بلمة العائلة وتحضير مائدة الإفطار سويا، ومن ثم قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، والدعاء للأسرى، بدأ الأسير الفلسطيني المحرر حسن بحر الدم يومه الأول في رمضان مع عائلته، بعد اعتقال استمر أكثر 21 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ولا يختلف حال الأسير بحر الدم، الذي ينحدر من مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، عن المئات من أسرى "طوفان الأحرار" من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية وغيرهم ممن أطلقت إسرائيل سراحهم ضمن اتفاق المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار بغزة.

يعيشون رمضانهم الأول بين ذويهم، ويستذكرون حياتهم في الاعتقال وخارجه.

لم الشمل

وعاش الأسير المحرر بحر الدم (52 عاما) مع عائلته يومه الرمضاني الأول، بكل تفاصيله، وحقق ما أراد من "لم شمل العائلة" حسب وصفه، واستعاد معهم أجواء رمضانية خلت، كان قد افتقدها طوال فترة اعتقاله.

واستعد حسن بحر الدم لبرنامج روحي وديني تنوع بين قراءة القرآن الكريم والصلاة، إضافة للطقوس والعادات ذات الرونق الخاص، والتي تتميز بها نابلس عن غيرها من المدن الفلسطينية، والتي لم تغب ذكراها عنه في سجنه.

ويقول بحر الدم للجزيرة نت إنه حلم بأن يأكل أول طعامه من يد أمه وزوجته، وهو ما كان، وأن يطعم "اللقمة الأولى" لأبنائه الذين تركهم صغارا، فخرج ليحمل أحفاده بين يديه.

وبالرغم من أنه لم يحرم أصنافا شتى من الطعام منذ الإفراج عنه قبل شهر، فإنه اختار طبق "المناديل النابلسية" (لحم مفروم ومتبل يلف بطبقة من الدهن ويشوى).

إعلان

ويضيف أنه يحاول تعويض عائلته ولو بالحد الأدنى من الفرحة عن غياب 21 عاما، رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشها مجتمعه بسبب تنغيص الاحتلال.

وبادر الأسير المحرر بإرسال التهاني والمعايدات بحلول شهر رمضان إلى معارفه وأقاربه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأعادنا بحر الدم إلى ذكريات عقدين من الزمن و21 رمضانا قضاها في سجنه، وروى للجزيرة نت كيف كانوا يعوضون غيابهم عن الأهل بالالتفاف سويا حول بعضهم، وبإعداد الطعام، والافطارات الجماعية، وتزيين الأقسام داخل السجون بالإضاءة المتوفرة والفوانيس والشعارات الدينية. وقال "كان أسرى نابلس يتميزون بها أكثر".

وحافظت "أم فاروق" زوجة الأسير حسن بحر الدم على تقليدها الرمضاني طوال مدة اعتقال زوجها. تقول للجزيرة نت: "لم نترك الدعاء منذ 21 عاما، ولن ننسى ذلك بعد أن تحرر زوجي، فما عشناه صعب وقاس، ولا يزال يعيشه أهالي الأسرى اليوم".

وأفرج الاحتلال ضمن هذه المرحلة عن 294 من أسرى المؤبدات والأحكام العالية، إضافة لـ1778 أسيرا فلسطينيا.

الأسير المحرر زيد بسيسي من طولكرم أفطر يومه الأول في رمضان مع والدته (الجزيرة) "رمضان الحرية"

أما الأسير المحرر زيد بسيسي، فكان أوفر حظا برؤية والدته بعد الإفراج عنه والعيش برفقتها بمنزلهم في قرية رامين قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، وتناول أول إفطار معها أيضا.

وأثناء اعتقاله فقد زيد والده، بينما حالت الظروف الصحية الصعبة لوالدته المسنة والظروف الأمنية التي وضعها الاحتلال دون زيارته.

