أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلًا جديدًا سلَّط من خلاله الضوء على حالة ووضع سوق العمل العالمية في الوقت الراهن وما يصاحبها من أزمات أو تغييرات جوهرية، واتجاهات وآفاق التشغيل على المستوى المحلي، وأبرز الجهود الحكومية في هذا المجال، وصولًا إلى استعراض أبرز الوظائف المستقبلية.

وأوضح المركز أن التحولات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم انعكست على التشغيل؛ حيث أدى التقدم التكنولوجي والعملي إلى إعادة تشكيل أسواق العمل على المستوى العالمي بأسره؛ مما يثير التساؤلات حول اتجاهات التشغيل ووظائف المستقبل، خاصة أن تزايد الاعتماد على التكنولوجيا والتقنيات الجديدة يؤدي إلى تغيرات هيكلية في سوق العمل، عبر إزاحة وظائف وإيجاد وظائف جديدة، وتشترك جميع وظائف المستقبل في شيء رئيسي، وهي أنها متأثرة بالطفرة التكنولوجية المستمرة التي نشهدها، إذ ستقوم هذه الطفرة التكنولوجية بإعادة تهيئة كل أسواق العمل على هذا الكوكب، وهو ما يطرح تساؤلًا مهمًّا حول أكثر وظائف المستقبل طلبًا في سوق العمل.

وأشار المركز إلى أن الأزمات التي شهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية ألقت بظلالها على سوق العمل العالمية من حيث مستويات التوظيف ومعدلات البطالة، وكذلك أيضًا اتجاهات العمل وأنماطه ومستقبله، فقد أشارت منظمة العمل الدولية في تقريرها عن اتجاهات التشغيل والآفاق الاجتماعية لعام 2023 والذي صدر في يناير 2023، إلى تدهور الآفاق العالمية لأسواق العمل بشكل كبير خلال عام 2022؛ وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية الناشئة، والأزمة الروسية الأوكرانية، والانتعاش غير المتكافئ من جائحة فيروس كورونا، والاختناقات المستمرة في سلاسل التوريد، وتلك العوامل مجتمعة هيَّأت الظروف لحدوث ركود تضخمي (تضخم مرتفع ونمو منخفض في الوقت نفسه)، وذلك للمرة الأولى منذ السبعينيات.

وكان لجائحة فيروس كورونا تداعيات سلبية كبيرة على سوق العمل العالمية؛ حيث دفعت الجائحة 81 مليون شخص لترك العمل في جميع أنحاء العالم خلال عام 2020، كما أدت أيضًا إلى تراجع متوسط ساعات العمل للعاملين بأجر بنحو 8.8% في عام 2020 مقارنة بالربع الرابع من عام 2019، أي ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، وهذا المعدل يُعدّ أعلى بمقدار أربعة أمثال ما كان عليه الوضع خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

بالإضافة إلى ذلك، فقد ارتفع معدل البطالة العالمي عام 2020 ليصل إلى 6.5%، مرتفعًا بنحو 1.1 نقطة مئوية مقارنة بعام 2019، وسجَّلت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا وأمريكا الشمالية زيادات في معدل البطالة بما لا يقل عن نقطتين مئويتين. وعليه فقد كان للجائحة تأثير كبير على سوق العمل العالمية؛ حيث أدت إلى تغيرات في اتجاهات وأنماط العمل.

وبحسب مسح أجرته شركة جارتنر المختصة بإجراء الدراسات والاستطلاعات لمساعدة أصحاب الأعمال حول العالم لإيجاد أفضل البدائل والحلول، فقد وجد أن  48% من الموظفين يرغبون في العمل من المنزل على الأقل جزءًا من الوقت بعد انتهاء الجائحة، مقارنة بنحو 30% قبل حدوث الجائحة، وتنوي 32% من المنظمات الدولية تغيير العمل بدوام كامل إلى عمل مؤقت أو لمهمة محددة؛ توفيرًا للنفقات، ويعتمد 16% من المديرين وأصحاب العمل بشكل أكبر على الوسائل التكنولوجية في متابعة الموظفين، ووفقًا لمسح أجرته منظمة العمل الدولية شمل 118 دولة تمثل 86% من إجمالي القوى العاملة في العالم، فإن 7.9% من القوى العاملة في العالم تعمل من المنزل بشكل دائم.

