دشنت وزارة الثقافة والرياضة والشباب مسابقة المشاريع الرياضية في نسختها الأولى تحت عنوان «شاركنا التغيير»، في مجالات مشاريع النشاط البدني والرياضي الهادفة لتغيير سلوك أفراد المجتمع نحو نمط حياة صحي، وتسعى الوزارة من خلال المسابقة إلى تحقيق أهداف عدة أبرزها تشجيع جميع أفراد المجتمع على إيجاد مشاريع تضمن عيش حياة صحية وحيوية أكثر من خلال تفعيل النشاط البدني وجعله أسلوب حياة، وغرس ثقافة المبادرة والإبداع والابتكار، وكذلك رفع مستوى ممارسة النشاط البدني في المجتمع، وإشراك جميع فئات المجتمع من أفراد وفرق ومؤسسات في المشاريع الرياضية الموجهة للمجتمع، بالإضافة إلى إيجاد مشاريع رياضية مستدامة تسهم في دفع عملية التنمية الاقتصادية، وقد بدأت اللجنة المشرفة على المسابقة باستلام المشاركات، من 22 أغسطس الجاري وحتى 6 أكتوبر القادم وهو اليوم الذي سيتم فيه غلق استمارة التسجيل، على أن تقوم لجنة التحكيم بعملية فرز خلال الفترة من 8 إلى 23 أكتوبر، كما أنه من المتوقع أن تكون خلال نوفمبر أو ديسمبر المقبلين إقامة حفل الختام وتكريم الفائزين في المسابقة.

المشاركة المجتمعية

وقال محمد بن أحمد العامري مدير عام الأنشطة الرياضية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب: تأتي هذه المبادرة بإشراف من الوزارة وبمشاركة عدة جهات ذات العلاقة وبدعم من وزارة الاقتصاد ضمن المشاريع الإنمائية وفق مستهدفات استراتيجية الرياضة العمانية والتي تتواءم مع رؤية عمان 2040 تحت محور (الرياضة والمجتمع) والتي تهدف إلى الرفع من مستوى ثقافة ووعي المجتمع والأفراد بأهمية ممارسة النشاط البدني للأفراد داخل المجتمع، بحيث تصبح ممارسات الأنشطة البدنية ذات نمط أسلوب حياة وليست مجرد ممارسات وقتية. وأضاف: إيمانا منا بأهمية المشاركة المجتمعية ودورها في الرؤى والتوجهات المستقبلية -الأمر الذي يساهم في مواءمة جهود المؤسسات مع مرتكزات رؤية عمان 2040 ولتحقيق هذا الهدف- سيتم إشراك المجتمع من أفراد ومؤسسات لتحقيقه من خلال مشاركتهم بالمشاريع التي تهدف إلى تغيير السلوك المجتمعي إلى نمط حياة صحي من شأنه إحداث نتائج واضحة في المجتمع ناهيكم عن تبني الوزارة للمشاريع الفائزة في هذه المسابقة والسعي إلى تطبيقها على أرض الواقع تحقيقا للاستفادة وتعظيمها.

وتابع العامري: 80% من نسبة الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية في سلطنة عمان، كما أنها عبء اقتصادي كبير يقدر بـ 1.1 مليار ريال عماني سنويا أي ما يعادل 3.6 % من الإنتاج المحلي لعام 2019م، حيث استحوذت أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكري وأمراض الجهاز التنفسي على نسبة 76% من إجمالي نفقات الرعاية الصحية، وتابع العامري: يعد نقص النشاط البدني أحد عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بهذه الأمراض، حيث يحتل الخمول البدني المرتبة الرابعة عالميا ضمن عوامل الخطر الرئيسية الكامنة وراء الوفيات، لذا يعود مزاولة النشاط البدني بفوائد جمة على الفرد والمجتمع ويسهم في الوقاية من الأمراض، مضيفا أنه في ظل هذه الإحصائيات، نحن بحاجة ماسة إلى مشاريع ومبادرات تهدف إلى غرس ثقافة ممارسة النشاط البدني في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم من حولنا وهيمنة التكنولوجيا الحديثة على جوانب الحياة المختلفة.

الفئات المستهدفة

من جانبه أوضح إبراهيم الشبلي رئيس اللجنة المشرفة على المسابقة، الفئات المستهدفة في المسابقة، حيث قال: الفئة الأولى "الفرق الأهلية" وتتضمن الفرق واللجان الرياضية المختلفة والتابعة للأندية أو المراكز الرياضية والمنتسبة إليها انتسابا فعليا وفعّالا، والفئة الثانية تضم "مؤسسات المجتمع المدنية"، وهي عبارة عن تنظيمات طوعية تسعى إلى تقديم خدمات لنفسها وللمجتمع دون مقابل، في حين تتمثل الفئة الثالثة في "المؤسسات الصغيرة والمتوسطة" وهي جميع المؤسسات المسجلة والمعتمدة لدى هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وتطرق الشبلي للحديث حول شروط المسابقة، حيث يشترط أن يكون مقدم المشروع عماني الجنسية، كما لا يحق لموظفي الوزارة الترشح للمسابقة، ويجب تعبئة استمارة المشاركة في المسابقة وإرسالها عبر الرابط الإلكتروني، كما يجب إرفاق الوثائق التالية باللغة العربية للفرق الأهلية: شهادة انتساب أو عضوية من النادي أو المركز الرياضي، ولمؤسسات المجتمع المدني: تصريح رسمي من وزارة التنمية الاجتماعية بالصفة التي يحملها هذا التنظيم التطوعي، وأيضا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة: السجل التجاري والمرفقات الخاصة بمزاولة النشاط التجاري من هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما من بين الشروط أيضا، على مقدم المشروع تحمّل كافة التبعات القانونية للملكية الفكرية للمشروع المقدم، ويجب أن يكون المشروع المقدم لم يتم تطبيقه على أرض الواقع ولم يتحصل على جائزة سابقا سواء داخل سلطنة عمان أو خارجها، وتعود ملكية المشاريع لصاحب المشروع، وللوزارة حق تطبيق المشروع بالشراكة مع صاحبها، كما يجب أن تكون نتائج المشروع لها مؤشرات قياس.

وأكد الشبلي أن اللجنة المشرفة وضعت دليلا استرشاديا للمسابقة، حيث يعتبر الدليل المرجع الوحيد للمسابقة، وتختص اللجنة المشرفة دون سواها بحق تفسير محتوى الدليل، ويجب على الفائز أو الفائزة الحضور الشخصي في الحفل الرسمي ما لم يكن لديه ظرف قهري تقبل به اللجنة المشرفة، ويعتبر قرار اللجنة نافذا وغير قابل للنقض، كما يجوز للجنة اتخاذ قرار سحب الجائزة من الفائز في حالة ثبوت مخالفة ما ورد بهذا الدليل من توجيهات واشتراطات.

معايير التقييم

فيما أوضح خليفة العيسائي مستشار الهيئات الخاصة بمكتب وكيل الوزارة للرياضة والشباب ورئيس لجنة التحكيم في المسابقة معايير التقييم، حيث قال: المعيار الأول هو "منهجية المشروع" ممثلا في وضوح توصيف المشروع، حيث يغطي كافة العناصر المهمة، وأن يحتوي على أهداف واضحة قابلة للقياس، ويتوافق المشروع مع الخطط العامة والرؤى المستقبلية للدولة، وأن يراعي عادات وتقاليد المجتمع العماني. أما المعيار الثاني "الإبداع والابتكار" فيتمثل في حداثة فكرة المشروع ومستوى توظيف التقنية في المشروع وقابلية تطويره وتجديده. أما المعيار الثالث "كفاءة إدارة المشروع" على أن يحتوي المشروع على خطة عمل تنفيذية واضح، وأن يكون قد راعى التنوع الجغرافي والاجتماعي، وأن يمتلك المشروع خطة مالية لتنفيذه، كذلك أن يمتلك خطة تسويقية واضحة.

والمعيار الرابع "القيمة المضافة للمشروع "على أن يساهم المشروع في معالجة مشكلة صحية مجتمعية، وأن يحقق عوائد اقتصادية، وأن يستخدم المشروع مبادرات صديقة للبيئة، وأيضا قابلية الاستفادة من المؤسسات المتوسطة والصغيرة في تنفيذه والمساهمة في تطويره. وفيما يتعلق بالمعيار الخامس "الاستدامة والخطط المستقبلية"، حيث يجب أن يحتوي المشروع على خطة متابعة وتقييم واضحة، وأن تكون منهجيته تضع بعين الاعتبار تطويره مستقبلا، ووضوح إجراءات الاستدامة في المشروع، وعرض التحديات التي تواجهه وكيفية التغلب عليها وتوضيح الشراكات المجتمعية المتوقعة مع المؤسسات ذات العلاقة، وأيضا إمكانية تعميم التجربة. فيما يتمثل المعيار السادس في "الآثر المجتمعي" من حيث قبول المشروع مجتمعيا، وأثر المشروع على المجتمع، وكذلك قابلية سرعة انتشاره مجتمعيا، وعلى أن يستهدف المشروع عددا كبيرا من المستفيدين، وأن يضم عاملين من ذوي الاختصاص.

