عربي21:
2025-03-04@06:11:38 GMT

القمة العربية وتحديات الخيبة واليأس

تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT

دائما تذكرنا الاجتماعات العربية على مستوى القمة، بالشك وعدم المصداقية بكل ما يصدر عن بياناتها الختامية، وجدول الأعمال المعد سلفا بعناوين مهمة في التوقيت والاستراتيجيات، سرعان ما يتحول لعاديات تصبح منسية مع تكرار الأحداث التي ينسحق معها العربي في يومياته وتكراراها في عقود إعماره. ما يحدث أن العربي إن عاش في متوسط العمر بين الستين والسبعين، فإنه يعاصر على الأقل عشرين اجتماع قمة عادية؛ على الأقل نصفها استثنائية وطارئة، لكنه لا يلمس في سنواته المعاشة تغييرا يطرأ على السياسة العربية وبرامجها، ولا تنعكس بشكل ملموس في تغيير يأخذه الى حياة أفضل في وطنه أو متابعة قضايا رئيسية تقض مضجعه كل يوم من المحيط الى الخليج.



عندما يتذكر العربي القمم العربية الماضية، وينتظر قمة تغير ما قبلها، يأخذه الإحباط نحو مستقبله الذي تسعى إليه سياسة عربية غير جادة في تقديم نفسها لشعوبها وللعالم بأنها تمتلك القدرة على التأثير، وأن هذه الكتلة البشرية والجغرافية لا يجمع بينها سوى تلك الورقة التي تصدر في ختام أعمال القمة، لأنه سرعان ما تتم العودة لتصفية الحسابات وممارسة الاضطهاد والقمع وتوجيه السلاح نحو الداخل، والتحذير من المؤامرات، حتى تتراكم لحظات الانحدار التي أريد لها أن تكون قدرا يستحيل تبديله وتغييره في واقع العرب. غير أن واقع الحال شهد تغييرا في الثورات العربية المغدورة، وفي تصاعد المواجهة مع قوى الاستبداد العربي والاحتلال، مما هز وبعنف تلك الصورة النمطية عن الذاكرة العربية مع واقعها الذي يزداد حصارا، عندما يتذكر العربي القمم العربية الماضية، وينتظر قمة تغير ما قبلها، يأخذه الإحباط نحو مستقبله الذي تسعى إليه سياسة عربية غير جادة في تقديم نفسها لشعوبها وللعالم بأنها تمتلك القدرة على التأثير، وأن هذه الكتلة البشرية والجغرافية لا يجمع بينها سوى تلك الورقة التي تصدر في ختام أعمال القمةويفرض تحديات أكبر على النظام الرسمي العربي في التعاطي مع قضاياه وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي كانت على جدول أعمال القمم العربية منذ نشأتها، وإلى اليوم تذيل في بينااتها كثابت من ثوابت الدعم العربي لها.

تحديات القمة العربية في القاهرة اليوم، خطيرة للغاية على قضايا الأمن القومي العربي، وما تواجهه القضية الفلسطينية من أخطار جسيمة وخطط التدمير والتهجير والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني؛ يفترض أن يكون إدراك عربي لها في القمة وفي يوميات عمل السياسة العربية، عمل دؤوب بغير العاديات المتبعة في القمم السابقة، من اتخاذ المواقف المرتبطة بالقضية الفلسطينية والتمسك بثوابت "الفراغ العربي" وعدم الفعل والتأثير ما سمح لإسرائيل والولايات المتحدة، بطرح مشاريع التطهير العرقي وتهديد النظام الرسمي العربي بكثير من الاستعلاء والاحتقار. فلا تكفي إشارة الزعماء العرب لرفض هذه الخطط والسياسات والقول بأنهم يدعمون الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وأنهم مع الحل السلمي وفق المبادرة العربية للسلام، وأنهم يدعمون حل الدولتين وفق القارات الدولية ذات الصلة، فهذه يفترض أنها ثوابت تكررت منذ ثلاثين عام في القمم العربية، بل يجب التعامل مع الغطرسة الصهيونية والاستعلاء الأمريكي بشيء من الحزم الذي يحفظ كرامة هذه الدول وشعوبها، وقائمة العمل وجداوله طويلة إن وجدت الإرادة.

