عصر جديد بين واشنطن وموسكو والهوة تتسع بين أميركا وأوروبا
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
وتناولت حلقة "المرصد" بتاريخ (2025/3/3) هذا التحول العميق في السياسة الدولية، مستحضرة أجواء مؤتمر يالطا الذي تصادف هذه الأيام ذكرى مرور 80 عاما عليه، حيث تم رسم خرائط العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وسط مؤشرات على بروز نسخة جديدة منه، لكن بتركيبة مختلفة من اللاعبين.
ففي فبراير 1945، اجتمع زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفياتي في يالطا بشبه جزيرة القرم، لرسم ملامح النظام العالمي الجديد آنذاك، فيما يرى مراقبون اليوم أن هناك إعادة تشكيل للعبة التحالفات، مع ميل واشنطن إلى نهج أكثر براغماتية يراعي مصالحها المباشرة، ولو على حساب شركائها الأوروبيين.
وتجلى التحول الأميركي بوضوح في خطاب نائب رئيس الولايات المتحدة جيه دي فانس خلال مؤتمر ميونخ الأمني منتصف فبراير/شباط الماضي، حينما طالب الأوروبيين بتحمل مسؤولية أمنهم، معتبرا أن التهديد الرئيسي لأوروبا ليس روسيا أو الصين، بل تراجعها عن قيمها التقليدية.
وأحدثت تصريحاته هزة في العواصم الأوروبية، حيث رأت دول مثل فرنسا أن الولايات المتحدة لم تعد الضامن الرئيسي لأمن القارة العجوز.
وردا على هذا الموقف، جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة أوروبيين في باريس لمناقشة مستقبل الأمن الأوروبي، في ظل ما وصفه بـ"الاستيقاظ الجيوسياسي"، مطالبا بإنشاء سياسة دفاعية مستقلة تقلل من الاعتماد على المظلة الأميركية.
إعلان انقسام أوروبيلكن الانقسامات بين دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ظهرت جلية، حيث رفضت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني تشكيل جبهة موحدة ضد واشنطن، واعتبرت أن التصور الأميركي الجديد يعكس تحديا يجب على أوروبا التكيف معه.
في المقابل، تسارعت وتيرة التواصل الأميركي الروسي، مع اتصالات متكررة بين الكرملين والبيت الأبيض، فضلا عن لقاءات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين في الرياض، في مؤشر على مقاربة جديدة لإدارة الصراع الأوكراني.
واستغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الانفتاح ليؤكد أن بلاده لم ترفض أبدا التفاوض، مشددا على أن الغرب هو من أقصى نفسه من أي محادثات جدية لإنهاء الحرب.
وفي كييف، كان وقع هذه التطورات صادما، حيث رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أي مفاوضات لا تشمل أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين، مطالبا بضمانات أمنية تضمن بقاء بلاده ضمن المعادلة الغربية.
لكنه واجه ردا صارما من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اعتبر أن كييف فوتت فرصا عديدة للتسوية، وحذر زيلينسكي من مغبة رفض وقف إطلاق النار، مهددا بقطع الدعم الأميركي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
ثروات إستراتيجيةوبات الملف الأوكراني أكثر تعقيدا مع دخول مسألة الموارد الطبيعية على خط المفاوضات، حيث طالبت واشنطن بنسبة من المعادن النادرة في أوكرانيا، مقابل استمرار دعمها العسكري، في حين عرضت موسكو شراكة مماثلة على الولايات المتحدة، ما يعكس تحول الحرب إلى صراع على الثروات الإستراتيجية.
ذروة هذه التوترات كانت خلال اللقاء المتوتر بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض، حيث هاجم الرئيس الأميركي نظيره الأوكراني، متّهما إياه بعدم الجدية في تحقيق السلام، في حين طالب زيلينسكي بضمانات ملموسة قبل الحديث عن أي وقف لإطلاق النار.
وانتهى اللقاء دون اتفاق، لكن تداعياته رسمت ملامح المشهد المقبل، حيث بدت واشنطن أقرب إلى صياغة تفاهمات مع موسكو، بينما وجدت أوروبا نفسها أمام معضلة أمنية جديدة.
إعلانوبينما يرى البعض أن العالم مقبل على عصر جديد من التحالفات، يحذر آخرون من أن هذا التحول قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات والاضطرابات.
فكما شكّل مؤتمر يالطا النظام الدولي في القرن العشرين، قد يكون العالم اليوم أمام "يالطا جديدة"، لكن بقواعد مختلفة، وأطراف تحاول إعادة توزيع النفوذ وفق مصالحها الإستراتيجية.
4/3/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ماسك يريد إلغاء الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا
الاقتصاد نيوز - متابعة
صرح الملياردير ورئيس إدارة الكفاءة الحكومية، إيلون ماسك، السبت بأنه يريد نظاماً خالياً من الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا، من شأنه أن يُنشئ فعلياً "منطقة تجارة حرة".
وقال ماسك لنائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني يوم السبت خلال فعالية افتراضية لرابطة الدول المستقلة في إيطاليا، وذلك بعد أيام من فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية أدت إلى انهيار الأسواق العالمية: "من الأفضل، من وجهة نظري، أن تنتقل كل من أوروبا والولايات المتحدة إلى وضع خالٍ من الرسوم الجمركية. هذا ما آمل أن يحدث".
وقال ماسك "في نهاية المطاف، آمل أن يتم الاتفاق على ضرورة أن تتحرك أوروبا وأميركا بشكل مثالي، في رأيي، نحو رسوم جمركية صفرية، مما يؤدي فعلياً إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بين أوروبا وأميركا الشمالية".
ورداً على سؤال من زعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني، قال ماسك إنه يأمل أيضاً في رؤية قدر أكبر من حرية التنقل بين أوروبا والولايات المتحدة. وعبر ماسك مراراً عن دعمه للأحزاب اليمينية في أنحاء أوروبا.
وأضاف "إذا كان الناس يرغبون في العمل في أوروبا أو يرغبون في العمل في أميركا الشمالية، فيجب السماح لهم بذلك من وجهة نظري". وأردف قائلاً "بالتأكيد أنصح الرئيس بذلك".
ويوم الأربعاء الماضي، أعلن ترامب عن معدلات "الرسوم الجمركية الانتقامية" التي ستُفرض على أكثر من 180 دولة ومنطقة، بما في ذلك بعض دول الاتحاد الأوروبي، في إطار سياسته التجارية الجديدة الشاملة.
ونشر ترامب والبيت الأبيض سلسلة من الرسوم البيانية على وسائل التواصل الاجتماعي توضح بالتفصيل معدلات الرسوم الجمركية التي تزعم الإدارة أن الدول الأخرى تفرضها على المنتجات الأميركية، مشيرين إلى ما وصفوه بـ "التلاعب بالعملة والحواجز التجارية" التي تستخدمها هذه الدول.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام