطرف الذي نكث عهده وخرق القانون الدولي، فهو الولايات المتحدة، التي انسحبت من الاتفاق دون أي مبرر قانوني، متجاهلة كل التزاماتها الدولية.
أمريكا… سياسة ازدواجية في الرداء الدبلوماسي
تتناقض الولايات المتحدة في مواقفها: تفاوض من جهة، وتفرض عقوبات وتصعّد في المنطقة من جهة أخرى. تحاول واشنطن استخدام أدوات الحرب النفسية والإعلامية والمالية لإجبار إيران على تقديم تنازلات. لكن هذه الأساليب فشلت أمام “الصبر الاستراتيجي” الإيراني، الذي لم يكن خنوعًا، بل حسابًا دقيقًا للردع، والقدرة، والتوقيت المناسب.
المعادلة تغيّرت… وإيران لاعب إقليمي لا يُتجاوز
إيران اليوم ليست كما كانت قبل عشرين عامًا. أصبحت قوة إقليمية ذات نفوذ سياسي وأمني، وصاحبة حلفاء استراتيجيين في محور المقاومة من لبنان إلى اليمن. هذا العمق الجيوسياسي جعل من طهران رقماً صعبًا في أي معادلة تخص المنطقة، وجعل من واشنطن مجبرة على التفاوض، لا منّة منها بل اعترافًا بواقع جديد.
مفاوضات على قاعدة الندّية لا التبعية
إن الدعم لإيران اليوم، هو دعم لمشروع السيادة في وجه الغطرسة، ودعم لحق الشعوب في امتلاك قرارها ومقدّراتها. فكما رفضت إيران أن تتحول إلى دولة وظيفية خاضعة، أثبتت أن الكرامة قد تُحاصر، لكنها لا تُهزم.
المفاوضات ستستمر، لكن من موقع قوة متكافئة، لأن إيران أثبتت أن من يملك الإرادة… لا يساوم على كرامته.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts