كيف عاشت أمريكا 250 عاما بلا لغة رسمية؟.. تعرف على الحكاية
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
يسلط توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على أمر تنفيذي باعتماد اللغة الإنجليزية، لغة رسمية للولايات المتحدة، الضوء على قضية شهدت جدلا منذ تأسيس البلاد، قبل نحو 250 عاما، وفشلت فيها محاولات لفرض المسألة، رغم أن الإنجليزية تعتبر لغة وطنية كأمر واقع، لكنها لم تكتب بالدستور.
ويرى معارضو القرار، أن ترامب يسير بمزيد من الخطوات، نحو إقصاء مجتمعات المهاجرين واستهدافهم، وفرض اللغة على المجتمعات غير الناطقة بها، في ظل التنوع الهائل للثقافات والجذور للسكان، ومن ضمنها لغاتهم التي لا يزالون يحافظون عليها.
لماذا لم تعتمد الولايات المتحدة لغة رسمية سابقا؟
مع إعلان استقلال الولايات المتحدة، عام 1776، كانت الإنجليزية اللغة الأكثر شيوعا بين المستعمرين الجدد للبلاد، ورغم ذلك، لم يتمكنوا من وضعها اختيارها لغة رسمية وحيدة في الدستور، بفعل أن المستعمرين كانوا ينحدرون من دول أوروبية مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من اللغات
وكان من شأن فرض الإنجليزية لغة رسمية في الدستور، خلق تمييزات لغوية بين السكان ولذلك بقي الدستور الأمريكي، يحافظ على مسألة التعددية اللغوية، رغم أن لغة الأمر الواقع في البلاد والمعاملات والبيانات الرسمية تكتب بالإنجليزية.
ولايات تبنت اللغة الإنجليزية:
حتى ما قبل قرار ترامب، لم تفرض الإنجليزية فيدراليا كلغة رسمية، لكن 32 ولاية، من أصل 50 إضافة إلى 5 أقاليم وهي الجزر الواقعة خلال الحدود البرية للولايات المتحدة، من أصل 14 إقليما، أقرت الإنجليزية لغة رسمية ووحيدة لها، في كافة معاملاتها ومخاطباتها الرسمية، رغم وجود عرقيات متعددة فيها تحافظ كل منها على لغتها الأم.
تنوع لغوي واسع في الولايات المتحدة
تعتبر الولايات المتحدة، من أكثر دول العالم، تنوعا من الناحية اللغوية، ووفقا لموقع شارك أمريكا التابع للحكومة الأمريكية، يتحدث السكان ما بين 350-450 لغة وبحسب مكتب الإحصاء الأمريكي، فإن عدد المتحدثين بالإنجليزية من المواطنين الأمريكيين في المنزل، 78.4 بالمئة.
بينما يستخدم 21.6 بالمئة، من المواطنين، لغات أخرى، تأتي في المرتبة الثانية بعد الإنجليزية اللغة الإسبانية، والتي يتحدث بها 42 مليون شخصا في منازلهم، تليها الصينية 3.49 مليون شخص، والتاغالوغية، 1.7 مليون شخص، والعربية 1.2 مليون شخص.
محاولات تاريخية لفرض الإنجليزية:
جرت محاولات في القرن الثامن عشر لفرض الإنجليزية، كلغة رسمية في البلاد ضمن الدستور، من الشعبويين الأمريكيين المتعصبين لقوميتهم، وتصاعد الرفض لاستخدام لغات مثل الألمانية في بنسلفانيا والفرنسية في لويزيانا.
وخلال الحرب العالمية الأولى، جرت محاولات لحظر اللغات غير الإنجليزية، وخاصة اللغة الألمانية، بسبب العداوة في ذلك، لكن تلك المحاولات لم تلق طريقا للنجاح بسبب ضعف التأييد لهذه الأفكار.
