صحيفة البلاد:
2025-04-27@01:40:28 GMT

ذكريات الحارة

تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT

ذكريات الحارة

من عادتي، ومع دخول شهر رمضان المبارك، أذهب إلى حارتنا الأولى في البلدة القديمة العتيقة، حيث عبق الماضي الجميل، زمان الطيبين وأسواقهم ومساكنهم وعاداتهم وتقاليدهم، والتي شكّلت ثقافتهم، وعززت وجسَّدت ترابط الاهالي بروحانية وإنسانية اجتماعية شاملة بمكانية الموقع الجميل، وبصفات الكرم الفياض، والحب والود والتعاطف فيما بينهم وكأنهم أسرة واحدة متجاورين بأبوات مفتوحة في البنايات الطينية المتقاربة، والباقية كشاهد تراثي محبوب لسيرتهم الحسنة وقلوبهم الطيبة وتعاملهم الراقي بأخلاقهم المجبولة في نفوسهم بدون تكلُّف، لذلك، مازال أثرهم باقيا كشاهد، وجذب سياحي لموقع يحاكي عبق التاريخ بذكريات رمضان زمان.


وفي زيارتي للحارة القديمة العتيقة في أملج ، مررت بجانب المنزل الذي عشت فيه النشأة الأولى أيام الطفولة، فعندها جاشت واختلطت في نفسي أحلام اليقظة والمشاعر بين الفرح والسعادة وذكريات لشجون الماضي الجميل، فذهبت إلى الموقع مباشرة، وقبّلت ذا الجدار وذا الجدار، وتحديداً ذاك الجدار، فهنا درسنا وتعلمنا قرأ وكتب، وهناك وفي ذاك الزقاق تحديداً، وعلى تلك الدًكًة، نقشًنا على الجدار حرف الحاء وحرف الباء على ضوء الإتريك الخافت في سكون ليل رمضاني جميل بنجومه وأهله وناسه وأطباقه وبروتوكولاته ومواقعه في تلك المرحلة والحقبة الزمانية، حيث سوق الليل وفرقنا والشربيت والبليلة والضاع والسيجة والقب واللب والمعكارة والمرديحة والحبلة وطار وإلا بعشه وحكايات الراوي والمسحراتي والسحور والعسة والمدفع الرمضاني والتراويح والقيام وصلاة الفجر والشيخ الوقور والقلعة والأمير والجمرك والميناء والحواته والبحارة والقارب والهوري والفنديرة والجلب والشوار والسفن والسنابيك والناس الطيبة وأسبح وعوم في البحر، وكلمات ليست ككل الكلمات وعلى بركة الله وصوم ياصائم.
وأخيراً، وفي الختام أنها ذكريات رمضان زمان، أتت ومرت كأحلام اليقظة وشجون الماضي وأحلام الطيف العابر، الذي راح ولن يعود، وليته يعود ولو في الاحلام، أو المحاكاة والتي أتت بشئ من حتَّى سيبويه وصوت السًت الجميل:” قًلً للزمان أرجع يازمان”.

Leafed@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

الرجل والمرأة في الإسلام.. بين تساؤلات الماضي والحاضر

تُقرع في الآونة الأخيرة أجراس خطر حقيقي في ميدان الأسرة، الذي تعدُّ أهمّ مؤسسة في البنية الاجتماعية التركية، وأقواها تقليديًا. وليست المسألة ضربا من المبالغة، فنحن نُستهدَف ونتلقى ضربة موجعة في أقوى ركائزنا التي تميّزنا عن غيرنا من المجتمعات.

فارتفاع معدلات الطلاق، وكذلك سنّ الزواج، وتحطيم أرقام قياسية في عدد الأفراد الذين يعيشون بمفردهم، وأخيرا الانخفاض الحاد في معدلات الخصوبة وما يستتبعه من شيخوخة ديموغرافية، كلها مؤشرات تُنذر بأن مسار التحوّلات الاجتماعية في تركيا لا يسير في اتجاه إيجابي.

وفي سبيل تسليط الضوء على هذا المسار، وتعزيز الوعي العام بشأن بنية الأسرة، والتفكير الجادّ في اتخاذ تدابير وقائية، أعلنت رئاسة الجمهورية، بناءً على مقترح من وزارة الأسرة، عام 2025 عامًا للأسرة. غير أن الاعتقاد بأن الحوافز المادية لتشجيع الإنجاب كافية وحدها لمواجهة هذه الأزمة يُعد تسطيحا مفرطا للمشكلة. فالتغيير الحاصل نتاج لتحوّل سوسيولوجي أعمق بكثير.