ولأن الرهان الإسرائيلي الأمريكي، لعقودٍ طويلة، هو على غياب وفقدان الإرادة العربية، وصار معروفا لدى جميع العرب، حتى بدون قراءة بيانات الاجتماعات العربية التي تسقط منها الخيارات الفعلية التي تلجم العدوان وغطرسة المحتل، فإن الاحتلال الإسرائيلي القائم على الصلف والقوة ساهم في وصول الحالة العربية لذروة الهوان في إعادة احتلال الضفة بعد تدمير قطاع غزة، وارتكاب إسرائيل لجرائم الحرب والإبادة والدوس على القانون الدولي بدعم أمريكي ونفاق غربي، والنتيجة الحتمية والمنطقية للسياسة العربية المتبعة مع قضيتهم المركزية هي الاستعلاء الإسرائيلي الأمريكي على المنطقة وشعوبها، ولأن الرهان الفلسطيني الرسمي خسر كل أوهامه مع الاحتلال ولم يبق له غير "حراسة" المشروع الاستيطاني فوق أرضه التي ستنشأ عليها دولته المستقبلية، فإن عليه واجب المراجعة الفعلية والصادقة لكل مسيرته المصابة بنزيف مكلف من أرضه وشعبه

لا يكفي العرب قمة للزعماء، فالشارع العربي بحاجة من قادته لوقفة ضمير، وجرعة مكثفة من الحس الوطني الفلسطيني للقول "لا" عربية فلسطينية للأمريكي والإسرائيلي، ولا ينبغي للعربي أن يكون وسيطا لحقن الدم، بين شقيقه ضحية الغاصب المستعمر والمحتل، فاستصراخ الضمائر والهمم والقيم التي بُحّت منها حناجر الغزيين يعاد تكرارها في جنين وطولكرم ونابلس والخليل والقدس، وكانت نتيجتها الغزية دمار بمشهد فرجة عربي ودولي، وفي الضفة والقدس هناك أخبار وأفعال سبقت انعقاد قمة القاهرة تقول إن جريمة الإبادة ماضية بنفس فظاعة الجريمة الغزاوية على مرأى ومسمع قادة العرب المجتمعين في القاهرة، وهناك مشروع نتنياهو ترامب للتهجير في غزة، كاختبار لما سيجري لبقية المدن الفلسطينية.

وبفرض سياسة المقايضة السخيفة على شعب في أرضه وللتهجير منها، يتضح كل شيء، فلا سياسة التفاوض والرهان على أوهام تجدي نفعا، ولا سياسة التمسك بحسن نية المحتل الإسرائيلي ومراوغة الأمريكي له قد غيرت شيئا، ولا تجربة عقود الخديعة الإسرائيلية للعرب أفضت لسلام معها، ولا التطبيع المجاني وفر للمحتل قبولا في محيطه العربي.

أمام القادة العرب فرصة أخيرة، لإنقاذ ماء الوجه بإنقاذ قضيتهم المركزية، والحفاظ على كرامة وسيادة وأمن أوطانهم، أو البقاء تحت سطوة الاستعلاء والتهديد والغطرسة الأمريكية الصهيونية لهم ولدولهم
أمام القادة العرب فرصة أخيرة، لإنقاذ ماء الوجه بإنقاذ قضيتهم المركزية، والحفاظ على كرامة وسيادة وأمن أوطانهم، أو البقاء تحت سطوة الاستعلاء والتهديد والغطرسة الأمريكية الصهيونية لهم ولدولهم، فما سيقولونه للناس في عواصمهم، قيل في الماضي الذي لم يصلح الحال العربي ولا قضاياه، بل زادته هذه اللغة والمواقف هوان وذل وضياع، فما يضير العرب اليوم في القمة لو امتلكوا جزءا من عنجهية نتنياهو وغرور ترامب للرد والحفاظ على مصالحهم، والدفاع عن قيم تحولت بفعل الاحتلال والسكوت عنه إلى مهازل محلية ودولية؟

