لجريدة عمان:
2025-04-07@06:00:15 GMT

هل هناك تحديات في تعزيز جودة التعليم المدرسي؟

تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT

هناك مجموعة كبيرة من العلماء الذين لهم بصمات ملموسة في مجال إدارة الجودة ولعل أبرزهم الذين أثروا بمفاهيمهم الإبداعية والعلمية حول الجودة هو(Edward Deeming) . تلك المفاهيم التي تم إيجازها في أربع عشرة نقطة التي منها: التحسين المستمر لمسار عمليات الخدمات المقدمة، وبناء القيادات والكفاءات بالمؤسسة، وتصميم برامج للتعليم المستمر، ومشاركة جميع العاملين في مشاريع المؤسسة، وتدريب العاملين على رأس العمل.

هذه المفاهيم أصبحت نظريات يتم الاسترشاد بها في تأليف الكتب وفي تقديم الأوراق والمؤتمرات العلمية المتعلقة بإدارة الجودة والجودة الشاملة. وبالتالي، وإن كانت بداية تطبيق مفاهيم الجودة كانت في القطاع الصناعي فهي قابلة أيضا للتطبيق في جميع القطاعات ومنه قطاع التعليم المدرسي.

أيضا الجودة تتمحور حول التجديد المستمر في كل ما يتعلق بالعملية التعليمية ومنها المناهج والمقررات الدراسية التي يتحدد دراستها في كل سنة دراسية لتكون متواكبة مع متغيرات العصر والتقنيات الحديثة في طرق التعليم والتعلم. ومن جوانب التجديد في العملية التعليمية فإن هناك دولا بدأت تلغي تدريجيا استخدام الكتب الدراسية واستبدالها بموضوعات يتم تحديثها -بشكل مستمر- لتكون متواكبة مع التطور العلمي في شتى مجالات العلوم والمعارف. تلك العلوم والمعارف ينبغي أن تعطى للطالب بطريقة يغلب عليها جانب التفكير النقدي وحل المسائل والنظريات العلمية بطابع تحليلي يراعي الفروقات الفردية للطلبة مع تجنب الطرق التقليدية المتعلقة بنماذج التعليم عن طريق التلقين والحفظ والذي يقلل من مستويات الفهم ويضعف الاحتفاظ بالمعلومات مع غياب التفكير الإبداعي والنقدي. أيضا طريقة الحفظ والتلقين قد تُسهم في تضخيم حصول الطلبة على درجات عالية في المواد الدراسية بطريقة قد لا تعكس جودة العلوم والمعارف التي أتقنها أو تعلمها أو فهمها الطلبة. بمعنى أن التلقين والحفظ لا يؤديان إلى الجودة المستهدفة أثناء مرحلة التعليم المدرسي.

تعزيز جودة التعليم للوصول إلى مستويات الجودة عن طريق مقارنة المؤشرات المستهدفة مع النتائج المحققة لا تأتي بسهولة بل تحتاج إلى برامج تدريبية للمعلمين الذين هم أهم ممكنات جودة التعليم المدرسي عليه المعلم يحتاج - بشكل دوري ومنتظم - إلى صقل لمهاراته العلمية لتتوافق مع التجديد في طرق التعليم بحيث يتم التقليل من إعطاء الطلبة الكم الهائل من المعلومات أثناء مرحلة التعلم واستبدال ذلك باستخدام أساليب المعرفة العلمية المتمثلة في التشويق والتفاعل الصفي بين الطلبة والمعلمين. بهذا من الممكن توجيه الطلبة نحو التعلم الذاتي مع غرس روح المسؤولية لديهم بأن المدرسة هي الحاضنة الأساسية لهم وهي مستقبلهم للوصول إلى تحقيق أحلامهم في المراحل الدراسية المتقدمة. أيضا المعلم يحتاج إلى مساندة بأن يتولد لديه إحساس بأنه يحمل أمانة علمية من المعرفة العلمية لينقلها بطريقة مثالية للطلاب وبأن يكون دوره في تنشئة الأجيال دورا قياديا. وبالتالي بذلك سوف يُسهم المعلم في تعزيز جودة التعليم المدرسي والجوانب الأخرى في المنظومة التعليمية هي مكملة له.

