منذ النشأة اعتمدت العصابات الصهيونية في فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي على ترويع الناس بارتكاب المجازر (باعتراف من ارتكبوها ويفخرون بها) لإجبار الفلسطينيين على الرحيل، ثم تدمير قراهم لطمس وجودها كدير ياسين، وقبية، وكفر قاسم، والبروة مسقط رأس محمود درويش، على سبيل المثال لا الحصر، واحتلالها بمباركة القوات البريطانية.
الفرات في منتصف العراق، والنيل في منتصف مصر) وكذلك الخرائط التي ينشرونها والتي تشير إلى مساحات تتعدى النيل والفرات لتصل إلى منتصف الجزيرة العربية، وربما أكثر من ذلك، ويضاف إليها كل تصريحات القادة والزعماء الذين جاؤوا من كل فج عميق من معتزلات أوروبا. وقد اعتمدوا على مجموعة من المقولات تروج إعلاميا في أوروبا وأمريكا لاستدراج العطف من ناحية، وتشويه صورة العربي من ناحية أخرى (فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، والعرب المتوحشون يريدون رمي اليهود في البحر، وإسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في شرق أوسط لا يعرف سوى الديكتاتوريات التي يريدون أن يدمروها) وقد نجحت إلى حد كبير في إقناع عقول الأوروبيين والأمريكيين باستخدام الإعلام والسيطرة عليه وعبر أفلام هوليوود وسواها من ناحية، وغياب أي خطاب عربي مقنع يواجه أكاذيب الخطاب الصهيوني.
الخطر الداهم: اليوم وبعد أكثر من قرن من الزمان، شنت خلاله إسرائيل حروبا واعتداءات، لا تعد ولا تحصى، على أكثر من بلد عربي، واستطاعت السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي العربية في فلسطين، ولبنان، وسوريا،(نص قرار التقسيم الاممي رقم 181 بأن 55 بالمئة تمنح لإسرائيل والباقي للدولة الفلسطينية، اليوم لم يتبق للفلسطينيين سوى 13 في المئة من المساحة الكلية البالغة حوالي 27000كم2، أي حوالي 3155كم2 وحتى هذه المساحة تريد ضمها، وتحتل من الجولان 1167كم2، وتحتل 25 كم2 من لبنان في مزارع شبعا) ودمرت مدنا بأكملها، ومئات المساجد والكنائس، واحتلت عاصمة عربية (بيروت) وقتلت عشرات الآلاف من الشعوب العربية التي واجهتها وكلها تحت عنوان: «أمن إسرائيل» ضد العرب «الإرهابيين» وحاصرت غزة وجعلتها سجنا مفتوحا لحوالي عقدين من الزمان. بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وفي عدوانها على لبنان دمرت عدة قرى لبنانية واحتلت خمسة مواقع في الجنوب، وقامت بتدمير كل المواقع العسكرية في سوريا بمعداتها، واسطولها الجوي والبحري، واحتلت مناطق جديدة في الجولان وجبل الشيخ. وطالب رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو “بتجريد كامل لجنوب سوريا من قوات النظام الجديد”.
كل قرارات الجامعة العربية بخصوص القضية الفلسطينية، والأمن العربي تم التخلي عنها
وحسب صحيفة يديعوت أحرنوت فإن حكومة دولة الاحتلال وضعت خطة تتضمن ثلاث منظومات دفاعية في حدود غزة ولبنان وسوريا وعلى أراضيها التي احتلتها مؤخرا. وتتصاعد الدعوات اليمينية المتطرفة في دولة الاحتلال للاستيطان وسرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية، دانييلا فايس رئيسة حركة «ناشالا» الإسرائيلية طالبت بالاستيطان في غزة ولبنان وسوريا، مؤكدةً أنّه تم عرض خطّة واسعة لذلك، وفي مقابلة مع القناة «الـ 14» الإسرائيلية قالت فايس: إنّ الاستيطان هو أساس الصهيونية، ويجب التوسع في الجليل ويهودا والسامرة (الضفة الغربية) والجولان.
