سلطنة عُمان تؤكد موقفها الراسخ من القضية الفلسطينية.. و"قمة القاهرة" تنعقد في مرحلة مفصلية
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
القاهرة - العُمانية
تؤكّد سلطنة عُمان على مواقفها الراسخة الداعية إلى تحقيق السلام العادل والشامل للشعب الفلسطيني، واحترام حقوقه المشروعة لإقامة دولته المستقلة على أرضه، وموقفها الثابت والقاطع لأي محاولات لتهجير سكان قطاع غزّة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتشارك سلطنة عُمان في القمة العربية غير العادية بشأن تطورات القضية الفلسطينية، التي ستبدأ أعمالها في العاصمة المصرية القاهرة غدًا الثلاثاء، والتي ستتناول صياغة موقف عربي موحّد بشأن القضية الفلسطينية بشكل عام، مع الرفض التام لمخطط التهجير القسري الإسرائيلي للفلسطينيين.
وقال سعادةُ عبد الله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عُمان ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية لوكالة الأنباء العُمانية: إن سلطنة عُمان تؤمن بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية عربية، بل هي قضية إنسانية عادلة ترتبط بمبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية وانطلاقًا من هذا الموقف الثابت، فقد أكدت في جميع المحافل الدولية والإقليمية على دعمها الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية.
وأضاف سعادتُه أن سلطنة عُمان لطالما دعت إلى ضرورة احترام قرارات الشرعية الدولية باعتبارها الإطار القانوني الذي يضمن تحقيق السلام العادل والشامل، مؤكّدة على رفضها القاطع لجميع السياسات التي تستهدف فرض واقع جديد على الأراضي الفلسطينية، سواء من خلال الاستيطان أو الحصار أو التهجير القسري، إذ إن هذه الممارسات لا تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني، وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأشار إلى أن الحل العادل لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال معالجة جذور المشكلة، وليس التعامل مع تداعياتها فقط. وهذا يتطلب تحركات سياسية ودبلوماسية جادة، وضغوطًا دولية حقيقية تفرض على إسرائيل الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وتمنح الفلسطينيين الأمل في تحقيق دولتهم المستقلة، بما يحقق السلام والاستقرار في المنطقة.
وأكد سعادتُه على أن القمة العربية تأتي في ظل مرحلة مفصليّة تمر بها القضية الفلسطينيّة، حيث تتعرض لمحاولات مستمرة للتصفية، سواء من خلال فرض حلول قسرية، أو تصعيد السياسات الإسرائيلية التي تهدد الوجود الفلسطيني. وعليه، فإن هذه القمة تكتسب أهمية خاصة، كونها تمثل فرصة سانحة لتوحيد الموقف العربي، وتعزيز الجهود الدبلوماسية لمواجهة التحديات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، موضحًا أن سلطنة عُمان تأمل أن تخرج القمة العربية بقرارات حاسمة توازي حجم التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية، وتعكس التزامًا عربيًّا متضامنًا بدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه.
وبيّن سعادتُه أن القمّة يجب أن تؤكد على رفض أي محاولات للتهجير القسري، والتأكيد على أن الحل لا يمكن أن يكون على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وإعادة تفعيل المبادرات العربية والدولية الداعمة لحل الدولتين، والضغط على المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتنسيق المواقف العربية لمواجهة الضغوط الدولية والإقليمية، والعمل على توحيد الجهود الدبلوماسية لدعم الحقوق الفلسطينية في المحافل الدولية، وتعزيز الدعم العربي للفلسطينيين في الداخل، سياسيًّا واقتصاديًّا، لضمان صمودهم في مواجهة التحديات المفروضة عليهم.
من جانبه قال سعادةُ السّفير الدكتور سعيد أبو علي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة لوكالة الأنباء العُمانية: "القمة العربية الطارئة تكتسي أهمية استثنائية بالغة فهي تُعقد في ظرف تاريخي بالغ الخطورة بتداعياته على القضية الفلسطينية وعلى الأمن القومي العربي، جراء هذا الإعلان بخصوص غزة وجعل تهجير أهلها شرطًا لإعادة إعمارها، الأمر الذي رفضته العواصم العربية رفضًا مباشرًا صريحًا، حاسمًا، وقاطعًا.