ولا شك أن لهذا التحول علاقة وثيقة بارتفاع مستوى الرفاه المعيشي. وخلافًا للاعتقاد السائد، فإن التحديات الاقتصادية لا تؤدي إلى تراجع في معدلات الخصوبة، بل العكس، فإن الشرائح التي شهدت زيادة أكبر في مستوى الرفاهية هي التي انخفضت فيها الخصوبة. أما من يُرجعون قلة الإنجاب لدى الأثرياء إلى "الوعي" فهم ينظرون إلى الحياة من منظور مادي ضيق وسطحي للغاية. وفي المقابل، فإن ارتفاع مستوى الرفاه يُحدث تحوّلًا في العقلية والتفكير، وهذا أمر صحيح. فمع اتباع نهج أكثر أنانية ودنيوية والرغبة في الراحة، بات يُنظر إلى الطفل على أنه مجرد شيء من ملذات الحياة، ولا يُعتبر مفضلًا على غيره من الملذات أخرى.
لا يقتصر الأمر على قضايا الهوية الجنسية فحسب، بل يشمل علاقتنا العامة بالنصوص والتعاليم الدينية
وإلى جانب ارتفاع مستويات الرفاه، فإن ارتفاع معدل الالتحاق بالجامعات، وتأخر الدخول إلى سوق العمل، والأهم من ذلك كله، الابتعاد المتزايد عن الأدوار التقليدية للرجل والمرأة، كلها عوامل تلعب دورًا مؤثرًا في تشكيل ثقافة جديدة تجاه الأسرة والإنجاب. وهنا ينبغي التوقف مليًّا عند هذا التحول الأخير على وجه الخصوص. وقد خصصت مجلة تذكرة في عددها الأخير ملفًا لرصد ردود فعل الأوساط المسلمة تجاه تغيّر هذه الأدوار. وربما كرد على من يطرحون هذه القضايا تحت عنوان "النسوية الإسلامية"، فضّلت المجلة أن تجمع الملف تحت عنوان: "المسلمون والمسلمات.. بين تساؤلات الماضي والحاضر". فالتغيير لا يقتصر على المرأة وحدها، بل يشهد الرجل أيضًا تغييرًا كبيرًا في تحديد موقعه في دوره الجنسي، وبالطبع، تبعًا للتحوّلات التي طرأت على المرأة.

وفي العدد الذي تولّت سعادة بايزيد تحريره، اختير عنوان يسلّط الضوء على القضايا الموروثة من التاريخ، والأسئلة الجديدة التي تطرحها هذه القضايا في العالم المعاصر، كما يعكس في الوقت ذاته مساعي العصر الحديث إلى إعادة تعريف مفاهيم الجنس والدين والثقافة. فالعالم المعاصر يمرّ بمرحلة يعاد فيها النظر جذريًا في أدوار الهوية والجنس، وهي عملية لا تزعزع القيم والتقاليد الراسخة وحسب، بل تخضع رموزنا الدينية والثقافية لقراءة جديدة.

وقد ساهم في هذا الملف عدد من الكتّاب البارزين بمقالات قيّمة. على سبيل المثال، تتناول بيرسان بانو أوكوتان في دراستها التحوّل الاقتصادي والثقافي للطبقة الوسطى المحافظة الجديدة، مقدّمة تحليلًا لافتًا لهويات الرجال المتدينين من خلال ممارساتهم الاستهلاكية. أما مصطفى شفيق، فيعالج النقاشات المستمرة حول طبيعة الجنس من خلال مقاربة تدمج بين الحتمية البيولوجية والبناء الاجتماعي.

وتتناول هاجر أياز الكيفية التي تشكّلت بها هويات الرجال المسلمين في العالم الحديث تحت تأثير القيم الأبوية والدينية والعولمة. وفي مقالة أخرى، تحلل غونول يونار شيشمان أصول التمييز القائم على النوع الاجتماعي من خلال الروايات الأسطورية، حيث تُخضع مفهومي الأنوثة والذكورة لمساءلة تاريخية، متوقفة عند سردية خلق باندورا في الأساطير اليونانية، وحكاية الطرد من الجنة في الكتاب المقدس، منتقدة المعاني السلبية التي أُلصقت بالمرأة في هاتين الروايتين.

وتدرس زهرة إيشيق تصورات الجماعتين الدينيتين "إسماعيل آغا" و"الجراحي" في إسطنبول تجاه المرأة والرجل والتحولات التي طرأت على هذه التصورات. أما حسين يلماز، فيتطرق إلى النقاشات المعاصرة حول الهوية الجنسية من منظور التقاليد والأعراف المجتمعية، محللًا تأثيرات التحولات الاجتماعية التي تؤدي إلى تآكل المعنى. وتقدّم الفيلسوفة الألمانية بيرجيت روميلسباخر مقالة بعنوان: "النسوية والهيمنة الثقافية.. مناقشات حول تحرر النساء المسلمات"، تتناول فيها مسألة تحرر المرأة المسلمة من منظور الحركات النسوية، منتقدة سعي النسوية الغربية فرض معاييرها على النساء المسلمات باسم التحرر، ومسلطةً الضوء على التناقضات الأيديولوجية النسوية لهذا النهج.


