بينما الساعة تقارب الواحدة بعد الظهر وسخونة الهواء الرطب تلفح الوجوه والإحساس بدرجة الحرارة العالية يطارد زبائن سوق التمور في منطقة الشويخ الصناعية يتكئ السبعيني أبوصالح على عصاه لينزل من سيارته برفقة سائقه ليهم على بعد أمتار معدودة بدخول أحد محلات بيع التمور.
مصحوبا بخبرة سنوات طويلة في اختيار التمور يعاود أبوصالح طقوسه في شراء البرحي فما إن جلس داخل أحد المحلات بين عثوق الرطب الصفراء والحمراء والخضراء وبالكاد يلتقط أنفاسه يبدأ يجول ببصره بين أنواع الخلال والرطب المعروض في الصواني المعدنية ويتساءل: نزل البرحي!؟
لا حماية لـ «الفن الاصطناعي» ! منذ 14 ساعة قتل «نينجا».
ثم يمد يده على حبات متوسطة الحجم مناصف لونها ذهبي مائل للاصفرار في النصف الأعلى والآخر مرطب وبخبرته الطويلة يتناول بعضها ثم يرتشف قهوة عربية نيبارية غنية بطعم الهيل ليتمتم موافقا: طيبة..ممتاز..ويلتفت إلى البائع: ستة كراتين برحي كل كرتونين على حدة..
هذا المشهد ربما من المألوف أن يتكرر أو يصادف أحدنا كل عام.. فمع بداية شهر أغسطس تحديدا ومع اقتراب ظهور نجم (سهيل) ترى عثوق البرحي تتدلى على جوانب النخيل كأنها ثريات صفراء تبعث على البهجة وتتميز بأنها آخر النخيل التي يستوي فيها الرطب ويحين موعد قطافه.
وتتميز أرض الكويت بإنتاج أفخر أنواع البرحي في المنطقة ويشهد سوق التمور انتعاشا ملحوظا في حركته بشكل غير عادي حينما يقتحم رطب البرحي الكويتي الأسواق وسط ترقب الزبائن لهذه الثمرة المباركة التي تتميز بخلو ثمارها من المادة العفصية القابضة في مرحلة الخلال الأصفر (البسر) إلى مرحلة التمر مما يميزه عن باقي الأصناف الأخرى ويكون لون ثمرة البرحي في مرحلة النمو أصفر فاقعا يميل أحد جانبي الثمرة للون البرتقالي وطعمه حلو ويخلو من المادة اللاذعة.
وفي السوق تجد صواني الرطب البرحي الكويتي المعروضة والموثوقة داخل المحال ترحب بالزبائن وهذه الثمرة تحتل مكانة كبيرة عند أهل الكويت وهي بلا منازع من أجود أنواع الرطب على مستوى الخليج العربي سواء عند المزارعين او المستهلكين نظرا إلى جودة ثماره في مراحل نضجه المختلفة.
الأفضل والأجود
وبهذا الشأن قال المهندس الزراعي أبوناصر الدوسري لوكالة الأنباء الكويتية، اليوم الأربعاء، إن للرطب عشاقا وزبائن يحرصون على شرائه وخصوصا البرحي الكويتي الذي يعتبر الأفضل والأجود على الإطلاق عند أهل الكويت.
وأضاف الدوسري أن هناك مئات الأصناف من ثمار البلح لكن أهم المزروع منها في الكويت «البرحي» منذ بداية موسم الرطب وتحديدا من شهر يونيو.. وبداية الموسم كنا نستورد الرطب من المملكة العربية السعودية كالاخلاص وروتانا المدينة والسكري وغيرها لكن مع نزول الإنتاج الكويتي من مزارع الوفرة والعبدلي بداية من رطب السعمران الذي يبدأ الموسم بنضوجه مبكرا و«نبوت سيف» القريب في الجودة من البرحي و«ام دهن» التي تمتاز باستخلاص الدبس منها إلى البرحي ويضم السوق بين أكثر من 24 نوعا من الرطب والخلال أشهرها الاخلاص والبرحي والسكري والخنيزي.
ولفت إلى أن الكويت تتميز بتنوع أصناف النخيل وإن كان أشهرها وأهمها البرحي حيث تتدلى العثوق على جوانب الأشجار وكأنها ثريات صفراء فاقعة تسر الناظرين منها السعمران والحلاوي والخلاص والبرحي ونبتة سيف والسكري والبيشي وغيرها.
وأوضح أن النضج يستمر حتى بداية أغسطس ويكون آخرها البرحي الذي يفضله معظم سكان الكويت وينتهي في منتصف سبتمبر مبينا أن من الأصناف المرغوبة أيضا (الزهدي والصقعي والبرني والريان والصيحاني والديري والبريم والحيجاب والرزير والشيسي والحاتمي والحلاوي).
