تونس- في أجواء سياسية مشحونة بالتوتر والترقب، انطلقت اليوم الثلاثاء في تونس أولى جلسات محاكمة نحو 40 معارضا سياسيا من مختلف التيارات، كانت السلطة الحالية قد وجهت لهم تهمة التآمر على أمن الدولة، وهي تهمة خطيرة تصل عقوبتها للإعدام أو السجن المؤبد.

وفي صباح اليوم، مثُل عدد من المعارضين للرئيس قيس سعيد أمام المحكمة الابتدائية بتونس في حالة سراح في قضية ما أضحى يعرف بـ"التآمر على أمن الدولة"، بينما رفض غالبية المساجين السياسيين المشاركة في المحاكمة التي قرر القضاء إجراءها عن بعد، بدعوى وجود مخاطر أمنية.

 

ومن بين السياسيين المتهمين الذين حضروا الجلسة حضوريا في حالة سراح، كان زعيم جبهة الخلاص المعارضة نجيب الشابي، والناشطة السياسية شيماء عيسى، والناشط السياسي والمحامي لزهر العكرمي، بالإضافة إلى القيادي في حركة النهضة رياض الشعيبي.

وفي الأثناء، تجمع أنصار المعارضة قبالة المحكمة الابتدائية بتونس، رافعين صور المعتقلين السياسيين وأعلام تونس، هاتفين بشعارات تدين المساس بالمحاكمة العلنية وتستنكر تدخل نظام الرئيس سعيد في القضاء، ومطالبين بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.

 

https://www.youtube.com/watch?v=Afeo4BBcshw

إعلان أجواء ساخنة

لم يكن دخول الصحفيين إلى قاعة الجلسة سهلا منذ البداية فقد طلب أعوان الأمن تراخيص مسبقة من وزارة العدل، بينما تمسك المحامون بحق الإعلام في حضور الجلسة. وبعد ذلك، تمكن الصحفيون من الدخول لقاعة الجلسة دون إدخال آلات التصوير الخاصة بهم.

وفي تعليقها على مواكبة وسائل الإعلام لهذه المحاكمة، نشرت نقابة الصحفيين التونسيين اليوم الثلاثاء بيانا أكدت فيه أن العمل الصحفي داخل قاعات المحاكم لا يتطلب ترخيصا مسبقا من وزارة العدل وأن الترخيص يشمل فقط التصوير والتسجيل داخل القاعة.

وفيما يخص قضية "التآمر على أمن الدولة" التي جوبهت في البداية بالتعتيم أوضحت النقابة أن القضية تشهد اهتماما وطنيا ودوليا، مبينة أن القضية أثارت موجة من الجدل والتشكيك في استقلالية القضاء، خاصة أن أغلب المتهمين هم معارضون لسياسات النظام الحالي.

وشهدت قاعة الجلسة اكتظاظا كبيرا بالمحامين وأهالي المعتقلين والحقوقيين والنشطاء السياسيين والصحفيين، وسادت حالة من الصخب في القاعة بسبب هتافات المحامين والنشطاء بجلب المعتقلين لمحاكمتهم حضوريا بجلسة علنية وإلغاء المحاكمة عن بعد.

 

وتراوحت المداخلات بداية الجلسة بين لسان الدفاع والمتهمين الذين حضروا المحاكمة في حالة سراح، وقد عبر المحامون عن رفضهم القاطع لإجراء المحاكمة "عن بعد" بالنسبة للمساجين المعتقلين، مؤكدين أن غياب شرط العلنية يعد انتهاكا لأبسط مبادئ المحاكمة العادلة.

ومع انطلاق هذه المحاكمة التاريخية بعد عامين من اعتقال عشرات المعارضين بتهمة التآمر، تتجه الأنظار المحلية والدولية نحو القضاء التونسي، وسط تساؤلات حول مصير المتهمين ومدى توفر شروط المحاكمة العادلة في ظل اتهامات المعارضة للرئيس سعيد بالتدخل في القضاء.

وضمن المتهمين في القضية شخصيات بارزة من مختلف التيارات السياسية، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، والقيادي بجبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك وغيرهم.

إعلان

وقد وجهت السلطات التونسية لهم تهما خطيرة تصل عقوبتها إلى الإعدام أو المؤبد، وتتعلق بالتآمر على أمن الدولة، والتخابر مع جهات داخلية وخارجية، وتكوين "مجموعة إرهابية". وكان الرئيس التونسي قيس سعيد سبق أن صرح في شأنهم "أن من يبرئهم فهو شريك لهم".