الجوائز

وقد وضعت اللجنة المنظمة جوائز مالية للفائزين بالمراكز الخمسة الأولى، حيث يحصل الفائز بالمركز الأول على جائزة مالية وقدرها 5 آلاف ريال عُماني، فيما يحصل الفائز بالمركز الثاني على جائزة مالية وقدرها 4 آلاف ريال عُماني، فيما ينال صاحب المركز الثالث جائزة مالية وقدرها 3 آلاف ريال عُماني، أما الفائز بالمركز الرابع فيحصل على جائزة مالية وقدرها ألفا ريال عُماني، فيما يحصل الفائز بالمركز الخامس على جائزة مالية وقدرها ألف ريال عُماني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصغیرة والمتوسطة الفائز بالمرکز النشاط البدنی فی المسابقة ریال ع مانی على أن

إقرأ أيضاً:

نابلس 1948.. مدينة تحوّلت إلى وطن مؤقت وصمّام أمان للمنكوبين

الكتاب: التضامن في أوقات الأزمات، دروس معاصرة من النكبة
المؤلفان: جوني منصور، إيلان بابيه
الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

في خضم أحداث النكبة الفلسطينية وصل مئات آلاف الفلسطينيين، الذين طردوا من بيوتهم وقراهم ومدنهم في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها العصابات الصهيونية، إلى الضفة الغربية، حيث استقبلهم أبناء مجتمعهم الفلسطيني، ووفروا لهم كل ما أمكنهم توفيره من الاحتياجات الأساسية. لكن أكثر ما كانوا يحتاجون إليه "إدارة رسمية" لحياتهم، وهي مهمّة تولتها بالفعل سلطات الحكم المحلي أي البلديات، والمحاكم الشرعية.

وفي هذا البحث يتناول جوني منصور، المؤرخ والمحاضر في تاريخ الشرق الأوسط، وإيلان بابيه، المؤرخ والناشط السياسي، ما قامت به بلدية نابلس، تحديدا، وغيرها من المؤسسات الرسمية في المدينة، لتوفير الرعاية للاجئين الذين وفدوا من حيفا ويافا وقراهما، ثم من اللّد والرملة وقراهما.

وبحسب ما يذكران في مقدمة كتابهما فإنهما يهدفان من كتابة "هذا النص التاريخي" إلى "كتابة فصل من التاريخ الفلسطيني في أبرز قضاياه وهو اللجوء واللاجئين، من منظار الاعتماد على وثائق فلسطينية وعربية في الأساس،... لا سيما وثائق فلسطينية محفوظة في قسم الوثائق في المكتبة العامة التابعة لبلدية نابلس. والكشف عن أهمية المجتمع المحلي ودوره في معالجة أزمات ليست في حدود مسؤولياته المباشرة" وهو موضوع تاريخي وأخلاقي واجتماعي يرى منصور وبابيه أن كل من اهتم بدراسة القضية الفلسطينية قد غفل عن معالجته.

القسم الأول من الكتاب يتناول سقوط المدن الفلسطينية (حيفا، يافا، اللّد، الرملة) وتدفق النازحين منها ومن قراها إلى نابلس وجنين وطولكرم. كما يناقش أوضاع النازحين المعيشية وتعامل مختلف القيادات والمستويات السياسية والعسكرية معهم. ويتناول منصور وبابيه كذلك حلول السياسيين من فلسطينيين وعرب وأجانب لكيفية استيعاب النازحين في المواقع التي وصلوا إليها، ومواقف النازحين أنفسهم. ويشرحان دور اللجنة القومية التي شكلتها الهيئة العربية العليا بدعم من الجامعة العربية لمتابعة مسألة النزوح ورعاية النازحين، واللجنة العامة للعناية بشؤون النازحين في فلسطين.

عمليات المنظمات العسكرية الصهيونية كانت موجهة بداية، بشكل واضح، نحو إبادة المدن الفلسطينية باعتبارها مراكز اقتصادية وثقافية وسياسية.يلفت الباحثان الانتباه إلى أن عمليات المنظمات العسكرية الصهيونية كانت موجهة بداية، بشكل واضح، نحو إبادة المدن الفلسطينية باعتبارها مراكز اقتصادية وثقافية وسياسية، هزيمتها وتدميرها يعني بالضرورة إضعاف القرى والأرياف المحيطة بها، وإضعاف مصادر القوة الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني. وغني عن القول أن هذه "الإبادة" تعني خلق مساحات خالية من الوجود الفلسطيني. وكانت الخطط الصهيونية الأولى موجة نحو مدن مثل حيفا ويافا، اللتان شكلتا معا القوة الاقتصادية والمركز السياسي والفكري والثقافي الفلسطيني، وسقوط هاتين المدينتين وما تلاه من سقوط مدن أخرى شكل ضربة قاضية للحركة الوطنية الفلسطينية في مواجهة المشروع الصهيوني والتواطؤ البريطاني.