فلسطين وشعبها يطلبون من القمة العربية أعمالا محسوسة تدعم صمودهم وتوقف العدوان عليهم، ليشعروا أن هناك من يقف معهم ويساندهم وعلى استعداد أن يكون ظهيرا وسندا لهم، وأن يتعلم الزعماء العرب كيف يكون الحليف لقضية عادلة من زعامات وقيادات لا ترطن بالعربية، وأن يكون الحليف الأمريكي للعدوان الإسرائيلي ومشروعه الاستعماري ومذخر ترسانته وجعبته المالية ملهما لكرامة عربية ومنقذة لها ولقضيتها، وإلا الخسارة لن تكون فلسطينية فقط والجميع يعلم هذه الحقيقة، وبذاكرة أجيال عربية واكبت قمما سابقة، وورثت أجيالها الخيبة ذاتها. فهل تعلم الزعماء العرب الإمساك بالإرادة وبث الأمل لشعوبهم بدل اليأس؟ لعل الإجابة القاسية لهذا التفاؤل المخيب تأتي في عواجل الأخبار من تل أبيب وواشنطن، ونحن ننتظر عواجل عربية تفرمل هذا الانهيار، أو لعلنا نحلم بها.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العربية القمة الفلسطينية الإسرائيلي غزة إسرائيل فلسطين غزة قمة عرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القمم العربیة أن یکون

إقرأ أيضاً:

بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجيع على قتل الفلسطينيين والعرب؟

تزدحم الصفحات الإسرائيلية الرسمية الناطقة بالعربية بالعديد من "التهاني" بحلول شهر رمضان المبارك، في محاولة لتحسين صورة الاحتلال عربيا وإسلاميا، ضمن جهود الدعاية المنظمة.

وتتبع أغلب هذه الصفحات إما لجيش الاحتلال الإسرائيلي مباشرة أو إلى جهات رسمية أخرى مثل وزارة الخارجية أو وزارة الإعلام والشتات.

عشية حلول شهر رمضان الكريم نتقدم بالتهاني لعموم المسلمين في اسرائيل والعالم قاطبة داعين من الله عز وجل ان تتنامى فيه الألفة بين القلوب وترفرف روح التعايش في المنطقة بأسرها.

نحن لسنا باولاد عمومة فحسب، انما جيران ايضا والله اوصى بسابع جار .
صياما مقبولا وذنبا مغفورا#رمضان_كريم pic.twitter.com/olutgS1fHe — إسرائيل بالعربية (@IsraelArabic) February 28, 2025
وتأتي هذه الدعوات رغم التحريض المباشر في "إسرائيل" منذ سنوات على قتل الفلسطينيين بمختلف أعمارهم، مع اعتبار أن كل غير اليهود من الممكن قتلهم.

بعد ثبوت رؤية هلال #شهر_رمضان نهنئ المسلمين بمناسبة الشهر الفضيل. اللهم صفّد شياطين ودواعش التنظيمات الإرهابية من حماس وحزب الله ووكلاء إيران وغيرهم من الارهابيين وابعد عن اهل الشرق الأوسط دعاة الخير والسلام الارهاب البغيض pic.twitter.com/CLno7coHas — افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) February 28, 2025
"عدالة إلهية"
في شباط/ فبراير 2023 قارن الحاخام الإسرائيلي، شموئيل إلياهو، زلزال تركيا وسوريا بـ "غرق المصريين في البحر" وفق القصة التوراتية، قائلا إن الكارثة "عدالة إلهية".

وإلياهو رجل دين مشهور في "إسرائيل"، وهو مقرب من إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي المستقيل، واعتبر في ذلك الوقت الكارثة الإنسانية التي لحقت بسوريا وتركيا بعد الزلزال بأنها "تطهر العالم وتجعله أفضل".

ونشر إلياهو تفسيراته للزلزال ضمن مقال في صحيفة "أولام كاتان"، وهي نشرة أسبوعية يمينية دينية ذات شعبية بين صفوف المتطرفين الإسرائيليين.


ونقل موقع "تايمز أوف إسرائيل" مقال الحاخام الذي تضمن قوله: "ليس هناك شك في أن أولئك الذين رأوا المصريين يغرقون في البحر والذين لم يتذكروا الحدث بأكمله من البداية إلى النهاية كانوا سيمتلئون بشفقة كبيرة عليهم وسيحاولون إنقاذهم من الغرق".