من جهته، جدد الوزير الإسرائيلي المستقيل وزعيم حزب «القوة اليهودية» المتطرف إيتمار بن غفير، دعوته لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والاستيطان اليهودي فيه، وبدعم من الولايات المتحدة حيث قالها الرئيس الأمريكي صراحة: إن مساحة إسرائيل صغيرة ويجب أن تتوسع، وشبه حجم إسرائيل أمام الصحافيين في البيت الأبيض بقلم مقارنة بالطاولة التي يجلس عليها. وتشير بعض المعلومات إلى أن هناك خريطة أولية للتمدد الصهيوني في المنطقة العربية لإنشاء ما يسمى بممر داوود يبدأ من مناطق الجنوب السوري في منطقة جبل الدورز وينتهي في المنطقة الشمالية التي تحتلها قوات سوريا الديمقراطية الكردية قسد، وقد حذر الحكومة السورية مؤخرا بعد أحداث منطقة جرمانا ذات الأكثرية الدرزية بحجة أن إسرائيل تحمي دروز وأكراد سوريا. وهذا ما يلمح إليه نتنياهو بتغيير الشرق الأوسط عبر زج أمريكا خلال ولاية ترامب بحرب مدمرة مع إيران تستغلها إسرائيل لتنفيذ مخططها في سوريا ولبنان. ويقول بروفسور الاقتصاد السياسي في جامعة كولومبيا الأشهر في أمريكا: «إن نتنياهو خطر على العالم لقد أدخل أمريكا لحد الآن في خمس حروب مدمرة وهو يحاول أن يدخلنا في السادسة في إيران».
الاستراتيجية العربية: لم تتمكن الأنظمة العربية من بناء استراتيجية طويلة الأمد، فكل قرارات الجامعة العربية بخصوص القضية الفلسطينية، والأمن العربي تم التخلي عنها ،بدءًا من لاءات قمة الخرطوم 1967(لا تفاوض، لا سلام، لا اعتراف،) فلم يجف حبر البيان الختامي حتى اعترفت مصر بمشروع روجرز وقرار الأمم المتحدة رقم 242 الذي يتضمن اعترافا ضمنيا بإسرائيل، وبعد عقد من الزمن فقط تم الاعتراف بإسرائيل من قبل أكبر دولة عربية وتطبيع العلاقات معها، ورفرف علم إسرائيل (من الفرات إلى النيل) في القاهرة، وعلم مصر في تل أبيب. ثم التخلي عن المقاطعة العربية شيئا فشيئا مقابل لا شيء. العام 1994 كان عام التطبيع المزدوج بين الأردن وفلسطين مع إسرائيل، التطبيع الأردني مقابل لا شيء، والتطبيع الفلسطيني مقابل اتفاق أوسلو «غزة أريحا أولا» ومع أول منعطف مفصلي تخلت إسرائيل عن اتفاق أوسلو واليوم تريد تهجير فلسطينيي غزة والضفة وضمهما، وحتى اتفاقية وادي عربة مع الأردن، واتفاقية كامب ديفيد مع مصر أصبحتا هشتين بعد عزم إسرائيل على تهجير الفلسطينيين إليهما. أما في سورية فقد ضربت إسرائيل عرض الحائط باتفاقية فصل القوات في الجولان واحتلت عدة مواقع فيه، وفي جبل الشيخ وتستمر في التوغل في الأراضي الواقعة بين درعا والقنيطرة. كما تجاهلت إسرائيل مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود «الأرض مقابل السلام» في العام 2002 التي أعطى ضمانا لإسرائيل بتطبيع العلاقات معها من قبل كل الدول العربية، لأن العقيدة الإسرائيلية لا تقبل بقرار عربي موحد، بل تريد أن تتعامل مع كل دولة على حدة، ولا يهمها إجماع عربي على ضمان أمنها، فالدول العربية هي التي تحتاج ضمانا لأمنها وليس العكس، لأن أمريكا هي الضامنة لهذا الأمن بكل قوتها، وأسلحتها، وأموالها، وهذا ما أثبتته الحرب في غزة حيث زودت أمريكا إسرائيل بكل ما تحتاج إليه من أسلحة وذخائر ومعلومات استخباراتية، وأموال، وحشدت أسطولا بحريا من حاملات طائرات وسفن حربية لحمايتها، وكذلك الأمر بالنسبة لأكثر من دولة أوروبية.
وخلال الفترة الأولى من حكم دونالد ترامب تم تنفيذ اتفاقيات إبراهيم فقامت أربع دول بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، دولتان خليجيتان (الإمارات والبحرين) والسودان والمغرب، وكان تطبيعا في صالح إسرائيل أكثر مما هو لصالح هذه الدول. وبالخلاصة نرى اليوم أن دولا عربية مهددة ،هي التي تحتاج الحماية من الهجمة الصهيونيةـ أمريكية الجديدة وخاصة في الضفة الغربية وغزة التي ترغب إسرائيل بضمها، وترامب يدفع نحو غزوها ليحولها إلى منتجع سياحي يشبه الريفييرا الفرنسية بعد القيام بعملية تطهير عرقي، وهذا ما دعا إليه صراحة وأظهره في فيديو على محرك البحث الذي يمتلكه وأثار سخطا كبيرا حتى من بعض مؤيديه في الحزب الجمهوري ،ذلك أن الصور في هذا الفيديو تظهره مستمتعا مع نتنياهو بحمام شمس على شاطئ غزة، وتظهر الملياردير إيلون ماسك وهي يلتهم الطعام أمام راقصات، ونرى في النهاية تمثالا ذهبيا لدونالد ترامب تم نصبه في غزة يذكر بتماثيل الديكتاتور حافظ الأسد التي كانت منتشرة في كل مكان في سوريا، وتماثيل ديكتاتور كوريا الشمالية كيم إيل سونغ. والنتيجة الحتمية اليوم هي أن على الأنظمة العربية أن تنظر إلى أبعد من أنفها قبل أن تدخل الفأس في الرأس.