ويحاول زيد أن يعوض ذلك كله منذ اللحظات الأولى من الإفراج عنه، ويستمتع بالجلوس والتحدث مع والدته والاستماع لحكاياتها التي غاب عنها قسرا لأكثر من 23 عاما بفعل الاعتقال.
ويقول زيد بسيسي المكنى بـ"أبو خديجة" إن دوره اقتصر باليوم الأول على تحضير مائدة الإفطار التي لم يجتمعوا عليها سنوات طويلة سويا، فوالده وأشقاؤه اعتقلوا مرات عديدة لدى الاحتلال، ولا يزال شقيقه أحمد معتقل منذ 21 عاما، وآخر مرة التقيا بها في السجن كانت قبل 8 سنوات.

إعلان

https://www.facebook.com/watch/?v=1168587201455811

ورغم فرحته بلقاء الأهل في أول رمضان له بعد تحرره، فإن بسيسي (48 عاما) يعيش "غصة" حسب وصفه، بعدم الإفراج عن شقيقه واستمرار معاناة الفلسطينيين على يد الاحتلال، وخاصة أهالي المخيمات الذين شرَّدتهم آليات الاحتلال العسكرية بعد هدم منازلهم.

ويضيف بسيسي "رفضت التقاط صورة جماعية مع عائلتي بأول يوم في رمضان تضامنا معهم".

لكن ذلك لم يمنعه من ممارسة بقية طقوس رمضان لا سيما صلاة التراويح في المسجد، وتبادل التهاني مع المواطنين، والقيام بالزيارات العائلية وقضاء الواجبات الرمضانية، وهو برنامج اعتاد فعله خلال اعتقاله.

ويقول بسيسي "تفاصيل رمضان خارج السجن لا تشبهها أي تفاصيل داخله، والمقارنة بينهما جريمة كبرى، ففي السجن يومك ينتهي بعد التراويح وفي رمضان الحرية فإنه يبدأ".

وفي سجنه برع بسيسي، بوصفه طباخا للأسرى، بإعداد الأطعمة والأطباق المتنوعة والحلوى بمختلف أشكالها، ولكن "على طريقة السجن" كما يقول، ولم يشفع له هذا لدى عائلته والمقربين الذين طلبوا منه إعداد وجبة إفطار رمضانية في القريب.

رشا (يمين )وفداء ابنتا الأسير تحملان صورة والدهما عبد الرحمن صلاح الذي أطلق الاحتلال سراحه وأبعده رغم سنه الكبير ومرضه (الجزيرة) غصة الإبعاد

وتبقى الفرحة بالتحرر عند الأسرى والاجتماع بذويهم منقوصة عند آخرين كعائلة الأسير الشيخ عبد الرحمن صلاح (73 عاما) من مدينة جنين شمال الضفة الغربية والذي كان ضمن الأسرى الذين أبعدتهم إسرائيل.

وتقول ابنته فداء صلاح للجزيرة نت "نعيش مشاعر مختلطة بكل معنى الكلمة، ففرحتنا بتحرر والدي كبيرة، لكن الاحتلال حطَّم اشتياقنا له بعد اعتقال 23 عاما بإبعاده خارج الوطن، وزاد معاناتنا بمنعنا من السفر لرؤيته".

الأسير المحرر الشيخ عبد الرحمن صلاح من فوق سرير الشفاء في المشفى بمصر بعد تحرره (الجزيرة)

وعبر الاتصال بالفيديو عاشت عائلة الشيخ صلاح فرحة الإفراج عنه، وبذلك أيضا تواصل الاطمئنان عليه في رمضانه الأول، وتتابع حالته الصحية، فهو ومنذ تحرره يواصل علاجه داخل المشفى في دولة مصر حيث تم إبعاده.

تضيف ابنته "رغم الإفراج، يشعر والدي بغصة الإبعاد والمنع من الصيام بطلب من الأطباء".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأسیر المحرر الإفراج عنه للجزیرة نت الإفراج عن فی رمضان

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد الصحفيين المُعتقلين في سجون الاحتلال منذ بدء العدوان

أعلن نادي الأسير الفلسطيني، ارتفاع عدد الصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلى 49، منذ منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وذلك بعد اعتقال الصحفي علي السمودي من جنين، صباح اليوم الثلاثاء.

وأوضح نادي الأسير في بيان، أن المعتقلين الصحفيين ال49، هم من بين (177) صحفياً/ة تعرضوا للاعتقال والاحتجاز منذ بدء الإبادة، استناداً إلى عمليات التوثيق والرصد التي أجرتها المؤسسات.

