وصية مريم بنت محمد الساكنة محلة الشجب من نزوى
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
كان للمرأة في عمان حضورها في نصوص التراث بين عالمة وسائلة، وفي تقييدات المخطوطات بين ناسخة ومتملكة وواقفة وغير ذلك من الصُّوَر. ولما كانت وثائق القرون الأولى لا يكاد وصل إلينا منه شيء إلا بعض ما كُتِب على غير الورق نحو الكتابات الصخرية، فإن ما بقي في نصوص كتب التراث من وثائق جدير بالبحث والدرس. ومما نُقِل في كتاب بيان الشرع وصية جاء أنها مكتوبة بخط أبي عليّ الحسن بن أحمد بن محمّد بن عثمان العقري النزوي، وهو فقيه من أهل القرن الخامس الهجري، وكانت وفاته على الأرجح سنة 506هـ، وهو فيما يروى شيخ أبي عبدالله محمد بن إبراهيم الكندي (ت:508هـ) صاحب كتاب بيان الشرع.
ونص الوصية: «هذا ما أقرّت به وأوصت مريم بنت محمّد بن سعيد، الساكنة بمحلّة الشّجب من قرية نزوى، وأشهدتنا به على نفسها في صحّة من عقلها وجواز وصيّتها، وهي تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأنّ جميع ما جاء به محمّد من عند الله فهو الحقّ المبين، كما جاء به مجملًا ومفسّرا، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، أشهدتنا مريم بنت محمّد بن سعيد المقدّم ذكرها في هذا الكتاب أنّها قد أوصت بحجّة إلى بيت الله الحرام الذي بمكّة، وقد فرضتها على نفسها في مالها سبعمائة درهم طريّة، وأوصت أن يؤتجر عنها بها من يحجّ عنها هذه الحجّة بجميع ما يلزم فيها من فريضة وسنّة من لدن إحرامها إلى تمام مناسكها ووداعها، وأشهدتنا أنّها قد أوصت بأربع كفّارات صلوات، كلّ كفّارة إطعام ستّين مسكينًا، وأوصت أن يكفّر ذلك عنها من مالها بعد موتها، وأوصت للفقراء ولأقربائها الذين لا يرثون منها شيئًا بثلاثين درهمًا معاملة، وأوصت بإنفاذها من مالها بعد موتها، وأشهدتنا أنّ عليها للفقراء أربعين درهما معاملة وأوصت بإنفاذها من مالها بعد موتها، وأشهدتنا مريم هذه أنّها جعلت النخلة البلعق التي لها في العثمانية بجميع حدودها وحقوقها وجميع أرضها وقفًا على الفقراء، وصيّة منها بذلك بعد موتها، وأوصت بالنخلة المستبّ التي لها في أجيل الغرفة الشرقية التي على الأجايل وقفًا على المسجد الذي بمحلة العقر الأعلى من نزوى بجميع ما يحتاج إليه من مصالح عِماره ومصالح عُمّاره، على أن ليس لها من الأرض التي حولها إلا ما قام عليه جذعها، وأشهدتنا أنّها قد جعلت محمّد بن سعيد وعبد الله بن سعيد وصييها بعد موتها في قضاء وصيّتها جائزي الأمر يقومان مقامها، وقد جعلت لهما أن ينفذا وصيّتها من أجيل النخل الذي لها المعروف بذات عرفة، وجعلت لهما أن يبيعاه على من أراد من النّاس بما شاءا من الثمن بغير حكم حاكم، ولا مشورة على وارث، بنداء أو مساومة، وقد أثبتت على نفسها جميع ما في هذا الكتاب، كان ثابتًا أو غير ثابت، وأوصت بإنفاذه من مالها بعد موتها، وقد جعلت لكلّ واحد منهما من الانفراد ما جعلته لجميعهما، وبذلك أشهدت الله تعالى على نفسها، والشهود المسمَّين في هذا الكتاب بعد أن قرئ عليها، فأقرّت بفهمه ومعرفته، وكانت هذه الشهادة في ربيع الأوّل من سنة ثمان وستّين وأربعمائة سنة، شهد عليها الحسن بن أحمد بن محمّد بن عثمان وكتب بيده، وشهد عليها محمّد بن إبراهيم وكتب عنه بأمره، والحمد لله وصلّى الله على رسوله محمّد وآله وسلم».