الإنجليزية فقط:
استمرت المحاولات لفرض الإنجليزية لغة رسمية وحيدة لأمريكا، بعد ذلك، ففي القرن العشرين، عبر الرئيس ثيودور روزفلت، عن دعمه لفكرة "أمريكا لديها متسع للغة واحدة فقط"، لكنه لم يسع لصياغة قانون رسمي بذلك، وفشلت محاولة للجمهوريين عام 2021، لتمرار تشريع يعتمد الإنجليزية اللغة الرسمية لأمريكا، لكنه لم يحصل على الدعم الكافي.
احتجاج على قرار ترامب:
أثار قرار ترامب غضب الكثير من المكونات الأمريكية، غير الناطقة بالإنجليزية، وخاصة في جزيرة بورتوريكو، والتي تتحدث أغلبية سكانها اللغة الإسبانية، وقال عضو الكونغرس عن بورتوريكو، بابلو خوسيه هيرنانديز ريفيرا، إن القرار يتعارض مع هوية المنطقة ويقصي جزءا كبيرا من المواطنين الأمريكيين.
ما تأثير القرار على الأمريكيين؟:
يؤدي اعتماد الإنجليزية لغة رسمية وحيدة في أمريكا، بحسب معارضي القرار، إلى تعقيد الإجراءات الحكومية على الملايين من غير الناطقين بها، وغير متقنيها، ويصعب عليهم الحصول على الخدمات الحكومية، كما أنه انحياز لقومية وهوية معينة وهم البيض المسيحيون، متجاهلا التنوع الثقافي واللغوي الواسع الذي يتشكل منه نسيج الولايات المتحدة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الإنجليزية اللغات امريكا لغات الإنجليزية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإنجلیزیة لغة رسمیة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
لماذا لم يكن للولايات المتحدة لغة رسمية؟
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
هناك تقارير إخبارية تفـيدُ بتوقيع الرئيس دونالد ترامب أمرًا تنفـيذيًا يكرّس اللغة الإنجليزية كلغة رسمية للولايات المتحدة. ورغم أن معظم سكان الولايات المتحدة يتحدثون الإنجليزية، إلا أنها لم تُعتمد رسميا من قبل كلغة أمريكية.
يرجع ذلك جزئيًا إلى أن الولايات المتحدة تأسست على الهجرة من دول أخرى، حيث جلب المهاجرون لغاتهم الأصلية معهم. غالبًا ما انتقل هؤلاء إلى مجتمعات تتحدث لغتهم، وأقاموا فـيها أعمالًا تجارية وأسسوا عائلات. ربما لم يتعلموا الإنجليزية أو لم يتقنوها، لكن أبناءهم تعلموها، ليصبحوا الجيل الجديد من الأمريكيين المنخرطين فـي التراث المشترك للبلاد.
سُمحَ لهذا الأمر بالحدوث كجزء من عملية الاندماج. فالأشخاص المولودون فـي بلدان أخرى ويسعون للحصول على الجنسية الأمريكية يخضعون لاختبار فـي مدى إلمامهم باللغة الإنجليزية، ولكن تقديم الدعم للمهاجرين وعائلاتهم، بما فـي ذلك تسهيل استخدامهم للغتهم الأم، كان النهج السائد فـي البلاد.
ومن السهل أن نرى لماذا لا يتوافق هذا مع نهج ترامب. فقد جعل الرئيس الجمهوري من عدائه للمهاجرين محور طموحاته السياسية الوطنية، حيث بدأ حملته الانتخابية لعام 2016 بمهاجمة الهجرة، ثم استغل انتخابات 2024 ليجعل المهاجرين كبش فداء بكل السبل الممكنة. وشمل ذلك تركيزًا على اللغة، حيث أطلق ترامب العام الماضي تصريحًا غامضًا قال فـيه: «لدينا لغات تدخل إلى بلادنا، ولا يوجد من يتحدث تلك اللغات. إنها لغات أجنبية بالكامل. لا أحد يتحدث بها».
بالنسبة لترامب، فإن اللغات الأجنبية تمثل علامة غير مقبولة على «الغربة»، ولذلك يعتزم اتخاذ خطوة رسمية لرفض اللغات الأجنبية فـي الولايات المتحدة، رغم أن ذلك لن يعود بأي فائدة تُذكر، إن لم يكن بلا فائدة على الإطلاق.