وقال، إن سلطات الاحتلال تواصل تصعيد استهداف الصحفيين الفلسطينيين عبر عمليات الاعتقال الممنهجة، إلى جانب عمليات الاستهداف اليومي خلال أداء عملهم، هذا فضلا عن استمرار عمليات اغتيال الصحفيين في غزة في مرحلة هي الأكثر دموية بحق الصحفيين، وذلك في محاولة مستمرة لاستهداف الحقيقة والرواية الفلسطينية.

وأكد نادي الأسير، أن سلطات الاحتلال في الضفة تستهدف الصحفيين عبر عمليات الاعتقال الإداري أي تحت ذريعة وجود (ملف سري)، وعددهم من بين إجمالي الصحفيين المعتقلين (19). كان آخر من أُصدر بحقهما أوامر اعتقال الإداري الصحفيان سامر خويرة، وإبراهيم أبو صفية.

وإلى جانب عمليات الاعتقال الإداري، فإن الاحتلال يستهدفهم عبر الاعتقال على خلفية ما يسميه الاحتلال (التحريض)، أي معتقلين على خلفية حرية الرأي والتعبير، إذ تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى أداة لقمع الصحفيين، وفرض المزيد من السيطرة والرقابة على عملهم.

ولفت نادي الأسير إلى أن الصحفيين يتعرضون لكل الجرائم الممنهجة التي يواجهها المعتقلون، ومنها جرائم التجويع، والجرائم الطبية، وجرائم التعذيب، إلى جانب العديد من عمليات التنكيل.

يذكر أن العشرات من صحفيي غزة يواصل الاحتلال اعتقالهم من خلال قانون (المقاتل غير الشرعي)، ومنهم من لا يزال رهن الإخفاء القسري.

وجدد نادي الأسير مطالبته للمنظومة الحقوقية الدولية، باستعادة دورها الحقيقي واللازم، وإنهاء حالة العجز الممنهجة التي ألقت بظلالها على المنظومة الإنسانية منذ بدء الإبادة، وأحد أوجها الجرائم التي تُرتكب بحق المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعسكراته، وضمان حماية الصحفيين، وعملهم الذي شكل أبرز الأدوات التي ساهمت في الكشف عن مستوى جرائم الإبادة.

ونوه إلى أن حالات الاعتقال تشمل من اعتُقل وأبقى الاحتلال على اعتقاله ومن أُفرج عنه لاحقا.

المصدر : وكالة وفا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين شاهد: بالأسماء: سلطات الاحتلال تُفرج عن 10 أسرى جُدد من قطاع غزة الرئيس عباس يُصدر قرارا بقانون بشأن المنافسة غرفة العمليات الحكومية تستعرض الدعم الباكستاني لقطاع غزة الأكثر قراءة 4 شهداء بينهم طفلتان في قصف على الشجاعية والنصيرات فصائل تعلن عدم مشاركتها في اجتماعات المجلس المركزي الحكومة الفلسطينية تصدر حزمة من القرارات الجديدة خلال جلستها الأسبوعية صورة: الجيش الإسرائيلي يعترف بقصفه الآليات الثقيلة في غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • مؤسسات الأسرى: تفشٍ واسع النطاق للأمراض بين صفوف الأسرى
  • محكمة الاحتلال تقرر تشريح جثمان الشهيد الأسير مصعب عديلي
  • في محاولة لتصفيته.. الكشف عن تفاصيل مروعة لتعذيب الأسير عبد الله البرغوثي
  • الأونروا: موظفونا تعرضوا للضرب والترويع في سجون الاحتلال
  • ارتفاع عدد الصحفيين المُعتقلين في سجون الاحتلال منذ بدء العدوان
  • الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة
  • شاهد: سلطات الاحتلال تُفرج عن 10 أسرى جُدد من قطاع غزة
  • “إعلام الأسرى”: 6 أسرى محررين بينهم نائل البرغوثي يصلون إلى تركيا اليوم
  • نادي الأسير الفلسطيني: إدارة سجون إسرائيل تتعمد نقل الأوبئة للأسرى
  • عظامه مكسرة.. معلومات جديدة وصادمة عن الأسير عبد الله البرغوثي