وأضاف "لكن بني إسرائيل غنوا الأغاني لأنهم يعرفون المصريين، وفهموا أن هؤلاء الغرقى أرادوا قتل بعضهم والاستمرار في استعباد البقية، لقد غنوا الأغاني لأنهم فهموا أن هناك عدالة إلهية هنا تهدف إلى معاقبة المصريين الذين أغرقوا بني شعب إسرائيل في النيل، حتى يرى جميع الأشرار في العالم ويخافون".

وقال إلياهو: "الله يحكم على جميع الدول من حولنا التي أرادت غزو أرضنا عدة مرات ورمينا في البحر"، مهاجما سوريا وتركيا بالقول: "كل ما يحدث، يحدث من أجل تطهير العالم وجعله أفضل".

"اليهودي مقدس"
في آذار/ مارس 2023، قال الحاخام اليعازر ميلاميد، في كلمة تأبين لمستوطنين شقيقين قتلا في عملية نفذها مقاوم فلسطيني في بلدة حوارة بالضفة الغربية في 26 شباط/ فبراير من العام ذاته: إن "كل يهودي يُقتل لمجرد كونه يهوديا فهو مقدس".

ووسّع ميلاميد صفة القداسة لتشمل جميع المستوطنين، حيث قال "إذا كان هذا هو ما يقال عن كل يهودي، فمن المؤكد أنه ينبغي أن يقال عن المستوطنين الذين يعيشون في الخط الأمامي للاستيطان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)".

وأضاف خلال كلمة التأبين "لم نعد إلى بلادنا لنطرد العرب من ديارهم، بل لجلب الخير والبركة للعالم، ويمكن للعرب أيضا الاستفادة من ذلك"، على حد زعمه.

وفي كلمة أخرى لميلاميد مع عدد من طلابه قال: "طالما أنه لا يوجد عدد كافٍ من اليهود في أرض إسرائيل، فإن أعداءنا مستمرون في الوجود هناك ويقتلوننا"، زاعما أن "حدود إسرائيل هي من نهر النيل في مصر حتى الفرات بالعراق، وأنه لم يتم الاستحواذ سوى على المنطقة المحيطة بنهر الأردن"، في إشارة إلى أرض فلسطين.

وقال ميلاميد: "أحيانا يسأل الأولاد الصغار أسئلة كبيرة بصدق ويفتحون الباب للتفكير العميق، فعندما التقيت مؤخرا بأولاد لإجراء محادثة، سأل أحدهم بجدية وألم: لماذا توجد هجمات إرهابية؟ لماذا يقتل اليهود الصالحون؟"، فأجابهم: "لأنه لا يوجد عدد كاف من اليهود في إسرائيل"، بحسب ما نقلت "القناة السابعة" حينها.

وأضاف: "لا يوجد عدد كافٍ من اليهود في أرض إسرائيل عموما وفي يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية) بشكل خاص، فكما قيل في التوراة: وإذا لم تترك سكان الأرض أمامك، فليكن أن تتركهم عبيدا في عينيك حتى لا يحاصرونك في الأرض التي تسكن فيها".

وتابع: "يعتقد البعض أن المشكلة خارجية، إذا لم يكن هناك أعداء في الأرض، فستنتهي المشاكل، ومع ذلك، فقد تعلمنا من التوراة أن الواقع هو عكس ذلك فإذا لم يكن هناك أعداء، فقد تنشأ مشاكل أكبر من البرية، فمن غير السار الاعتراف بأن القتال ضد العدو يصوغ إسرائيل ويوحدها، ومن يدري ما هي الأزمات والحروب الأهلية التي كنا سنخوضها بدونها. وبمعنى آخر، طالما أنه لا يوجد عدد كافٍ من اليهود للاستيطان في الأرض بأكملها بالطول والعرض، حتى لا تبقى أماكن مقفرة، فإن الله يرى في طريق الطبيعة أن الأعداء سيبقون في الأرض".

