سياسة “ترامب” وثنائية الهيمنة والفوضى الأمريكية
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
يمانيون../
بات حلفاء واشنطن في موقع حرج للغاية؛ فسياسية الرئيس الأمريكي ترامب ومواقفه الأخيرة أحرجتهم، بل الأصح أنها وضعتهم أمام اختبار حقيقي لعلاقتهم بأوطانهم، إذ بات عليهم بعد واقعة ترامب – زيلينسكي أن يختاروا إما مصالح شعوبهم، وإما الخضوع لواشنطن على حساب مصالحهم الوطنية.
منذ اليوم الأول لتوليه منصبه ودخوله البيت الأبيض، لم يتوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الخروج بتصريحات منفلتة عن الضوابط الدبلوماسية ومتناقضة أحيانًا واتخاذ قرارات تثير القلق في العالم.
تصريحات ترامب غير المنطقية وغير الواقعية، يمكن قراءتها بوضوح من خلال التوقف أمام رغبته في الاستيلاء على قطاع غزة من فلسطين، وغرينلاند من الدنمارك، وأن تصبح كندا الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة، وأن تستعيد الولايات المتحدة المسيطرة على قناة بنما.
والأخطر في تلك التصريحات هو ما يهم منطقتنا العربية في رغبة ترامب في الاستيلاء على قطاع غزة مع تأكيده مجددًا على ضرورة تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى مصر والأردن، وهو ما خلف العديد من ردود الأفعال الرافضة لهذا المخطط ولهذا المنطق في آن.
كما نراه يعلن انسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان ووقف تمويل الأونروا إرضاء للكيان الصهيوني، ويقول إنه لا ضمانات بصمود اتفاق غزة، ويوقع على أمر تنفيذي يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرتي اعتقال بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت.
وبهذه المواقف المخالفة للعقل والمنطق والقوانين والشرائع، فقد أطلق ترامب منذ اللحظة الأولى لإعادة انتخابه لرئاسة الولايات المتحدة، وبمساعدة “صديقه الرئاسي” الملياردير إيلون ماسك، العنان لفوضى عارمة من خلال تشتيت انتباه العالم، فالأوامر والتصريحات الرئاسية تصدر بوتيرة سريعة للغاية بما يكفي لتفتيت أي معارضة، وحاليًا لا يوجد من يمكنه متابعة كل هذه الأوامر والتصريحات، سواء كان شخصا أو حكومة.
اختار ترامب كولومبيا لتكون نموذجًا لما يمكن أن يحدث لأي دولة عندما تقول لا للرئيس الأمريكي، فقد قاوم رئيس كولومبيا لفترة وجيزة استقبال طائرات قادمة من الولايات المتحدة لإعادة مهاجرين غير شرعيين، لكن الرئيس الأمريكي هدد بفرض رسوم بنسبة 50% على صادرات كولومبيا، فاضطر رئيس كولومبيا إلى التراجع والموافقة على طلب ترامب.
لا يتوقف ترامب كثيرًا عند حقيقة أن أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها بدءا من الشرق الأوسط المتقلب وحتى الصين ناهيك عن بريطانيا يعارضون خطته لغزة التي يمكن أن تنسف وقف إطلاق النار الهش في غزة، وكذلك اتفاقية السلام بين مصر والكيان الصهيوني، كما أنها تمثل انتهاكا للقانون الدولي أيضا.
لكن في المقابل، فقد أربكت مشاهد تدفق النازحين الفلسطينيين العائدين إلى بيوتهم المدمرة في شمال القطاع بعد وقف إطلاق النار وتشبثهم بأرضهم، حسابات ترامب وإدارته.
كما لاقت خطة ترامب الرامية لتهجير الفلسطينيين من أرضهم رفضا عربيا وإسلاميا ودوليا.
وسبق أن انسحب ترامب في ولايته الأولي التي سبقت جو بايدن من منظمة اليونسكو تضامنا مع الكيان الصهيوني فى 2017، وانسحب من الاتفاق النووى مع إيران فى 2018، ويُصرح ــ فى 2018 بعد زيارته لفرنسا للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لنهاية الحرب العالمية الأولى ــ أنه لولا الولايات المتحدة لتحدث الفرنسيون بالألمانية! ويُخفِّض من عدد قواته فى ألمانيا فى 2020، فى محاولة لابتزاز ألمانيا لدفع تكاليف قواته!
وبالتالي يحدث ما يسميه حلفاء ترامب “إغراق المنطقة”، بينما يرد ترامب بكلمة واحدة هي: “فافو”، كاختصار لعبارة “أخلق الفوضى ثم رتبها” باستثناء أن الكلمة الأولى فيها ليست “فوضى”.. وهو في كل ذلك يؤكد النزعة الفوقية والاستيلائية والاستعمارية في وعي السلطة الامريكية.