شبكة أمان

في أكتوبر 1947 أقر اجتماع جامعة الدول العربية الذي عقد في بيروت تأسيس لجان قومية من أهل فلسطين للإشراف على عمليات التنظيم الداخلي والإدارة الميدانية، إلى جانب البلديات القائمة والمؤسسات والهيئات الدينية والاجتماعية الناشطة ميدانيا. وبلغ عدد هذه اللجان 21 لجنة موزعة على المدن الكبرى والمتوسطة، وأبرزها اللجنة القومية في نابلس. وصاغت هذه اللجنة، التي ترأسها رئيس البلدية نفسه سليمان طوقان، نظامها ليشمل الأطر الفاعلة كافة على الأرض، الاجتماعية والاقتصادية والصحية والخدمية، وهي بذلك بحسب منصور وبابيه، وضعت أساسا للتعاون والتضامن في ما بينها لخدمة المواطن.

وكان الهم المركزي الذي وجه عملها، وسط غياب سلطة حكومية فعلية، هو الحفاظ على السلم الأهلي وتوفير الأمن للسكان، سيما مع زيادة كثافة المدينة السكانية الذي تبع تدفق موجات النازحين. يشرح الباحثان كيف دفعت التحولات الحاصلة بعد ذلك إلى تأسيس اللجنة العامة للعناية بشؤون النازحين ولجانها الفرعية في قرى نابلس وقرى جنين وطولكرم، التي نشطت بسرعة لتوفير المساعدات الإنسانية، إذ لم يعد بإمكان اللجنة القومية وحدها معالجة الأمور الإدارية والتنظيمية للواء نابلس.

ورغم الانتقادات التي وجهت لعمل هذه اللجنة، الذي استمر نحو عام ونصف العام، قبل الإعلان عن إقامة وكالة الأونروا، فإن جهودها منعت تفشي حالات الفقر والجوع والمرض بين النازحين والمواطنين بشكل عام. اهتمت اللجنة بشكل أساسي بشؤون النازحين، من حيث توفير المأكل والمأوى والخدمات الأخرى مثل الصحة، وحل النزاعات، وقدمت المساعدات العينية والمالية وفق جداول منظمة بعد إجراء إحصاء شامل. بحسب منصور وبابيه فإن اللجنة العامة شكلت نموذجا لمنطق التضامن والاستيعاب مؤسس على مفهوم المجتمع الفلسطيني لدعم بعضه بعضا.

ومبدأ التضامن هذا كان قائما ومتراكما عبر الزمن في المجتمع الفلسطيني، سواء الفلاحي أو المدني. لكن نجاح هذا المجتمع المتضامن، على الرغم من عظم الأزمة التي عصفت به، أكد قدرته على التعامل السريع مع الأزمة والواقع المؤلم، حيث "لم يغرق فيه منتظرا مخلصا أو منقذا من الخارج"، بل سعى عبر شبكة أمان اجتماعية ممثلة في اللجنة العامة واللجان الفرعية، ومن خلال التشبيك مع جمعيات المجتمع المدني في نابلس والمدن الأخرى لاحتواء النازحين وحفظ كرامتهم.

إعادة بناء الرواية

في القسم الثاني من الكتاب المعنون ب" دروس مستقاة من التضامن الفلسطيني" يجري الباحثان مقارنات تاريخية بين حالة نابلس وحالتين رئيسيتين في ألمانيا لسلطتين محليتين مشابهتين ببعض مركباتهما مع نابلس، هما مدينتي آلتينا وسانت بلازيان، اللتين استقبلتا في العام 2015 أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين والفلسطينيين ـ  السوريين. ولأن الفارق الزمني كبير بين الحالتين يوضحان "أن التشابك مع أزمة تاريخية ليس من المفروض أن يكون ذا ترتيب مريح للباحث، بل على العكس فهناك تحديات كثيرة في طرح قضية اللجوء الفلسطيني مع لجوء آخر". ويضيفان إن من أبرز محاور النقاش في هذه المقارنة الحديث عن قيمة "الهبة" والموقف الإيثاري تجاه النازح الذي لا يقوم على مبدأ المعاملة بالمثل. إذ يجدان أنه "مجال مهم للبحث في الانثروبولوجيا الحديثة في التعرف إلى مثل هذه المواقف في المجتمعات التقليدية، والتأمل في إعادة تفعيلها في المجتمعات الحديثة".