ووضح سعادةُ السّفير أن أهمية القمة الطارئة تأتي لضرورة حشد الطاقات العربية في هذا المنعطف التاريخي وحماية الوجود وإسناد الحقوق الفلسطينية من واقع الالتزام القومي التاريخي بالقضية الفلسطينية -القضية المركزية للأمة- والدفاع عن الأمن القومي العربي لمواجهة هذه الأفكار والمبادرات الخطيرة بكل ما تقتضيه وتستدعيه من مواقف وطاقات وجهود مشتركة ومنسقة تعبر عن إرادة الأمة العربية وعن قدرتها في مواجهة هذه التحديات الجسيمة.
وأفاد بأنّ القمة ستكون تاريخية فاصلة بكل المقاييس، ولن تقف عند حدود تشخيص أبعاد وخطورة التهديد، وإنما أيضًا بتحديد وبلورة الموقف المدروس بعناية، والرد المنطقي الموضوعي، الكفيل لحماية القضية الفلسطينية والأمن القومي، العربي وبحسابات دقيقة.
وأضاف أن الأمل معقود على القادة العرب لمواجهة هذا التحدي الجدي والخطير بكل الحكمة والقوة التي يقتضيها هذا المنعطف الحاسم. مع التأكيد على أنّ خطة التهجير ستفشل، والشعب الفلسطيني لن يرحل، وغزة باقية جزء لا يتجزأ من فلسطين ولن تقتلع أو تُستملك، ولكن هذا أيضًا ليس آليًّا ودون جاهزية وحراك عربي بل يحتاج إلى موقف وفعل بديل مضاد. وهذا ما تستعد القمة لاتخاذه، مدعومًا بالثقة والاطمئنان من كل الشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني.
وأكد سعادتُه في السياق ذاته على أن مسألة التهجير مدخل لإعادة الإعمار المرفوضة رفضًا عربيًّا قاطعًا وشاملًا، ليست فكرة أو خطة قابلة لمجرد العرض حتى تناقش، فخطة العرب والفلسطينيين المجمع عليها هي خطة إغاثة غزة، والشروع بالإعمار دون تهجير، بل بأيدي وجهود أبناء غزة، مع تسخير الموارد اللازمة لإعادة الإعمار ولتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه وفي وطنه ومواصلة بناء دولته سبيلًا لإنهاء الظلم التاريخي للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام المنشود في المنطقة، ونحن على ثقة بأن الأزمات الحادة والتحديات المصيرية على خطورتها يمكن تحويلها إلى فرص عظيمة وهذا هو الأمل والثقة بالقمة القادمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عبد الرحيم علي: الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الحل.. ولا مجال للحرب بالنيابة عن الشعب الفلسطيني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي رئيس مجلسي إدارة وتحرير "البوابة نيوز"، ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس: “ أسمع في مصر اليوم من يقول: إننا لسنا مطالبين بدفع ثمن أخطاء حماس، فلتتحمل وحدها نتائج تصرفاتها، ولسنا معنيين بالمقاومة، وكأن هذا يعني أن المقاومة أصبحت عملًا شيطانيًا أو أمرًا مرفوضًا، وهذا طرح غير مقبول على الإطلاق”.
وأضاف: "في المقابل، هناك من يقول: بل على العكس، حماس أحيت القضية الفلسطينية بعد أن كادت تموت، والمفارقة أن كلا الرأيين، المتناقضين، يصدران عن أشخاص محسوبين على الدولة المصرية!".
وتابع:"أود أن أؤكد هنا أن السؤال ليس عن مشروعية المقاومة، فهي حق، بل واجب على كل من يتعرض للاحتلال، لكن النقاش الحقيقي ينبغي أن يدور حول طبيعة المقاومة وماهيتها، لا عن مشروعيتها".
وأردف: “هل المقاومة تعني فقط العمل المسلح؟ بالتأكيد لا، المقاومة الحقيقية تشمل السلاح، وتشمل السياسة، والدبلوماسية، وبناء العلاقات الدولية، وحشد الدعم الخارجي.”، مضيفا هنا أطرح سؤالًا جوهريًا: هل يمكن لفصيل واحد أن يحتكر المقاومة؟ أقولها بوضوح: إذا حدث ذلك، فإن القضية تضيع بلا شك".