وأضاف أنه بعد أن يتكاثر اليهود سيكونون قادرين على التوسع تدريجياً نحو شرق الأردن وجميع أراضي "أرض الميعاد" في إشارة إلى كيان الاحتلال.

تمجيد غولدشتاين 
وفي ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي، أشاد الحاخام البارز في أوساط "الحريديم"، مئير مازوز، بالإرهابي باروخ غولدشتاين الذي قتل 27 مصليا فلسطينيًا عام 1994 في الحرم الإبراهيمي، معتبرا أن جريمته منعت "خطرًا كبيرًا".

وقال الحاخام مازوز: "في مغارة المكفيلة (الحرم الإبراهيمي) وضع العرب فؤوسا وبنادق وسكاكين تحت السجاد الذي يصلون عليه- وكان هناك خطر كبير جدا. وبفضل هذا اليهودي تم تجنب الخطر".
وهذا الموقف تكرر من قبل بن غفير التي وصف أيضا منفذ المجزرة بـ "الدكتور غولدشتاين"وأنه "البطل والقديس والطبيب الذي أنقذ حياة اليهود".

"شريعة الملك"
وفي مطلع عام 2023، أحدث الوزير الإسرائيلي السابق، عامي أيالون، ضجة عقب توثيقه السلبي في أحد كتبه، للقاء جمعه بالحاخام الهشير يتسحاق شابيرا، صاحب فتوى "قتل الأطفال العرب، لأنهم قد يكبرون ويصبحون أشرارا".


وفي ذلك اللقاء، الذي لم يُوضع تاريخ حدوثه، برر شابيرا فتواه بأنه "حسب التوراة والإجماع بين حكمائنا اليهود، فإن التحريم المطلق للقتل ينطبق على اليهود فقط، وليس على الوثنيين".

وجاءت هذه الفتوى ضمن "شريعة الملك" أو "توراة الملك" أو هو مصنف فقهي يهودي من تأليف الحاخامين شابيرا ويوسيف اليتسيور، اللذان أدارا في مستوطنة "يتسهار" في الضفة الغربية، ومدرسة دينية تدعى "مازال يوسف حيا".

ويضم الكتاب المنطلقات والقواعد الفكرية والأيديولوجية التي تدعو لاستباحة وسفك دماء الأغيار (الغوييم وتعني غير اليهود بشكل عام) على أيدي اليهود في أوقات السلم والحرب.

وحرر الكتاب بلغة عبرية قديمة، هو مزيج من أحكام منتقاة وفقا لمجموعة نصوص دينية، معتمدا على تفسيرات وأقوال فلاسفة وعلماء يهود متطرفين من عدة عصور، ويقدم أرضية عقائدية لجنود الاحتلال والمستوطنين تبيح قتل الفلسطينيين.

ويعتبر مؤلفو الكتاب أن "الله خلق هذا الكون من أجل اليهود فقط، وخلق باقي العالم الذي له منزلة البهائم لخدمة اليهود"، ويدعو الكتاب بوضوح إلى قتل وإبادة الفلسطينيين ويقدم أرضية دينية عقائدية تبيح سياسات وأعمال جيش الاحتلال ومستوطنيه تجاه الفلسطينيين.

ويستخلص المؤلّفان أنّ "اليهود يُسمح لهم بقتل الآخرين أكثر مما يسمح للأغيار بقتل أناس من الأغيار الآخرين"، ويتم التركيز في الفصل الرابع على استباحة دماء غير اليهود.

ويتناول الفصل الخامس من الكتاب احكام قتل غير اليهود في الحروب، ويشير إلى "وجوب قتل أيِّ مواطن في المنطقة المعادية يشجع المقاتلين أو يعبر عن رضاه عن أعماله، وجواز قتل مواطني الدولة أو المنطقة المعادية وإن كانوا لا يشجعون دولتهم في أعمال الحرب".

ويبرر الكتاب جواز القتل بأن "الشريعة اليهودية تعتقد أنهم يرغبون في أوقات السلم بسفك دماء اليهود، فيما ويتعاظم هذا الاعتقاد برغبتهم في سفك دماء اليهود في حالة الحرب".

