حين تفسد مواقع التواصل الإجتماعي برمضان فرحتنا ويقتل الرياء والمظاهر أسمى عباداتنا…
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
عندما دقَّ هلال شهر رمضان أبوابنا فرحاً مستبشراً، كأنَّ البعض طلب منه الوقوف قليلاً قبل الدخول، فشحن هاتفه الجوّال وفتح الكاميرا مع بث مباشر. وخاطبه قائلاً: الآن تستطيع التفضّل، حللتَ أهلاً وسهلاً يا شهر الخير أعادك الله علينا بالخير واليمن والبركات.
حسناً، ماذا في جعبتك يا أشرف الشهور؟ تريّث، ها هو ذا صديقي يسأل عن مائدة اليوم، سألتقط صورة للتحضيرات الأولية لطعام الإفطار.
آه، لقد نسيت أرجو المعذرة، لقد عقدت العزم أن أتوقف أو أقلل من هذه الماديات والمُلهيات الدنيوية. سأهتم في هذه الأيام بالأمور الروحانية فقط.
إذاً سألتقط صورة معبّرة لسجادة الصلاة ومن زاوية مظلمة قرآني المذهّب. وبلقطة احترافية أخرى كتاب الأدعية وتتوسط صفحاته مسبحتي الفيروزية. هذا والهلال ينظر حزيناً واجماً وهو الذي جاء محملاً بالهدايا والآخر مشغول ولاهٍ عنه.
ما ذكر أعلاه، ليست قصة حزينة تُحكى للأطفال قبل شهر رمضان للعبرة والاتعاظ، بل هي قصة قصيرة للكبار. هي حقيقة لا مجاز مع بالغ الأسف.
هذا الشهر الفضيل يحل علينا في السنة مرة، شهر مبارك أنفاس الصائمين فيه تسبيح ونومهم عبادة. ساعاته أفضل الساعات ولياليه أفضل الليالي، تُغل فيه الشياطين.
لكن تبقى النفس الأمّارة وأدرانها ومنها التعلق الإلكتروني اللامعقول والإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي بمنصاتها المختلفة.
هذا الشهر عبارة عن محطةكلنا يعلم أنَّ هذا الشهر عبارة عن محطة، نكون في رحابها بعد أحد عشر شهراً. وكل المسلمين في العالم هم في ضيافة الرحمن على مائدة عامرة.
وأي مائدة، لن تستطيع أحدث الأجهزة الإلكترونية وأكثر الكاميرات احترافاً ودقة التقاط صورة حقيقية لها. لأنها وببساطة مائدة معنوية بنسمات سماوية مليئة بالعطايا الربانية.
في الحقيقة، نحن طوال العام نوثّق تفاصيل حياتنا اليومية، نجاحاتنا، خيبات أملنا، رحلاتنا الترفيهية. وجمعاتنا مع الأهل والأصدقاء، عن طريق الصور والمنشورات والتغريدات.
كل هذا لا بأس به، فمشاركة الأفراح والأتراح وحب المواساة ومشاركة اللحظات السعيدة والحزينة حرية شخصية. لكن العجب العجاب هو توثيق لحظات المناجاة والأدعية الخاصة مع رب العباد.
إنَّ للصّيام فلسفة عميقة الكثير منّا غافل عنها، فإن لم نستطع الصوم عن هواتفنا وبرامجها ووسائل التواصل الاجتماعي. فأضعف الإيمان أن نجعل منها أكثر جدوى وعمقاً.
لن ندعو هنا إلى وضعها بعيداً عنّا والدخول في صومعة العبادة الفردية، لأن الله سبحانه جعل هذا الشهر كالحج وصلاة العيد والجماعة له مظهر ورمزية للتكافل الاجتماعي والتراحم مع الأقارب والأصدقاء وإن كانت إلكترونياً فقط.