وفي أطول وأشمل مقالات الملف، يتناول نجدت سوباشي مفهومي "الذكورة" و"الأنوثة" في السياق الإسلامي، محللًا تطورهما ضمن الأطر التاريخية واللاهوتية والحداثية، ومسلطًا الضوء على تحوّلات المرجعيات الدينية التقليدية في العالم المعاصر. ويشير سوباشي إلى أن أدوار المرأة والرجل في القرآن والسنة تقوم على مبدأ التكامل، إلا أنها عبر المسار التاريخي تحوّلت تدريجيًا إلى بنية أبوية.

ويولي سوباشي اهتمامًا خاصًا بمفهوم "النسوية الإسلامية"، متناولًا الحركات التي تطالب بإعادة تأويل النصوص الدينية في سياق نضال المرأة من أجل التحرر. ويناقش في مقالته التوترات المستمرة بين المفاهيم التقليدية والحديثة، ويقدم إطارا نقديا حول كيفية إعادة تناول رسالة المساواة الدينية في السياقات الحديثة. ويؤكد على أن هذا التحوّل المفاهيمي لا يؤثر فقط في سعي الأفراد المسلمين نحو تشكيل هويتهم، بل يمتلك أيضًا القدرة على التأثير في مستقبل البنى الاجتماعية نفسها. ويرى أن قضايا الهوية الجنسية في العالم الإسلامي انتقلت من مقاربة تقليدية قائمة على مفهومي "الحكمة" و"التسليم"، إلى ساحة حوار حديثة تطغى فيها أسئلة من قبيل "لماذا؟" و"كيف؟".

في الواقع، لا يقتصر الأمر على قضايا الهوية الجنسية فحسب، بل يشمل علاقتنا العامة بالنصوص والتعاليم الدينية، إذ لم نعد نتلقّى النص بوصفه خطابًا يحتوي على أمر أو موعظة أو حكمة، وإنما بتوجه استهلاكي علماني تغلب عليه الأسئلة المُجرّدة والوظيفية من قبيل "لماذا؟" و"كيف؟". ومن هذا المنطلق، أعتقد أن مساهمة سوباشي يمكن أن تشكل نموذجًا صالحًا لقراءات أوسع للنصوص الدينية.

ويضم الملف أيضًا حوارًا خاصًا مع نظيفة شيشمان، حيث تدور المقابلة حول قضايا الهوية الجنسية من خلال مفاهيم الفطرة، و"أحسن تقويم"، والتقسيم الحديث للعمل الاجتماعي. كما أجرت فاطمة نايت، المحررة الرقمية لمجلة "رينوفاتيو"، مقابلة مع الأستاذة بجامعة برمنغهام هيفاء جواد، ناقشت فيها التناقضات الجوهرية التي تعاني منها النسوية الإسلامية. وفي جانب من الملف، تسهم غونجا ديدم أوغلو بتقديم عرضٍ لكتاب.

إن العدد التسعين من مجلة "تذكرة" التي يرأس تحريرها يونس باديم، لا يقتصر على عرضه ملفا عن النسوية الإسلامية، بل نجح في تقديم عمل متميز يواجه التساؤلات القديمة والجديدة حول الرجال والنساء المسلمين.

المصدر: يني شفق

مقالات مشابهة

  • مدرب نوتنجهام سعيد بإعادة ذكريات «ويمبلي»
  • ماكرون يستعيد ذكريات تكريم البابا فرنسيس و زيارته إلى مارسيليا
  • كرنفال السيارات النادرة بمصر.. “متحف متحرك” يحيي أجواء الزمن الجميل
  • الرجل والمرأة في الإسلام.. بين تساؤلات الماضي والحاضر
  • مشهد من الزمن الجميل: شباب في الرياض يقلدون إعلانات الثمانينات .. فيديو
  • شاهد.. بأزياء مثيرة للجدل وعلى طريقة الفنان محمد رمضان.. طه سليمان يطلق الفيديو كليب المنتظر “سوداني كياني”
  • بعد قذف كولر بزجاجات المياه .. إعلامي يهاجم جماهير الأهلي : هو دا رد الجميل
  • تحرير سيناء.. ذكريات وآمال مستقبلية
  • ذكريات الدم تثير موجة اعتراضات عراقية ضد الانفتاح على الشرع
  • «حقيبة الزمن الجميل».. تُعيد للصغار ذكريات الزمن الجميل