وفي الاستخلاصات يشير منصور وبابيه إلى ضرورة التمييز المناسب بين طالبي اللجوء والنجاة والمهاجرين الراغبين في الاستقرار في المكان الجديد الذي لجأوا إليه. ويمثل اللاجئون الفلسطينيون عموما الفئة الأولى، بينما يمثل المهاجرون من شمال أفريقيا الفئة الثانية. غير أن الدول المضيفة لم تبذل جهدا على الإطلاق لفهم هذا الاختلاف وتوظيفه في سياساتها واستراتيجيتها. في هذا السياق فقد "امتلك النازحون واللاجؤون الفلسطينيون منذ العام 1948 إحساسا مؤكدا بصفة "المؤقت".. إذ لا تزال فكرة العودة فعالة في أوساطهم".

بحث الفلسطيني عن أوراقه ووثائقه عملية مشابهة لإعادة بناء ذاته أو بناء روايته... فأحد أركان الصراع الصهيوني-الفلسطيني يقوم على التاريخ.ويضيف الباحثان أنه على الرغم من الوعي الضئيل للتأثير النفسي للجوء فإن السياسيين والقياديين في المجتمع الفلسطيني وفي نابلس تحديدا تعاملوا مع لاجئي النكبة بطريقة تكشف عن إدراك متقدم لحاجاتهم المعنوية قبل المادية، ووجهوا عنايتهم لقضايا مهمة في حياة اللاجئين اليومية مثل قضايا الزواج والطلاق والولادة وغير ذلك، في حين أن متابعة أحوال اللاجئين اليوم في الدول الأوروبية على سبيل المثال تؤشر على تجاهل كبير لهذه المسائل، وربما كان ذلك بسبب عوامل معيقة مثل الثقافة واللغة والعادات.

يشمل القسم الثالث من الكتاب على مئات الوثائق والمستندات المرتبطة بموضوع البحث، وهي أوراق اللجنة القومية العربية واللجنة العمة للعناية بشؤون النازحين في نابلس، التي تتطرق إلى فترة زمنية لا تتجاوز العامين، بين أواخر عام 1947 ومطلع عام 1950، وتحديدا في ما عرف بلواء نابلس وفقا للتقسيمات الإدارية البريطانية. يقول الباحثان "إن بحث الفلسطيني عن أوراقه ووثائقه عملية مشابهة لإعادة بناء ذاته أو بناء روايته... فأحد أركان الصراع الصهيوني-الفلسطيني يقوم على التاريخ، إذ أدركت الصهيونية أهمية السيطرة على الوثائق والاحتفاظ بها لتكون روايتها التاريخية هي السائدة".

ويضيفان إن "الرواية الفلسطينية مازالت في طور التكوين والبلورة لأن القضية لم تحل والنكبة لم تنته، وهي تُبنى شيئا فشيئا من أنسجة دقيقة لكنها تسير إلى اكتمال صورتها"، ومن هنا كان اطلاعهما على آلاف الوثائق ذات الصلة بموضوع محدد في فترة زمنية محدودة جدا. وهي وثائق تعرضت لإهمال شديد على مدى عقود قبل أن يتم تجميعها في المكتبة العامة في نابلس.

مقالات مشابهة

  • اجتماع برئاسة المداني يناقش أنشطة وزارة الشباب والرياضة والدورات الصيفية
  • هذا هو الجديد للمترشحين في مسابقة التوظيف لدى بريد الجزائر 2025
  • حلقة عمل بالمضيبي تستعرض مفاهيم الحد من المخدرات والمؤثرات العقلية
  • تكريم الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بالسويق
  • تكريم الفائزين في مسابقة دار الفكر للقراءة والإبداع بدورتها العاشرة في دار الأوبرا بدمشق
  • 20 مدرسة في ختام مسابقة المدارس للسلة الثلاثية
  • نابلس 1948.. مدينة تحوّلت إلى وطن مؤقت وصمّام أمان للمنكوبين
  • محافظ بني سويف يهنئ الشباب والرياضة بفوز بسمة رمضان بـ 3 ميداليات ذهب
  • مسابقة معلمي الحصة.. الإعلان عقب انتهاء الفصل الدراسي الثاني
  • جامعة المنيا الأهلية تنظم مسابقة للبرمجة بالتعاون مع مراكز إبداع مصر