الجودة لها علاقة بنظام الامتحانات وتقييم الطلبة في الأنشطة الصفية واللاصفية والتقارير والبحوث التي يعدها الطلبة خلال الفصل الدراسي. فعلى الصعيد الوطني بالنسبة لدبلوم التعليم العام فتم منذ سنوات تحديد نسبة (30 %) لتقييم الطلبة أثناء الفصل الدراسي ونسبة (70 %) للامتحان النهائي. وإن كان هذا التقييم شائعا في بلدان كثيرة حول العالم، ولكن الملاحظ بأن حصول الطلبة على الدرجات العالية في المواد الدراسية الأساسية قد يكون لهذا النظام دور في ذلك وليس بسبب جودة المنظومة التعليمية. أيضا قد يكون للدروس الخصوصية التي يتلقاها الطلبة خارج البيئة المدرسية هي السبب الرئيس في ارتفاع تلك النسب وليس ناتجا عن التحصيل الدراسي في المدرسة. هذه الدروس أصبحت الطريقة السهلة ولكنها غالية الثمن التي يلجأ إليها أولياء الأمور للتأكد من حصول أبنائهم على مقاعد دراسية مجانية من الحكومة في مرحلة التعليم العالي.

هذا التوجه المتزايد نحو الدروس الخصوصية أصبح يتنافس فيه حتى المعلمون أنفسهم فهي طريقة تدر دخلا مجزيا للبعض منهم. وبالتالي هذا مؤشر من الواقع الذي يعيشه الطلبة وأولياء الأمور خلال العام الدراسي كما تعدت تلك الدروس الخصوصية مرحلة دبلوم التعليم العام إلى الصفوف الدراسية الأخرى. أيضا هذا الانتشار إشارة واضحة بأن النظام التعليمي المدرسي يواجه تحديات حقيقية من حيث إن البيئة التعليمية التي يعيشها الطلبة خلال اليوم الدراسي قد تكون ليست كافية للحصول على تعليم ذي جودة عالية خلال مرحلة التعليم المدرسي؛ لأنه بعد انتقال الطلبة لمؤسسات التعليم العالي فإن الغالبية منهم تحتاج إلى تأهيل مكثف في المواد الأساسية ومنها اللغة الإنجليزية والرياضيات وتقنية المعلومات أو مواد السنة التأسيسية.

النظام التعليمي الذي يتسم بالجودة ينبغي أن يكون تكامليا يكون فيه الطالب هو الأساس في العملية التعليمية ويكون المعلم هو عمودها التي ينهل منه الطلبة شتى العلوم والمعارف العلمية والإنسانية التي تتصف بالتجديد والابتكار. جودة النظام التعليمي تحتاج إلى بيئة تعليمية جاذبة ومحفزة للتعليم. فليست العبرة بإنشاء المدارس وتهيئتها بأحدث التقنيات وإنما المغزى أن تكون تلك البيئة التعليمية يتفاعل معها الطلبة في جميع أنشطتها الصفية واللاصفية بطرق مشوقة وراغبة نحو التعليم. ولكن عندما تكون البيئة المدرسية في تصادم مع فكر ومخيلة الطلبة والذين أغلبهم ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء اليوم الدراسي وتغمرهم الفرحة والبهجة بطول الإجازة الدراسية. مثل هذه البيئة المدرسية تصنف بأنها غير محفزة للتعلم. أحد المعلمين أخبرني وإثناء زيارته لإحدى المدارس الدولية بمحافظة مسقط بأن الطلاب لا يرغبون بمغادرة المدرسة حتى بعد انتهاء اليوم الدراسي، مثل هذه البيئة تصنف بأنها بيئة جاذبة للتعلم، وبالتالي، هي التي تسهم في تعزيز جودة التعليم المدرسي.

جودة التعليم المدرسي أصبحت تتردد في أغلب الاجتماعات واللقاءات الرسمية وحتى في أروقة الجهات الحكومية. فهذا مجلس الدولة يعمل على دراسة واقع تعزيز جودة التعليم المدرسي والتشريعات المتصلة بها والجوانب المتصلة برفع الأداء الأكاديمي وتكاملية أدوار أصحاب المصلحة ومنهم الطلبة وأولياء الأمور والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني. هذه الدراسة يجب أن تتعدى مرحلة التوصيات إلى مراحل التنفيذ نظرا لأهميتها في تعزيز جودة التعليم المدرسي الذي يتطلع منه بناء كفاءات من الطلبة المؤهلين علميا وذهنيا وفكريا. فعلى الرغم من تعدد النظم والتشريعات التي صدرت حول تطوير نظام التعليم وآخرها إصدار قانون التعليم المدرسي والذي أعطى مواد قانونية بأن للطلبة الحق في الحصول على تعليم ذي جودة عالية، إلا أن التحديات لا زالت قائمة.

عليه فإن الجهات المعنية بالتعليم مطالبة بالمضي قدما نحو التفعيل الصحيح لتلك الحقوق. فمن خلال تلك التشريعات أصبحت الجودة - حقا- للطالب وليست مطلبا، حيث يستطيع من خلال ذلك الحق أن يجادل ويناقش المؤسسات والمدارس المعنية بالتعليم المدرسي عن مؤشرات تحقيق الجودة في التعليم المدرسي فهل تلك المؤسسات مستعدة لذلك؟

د. حميد بن محمد البوسعيدي خبير بجامعة السلطان قابوس

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مع عودة الفصل الدراسي الثالث.. ما هي أول إجازة مطولة للطلاب؟

حددت وزارة التعليم أول إجازة مطولة للطلاب والطالبات بعد إجازة عيد الفطر التي استمرت 17 يومًا.
وعاد، اليوم الأحد، نحو 6,5 مليون طالب وطالبة في مختلف المراحل التعليمية بمدارس البنين والبنات المنتشرة في جميع مناطق ومحافظات المملكة لاستئناف الفصل الدراسي الثالث بعد أن حظي الطلاب والطالبات بإجازة عيد الفطر المبارك التي استمرت لسبعة عشر يومًا،
أخبار متعلقة بدء تسجيل الطلاب المستجدين إلكترونيًا اليوم.. إليك الخطوات وسن التقديمطقس بداية الأسبوع.. إنذار أحمر من أمطار غزيرة على المدينة والقصيمما هي أول إجازة مطولة للطلاب؟
يتضمن التقويم الدراسي المعتمد للفترة المتبقية من العام الدراسي 1446 هـ عدة محطات، أبرزها إجازة نهاية أسبوع مطولة يومي الأحد والاثنين الموافقين للسادس والسابع من ذي القعدة 1446 هـ. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } عودة الطلاب في الفصل الدراسي الثالث - أرشيفية
إجازة عيد الأضحى
أما إجازة عيد الأضحى المبارك فتبدأ بنهاية دوام يوم الخميس الثاني من ذي الحجة 1446 هـ ، على أن تُستأنف الدراسة بعد الإجازة يوم الأحد التاسع عشر من ذي الحجة 1446 هـ.
إجازة نهاية العام الدراسي
ومن المقرر أن تبدأ إجازة نهاية العام الدراسي بنهاية دوام يوم الخميس الأول من محرم 1447 هـ ، ليبدأ العام الدراسي الجديد 1447-1448 هـ يوم الأحد الأول من ربيع الأول 1447 هـ .
موعد العام الدراسي الجديد
وفيما يتعلق بالعام الدراسي الجديد 1447 هـ، كشفت وزارة التعليم أن البداية ستكون يوم الأحد 1 ربيع الأول 1447 هـ، موضحة أنه من الممكن أن تطرأ بعض التحديثات على تفاصيل الخطة الدراسية والمناهج. هذا وسيعلن عن أية تعديلات مستقبلية عبر القنوات الرسمية، لضمان الشفافية واطّلاع جميع المعنيين بالعملية التعليمية، من طلاب وأولياء أمور ومعلمين، على المستجدات.

مقالات مشابهة

  • الجودة والكم .. الحاجة والرغبة .. ثمة علاقة
  • لجميع المراحل الدراسية.. موعد امتحانات نهاية العام 2025
  • إدارات التعليم تؤكد على الانضباط المدرسي واستكمال المناهج
  • عودة التلاميذ..وهذه الرزنامة المتبقية من السنة الدراسية
  • ملتقى المجالس الاستشارية الطلابية يستعرض مسؤولية الطلبة في تعزيز المواطنة الرقمية
  • مع عودة الفصل الدراسي الثالث.. ما هي أول إجازة مطولة للطلاب؟
  • صور| عودة الطلاب لاستئناف الفصل الدراسي الثالث بعد إجازة 17 يومًا
  • محافظ الجيزة يطلع على انتظام سير العملية التعليمية والجداول الزمنية لإنهاء المقررات الدراسية
  • التعليم العالي: تعزيز التعاون البحثي بين المركز القومي للبحوث وجامعة ماليزيا التكنولوجية
  • تصل إلى 5 آلاف درهم.. الحكومة تُقرّ عقوبات مالية لمحاربة الهدر المدرسي