والملاحظ في نص الوصية أن اسم المرأة الموصية جاء بغير نسبة إلى عشيرة أو بلد، لكن عُيِّنت بسكنى محلة الشَّجّب أو شَجَب من نزوى، وهي محلة معروفة نُسِب إليها بعض من سكنها من الفقهاء والعلماء، وفي نزوى مسجد يُعرَف بمسجد الشجبي. كما نقرأ أن المستعمل من النقود الدراهم، وهي لا شك ضروب فضية مختلفة جرى تداولها طوال العصور الإسلامية. ومن الألفاظ الواردة في النص: نخلة البلعق، والعثمانية (اسم بستان)، ونخلة المَسْتَبّ، والأجيل وجمعه أجايل، وللأجايل وأحكامها مسائل كثيرة في فقه الأفلاج في الكتاب نفسه. ولعل الشاهد في آخر الوصية عَقِب اسم كاتبها هو تلميذه محمد بن إبراهيم بن سليمان الكندي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على نفسها بن سعید
إقرأ أيضاً:
تكريم 6 دور نشر عربية قضت 520 عامًا في خدمة صناعة الكتاب
أبوظبي- خاص
كرَّم مركز أبوظبي للغة العربية أمس ست دور نشر عربية عريقة، قضت ما مجموعه 520 عاماً في خدمة صناعة النشر، ضمن المرحلة الأولى من مبادرة "تكريم رواد صناعة النشر في العالم العربي"، وذلك في حفل أقيم ضمن فعاليات الدورة الـ34 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
وتهدف المبادرة إلى تعزيز حضور الثقافة العربية، وترسيخ صناعة النشر، وتسويق الكتاب العربي، ودعم انتشاره، وتشجيع القراءة، وتسليط الضوء على دور النشر المكرمة في إثراء المشهد الثقافي العربي، ودورها التاريخي في الحفاظ على حضور المحتوى العربي، والمشاركة في التطور المستمر للمعرض.
وكرّمت المبادرة هذا العام دور النشر العربية التالية: "صادر" – لبنان، التي تأسست في العام 1863، ومؤسسة دار المعارف للطباعة النشر والتوزيع – مصر، التي تأسست في العام 1890. و"الفكر للطباعة والتوزيع والنشر" - سورية، التي تأسست في العام 1957. و"مكتبة دبي للتوزيع" - دولة الإمارات، التي تأسست في العام 1969. و"ذات السلاسل" - الكويت، التي تأسست في العام 1972. و"الشروق للنشر والتوزيع" – الأردن، التي تأسست في العام 1979.
ويأتي هذا التكريم تقديراً لجهود أوائل دور النشر العربية، التي أمضت 50 عاماً أو أكثر في القطاع، ولا تزال مستمرة في النشر، وتثميناً لإسهاماتها المتميزة في صناعة الكتاب العربي وتسويقه وتطويره، ويبرز المعرض تجاربها الملهمة، والمراحل التاريخية التي عاصرتها، والتحديات التي واجهتها خلال مسيرتها، ما يرسخ مكانته واحداً من أكثر معارض الكتب تنوعاً في المنطقة، ويبرز دور إمارة أبوظبي محركاً لنمو صناعة النشر الإقليمية، والتزامها بتعزيز الأعمال العالمية المتعلقة بصناعة الكتاب ، واستدامة قطاع النشر على المدى الطويل.