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين العرب سوريا الاحتلال سوريا فلسطين العرب الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من
إقرأ أيضاً:
أبرز الملفات على طاولة القمة العربية الطارئة.. اليوم
تستضيف القاهرة اليوم الثلاثاء 4 مارس 2025، القمةَ العربيةَ الطارئةَ التي سيتم فيها مناقشة تطورات القضية الفلسطينية، والتي من المقرر أن تشهد وضع خطة عربية مصرية بشأن غزة.
التوقعات بشـأن القمة الطارئة في القاهرةيتوقع الكثير من الخبراء أن تخرج هذه القمة بقرارات عملية لتعزيز الجهود العربية والدولية لإعادة إعمار قطاع غزة، مما يسهم في تحسين حياة سكانه، ويعزز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها، مؤكدين أن هذه الجهود تأتي ضمن مساعي مصر لدعم الاستقرار الإقليمي وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط. ولكن ما الملفات التفصيلية المقرر مناقشتها على طاولة القمة العربية اليوم؟
ملفات رئيسية على طاولة القمة العربيةوستتم مناقشة 3 ملفات رئيسية اليوم على طاولة القمة العربية الطارئة في القاهرة، يتمثل الملف الأول في إتمام المراحل الثلاثة من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة المتفق عليه، على أن يتم التأكيد والضمان باستمرار باقي المراحل من الاتفاق بعد انتهاء المرحلة الأولى، والتأكيد على التزام إسرائيل بالبروتوكول الإنساني، مع إمكانية بحث الخروج الإسرائيلي من قطاع غزة، إضافة إلى مناقشة خطة اليوم التالي في قطاع غزة، من خلال إسناد الأمر للجنة الإسناد المجتمعي، أو من خلال لجنة فلسطينية يشكلها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
ويذكر أن الاجتماع بين قادة عدة دول عربية بالعاصمة السعودية في 21 فبراير الماضي، تمت الموافقةُ خلاله على خطة لإعادة إعمار غزة بقيمة 53 مليار دولار صممتها مصر وتستمر من 3 إلى 5 سنوات، وتحوي إنشاء مناطق آمنة من الخيام والمنازل المتنقلة للناس للعيش فيها أثناء إعادة الإعمار.
وبناء على ذلك سيتمثل الملف الثاني في خطة مصرية ومشروع كامل، يوافق عليه القادة العرب، يشمل خطوات محددة ومدروسة للبدء في إعادة إعمار غزة، من خلال مشاركة عربية دولية مع الأمم المتحدة.
الملف الثالث سيتعلق بالتسوية السياسية الكاملة، فيما يتعلق بقطاع غزة والأراضي الفلسطينية من خلال دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، مع تجديد الموافقة على المبادرة العربية للسلام عام 2002 في بيروت.
وبدأ توافد عدد من القادة ورؤساء الوفود والضيوف الذين سيحضرون القمة العربية الطارئة، حيث حضر أمس، ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرش، رئيس العراق، عبد اللطيف رشيد، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والرئيس الموريتاني، محمد ولد الغزواني.
اجتماع وزراء الخارجية العرب قبل القمة العربيةوعقد وزراء الخارجية العرب أمس الإثنين، اجتماعًا تحضيريًّا مغلقًا للقمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر اليوم، لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية وتوحيد الموقف العربي لمواجهة التحديات الراهنة.
واستعرض وزراء الخارجية العرب الخطةَ المصريةَ العربيةَ المقترحةَ لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين، والتي سيتم طرحُها على القادة العرب اليوم في قمتهم الطارئة لاعتمادها، ومن ثم سيتم عرضُها على الأطراف الأجنبية حيث ستحظى بدعم وتمويل دولي لضمان تنفيذها بنجاح.
اقرأ أيضًاأحمد موسى: العالم يترقب القمة العربية.. ومصر تقود خطة لإعادة إعمار غزة «فيديو»
تسارع الوفود.. القادة العرب يتوافدون على القاهرة لحضور «القمة العربية الطارئة»
مباحثات «مصرية-أردنية» حول القمة العربية الطارئة والقضية الفلسطينية