وأشار إلى أن تجارب الشعوب الأخرى واضحة، لم تكن هناك مقاومة ناجحة إلا من خلال جبهة وطنية موحَّدة، في فيتنام كانت هناك جبهة مقاومة؛ في الجزائر، كذلك؛ وفي جنوب إفريقيا، تكرّر النموذج نفسه".
ولفت إلى أن مصر على سبيل المثال دعمت الجزائر في كفاحها ضد الاستعمار، كما دعمت الصينُ فيتنام، لكن أيًا من هذه الدول لم تتدخل عسكريًا، ولم ترسل جيوشها إلى أرض المعركة، بل قدمت الدعم اللوجستي والسياسي والمعنوي الكامل، وهو تمامًا ما تفعله مصر اليوم تجاه القضية الفلسطينية.
وأوضح أن ما قامت به حركة حماس في السابع من أكتوبر، لا يمكن اعتباره عملًا بطوليًا يُحسب لها بالكامل لماذا؟ لأنه كان قرارًا منفردًا، لم يُتخذ بالتشاور مع باقي مكونات الشعب الفلسطيني، ولم ينبع من إجماع وطني، معقبا: "هذا القرار الأُحادي ستدفع ثمنه كل الفئات الفلسطينية، وليس حماس وحدها".
واستطرد: "كان من المفترض أن يصدر قرار بهذا الحجم والخطورة من خلال الإطار التمثيلي الشرعي، وهو منظمة التحرير الفلسطينية، أو على الأقل من خلال تشكيل جبهة وطنية موحدة تضم حماس وفتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وسائر الفصائل الفلسطينية الفاعلة على الأرض".
وأكد أن هذا ما سعت مصر إلى تحقيقه منذ عام 1948، واستمرت في محاولاتها، منذ عام ١٩٩٨ إبان رئاسة اللواء عمر سليمان لجهاز المخابرات وحتى اليوم، وبخاصة مجهودات مصر منذ عام ٢٠٠٧ حتى ٢٠٠٩.
وأوضح أن المرحلة الأولى من الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية بدأت فعليًا عام 2006، حين نشب خلاف جوهري بين مصر وحركة حماس، وبلغ ذروته في عام 2009، مشيرا إلى أن جوهر الخلاف آنذاك كان رفض حماس التوقيع على بيان المصالحة، ورفضها مد يدها إلى الرئيس محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية.
وتابع: "خلال الجلسات المتعددة التي قادتها مصر، اقترحنا حلًا وسطًا يقضي بأن يوقّع محمود عباس على الاتفاق بشكل مستقل، وأن توقّع حماس أيضًا بشكل مستقل، لكن حماس رفضت هذا الطرح".
وأضاف: “بدلًا من التوقيع، توجهت حماس إلى سوريا، ثم إلى إيران، وأصدرت بيانًا من دمشق أعلنت فيه رسميًا رفضها التوقيع على الاتفاق، رغم أن الحوار حوله استمر لأكثر من عشر سنوات، من بينها نحو عامين مكثفين بين 2007 و2009”.
ولفت إلى أن تلك الفترة شهدت ما عُرف بـ'الانقلاب' الذي نفذته حماس في قطاع غزة، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف المحاولات المصرية لرأب الصدع الفلسطيني الداخلي، مؤكدًا أنه يمكننا أن نرصد كل الجهود المصرية، سواء تلك التي بدأت منذ عام 1948، أو تلك التي تجددت بين عامي 2006 و2007، كلها كانت تهدف إلى توحيد الصف الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية.
ونوه بأن رغم كل ما جرى بعد ذلك من اقتحام السجون، وإطلاق سراح بعض العناصر، وتجاوزات أخرى فإن مصر تجاوزت كل الجراح، وابتلعت الغُصَص، لأن القضية الفلسطينية ليست مجرد موقف سياسي بالنسبة لنا، بل هي في صميم النضال المصري، في قلب عقيدتنا الوطنية.
