في ظل التصريحات الإسرائيلية المتضاربة حول احتمال استئناف العدوان العسكري على قطاع غزة، يبرز تساؤل عن مدى واقعية هذا السيناريو الفترة المقبلة، حيث يرى محللان سياسيان أن الأمر قد لا يتعدى كونه أداة ضغط في المفاوضات الجارية.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) سيجتمع الأحد المقبل لمناقشة احتمال استئناف القتال، كما أشارت إلى تعليمات أصدرتها القيادة الجنوبية للجيش للجنود بالاستعداد لاحتمال تجدد الحرب، مع تعزيز القوات قرب قطاع غزة.

ويرى الدكتور محمود يزبك، الأكاديمي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن الحديث عن تجدد الحرب يحمل قدرا كبيرا من الضبابية المقصودة، ويوضح أن المجتمع الإسرائيلي، وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، يعارض بنسبة تتراوح بين 70 و75% فكرة العودة إلى القتال.

ويشير يزبك إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الوحيد الذي يلوح أحيانا بهذا الاحتمال، بينما تبدي القيادة العسكرية معارضة واضحة لفكرة تجديد الحرب.

ويضيف أن الجيش الإسرائيلي يعاني من إرهاق كبير، حيث وقع آلاف الجنود على عرائض ترفض العودة إلى القتال في غزة، كما أن إسرائيل فقدت ما بين 15 و16 ألف جندي بين قتلى وجرحى ومرضى نفسيين خلال الحرب الأخيرة.

إعلان ضربات محدودة

ويرى الأكاديمي المتخصص بالشأن الإسرائيلي أن هذه المعطيات مجتمعة تشير إلى صعوبة استئناف حرب واسعة النطاق، رغم احتمال حدوث ضربات محدودة لكنها مشروطة بالموافقة الأميركية.

ومن جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة أن الفصائل الفلسطينية تأخذ احتمال تجدد القتال بجدية، رغم أن المؤشرات لا تؤكد أن الحرب هي الخيار الأول لإسرائيل، لافتا إلى أن التلويح بالحرب قد يكون أداة ضغط في المفاوضات، خاصة مع زيارة المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف إلى المنطقة.

ويشير الحيلة إلى أن إسرائيل تستخدم المعاناة الإنسانية في غزة أداة حرب، مع تحريك القطع العسكرية لإظهار الجدية في موقفها، ويرى أن انعقاد المجلس الوزاري المصغر يوم الأحد، بعد زيارة ويتكوف، قد يكون محاولة لإظهار أن إسرائيل جادة في خيار الحرب إذا لم تتوصل المفاوضات إلى نتيجة.

ويعود يزبك ليلفت إلى أن الرسائل الإسرائيلية تبدو متضاربة، حيث تشير بعض التقارير إلى أن هدف ويتكوف هو تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق أو المضي قدما في المرحلة الثانية، دون ذكر لاستئناف الحرب.

ويشير إلى أن زيارة ويتكوف قد تكون بمثابة فرصة أخيرة لإسرائيل للتوصل إلى اتفاق، مع تهديد بفرض حلول إذا لم يتم التوصل إلى نتيجة، ويرى أن الإدارة الأميركية لن تقبل بنقض الاتفاقيات من قبل إسرائيل، خاصة أن ويتكوف يعتبر الاتفاقيات أساسا في سياسته.

سلاح الجوع

ويتساءل الحيلة عن مدى فعالية استخدام إسرائيل للجوع سلاحا ضد الفصائل الفلسطينية، ويوضح أن تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق ممكن وفقا لبنود الاتفاق، لكنه يتطلب التزام إسرائيل باستحقاقات هذه المرحلة، مثل استمرار دخول المساعدات ووقف إطلاق النار.

ومنتصف مساء الأحد الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب، وفي ظل إعلان حماس جاهزيتها للمضي قدما وفق بنود الاتفاق الساري منذ 19 يناير/كانون الثاني الماضي.

إعلان

ويعرقل نتنياهو ذلك، إذ كان يريد تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.

في حين ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان المرحلة الأولى من إلى أن

إقرأ أيضاً:

هآرتس: لبنان يواجه خياراً صعباً بين الحرب والتطبيع مع إسرائيل

رأت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنه في الوقت الذي يشهد لبنان دماراً، فإنه يخشى أن يتعرض لحرب إسرائيلية شاملة، حتى يصل البلدان إلى اتفاق لتطبيع العلاقات.

 

وقالت هآرتس تحت عنوان "لبنان مدمر، ويخشى أن تقصفه إسرائيل حتى يتم التوصل إلى اتفاق تطبيع"، أن القيادة اللبنانية الجديدة، التي يتعين عليها الآن التعامل مع عواقب الحرب، ودراسة سبل إعادة إعمار البلاد، وجمع القروض والمنح، لإصلاح الدمار الذي يقدر بأكثر من 13 مليار دولار، ونشر الجيش في جميع أنحاء جنوب لبنان، وإغلاق المعابر الحدودية غير الشرعية بين لبنان وسوريا، أصبحت محاصرة بين الضغوط الداخلية وتهديد تجدد الحرب.

#لبنان.. أول تعليق رسمي على "هجوم الفجر" الإسرائيليhttps://t.co/NahFreeigJ pic.twitter.com/gVIt1jarEZ

— 24.ae (@20fourMedia) April 4, 2025 نوايا خفية

وأشارت هآرتس، في التحليل الذي أعده المُحلل الإسرائيلي، تسيفي بارئيل، إلى البيان الذي صدر عن مكتب الرئيس اللبناني جوزيف عون بأن "استمرار العدوان الإسرائيلي يتطلب منا بذل جهد إضافي للحوار مع أصدقاء لبنان حول العالم، وحشدهم لدعم حقنا في السيادة الكاملة على أرضنا، إن الهجوم على الضاحية الجنوبية هو إشارة فاشلة لنوايا خفية ضد لبنان"، كما نقلت تأكيدات رئيس الوزراء نواف سلام أن هذا الهجوم "يشكل انتهاكا واضحا لترتيبات وقف الأعمال العدائية".

الاتفاق لا يزال بعيداً

ويضاف إلى ذلك "تهديد سياسي" آخر يحتل مكانة مركزية في الخطاب السياسي في لبنان، حيث قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بعد اجتماعه مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، إن إسرائيل مهتمة بالتطبيع مع لبنان، لكن "قد يكون من المبكر جداً، من وجهة النظر اللبنانية، القيام بذلك الآن".
وقال ساعر إن "البلدين باشرا بالفعل مناقشة عدة قضايا مثل ترسيم الحدود البرية، وإطلاق سراح اللبنانيين الذين تم أسرهم في الحرب، لكن في الوقت الحالي لا يتعلق الأمر بالمفاوضات حول التطبيع، وآمل أن يكون ذلك في المستقبل". 

وعلقت الصحيفة قائلة  إن النقاش حول التطبيع لا يزال بعيداً عن التحقيق، بل إن المفاوضات بشأن ترسيم الحدود متوقفة أيضاً، كما هو الحال مع التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من كل الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى أن لبنان غير مطمئن إلى لهجة ساعر المستقبلية، التي تعتبر أن الحديث عن التطبيع ينتمي إلى مستقبل ما، ويعتقد المعلقون اللبنانيون أن إسرائيل تنوي قصف لبنان حتى تطبع علاقاتها معه.

 

فجوة عميقة بين الموقف الفرنسي والأمريكي

وكان من المتوقع أن تصل مبعوثة الرئيس ترامب، مورغان أورتاغوس، إلى لبنان لاستخدام ثقلها الكامل لدفع قضيتين رئيسيتين، نزع سلاح حزب الله في جميع أنحاء لبنان، وإنشاء لجان دبلوماسية لإدارة المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البرية، ورغم أن ساعر لم يقدم الكثير من التفاصيل حول محتوى محادثاته مع بارو، إلا أن لبنان يدرك جيداً الفجوة العميقة بين الموقفين الفرنسي والأمريكي في القضيتين.

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تطالب لبنان بتحديد جدول زمني قصير لنزع سلاح حزب الله، فيما ترى فرنسا، التي تدعم موقف الرئيس اللبناني، أن نزع السلاح يجب أن يتم عبر الحوار والتوافق الداخلي، من أجل منع الصراع بين الجيش اللبناني وحزب الله، والذي قد يؤدي في رأيها إلى حرب أهلية.

