لجريدة عمان:
2025-04-30@13:17:01 GMT

نجم العيوق

تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT

نجم العيوق

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ «قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوّقة.

والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم «العيوق» ولأن العرب تختار أسماء النجوم من مسميات بيئتها التي تعيش فـيها فقد اختارت لهذا النجم اسم «العيوق» ومعناه صغير الماعز، وهذا النظام النجمي يعد فـي المرتبة السادسة من حيث لمعانه فـي السماء، وهو ويقع فـي كوكبة ممسك الأعنة، وهي كوكبة بارزة فـي نصف الكرة الشمالي، وعادة العرب فـي القديم أن تقوم بتقسيم النجوم فـي كل ناحية من السماء والتي تقترب من بعضها البعض بتسميتها بالكوكبة، وفـي الحقيقة أن نجم العيوق هو ليس نجما مفردا، وإنما هو نظام نجمي يتكون من نجمين رئيسيين وكل نجم فـيهما يبلغ قطره 10 أضعاف قطر شمسنا، بالإضافة إلى نجمين قزمين، فهو عبارة عن أربعة نجوم تشكل هذا النظام النجمي الذي استدل عليه العرب قديما فـي معرفة الجهات فـي الصحراء وعند ركوبهم البحر.

ويبعد نجما العيوق الرئيسيان عن بعضهما البعض مسافة مائة مليون كيلومتر، ويكملان الدوران حول قطريهما فـي مدة تقدر بـ 104 أيام، بينما يبعد هذا النظام النجمي عن الأرض حوالي 42 سنة ضوئية ولذلك يعتبر من النجوم القريبة إلينا نسبيا، يقدر العمر الحالي لكلا النجمان بـ 500 مليون عام.

ولأن العرب فـي صحرائهم كانوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وكانوا يعتمدون على النجوم فـي دخول المواسم وخروجها، وهي دليلهم فـي رحلاتهم شتاء وصيفًا، فلم يكن نجم العيوق بمعزل عن أشعارهم، فنجد أكرم العرب الشاعر الجاهلي حاتم الطائي يذكر هذا النجم فـي مطلع قصيدته فـيقول:

وَعاذِلَةٍ هَبَّت بِلَيلٍ تَلومُني

وَقَد غابَ عَيّوقُ الثُرَيّا فَعَرَّدا

تَلومُ عَلى إِعطائِيَ المالَ ضِلَّةً

إِذا ضَنَّ بِالمالِ البَخيلُ وَصَرَّدا

حتى أن أحد أشهر قصائد الرثاء فـي الشعر العربي وهي القصيدة التي رثى بها الشاعر أبو ذؤيب الهذلي خمسة من أبنائه وهو شاعر مخضرم الذي عاش فـي الجاهلية والإسلام ومطلعها:

أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ

وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ

ويقول فـيها:

فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ ال

ضُّرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ

حتى فـي شعر الهجاء استخدم العرب هذا النجم، فنجد أن الشاعر الأموي البعيث المجاشعي يهجو الشاعر المشهور جرير بأبيات مقذعة ويذكر نجم العيوق فـي مطلع قصيدته فـيقول:

إذا طلع العيوق أول كوكب

كفى اللؤم عند النازحين جرير

كما استخدم العرب هذا النجم فـي قصائد المدح فنجد الشاعر العباسي أبو عثمان الخالدي يصف قلعة عالية ويمدح بانيها فـيقول:

وقَلْعَةٍ عَانَقَ العيُّوقُ سَافِلَها

وجَازَ مَنْطِقَةَ الجَوْزا أَعالِيها

لا تَعْرِفُ القَطْرَ إِذْ كَان الغَمامُ لَها

أَرْضًا تَوَطّأُ قطريه مَواشيها

وهذا الشاعر الشهير أبو تمام الطائي الذي عاش فـي العصر العباسي يمدح قوما بقصيدة ويذكر فـيها نجم العيوق فـيقول:

لَو خَرَّ سَيفٌ مِنَ العَيّوقِ مُنصَلِتًا

ما كانَ إِلّا عَلى هاماتِهِم يَقَعُ

إِذا هُم شَهِدوا الهَيجاءَ هاجَ بِهِم

تَغَطرُفٌ فـي وُجوهِ المَوتِ يَطَّلِعُ

وَأَنفُسٌ تَسَعُ الأَرضَ الفَضاءَ وَلا

يَرضَونَ أَو يُجشِموها فَوقَ ما تَسَعُ

ومن قصائد المدح فـي العصر العباسي التي ذكرت نجم العيوق قصيدة الشاعر بديع الزمان الهمذاني التي يقول فـيها:

لك يا عماد المشرقين وإنها

كالنجم دونك أو أعز منالا

فلئن سلبنك خاتميك لقد غدت

تاجًا عليك فهل نقصنك حالا

فليبلغ العيوق فصك وليكن

مثل الشقائق وليزن مثقالا

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا النجم

إقرأ أيضاً:

"الشعر النبطي" مسك ختام مهرجان الخليل الأدبي بجامعة السلطان قابوس

 

 

 

مسقط- أصيل بنت عقيل باعلوي

 

وسط أجواء أدبية مفعمة بالإبداع والحماس، اختتمت فعاليات مهرجان الخليل الأدبي 2025 الذي نظمته جماعة الخليل للأدب بعمادة شؤون الطلبة في جامعة السلطان قابوس، وذلك في قاعة المؤتمرات، بحضور مجموعة من الطلبة والمهتمين بالشعر والأدب.

