تناولت صحف ومواقع عالمية تداعيات نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب على السياسة الدولية، مشيرة إلى أنه أحدث تحولات جذرية في النظام العالمي، وسط مخاوف متزايدة بشأن مستقبل حلف الناتو في ظل تصاعد الخلافات بين واشنطن وحلفائها.

وفي هذا السياق، كتب سيمون تيسدال في صحيفة "غارديان" أن ترامب لم يقتصر تأثيره على الولايات المتحدة فحسب، بل أدى إلى قلب النظام العالمي رأسا على عقب، حيث باتت المعاهدات الدولية محل تشكيك، والتحالفات مهتزة، والثقة بين الدول عرضة للاستبدال.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسرائيل اليوم: 15 دقيقة حسمت مصير ناحال عوز يوم السابع من أكتوبرlist 2 of 2كاتب سويسري: ترامب و"كيه جي بي" وإعادة كتابة التاريخend of list

وأضاف أن الزعماء العالميين بحاجة إلى استيعاب هذه التغيرات سريعا، إذ لم يعد الالتزام بالمبادئ والقوانين أمرًا مسلمًا به.

أما صحيفة "وول ستريت جورنال" فسلطت الضوء على تداعيات الخلاف بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مشيرة إلى أنه ألحق أضرارا جسيمة بحلف الناتو.

ونقلت الصحيفة عن الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، القائد الأعلى السابق للحلف، قوله إن الناتو قد لا يكون على وشك الانهيار لكنه يواجه تحديات غير مسبوقة تهدد مستقبله.

وأضافت أن القلق الأوروبي يتزايد بشأن القدرة على مواجهة التهديدات الروسية في ظل الغموض الذي يحيط بالتزام واشنطن تجاه الحلف.

إعلان دعم عسكري

من جانبها، تناولت صحيفة "واشنطن تايمز" التحولات في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، مشيرة إلى أن إدارة ترامب أقرت صفقات أسلحة ضخمة لصالح إسرائيل، بلغت قيمتها نحو 12 مليار دولار.

وأضافت الصحيفة الأميركية أن وزير الخارجية ماركو روبيو وقع إعلان طوارئ لتسريع تسليم مساعدات عسكرية بقيمة 4 مليارات دولار، في خطوة تتناقض مع القيود التي فرضتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

وفي الشأن الإسرائيلي، دعت صحيفة "هآرتس" حكومة بنيامين نتنياهو إلى الانتقال نحو المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، معتبرة أن إنقاذ الأسرى المتبقين يتطلب قرارات حاسمة.

غير أن الصحيفة الإسرائيلية أشارت إلى أن نتنياهو يرفض إنهاء الحرب أو الانسحاب من غزة، خوفا من انهيار ائتلافه الحاكم الذي يعتمد على دعم اليمين المتطرف، واعتبرت أن إستراتيجيته تقوم على المماطلة لإعادة تشكيل شروط التفاوض وكسب مزيد من الوقت.

أما صحيفة "لوموند" الفرنسية، فألقت الضوء على الوضع في الجنوب اللبناني، مشيرة إلى أن إسرائيل تبدو عازمة على البقاء هناك، مما يعزز التوترات الإقليمية.

وأضافت أن الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة الحدودية يسهم في تعزيز خطاب المقاومة الذي يتبناه حزب الله، إلا أن الأخير الذي أضعفته المواجهات المستمرة منذ أكثر من عام، ليس في وارد التصعيد العسكري حاليا، محملا الدولة اللبنانية مسؤولية التصدي للانتهاكات الإسرائيلية لسيادتها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات مشیرة إلى أن

إقرأ أيضاً:

انهيار التحالفات القديمة وصعود نظام عالمي جديد

يمكن أن يقرأ العالم الاشتباك العلني بين الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره الأوكراني زيلينسكي بمستوى أبعد بكثير من كونه مجرد لحظة توتر بين زعيمين إلى كونه إعلانا واضحا لنهاية النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. كان ترامب يقول بشكل واضح لا جدال فيه إن بلاده لن تلتزم بعد اليوم بدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا وهذا يعني أيضا إنهاء التزام أمريكا تجاه حلفائها الديمقراطيين في أوروبا وفي العالم أجمع.

كانت تلك اللحظة التي شاهدها العالم أمام شاشات التلفزيون تجسد شكل السياسة الخارجية في نهج ترامب، وهو نهج يقوم على فكرة الصفقة ويضرب بعرض الحائط أي طرح للعلاقات التاريخية أو التحالفات على مبدأ «الديمقراطية» الذي كانت الولايات المتحدة تتحدث عنه منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.. وبعد ما حدث للرئيس الأوكراني فلم يعُد هناك مكان للشراكات الاستراتيجية المبنية على القيم والمصالح المشتركة، بل أصبح كل شيء مجرد ورقة مساومة في لعبة القوى الكبرى. ومن كان مشككا في هذا النوع من السياسة الخارجية فعليه أن يتعلم الدرس مما حدث لزيلينسكي.