ولم يلبث العالم أن يتعافى من الجائحة حتى جاءت الأزمة الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022 وما زالت مستمرة ولا توجد نهاية لها حتى الآن تلوح في الأفق، وكان لتلك الأزمة هي الأخرى تداعياتها على سوق العمل العالمية؛ حيث بلغت فجوة التوظيف عام 2022 نحو 473 مليونًا بزيادة مقدارها 33 مليونًا عن مستوى عام 2019، مع وصول عدد العاطلين عن العمل في العالم إلى 205 ملايين (معدل بطالة عالمي يبلغ 5.8%)، وهو ما جعل البطالة العالمية أعلى بمقدار 16 مليون عاطل، مقارنة بمستويات عام 2019، وقد كانت هذه الفجوة واضحة بشدة في البلدان منخفضة الدخل، وبين الإناث مقارنة بالذكور.

أما على صعيد اتجاهات التشغيل، فهناك تسعة اتجاهات سوف تسود خلال عام 2023 بحسب شركة جارتنر وهي:
- تزايُد التوجهات نحو تبني نظام العمل الهجين (المكتبي – عن بُعد).
- تزايُد الضغوط على المديرين بسبب الضغوط المزدوجة للعمل عن بُعد وتطور احتياجات الموظفين.
- تزايُد أعداد الأشخاص الذين يتقدمون لوظائف خارج مجال خبرتهم.
- تزايُد اهتمام المؤسسات بتحقيق المساواة والتنوع والشمول في أماكن العمل.
- المخاوف المرتبطة بخصوصية البيانات في ظل التوسع في استخدام التكنولوجيا.
- استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في عمليات التوظيف يواجه تحديات تنظيمية.
- إيجاد طرق جديدة عبر التوظيف الهادئ لاقتناص المواهب المطلوبة.
- تآكل المهارات الاجتماعية لدى الجيل (Z) كشف الفجوة في المهارات بين الأجيال.
- تزايُد الاهتمام بالصحة النفسية للعاملين.

وبالنظر إلى التوقعات خلال عامي 2023 و2024، فمن المتوقع أن يستمر عدد المشتغلين على مستوى العالم في التزايُد، بعد الانخفاض الحاد في عام 2020 نتيجة الجائحة، ومع ذلك فإن نسبة المشتغلين إلى إجمالي عدد السكان سوف تظل حتى عام 2024 أقل من مستويات ما قبل الجائحة والبالغة 56.9%، وبالحديث أيضًا عن متوسط إنتاجية العامل خلال عامي 2023 و2024، فإنه رغم زيادة متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية للعاملين بأجر ليصل إلى 41.4 ساعة عام 2022، فإنه أقل من مستوى ما قبل الجائحة البالغ 42 ساعة، وسوف يظل أيضًا دون هذا المستوى في عامي 2023 و2024. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: معلومات الوزراء سوق العمل التشغيل فرصة عمل خلال عام فی عام عام 2020 عام 2019

إقرأ أيضاً:

خلال جلسة استثنائية.. مجلس الوزراء يناقش توجهات وملامح الوظيفة العامة

دمشق-سانا

في سياق البرامج والمشروعات الحكومية لتطوير الوظيفة العامة، ناقش مجلس الوزراء خلال جلسة استثنائية اليوم برئاسة المهندس حسين عرنوس توجهات وملامح الوظيفة العامة في سورية للمرحلة المقبلة، وأجرى مراجعة وافية للبرنامج التنفيذي المقترح لإعداد مشروع قانون الخدمة العامة الجديد، مع الأخذ بكل الملاحظات والآراء التي تكفل الخروج بنظام متطور للخدمة العامة يراعي خصوصية وطبيعة عمل كل جهة عامة، وفق ضوابط ومعايير واضحة وشفافة تضمن  كفاءة وعدالة التوظيف، وبما يلبي طموحات الطبقة العاملة من مختلف النواحي، ويعزز دور القطاع العام، ويعكس رؤية الدولة المستقبلية للوظيفة العامة.

ودرس المجلس التوصيات التي رشحت عن الملتقى الحواري الموسع لقانون الخدمة العامة، والتي تشمل تعريف القانون وهوية الوظيفة العامة وتطبيق نظام العمل المختلط وفق معايير وضوابط تستند إلى نوع مركز العمل والكفاءة وإعطاء المرونة للجهات العامة لتحديد حاجتها من العمالة وفق النظام المفتوح أو المغلق بما يتناسب مع طبيعة عملها.