ووفقاً لـ"هآرتس"، فقد لا تكتفي أورتاغوس، في ظل نفاد صبر إدارة ترامب المعتاد، بالمطالبة بجدول زمني سريع، بل قد تهدد أيضاً بأن لبنان لن يتمكن من تلقي أي مساعدات والبدء في إعادة بناء البلاد إذا لم ينزع سلاح التنظيم، أما بالنسبة للجان التفاوضية لترسيم الحدود، فهنا أيضاً فجوة بين الموقف الأمريكي والتوجه اللبناني والفرنسي، الذي يرفض مصطلح "اللجان الدبلوماسية"، الذي يمكن تفسيره كآلية لإجراء مفاوضات سياسية شاملة مع إسرائيل، ويصر في الوقت الراهن على أن تتألف اللجان من عسكريين وعناصر مهنية، كما كان الحال في المفاوضات السابقة، وأن تدور المحادثات حول القضايا التقنية فقط ولن تتوسع إلى المفاوضات السياسية.

تعاون ضروري

لكن الحكومة اللبنانية، وكذلك حزب الله، يدركان أن فرنسا وحدها لن تتمكن من إملاء سياستها دون التعاون مع الولايات المتحدة، أي من دون الضغط الأمريكي على إسرائيل، وهذا ليس وارداً حالياً، لأن لبنان يحتاج، من أجل الحصول على المساعدة الأولية لإعادة الإعمار والتنمية، إلى قروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهما مؤسستان تقعان تحت نفوذ أمريكي كبير.

لبنان يدعو أوروبا للضغط على إسرائيل للانسحاب من أراضيهhttps://t.co/p9BxoRRD9W

— 24.ae (@20fourMedia) April 3, 2025 صعوبة تقييم الأضرار

وأشارت الصحيفة إلى أن البنك الدولي أوضح بالفعل أنه يواجه صعوبة في إجراء "تقييم لحجم الأضرار"، والذي من شأنه أن يشكل الأساس لتقدير المساعدة التي يحتاجها لبنان، طالما أن وقف إطلاق النار غير كامل ونهائي.
وتابعت: "يحمل صندوق النقد الدولي حقيبة ثقيلة من الإصلاحات التي يتعين على الحكومة اللبنانية تنفيذها، مثل تغيير هيكل النظام المصرفي، وإنشاء آليات للإشراف على التحويلات المالية ومنع الفساد، والتشريعات الواسعة التي من شأنها منع غسل الأموال، وإرساء الشفافية، والحد من تمويل الجماعات المسلحة"، موضحة أنه تم توقيع اتفاق بشأن كل هذه الأمور بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي في عام 2022، ولكن حتى الآن لم يتم تطبيق سوى تصحيحات قليلة جداً.

وأضافت الصحيفة أنه لا يزال من المبكر جداً تقييم مدى قدرة الحكومة اللبنانية، التي بدأت للتو مهماتها السياسية، على التعامل مع المطالب والشروط التي تضعها الولايات المتحدة أمامها.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: إسرائيل تتبنى إستراتيجية تقطيع غزة لعزل المقاومة عن المدنيين
  • حروب مصر وتركيا وإيران مع إسرائيل بين الحقيقة والتهويل؟!
  • كيف تتحضر إسرائيل للحرب الشاملة ومهاجمة إيران؟
  • جنرال إسرائيلي: حرب غزة كانت الأكثر ضرورة في تاريخ إسرائيل ولكن..!
  • إسرائيل تدك غزة.. وسكان حي الشجاعية يستغيثون إنقاذهم
  • خبراء: الاحتلال عاد للحرب أكثر إجراما وغزة حقل تجارب لأسلحته الفتاكة
  • ماحدش عارف الظروف .. علاء ميهوب يطالب بعودة رمضان صبحي للأهلي
  • ما أهمية تحذير أبو عبيدة بشأن أسرى الاحتلال وتداعياته؟ محللان يجيبان
  • صفقة التبادل.. المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف يزور الشرق الأوسط خلال أيام
  • هآرتس: لبنان يواجه خياراً صعباً بين الحرب والتطبيع مع إسرائيل