لقد كشف ترامب دون أي مواربة أنه يتعامل مع السياسة الخارجية كما لو كانت سلسلة من الصفقات التجارية حيث لا توجد التزامات دائمة، بل فقط مصالح متغيرة. ويبدو أنه مُصِرّ على التخلص من فكرة أن على الولايات المتحدة حماية حلفائها، حتى لو كان ذلك على حسابها. وهو ذاهب بشكل واضح نحو تفكيك التحالفات الأمريكية التقليدية بعد انسحابه التدريجي من التزامات بلاده تجاه الناتو، ومن حلفائه العرب وحتى من رؤيته أن روسيا شريكا محتملا في تشكيل نظام عالمي جديد.

ورغم أن فكرة بناء علاقات شراكة مع روسيا فكرة إيجابية جدا فإن القواعد التي يبني عليها ترامب هذه العلاقة تبدو أقرب لفكر الصفقات التجارية منها إلى بناء علاقات سياسية.

إن ترامب الذي يشغل العالم منذ دخوله البيت الأبيض للمرة الثانية تبدو عقيدته واضحة جدا؛ فلم تعُد الولايات المتحدة المدافع عن النظام العالمي الليبرالي، بل أصبحت قوة تبحث عن الهيمنة المطلقة، حيث يكون كل شيء متاحا للمساومة.

لكن هل كان الدرس الذي وجَّهَه ترامب لأوكرانيا يخصها وحدها؟ تبدو الرسالة أكثر عمقا مما قد يعتقد البعض أنها موجهة لكل حلفاء أمريكا وبشكل خاص الأوروبيين والآسيويين والعرب. فمن كان مستعدا للتخلي عن حليف بحجم أوكرانيا الملاصقة لروسيا فإنه قد يتخلى بكل بساطة عن تايوان وعن كوريا الجنوبية وعن اليابان وعن الدول العربية.

لكن كل هذا ليس قائما على المبادئ بل على حساب «الصفقة».. فعلى عكس زيلينسكي، الذي طُلب منه قبول الهزيمة، لم يُطلب من نتنياهو أي شيء لإنهاء الحرب في غزة، رغم سقوط عشرات الآلاف من المدنيين. هذه الازدواجية تعكس أن سياسة ترامب الخارجية لا تُحددها المبادئ، بل تحكمها الحسابات الشخصية والسياسية.

هذا الأمر يجعل مصداقية الولايات المتحدة تتآكل بسرعة.. فإذا كان بإمكان واشنطن التخلي عن أوكرانيا بهذه السهولة، فما الذي يمنعها من التخلي عن حلفائها الآخرين؟ الاتحاد الأوروبي، الذي يشعر بخيبة أمل متزايدة من القيادة الأمريكية، قد يسرّع خطواته نحو بناء قدرات دفاعية مستقلة. أما في آسيا، فقد تبدأ الدول في البحث عن ترتيبات أمنية بديلة، وربما حتى إقامة علاقات أقوى مع الصين.

يعتقد ترامب أنه يستطيع إعادة ترتيب ميزان القوى العالمي من خلال نهج قائم على القوة الاقتصادية والعسكرية، متجاوزًا التحالفات، وعقد صفقات مباشرة مع القوى الكبرى، لكن التاريخ يظهر أن انهيار التحالفات غالبًا ما يؤدي إلى اضطرابات عالمية. النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، رغم عيوبه الكبيرة جدا، نجح في تحقيق هدفه الأساسي؛ فقد منع نشوب الحروب الكبرى، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول.

خرج الرئيس الأوكراني وقد عرف مصير بلده تقريبا، لكن السؤال الأهم الآن مَن سيكون الضحية القادمة في سياسة «الصفقة التجارية»؟

مقالات مشابهة

  • يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟
  • صحافة عالمية: إسرائيل لن تستأنف القتال في غزة قريبا رغم تعثر المفاوضات
  • الناتو: واشنطن ملتزمة بالحلف رغم انتقادات ترامب المتكرّرة
  • روبيو: ترامب الوحيد في العالم الذي يستطيع جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات
  • صحف عالمية: آمال وقف دائم للحرب تراجعت وعلى إسرائيل التعلم مما حدث لزيلينسكي
  • أحمد موسى: زيلينسكي شبه اطّرد من البيت الأبيض
  • بولندا تدعو زيلينسكي للعودة إلى المفاوضات مع ترامب
  • انهيار التحالفات القديمة وصعود نظام عالمي جديد
  • الناتو يدعو زيلينسكي إلى "إصلاح العلاقات" مع ترامب