زعيم جبهة الخلاص الوطني المعارضة نجيب الشابي وصف قضية السياسيين في تونس بالجائرة (الجزيرة) محاكمة جائرة

وفي تصريحاته حول المحاكمة، وصف زعيم جبهة الخلاص نجيب الشابي القضية بأنها "جائرة ومفبركة"، مشيرا إلى أن التهم الموجهة للمعتقلين تفتقر إلى أي دليل مادي.

وأضاف الشابي للجزيرة نت أن الهدف من هذه المحاكمة هو تصفية المعارضة السياسية وإشاعة الخوف داخل المجتمع من خلال توظيف قانون الإرهاب والمجلة الجزائية لفرض أحكام مشددة دون مبررات قانونية واضحة، على حد تعبيره.

واعتبر أن اتهام شخصيات معروفة بطابعها المدني السلمي وتاريخها النضالي بالإرهاب والتآمر "انحراف بالقانون"، مؤكدا أن "القانون لا يجيز توجيه مثل هذه التهم إلا بوجود أدلة على ارتكاب جرائم خطيرة كالاغتيالات أو الهجمات الإرهابية، وهو ما يفتقده ملف القضية تماما".

 

المحامية دليلة بن مبارك مصدق من المحكمة الابتدائية بتونس تعتبر أن قضية  السياسيين ملفقة (الجزيرة)

من جانبها، أكدت المحامية دليلة بن مبارك مصدق للجزيرة نت أن قضية التآمر ليست سوى واحدة من عشرات الملفات الملفقة التي اختلقتها سلطة 25 يوليو/تموز لتبرير حملتها ضد المعارضين.

وأوضحت أن قضية بهذا الحجم تتحدث عن مؤامرة داخلية وخارجية ضد الدولة التونسية من قبل عشرات المعارضين للرئيس سعيد، كان يفترض أن تكون مبنية على عمل أمني واستخباراتي واستعلاماتي، لكنها في واقع الأمر ارتكزت على "وشايات مخبرين اثنين أحدهما في السجن"، بينما لم يتضمن الملف سوى ورقة أمنية يتيمة تحتوي على سطر ونصف السطر مفادها أن الأمن بلغ إلى علمه أن هناك مؤامرة تحاك ضد الشعب التونسي.

إعلان

وأضافت للجزيرة نت أن السلطة الحالية في محاولة لإخفاء زيف هذه الادعاءات فرضت تعتيما إعلاميا صارما، ومنعت أي حديث عن تفاصيل القضية.

واعتبرت المحامية أن قرار المحكمة بإجراء المحاكمة عن بعد محاولة لعزل المتهمين عن الرأي العام وتقييد قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم.

بدء جلسات المحاكمة في قضية "التآمر على أمن الدولة" في #تونس دون حضور المعتقلين، وتنسيقية عائلاتهم وجمعيات حقوقية تنظم احتجاجا على عقد المحاكمة عن بعد.. مدير مكتب #الجزيرة لطفي حجي يُفيدنا بالتفاصيل#الأخبار pic.twitter.com/V2XBeQCSDB

— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 4, 2025

تدخل في القضاء

وترى دليلة بن مبارك مصدق أن هذه المحاكمة "جائرة من أجل تصفية المعارضين"، مؤكدة أن ملف الإدانة خال من أي أدلة وأن السلطة تدخّلت بشكل سافر في القضاء لاستخدامه كأداة للانتقام السياسي.

وتقول المعارضة التونسية إن القضاة يتعرضون لضغوط هائلة لإصدار أحكام قاسية بحق المعتقلين السياسيين، في محاكمات تفتقر لأبسط معايير العدالة، متهمين الرئيس سعيد بمواصلة التفرد بالحكم وإحكام قبضته على مفاصل الدولة لتكميم أي صوت معارض.

وفي ردها قبل أيام على بيان مفوضية حقوق الإنسان الذي طالبت فيه السلطات التونسية بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، نفت وزارة الخارجية وجود "مساجين رأي" أو "مساجين سياسيين"، مؤكدة أن الموقوفين متهمون بجرائم حق عام. وشددت الوزارة على احترام الدولة التونسية لمبادئ حقوق الإنسان والحرية.