من المهم أن نتذكر أن وجود أشخاص فـي الولايات المتحدة لا يتحدثون الإنجليزية ليس أمرًا جديدًا ولا حتى غير معتاد. فقد طرحت دائرة الإحصاء الأمريكية أسئلة حول مهارات اللغة الإنجليزية بشكل متقطع فـي الماضي، قبل أن تعتمدها كمقياس ثابت منذ عام 1980. ولكن إذا نظرنا إلى بيانات تعداد عام 1910، أي قبل أكثر من قرن، سنجد صورة مألوفة.
فوفقًا لدائرة الإحصاء، لم يكن حوالي 4٪ من سكان الولايات المتحدة فـي عام 1910 يتحدثون الإنجليزية. وكان معظمهم مصنفـين على أنهم «بيض مولودون فـي الخارج»، أي أنهم وُلدوا خارج الولايات المتحدة لكنهم لم يكونوا آسيويين أو من ذوي البشرة السوداء.
كما قيّم ذلك التعداد اللغات التي كان يتحدث بها سكان الولايات المتحدة آنذاك، حيث استخدم فئة تُدعى «الأصول الأجنبية»، وتشمل الأمريكيين البيض الذين وُلدوا خارج الولايات المتحدة أو وُلدوا فـيها لأحد الوالدين على الأقل من المهاجرين.
ومن بين هذه الفئة، أشار نحو ثلثهم فقط إلى الإنجليزية (أو إحدى اللغات السلتية) كلغتهم الأم، بينما اختار عدد مقارب منهم الألمانية، وأشار نحو واحد من كل عشرة إلى إحدى اللغات الإسكندنافـية .
فـي عام 2023، قدّرت دائرة الإحصاء الأمريكية أن أقل من 2٪ من سكان الولايات المتحدة لا يتحدثون الإنجليزية، بينما قال 3٪ آخرون إنهم لا يتحدثونها بطلاقة (وهو تمييز لم يكن موجودًا فـي تعداد 1910). ويتحدث الناس فـي الولايات المتحدة مئات اللغات المختلفة، وأكثرها شيوعًا بعد الإنجليزية هي العربية والصينية والإسبانية والتاغالوغية والفـيتنامية.
لا شك أن عداء ترامب تجاه اللغات الأجنبية (وكذلك تجاه الهجرة عمومًا) له جذور مرتبطة بالعرق والإثنيات، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين يسعون للانتقال إلى الولايات المتحدة. على سبيل المثال تعليقاته التي صدرت فـي عام 2018. ومن الواضح أيضًا أن العديد من أنصاره يشعرون بالانزعاج من استخدام لغات غير الإنجليزية فـي مجتمعاتهم.
ولا يُعد أمر ترامب التنفـيذي مجرد إجراء رمزي تمامًا، إذ من المتوقع أن تقلل الحكومة من تقديم المعلومات للجمهور بلغات غير الإنجليزية. لكنه فـي الغالب إجراء رمزي، يمثل مجرد عرض آخر من ترامب لمناصرة الأمريكيين الذين ينظرون إلى الأجانب، وخاصة غير البيض منهم، بشك وخوف.
لكن هذا الأمر، حتى لو تم تطبيقه، لن يقضي على المتحدثين باللغات الأجنبية بطبيعة الحال. بل إنه، فـي الواقع، قد يجعل عملية الاندماج أبطأ، وربما أكثر خطورة، حيث سيوظف تصنيف «اللغة الرسمية» كأداة لإسكات أو إحراج أولئك الذين لا يزالون فـي بداية طريقهم ليصبحوا مواطنين أمريكيين.
فـيليب بامب هو كاتب عمود فـي صحيفة واشنطن بوست ومقره نيويورك. مؤلف كتاب «التبعات: الأيام الأخيرة لجيل الطفرة السكانية ومستقبل السلطة فـي أمريكا».