وأكد المجلس على دور القطاع العام وأهميته في الاقتصاد الوطني واستمراريته، ما يتطلب العمل بكل حرص على تطويره وتعزيز مكانته وضرورة الانطلاق عند التفكير بوضع تشريع للوظيفة العامة من تصور موضوعي وواقعي يستند إلى رؤية القطاع العام، كما يجب أن يكون، وهو معافى وبأحسن حالاته، وليس وفق وضعه الراهن في أصعب لحظات الأزمة وأقساها، والانطلاق من حجم القطاع العام ودوره الذي يستطيع فيه أن يكون منتجاً ورابحاً وتنافسياً ويؤدي دوره الاجتماعي بكل كفاءة وعدالة، وفتح آفاق أوسع أمامه، ليكون إلى جانب القطاع الخاص الوطني شريكاً فاعلاً في إدارة وتحقيق التنمية المتوازنة والشاملة والمستدامة.

وبيّنت النقاشات خلال الجلسة أن مشروع قانون الوظيفة العامة المتطور يجب أن يكون في خدمة القطاع العام، ومن الضروري وضع ضوابط ومعايير محددة ودقيقة للوظيفة العامة، وكذلك منظومة ترقية ورتب ورواتب، وتوصيف وظيفي، ومعايير ناظمة للسلوك الوظيفي الأنسب والأسلم، ما يتيح للقطاع العام الفرصة لأداء دوره بكل كفاءة وشفافية وعدالة وقوة وتنافسية، باعتبار أن ما يحدد حجم القطاع العام هو دوره بناء على دراسات السوق والجدوى الاقتصادية والتكاملية والتنافسية مع القطاع الخاص الوطني ومن وجهة نظر كلية.

وتمت الإشارة إلى أن أهم ما يعاني منه قانون الوظيفة العامة الحالي كونه يشكل قاعدة واحدة لكل القطاعات والوظائف الحكومية، ومن الضروري جداً إجراء دراسات دقيقة للمشروع المطروح بما يلبي متطلبات جميع القطاعات العامة ومراعاة خصوصيتها، كما تم التطرق إلى موضوع تحديد الحد الأدنى للرواتب، وضرورة مراجعته لتلبية متطلبات مستوى المعيشة، وربطه مع الموارد المالية للدولة، وبالإنتاجية، وكذلك مع نظام الحوافز.

وأكد المهندس عرنوس أن مشروع الوظيفة العامة وتحديد المراتب الوظيفية من أهم المشاريع والقضايا التي ترسم مستقبل العمل العام في سورية، موضحاً أن القطاع العام عنوان أساسي للعمل وأثبت وجوده خلال سنوات الحرب والحصار، ما يتطلب تعزيزه ليكون منافساً، ويحقق جدوى اقتصادية وتهيئة الظروف المناسبة ليكون نشطاً ومتميزاً في مختلف المجالات.

وشدد رئيس مجلس الوزراء على ضرورة المضي بتطوير قانون الخدمة العامة كحزمة واحدة ووفق مسار واضح لكل المشاريع التشريعية والقرارات والإجراءات، لافتاً إلى أهمية التنسيق بين الجهات المعنية فيما يخص توجهات المرحلة المقبلة، وبما يخدم عملية تطوير الوظيفة العامة.

وناقش المجلس بشكل موسع المحاور المتعلقة بمستقبل الوظيفة العامة وفي مقدمتها تحديد هوية الوظيفة العامة ونظام المراتب الوظيفية والهياكل الوظيفية للجهات العامة وقواعد التوصيف الوظيفي والأنظمة الداخلية والقواعد التأسيسية لنظام إدارة الموارد البشرية ونظام التقييم وقواعده الأساسية.

ونتيجة النقاشات تم إقرار المفاهيم والأسس التي يُبنى عليها قانون ومراتب الوظيفة العامة.

مقالات مشابهة

  • «معلومات الوزراء»: ارتفاع الصادرات غير البترولية إلى 9.7 مليارات دولار خلال 3 أشهر
  • «معلومات الوزراء»: توزيع 2.5 مليون سلة غذاء و1000 طن لحوم خلال عام
  • معلومات الوزراء: ارتفاع قيمة الصادرات غير البترولية إلى 9.7 مليارات دولار
  • مركزي عدن يصدر تعميماً جديداً إلى كافة البنوك والمصارف اليمنية
  • الفدرالي الأميركي: التضخم يتراجع وسوق العمل يشبه ظروف ما قبل الجائحة
  • فيدان: على العالم التركي منع وصول تنافس القوى العالمية إلى منطقته
  • خلال جلسة استثنائية.. مجلس الوزراء يناقش توجهات وملامح الوظيفة العامة
  • جامعة كفر الشيخ تتقدم في تصنيف «ليدن» الهولندي.. اعرف التفاصيل
  • «معلومات الوزراء»: 36.4% زيادة في مبيعات الأسمنت محليًا خلال مايو الماضي
  • «معلومات الوزراء»: 36.4% زيادة في مبيعات الأسمنت محليا خلال مايو الماضي