ولكن ليس من الصحيح مشاركة لحظاتنا الإيمانية مع كل من هبّ ودب ونفقد بذلك أجر الإخلاص لحب الظهور والرياء.
لتكن منشوراتنا في هذا الشهر الفضيل أكثر فائدة، كيف نتغيّر في رمضان مثلاً؟ كيف نقلع عن عادات سيئة وسلوكيات خاطئة؟. مشاركة برنامج عبادي أو تربوي أو أخلاقي أو حتى ختمة قرآنية بصورة ميسّرة للأطفال. نشر الأحاديث النبوية وثواب تلاوة القرآن والأدعية الرمضانية التي هي ينبوع عظيم لا ينضب.
وأخيراً، على المؤمن العاقل أن يعي أنه في شهر رمضان هو في سبق إيماني وروحاني وتنموي على كل الأصعدة. وليس في سبق صحفي يتعكّز على الأخبار العاجلة من أرض الحدث.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: هذا الشهر
إقرأ أيضاً:
لماذا البط وجبة إفطار رمضانية رئيسية على مائدة البورسعيدية
كثير من أبناء محافظات مصر لهم طقوس رمضانية أول أيام افطار الشهر الكريم ولكل مائدة مواصفاتها الخاصة حسب العادة و الاعتياد
وكثيرا ما يتساءل أهالي محافظات مصر عن سبب إقدام أهالي محافظة بورسعيد على تناول البط أول أيام الشهر الكريم وكلما تواجد أحد أبناء الباسلة فى اي محافظة أخرى يجد سؤال واحد مطلوب منه الإجابة عنه لماذا البطة في أول أيام رمضان في بورسعيد ؟
ويجيب صدى البلد عن تساؤل الجميع عن سبب اعتبار وجبة البط في أول أيام شهر رمضان تقليدا مميزا في محافظة بورسعيد المصرية ولا يخلو منها أي بيت تقريبا في أول أيام شهر رمضان المعظم .
حكاية البط على مائدة اول يوم إفطار رمضان للبورسعيدية والكراكيب تاني وثالث أيام الشهرويرجع السبب الرئيسي إلى أن خلف هذا التقليد جذور تاريخية تعود إلى بدايات العمل في حفر قناة السويس ففي عام 1859 ومع بدء حفر قناة السويس توافد العديد من العمال والمهندسين الأجانب إلى بورسعيد وقد استقروا في الحي الإفرنجي الشرق حاليا بينما كان المصريون يسكنون في حي العرب .
وجاء موعد الإحتفال بعيد الميلاد المجيد الكريسماس وكان أول عيد ديني يأتي بعد البدء في حفر القناة فاحتفل الأجانب بنحر وتناول الديك الرومي.
وبعد ذلك جاء الإحتفال الديني للمصريين وهو قدوم شهر رمضان المعظم فرغب المصريون في تناول طبق فاخر ينافس طبق الديك الرومي عند الأجانب فوقع اختيارهم على البط الذي كانوا يعكفون على تربيته في بيوتهم .
ومن هنا ترسخت عادة نحر وتناول البط في أول يوم رمضان للاحتفال المميز .
ومع مرور الوقت ترسخت هذه العادة بين أهالي بورسعيد وأصبح تناول البط جزءا أساسيا من مائدة الإفطار في أول أيام رمضان عند أهالي بورسعيد خصوصا البط المرجان.
ومع ارتفاع الأسعار و اندثار التربية فى البيوت البورسعيدية بدأ الكثير اللجوء إلي انواع أخرى من البط لعدم القدرة على دفع تكلفة البط المرجان المهم أن تكون المائدة عامرة بالبط أول أيام الشهر الكريم.
ومع انتهاء اليوم الأول على مائدة الإفطار تعكف ست البيت البورسعيدية على تجميع بقايا البط و البطاطس و الملوخية لثاني أو ثالث ايام الشهر الكريم ليتناول الجميع ما تبقي تحت اسم الكراكيب.