وأكد رئيس مجلس إدارة “البوابة نيوز” أن مصر التي قدّمت شهداء في حروب 1948 و1967 و1973، والتي وقفت دائمًا في صف القضية الفلسطينية، لا يمكن لها أبدًا أن تتخلى عنها، موضحا أن موقف مصر ثابت وراسخ بقوله: “نحن نؤمن بأن المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني، ونطالب بقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الخامس من يونيو عام 1967، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها القرار 242”.
وأضاف: “لكن وكما أكدت سابقًا، الخلاف الحقيقي ليس حول مبدأ المقاومة ذاته، بل حول من يقود هذه المقاومة، وكيف تُدار، مؤكدا أن المقاومة، أو الكفاح المسلح، إذا فُقد فيها العقل السياسي، وغابت عنها القيادة الموحدة، وتغيب البرنامج النضالي والاستراتيجي المتكامل، فإنها تتحول إلى سلاح أعمى، وسلاح بلا عقل سياسي لا يصيب قلب العدو، بل يصيب قلب صاحبه، ويؤلمنا نحن في عمق وجداننا".
وتابع: " أنا لا أرغب في إعادة ما ذكرته تفصيلًا، لكن لا بد من الإشارة إلى المؤشرات الكثيرة التي تؤكد أن ما جرى في السابع من أكتوبر كان بتخطيط مسبق من الجانب الإيراني، هذا التحرك جاء دعمًا لأجندة إيران النووية، ولتوفير نوع من الإشغال المؤقت لإسرائيل، وقد تم -على الأرجح- بتمرير أو قبول ضمني من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو."
وأردف: "جميع الأدلة المتوفرة اليوم، والتي أشرنا إليها منذ عام 2023، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان على علم مسبق بما سيحدث في السابع من أكتوبر، بل لقد وُجّه إليه سؤال صريح داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي: لماذا تتعامل بحالة من اللين مع حركة حماس؟ ولماذا تسمح بتمرير أموال قطرية إلى القطاع وتزيد من أعداد العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل؟ وكان رده نصًا: أتمنى أن يقعوا في خطأ كبير... وسوف يقعون!".
“ما يُقال اليوم عن أن مصر تحارب أو تتقاعس عن دعم القضية الفلسطينية هو قول لا أساس له من التاريخ ولا من المنطق”.
وأشار إلى أنه لم تُطلب مثل هذه المشاركة المباشرة من أي دولة في تجارب المقاومة عبر العالم؛ لم تُطلب من الصين -رغم أنها دولة شيوعية- أن ترسل جيشها لتقاتل إلى جانب فيتنام ضد فرنسا أو أمريكا، رغم أن جبهة فيتنام كانت شيوعية أيضًا، ولا طُلب من الاتحاد السوفيتي أن يرسل جنوده لنصرة فيتنام، ولا من الدول العربية أن ترسل جيوشها لتحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، ولا من دول أفريقيا أن تحارب النظام العنصري في جنوب أفريقيا".
وأردف أنه ومع ذلك، انتصرت هذه الحركات التحررية، لأنها كانت تتحرك ضمن جبهة وطنية موحدة تضم جميع القوى السياسية الفاعلة، وتنطلق من برنامج نضالي وسياسي موحّد، وتملك قيادة واحدة معترف بها دوليًا.
ونوه بأن هذه القيادة كانت تدير العمل العسكري على الأرض، وتخوض في الوقت نفسه المسار التفاوضي داخليًا وخارجيًا، حتى تحقق النصر، مضيفًا: "هذا هو النموذج الذي رأيناه ينجح في الجزائر، وينجح في جنوب أفريقيا، وينجح في فيتنام. إنه النموذج الذي يجمع بين السلاح والعقل، بين الكفاح والتنظيم، بين النضال والشرعية الدولية".
واختتم: "يتلخص الطريق إلى حل القضية الفلسطينية في ايجاد قيادة سياسية موحدة وعنوان واضح للفلسطينيين ووحدة وطنية وبرنامج سياسي موحد وبرنامج نصالي موخد بدون ذلك سنطل ندور في الفراغ وندفع أثمانا باهظة لاختطاف القرار الفلسطيني وارتهانه لفصيل واحد دون بقية الفصائل وهو ما تريده إسرائيل".