وقال سعادة سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، مدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب: "ينسجم التكريم مع إستراتيجية مركز أبوظبي للغة العربية في دعم حراك النشر الذي يعد الركيزة الأساسية للعمل الثقافي، ويهدف إلى الاحتفاء بالتجارب الملهمة، والمبدعة، ومما لا شكّ فيه أن تكريمنا لهذه الصروح يسهم في تعزيز حضورها، ويحفزها على تقديم المزيد من الجهود، والمشاريع التي تخدم إثراء معارف القارئ، وترفد المكتبات العربية بكلّ ما هو جديد ونوعي".
وأضاف سعادته:" تم وضع معايير دقيقة لاختيار هذه الدُّور بناء على تاريخها، وسنوات عطائها، وما قدمته من جهود تخدم النهوض بالثقافة العربية، إلى جانب الأخذ في الاعتبار إسهاماتها الواضحة التي أثرت الفكر العربي بالكثير من المنجزات إذ دعمت هذه الصروح خلال رحلتها العديد من الأدباء، والمفكرين، ومهدت أمامهم الطريق نحو الإبداع، وهذا ما يجعلنا على يقين بأن دعم هذه الدور يلعب دوراً مهماً في تحقيق أهداف هذه المبادرة الرامية إلى تعزيز مكانة تلك الدور، وتكريس حضورها ذي الأثر الملموس".
وأوضح سعادته:" تستكمل هذه المبادرة المسيرة الرائدة للمعرض، وجهوده، وتوجهاته الشاملة للاحتفاء بالمؤسسات الثقافية التي أسهمت في تشكيل الوعي العربي، وتقديم كافة سبل الدعم الممكنة لاستدامة قطاع النشر، وتطوير المحتوى العربي، إذ سيعمل عبر دوراته المقبلة على تقديم المزيد من الدعم لدور النشر، ونأمل في أن تواصل دور النشر عطاءها، وتكون قادرة على نقل رسالتنا الثقافية والحضارية للعالم بأسره".
وحرص المعرض على أن يكون التكريم إضاءة شاملة على تاريخ كل دار نشر، من خلال جلسات حوارية، واستضافات "بودكاست" مع إدارات دور النشر المعنية لاستعراض تجاربها الملهمة، والحديث عن التحديات التي واجهتها وأهم ما قدمته في المجال، وأوائل مطبوعاتها، إلى جانب تقديم سرد متكامل يتناول مسيرتها في صناعة الوعي العربي، وتعزيز حضور الثقافة العربية.
واعتمد المعرض على آليات محددة في اختيار دور النشر المكرمة، تستند إلى تاريخ الدار ونشاطها في مجال النشر، والمحتوى الثقافي والأدب الهادف، الذي يؤسس لفكر واع ومتزن، وقدرتها على الاستمرارية والتكيف مع التغيرات التي طرأت على القطاع، وعدد الإصدارات الجديدة، واحترام الدار لحقوق النشر والتأليف، وعدم وجود أي مخالفات أو تعديات في مشاركاتها السابقة في المعرض، وأي مما يخالف قوانين دولة الإمارات وتوجهاتها، إضافة إلى معايير المحافظة على التوزع الجغرافي للعارضين، بحيث تضمن مشاركة أكبر عدد ممكن من الدول.
ويسعى مركز أبوظبي للغة العربية عبر مبادراته المبتكرة، لإحياء الموروث الثقافي العربي، واستدامة صناعة النشر، وتكريم روادها ليبقى اسمها شاهدًا على إرثٍ ثقافي ممتد، ومسيرة حافلة بالعطاء، تؤكد أن الكتاب العربي لا يزال حاضراً بقوة، وقادراً على المنافسة على الرغم من تحديات العصر الرقمي، لما تتميز به اللغة العربية من مرونة وقدرة على الإبداع والتكيف.
وسيعمل المعرض في دوراته اللاحقة إلى مواصلة تكريمه للمبدعين في النشر والمعرفة ليحتفي في دورة العام 2026 بالمترجمين وفي العام الذي يليه بالمحرر الأدبي، وليخصص العام 2028 للاحتفاء بمصممي الأغلفة، وأما العام 2029 فسيخصص لتكرم المطابع المتميزة.