ومع انطلاق الجلسة الأولى، يبقى التساؤل الأهم: هل ستشكل هذه المحاكمة منعطفا جديدا يعمق الأزمة السياسية في البلاد، أم ستساهم في إعادة تشكيل المشهد السياسي على أسس وقواعد مغايرة؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان التآمر على أمن الدولة المعتقلین السیاسیین هذه المحاکمة فی القضاء بن مبارک عن بعد

إقرأ أيضاً:

اليوم.. محاكمة متهم فى قضية إخوان منوف

تنظر الدائرة الأولى إرهاب المنعقدة بمجمع محاكم وادي النطرون اليوم السبت، برئاسة المستشار سامح عبد الحكم رئيس المحكمة وعضوية المستشار عبد الرحمن صفوت الحسيني والمستشار ياسر عكاشة المتناوي والمستشار محمد رزق مرعي والمستشار وائل محمد مكرم  وأمانة سر أشرف حسن، لنظر محاكمة أحد المتهمين بقضية "إخوان منوف"، والتي تشمل 12 متهما آخرين.

وفقا لأمر الإحالة الاتهامات المنسوبة للمتهمين:

1- الانضمام لجماعة أسست علي خلاف أحكام القانون جماعة الإخوان الإرهابية غرضها الدعوه إلي تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطاتها العامة من ممارسة اعمالها والاعتداء علي الحريات الشخصية والحقوق العامه للمواطنين التى كفلها الدستور والقانون والاضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمهم باغراضها وكان الارهاب وسيلتها لتحقيق تلك الاغراض مع علمهم بذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

2ـ تنظيم تظاهرة بمدخل قرية طملاي بمركز منوف دون إخطار كتابي بذلك وفقا للأوضاع المقرره قانونا وترتب عليه الإخلال بالأمن والنظام العام وتعطيل مصالح المواطنين وايذائهم وتعريضهم للخطر والحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم واعمالهم وقطع الطريق والمواصلات وتعطيل حركة المرور وتعريضه للخطر حال حملهم لاسلحه ناريه وذخائر فرد خرطوش، أربعة طلقات وأدوات مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص.

3ـ الاشتراك فى تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام فى خطر وكان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الاشخاص والاعتداء على الممتلكات العامه وتعطيل تنفيذ القوانين واللوائح والتاثير علي رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم حال حمل بعضهم أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وأسلحه نارية.

4- حيازة وإحراز بغير ترخيص أسلحه نارية غير مششخنة.

5- حيازة وإحراز ذخائر 4 طلقات مما تستعمل علي الأسلحة النارية سالفة الذكر.

6- حيازة وإحراز بالذات وبالواسطة محررات ومطبوعات معده للتوزيع واطلاع الغير عليها تتضمن ترويجا لأغراض الجماعة المشار إليها سلفا والتي تستخدم الإرهاب لتحقيق الأغراض التى تدعو إليها.

7-الجهر بالصياح بقصد اثارة الفتن على النحو المبين بالتحقيقات.

8- الاعتداء بالضرب عمدا على المجني عليهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي أعجزتهم عن أشغالهم الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوما، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

9ـ استعراض القوة والتلويح بالعنف ضد المواطنين وكان ذلك بقصد ترويعهم وتخويفهم بإلحاق الأذى المادى والمعنوى بهم و الإضرار بممتلكاتهم والتاثير في ارادتهم وبقصد تعطيل تنفيذ القوانين وتكدير السلم والسكينه العامه حال كون بعضهم حاملين لأدوات مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص.

10- إحراز وحيازة أدوات (عصا _ شماريخ ) مما تستخدم في الاعتداء علي الاشخاص والمستخدمه في الجرائم موضوع الاتهامات السابقة .







مشاركة

مقالات مشابهة

  • قيادي بالنهضة: تونس تشهد تراجعات خطيرة وعشرات المعارضين يخضعون للاعتقال التعسفي
  • تأجيل محاكمة 17 متهمًا في قضية خلية العجوزة الثانية
  • اليوم.. محاكمة 17 متهما في قضية "خلية العجوزة الثانية"
  • نظر محاكمة 58 متهما اليوم فى قضية خلية العمرانية
  • اليوم.. محاكمة متهم فى قضية إخوان منوف
  • مظاهرة بتونس تطالب برحيل سعيد والإفراج عن محام
  • المجلس الأعلى للسلطة القضائية يستعرض ضمانات المحاكمة العادلة
  • ماذا يكون بعد أن حكم القضاء في تونس؟
  • قلق ألماني من الأحكام في قضية التآمر على أمن الدولة في تونس
  • فرنسا تنتقد عدم احترام معايير المحاكمة العادلة في قضية التآمر بتونس