قتل الجميع
في آذار/ مارس 2024، وخلال حرب الإبادة ضد قطاع غزة، دعا حاخام في مدينة يافا إلياهو مالي، إلى "إبادة كل سكان قطاع غزة، بمن في ذلك الأطفال والنساء والمسنين".

وقال الحاخام إلياهو مالي مدير المدرسة الدينية في يافا، التي يخدم طلابها في جيش الاحتلال إنه "يجب اتباع مبدأ (لا تدع نفسا على قيد الحياة) و(إذا لم تقتلهم سيقتلونك)".

وفي اجتماع للمدارس الدينية، اعتبر أن "مخربي اليوم هم الأطفال الذين تركتهم على قيد الحياة في المعركة السابقة"، عندما سئل عن قتل أطفال غزة.

أما عن النساء فقال الحاخام: "هن من ينتجن المخربين"، مضيفا أن "من يشكل خطرا عليك ليس فقط الفتيان في عمر 14 أو 16 ومن يرفع السلاح بوجهك، بل جيل المستقبل ومن ينتجن جيل المستقبل، فالحقيقة لا يوجد فرق بينهم".

وعن المسنين أضاف: "أحكام المدنيين في غزة تختلف عن أحكام المدنيين في مناطق أخرى، ففي غزة وفق التقديرات ما بين 95 إلى 98 بالمئة يؤيدون إبادتنا".

الإبادة بالصواريخ
رغم أن كل هذه الدعوات جاءت في السنوات الأخيرة مع تصاعد المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الفتاوى والدعوات التحريضة على القتل جاءت من الحاخام الأشهر في "إسرائيل" وهو عوفاديا يوسف.

ويعد يوسف الزعيم الروحي لحزب "شاس" لليهود الشرقيين ومؤسسه، وهو الحاخام الذي عرف بمواقفه العنصرية المتشددة نحو الفلسطينيين والعرب، فضلا عن معارضته الشديدة للمس بالقضايا المحورية في الصراع مع العرب وأهمها القدس والمستوطنات وعودة اللاجئين.

وعرف عن عوفاديا كرهه الشديد للعرب الذي بلغ حد دعوته إلى إبادتهم جميعا بالصواريخ، ففيتموز/ يوليو 2001 دعا إلى "إبادة العرب بالصواريخ"، وأضاف في "عظة" السبت في كنيس بالقدس بمناسبة عيد الفصح اليهودي أن العرب "يجب ألا نرأف بهم، ولا بد من قصفهم بالصواريخ وإبادة هؤلاء الأشرار والملعونين".

وقال لأتباعه إن "العرب يتكاثرون في المدينة المقدسة كالنمل.. عليهم أن يذهبوا إلى الجحيم".


وبعد ذلك في عام 2004، قال يوسف في خطبة بثتها الفضائيات الإسرائيلية إن "اليهودي عندما يقتل مسلما فكأنما قتل ثعبانا أو دودة، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن كلا من الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فإن التخلص من المسلمين مثل التخلص من الديدان أمر طبيعي أن يحدث".

وكان يوسف قد أثار عام 2005 عاصفة من الانتقادات في "إسرائيل" عندما "دعا الله في خطبة دينية أن يقضي على رئيس الوزراء السابق أرييل شارون بسبب خطته للانسحاب من قطاع غزة".

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: ندعو الله أن يوفِّق القادة العرب في القمة العربية ووضع حدٍّ للغطرسة والفوضى التي يتعامل بهما الداعمون للكيان المحتل
  • وزراء الخارجية العرب يعقدون اجتماعا تحضيريا للقمة العربية الطارئة
  • تسارع الوفود.. القادة العرب يتوافدون على القاهرة لحضور «القمة العربية الطارئة»
  • رسالة إلى القمة العربية في القاهرة: التاريخ لا يرحم!
  • عشية القمة العربية…. رسالة من “العمل الإسلامي” للقادة العرب
  • أحمد موسى: القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى.. وأتمنى خروج القمة العربية بقرارات واضحة ومحددة
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجيع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • مصر تستضيف القمة العربية الطارئة 4 مارس.. نواب: نأمل توحيد الموقف العربي ضد التهجير