وذكر أن المزارع الكويتي متميز في زراعة النخيل وإنتاجه من النوع الجيد ونخلة البرحي تحتاج الى أرض برحي واسعة مثل البراحة وهي شجرة مدللة تحافظ على نفسها وثمارها مميزة يؤكل بلحها ورطبها وتمرها وتختلف مسميات ثمار محصول النخيل وفقا لمراحل النصج تسمى في الكويت في أولى مراحله «خلالا» وأوسطها «رطبا» وآخرها «تمرا» بينما تتم عملية النضج والحصاد خلال يوليو وأغسطس وسبتمبر كل عام.
وتابع الدوسري أن شجرة البرحي تتميز بحجمها الكبير وجسم نخلة البرحي عريض والسعف يفرش بدون ما ينشف فهي من ناحية جمالية من أحلى قوام وأشكال النخيل وتابع تحمل النخلة الواحدة ما يقارب من 10 إلى 15 عذقا ويصل وزن العثق الى 20 كيلوغراما أي كل نخلة تعطي نحو 200 إلى 300 كيلوغرام.
فاكهة من الجنة
من جانبه قال المزارع في منطقة العبدلي خالد الظفيري لـ(كونا) إن ثمار البرحي مذاقها حلو في جميع مراحله من خلال - رطب - تمر وكأنها فاكهة من الجنة بلا منازع وهذه الفاكهة الغنية بالفيتامينات والمعادن تأتي في مجموعة متنوعة من الأشكال والأحجام المختلفة وحتى النكهات وهي أقل سعرات حرارية من بين جميع أنواع النخيل ومثالية لمرضى السكر تحتوي على سكريات وأملاح ودهون بنسب قليلة مقارنة بالأنواع الأخرى.
وأضاف الظفيري أن البرحي يحتل المرتبة الأولى بلا منازع على مائدة أهل الكويت يليه السكري (تمر ورطب) ثم الاخلاص وبعض الكويتيين اتجه في الفترة الأخيرة إلى أنواع أخرى من التمور منها المبروم والعجوة والصفاوي والبرني والبرني الغيص.
وأشار إلى أن موسم جني الرطب يبدأ من منتصف شهر يوليو وبداية شهر أغسطس ليتبعها باقي الأصناف مع اكتمال نضج الثمار تتابعا الى نهاية الصيف وللرطب فوائد عظيمة وينصح الشباب والكبار بتناوله.. وفوائده الصحية تأتي لاحتوائه على نسب عالية من البوتاسيوم والكالسيوم ويساهم في بناء العظام والأسنان وهو مقو عام للعضلات ويعالج ضعف البصر إضافة إلى فوائد كثيرة.
وذكر أن البرحي الكويتي والأنواع المحلية متوافرة منذ بداية الشهر وقد بدأت الأسواق تستقبل الناتج المحلي إضافة الى جانب المستورد من التمور والرطب من السعودية والإمارات والأردن مشيرا إلى وجود إقبال كبير من المواطنين والمقيمين على جميع أصناف الرطب والتمور البرحي والاخلاص والسكري.
وبين أن البرحي مازال يتصدر مبيعات التمور في الأسواق التجارية وفق ما يجمع عليه تجار سوق التمر في منطقة الشويخ كما أنه يصنف عالميا من حيث المذاق والحجم ويحتل المرتبة الأولى من حيث الطعم في المنطقة وإن كان البريم مذاقه أكثر حلاوة من البرحي ويوازيه في قيمته الغذائية.
المصدر: الراي
إقرأ أيضاً:
“الحويج” و”بوحسن” يشاركان بانطلق فعاليات اليوم الدراسي للاقتصاد الأخضر
الوطن|متابعات
تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور أسامة حماد، وبإشراف مباشر من وزير الخارجية والتعاون الدولي الدكتور عبدالهادي الحويج ووزير الزراعة والثروة الحيوانية المهندس يونس بوحسن ، انطلقت صباح اليوم فعاليات اليوم الدراسي حول “الاقتصاد الأخضر” بعنوان: “تنويع الاقتصاد الليبي ضرورة وطنية: سلعة التمور – العوائق، الواقع، التحديات، الطموحات”.
ويهدف اليوم الدراسي إلى تسليط الضوء على أهمية تطوير قطاع التمور في ليبيا كإحدى الركائز الأساسية لتنويع الاقتصاد الوطني.
وتناول اللقاء العديد من المحاور الحيوية التي تطرقت إلى العوائق الراهنة، والواقع الذي يواجه هذا القطاع، بالإضافة إلى التحديات التي تحول دون وصول التمور الليبية إلى الأسواق العالمية.
وعرضت الفعاليات الطموحات المستقبلية لتطوير هذا القطاع الحيوي وتحويله إلى سلعة فاخرة قادرة على اقتحام الأسواق الدولية والمنافسة، بمشاركة هامة من خبراء دوليين من دول الجوار لنقل تجاربهم إلى بلادنا .
الوسوماسامة حماد الاقتصاد الأخضر عبدالهادي الحويج فعاليات اليوم الدراسي يونس بوحسن