وتباين تفسير ذلك بين فريق يرى أن قرارته فجائية غير مدروسة ومدفوعة بمنطق القوة، وفريق آخر ينظر إليها باعتبارها فلسفة لتحقيق رؤيته من خلال الارتفاع بسقف المطالب حتى ينال ما يستهدف من خلال التفاوض؛ لكنها في الأخير تقدم بكل وضوح الوجه القبيح لأمريكا ويقف خلفها هدفها الاستعماري الواضح في السيطرة.
السياسية: عبدالعزيز الحزي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة من خلال
إقرأ أيضاً:
خيبة أمل إسرائيلية: بقاء “حماس” على حدودنا يُكذّب مزاعم الانتصار
#سواليف
مع تزايد #العرائض #الإسرائيلية المطالِبة بوقف #الحرب ضد قطاع #غزة و #إعادة_الأسرى، فإن أنصار استمرارها يتهمونهم بـ”عدم الخجل من تسريب الخطط العملياتية، وقلوبهم مليئة بالفرح في مواجهة التصريحات الغامضة لمبعوث #ترامب للمفاوضات مع إيران وروسيا”.
وأكد المؤرخ #آفي_برئيلي في مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” أن “ما يواجهه رئيس الحكومة بنيامين #نتنياهو من عزلة داخل الدولة وفي الولايات المتحدة لم تعد خافية على أحد، لأنه بالفعل، يواجه معارضة شرسة في الداخل والخارج، ليس فقط من جانب العدو، بل أيضاً من رئيس الأركان السابق وموظفيه، ورئيس الشاباك”.
وقال برئيلي إن “كل هؤلاء المسؤولين تحالفوا مع إدارة أمريكية صهيونية، كما وصفها الرئيس السابق جو بايدن، وعملوا على تصاعد الاحتجاجات من قبل الجنرالات، وسعوا جميعا لوقف الحرب من أجل الإطاحة بنتنياهو، فيما هُزمت الدولة، وهُدّدت”.
وأضاف أن “الواقع يشهد أن ما يوصف بالإنجاز العسكري #فشل بسبب الطريقة التي اتبعتها هيئة الأركان العامة السابقة والقيود الأمريكية؛ ونجاح إدارة بايدن في لحظاتها الأخيرة بفرض وقف إطلاق نار مبكر في لبنان وغزة بالتهديد بعدم استخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن نتنياهو نجح في التغلب جزئياً على هزيمته الداخلية وفي الولايات المتحدة، وجاء سقوط الديمقراطيين فيها عنوانا لفقدان الهزيمة دعمها الرئيسي، لكنها لم تتوقف حتى الآن”.
وأوضح أن “الجنرالات المتقاعدين وعددا قليلا من المقاتلين يحملون هذه #الهزيمة عبر عرائض إنهاء الحرب، وتدعمها استطلاعات الرأي، صحيح أن الإنجازات الاستراتيجية ضد حزب الله وسوريا وإيران، والإنجازات الكبيرة، لكن التكتيكية، ضد حماس، أنقذت الاحتلال من الهزيمة، لكن هذه الإنجازات ليست مستقرة، ما دامت المنظمات المسلحة تعمل على حدود الدولة، وتحتجز الرهائن، والطموحات الإيرانية لم يتم إحباطها من خلال القضاء على برنامجها النووي، وكل ذلك يعني أن الاحتلال لم ينتصر في الحرب بعد”.
وأشار إلى أن “الدعوات الإسرائيلية المتزايدة لوقف الحرب في غزة تتطلع إلى ترامب، الساعي لإنهاء الحروب؛ كما يتضح من جهوده لوقفها في أوكرانيا بفرض شروط قاسية عليها؛ وجهودها للاتفاق مع إيران، بما يمنحها القدرة على تخصيب اليورانيوم، وإطلاق الصواريخ كالسيف المُسلّط على رؤوس الإسرائيليين”.
وأكد أن “الداعين لوقف حرب غزة لا يترددون في الابتهاج فرحاً أمام تصريحات مبعوثي للمفاوضات مع إيران وروسيا، ويُصدرون علينا حكمًا مماثلًا من أوكرانيا، ويأملون أن يُجبرنا ترامب على قبول بقاء #حماس بغزة، وبقاء حزب الله في لبنان، وبقاء المشروع النووي الإيراني، رغم أن وضعي أوكرانيا وإسرائيل مختلف تمامًا”.
وأوضح أن “أوكرانيا لا تستطيع وحدها هزيمة روسيا، في هذه الحالة يبدو ترامب مُحقّاً، لأن روسيا لا تُشكل تهديدًا استراتيجيًا للولايات المتحدة؛ ومن الأفضل لأوكرانيا تقليل الأضرار، ووقف الحرب؛ أما دولة الاحتلال اليوم، فهي مطالبة بالقضاء على حماس في غزة، وإنقاذ الرهائن بمفردها، وإجبار لبنان على نزع سلاح حزب الله، والدفاع عن نفسها ضد الجهاديين في جنوب سوريا، والعمل على صدّ المشروع النووي الإيراني، شريطة ألا تعترض الولايات المتحدة”.