وشارك في الأمسية الختامية كوكبة من نجوم الشعر النبطي من داخل سلطنة عمان وخارجها، إذ شارك كل من: الشاعر مانع بن شلحاط، والشاعر مأمون النطاح والشاعر عبد الله الدرعي إلى جانب الشاعر محمد بن خميس الوحشي، والشاعر محمد بن أحمد الوحشي، وقدموا نصوصًا شعرية تنوعت بين الرثاء، والغزل، وسط تفاعل كبير من الحضور.

وتناوب الشعراء المشاركون على المنصة، إذ ألقى الشاعر مانع بن شلحاط مجموعة من قصائده العاطفية التي تميز بها أسلوبه الخاص، مجسدًا مشاعر الحب والغزل بأسلوبه. فيما أبدع الشاعر مأمون النطاح بنصوص حملت مشاعر الوجدان والحنين، وغلب عليها طابع الغزل الرقيق. أما الشاعر عبد الله الدرعي فقد أثرى الحضور بقصائد غزلية عذبة، عبّرت عن صدق العاطفة وجمال التصوير الشعري.

وكان للشعراء العُمانيين حضور مميز؛ حيث قدم الشاعر محمد بن خميس الوحشي نصوصًا امتزجت فيها روح البادية بنبض الغزل العاطفي، فيما شارك الشاعر محمد بن أحمد الوحشي بقصائد حملت نكهة البيئة العمانية، مستحضرة مفردات الهوى والغرام بأسلوب فني راقٍ، ما أضفى على الأمسية أجواء شعرية نابضة بالمشاعر والأصالة.

وشهدت الأمسية مشاركة الفنان محمد العويسي، الذي أضفى بأدائه الجميل أجواءً مميزة، نالت إعجاب الحضور وزادت من بهجة الأمسية واكتمال رونقها الأدبي

وشهد مهرجان الخليل الأدبي هذا العام تطورات لافتة مقارنة بالنسخ السابقة، تمثلت في تنوع أكبر في المشاركات الشعرية بمشاركة شعراء من مختلف دول الخليج والعالم العربي، مما أضفى حيوية خاصة على الأمسيات. كما أُضيفت فقرات تراثية مثل فن العازي لتعزيز الهوية الثقافية. وذكر رئيس جماعة الخليل للأدب، محمد بن أحمد الوحشي، أن المهرجان حصل على جائزة ضمن مسابقة المبادرات المجتمعية في معرض مسقط الدولي للكتاب، تقديرًا لدوره الثقافي. ورغم هذه الإضافات والتطورات، حافظ المهرجان على تقاليده الأدبية العريقة التي تميز بها منذ انطلاقه، مما جعله حدثًا ثقافيًا متجددًا يعكس تطور المشهد الأدبي في سلطنة عمان. وفي الختام، يظل مهرجان الخليل الأدبي نقطة التقاء هامة بين الشعراء والجمهور، ويواصل رسالته في تعزيز الثقافة الأدبية.

وفي ختام الأمسية، تم تكريم الشعراء المشاركين تقديرًا على مشاركتهم في أمسيات المهرجان؛ إذ قام الدكتور عامر بن محمد بن عامر العيسري، مساعد عميد شؤون الطلبة، بتسليمهم الدروع التذكارية.

مقالات مشابهة

  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • "غيرة النجوم تحت المجهر: وفاء الكيلاني تتصدر الترند بعد تصرف مفاجئ من تيم حسن"
  • "الشعر النبطي" مسك ختام مهرجان الخليل الأدبي بجامعة السلطان قابوس
  • عبدالله بلحيف يشارك في أمسية شعرية في «أبوظبي للكتاب»
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • وفاة مخرج عراقي درّس الكثير من النجوم.. ونقابة الفنانين تنعاه
  • الشاعر الفلسطيني سعيد يعقوب.. ناشط لا يهدأ في الشعر المقاوم
  • أحمد حسن راؤول يشيد بمسرحية "حاجة تخوف" ويؤكد: "عمل يحترم قيمة الفن في بلدنا"
  • الكهرباء يخطف فوزاً مهماً من الميناء والكرخ والنفط حبايب بدوري النجوم
  • الدورة الـ30 من معرض الكتاب الدولي بالرباط تحتفي بالشاعر المغربي بنطلحة