زكاة الفطر.. تتعدد الأسئلة التي يطرحها المسلمون في كل عام حول كيفية إخراج زكاة الفطر، سواء كان ذلك من حيث النوع أو القيمة أو التوقيت المناسب.

وفي هذا الإطار، تأتي إجابات دار الإفتاء المصرية لتوضّح العديد من المفاهيم المتعلقة بهذا الموضوع، مسلطة الضوء على الفقه الإسلامي وآراء العلماء حول إمكانية إخراج الزكاة نقدًا أو حبوبًا، وموضحة أسباب وجوب الزكاة وسبل تحقيق مقاصدها.

من خلال هذا الحوار، يتناول السائلون عدة قضايا دينية هامة مثل هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا؟ وما هو المقدار الواجب دفعه؟ وما هي المصلحة المترتبة على إخراجها بهذه الطريقة؟

وفي هذا السياق، تقدم دار الإفتاء المصرية إجابات شافية بناءً على أقوال العلماء في هذا المجال، مما يعكس التيسير على المسلمين في أيام رمضان والعيد.

سائل يسأل: النقود كانت موجودة في عهد النبي ومع ذلك فزكاة الفطر لم يخرجها النبي نقودًا؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: أن الحديث الوارد بَيَّن َكيفية إخراجها، ولم يَنُص على السنة العملية التي أخرج النبي صلى الله عليه وسلم بناء عليها زكاته حتى نُسلِّم بما ورد في السؤال، ومع ذلك: فإن الفقهاء من الصحابة والتابعين وأهل المذاهب لم يتقيدوا بهذه الأنواع الواردة بل ضبطوها بالنوع الذي هو غالب قوت أهل البلد.

سائل يسأل: فَلِمَ لمْ يخرجها الصحابة ولا التابعون نقودًا؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: ليس ذلك صحيحًا، فقد أجاز إخراجها بالقيمة أميرُ المؤمنين عُمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، والحسن بن علي رضي الله عنهم أجمعين، وقد أخرج البخاري في "صحيحه" أنَّ معاذًا رضي الله عنه قال لأهل اليمن: "ائْتُونِي بِعَرَضٍ، ثِيَابٍ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ، أَهوَنُ عَلَيكُمْ، وَخَيْرٌ لِأَصحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ". فأفاد أنه أخذ مِن أهل الزكوات ما يتوافق مع حاجة الفقراء والمساكين بدلًا عن جنس ما وجبت فيه الزكاة.

أما التابعون: فقد ذهب لجواز إخراجها بالقيمة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، والإمام طاوس، ووافقهما الإمامان الثوري والبخاري، وغيرهم.

زكاة الفطر

سائل يسأل: لو كانت في القيمة مصلحة للفقير لأبلغنا النبي بذلك؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: لقد نصَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ضرورة إخراج زكاة الفطر إغناءً للمستحقين فقال: «أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذا الْيَوْمِ» (أخرجه ابن سعد في "الطبقات" والدار قطني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما)، والإغناء الآن يتحقق بالمال، كما أن التنصيص على أصناف الحبوب التي تخرج منها ورد للتيسير لا للحصر.

سائل يسأل: هل أنتم أعلم بمصلحة الفقير من النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: حاشا لله أن نقول ذلك، ولكن مصلحة الفقير تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، فما يصلح لهم في وقت قد لا يصلح لهم في وقت آخر، وتحديد المصلحة متروك لأهل الحل والعقد، وما يصلح للمستحقين في هذا العصر هو القيمة، ولو حدد النبي مصلحة الناس في كل عصر لضَيَّقَ عليهم معاشهم.

سائل يسأل: غالب قوت البلد هو الأرز أو الدقيق وليس القمح؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: استفاد الفقهاء من حديث زكاة الفطر أنه أفاد بظاهره أن يكون جنس زكاة الفطر من غالب قوت بلد المزكي وذلك بشيوع اتخاذ هذا الجنس عند أهل هذه البلد وتعارفهم التغذّي به وإن لم يقتصروا عليه سواء كان من الأجناس الأربعة (الحنطة والشعير والتمر والزبيب) أم من غيرها كالأرز.

وهذا صادق على القمح فهو قوت أهل مصر على العموم.

سائل يسأل: لماذا لم يتم تقدير الزكاة على صنف آخر غير القمح؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: لقد نصَّ السادة الحنفية على أن زكاة الفطر تُحسب بناء على أقل قيمةٍ لغالب قوت البلد، وأقل قيمةٍ لغالب قوت أهل مصر هو القمح، ومن زاد على ذلك فهو خير له.

سائل يسأل: اذكر لنا حديثًا وردَ فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخرجه نقودًا؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: أخذ القيمة في الزكاة أقره الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث معاذ رضي الله عنه السابق.

كما عمل ذلك جماعة من الصحابة والتابعين كما ذكرنا سابقا.

كذلك هناك ما يدل على اعتبار النبي صلى الله عليه وسلم للقيمة فقد غاير بين القدر الواجب من الأصناف المنصوص عليها، فجعل من التمر والشعير صاعا، ومن البر نصف صاع كما ورد في رواية صحيحة وأخذ بها عدد من الصحابة وذلك لكونه أثمن الأجناس في عصره.

ثم إن ترْكُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمرٍ ما لا يدلُّ على عدم جواز فعله، وهذا هو الذي يعبِّر عنه الأصوليون بقولهم: "الترك ليس بحجة"، وهو أمر متفق عليه بين علماء المسلمين سلفًا وخلفًا.

سائل يسأل: لا يجوز إخراج الزكاة قبل العيد؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: زكاة الفطر تجب بسببين: بصوم رمضان، والفطر منه، فإذا وُجِد أحدهما جاز تقديمه على الآخر، كزكاة المال بعد ملك النصاب وقبل الحوْل، وهذا هو مذهب الحنفية والشافعية.

زكاة الفطر

سائل يسأل: إخراج زكاة الفطر بعد صلاة العيد يعتبر صدقة من الصدقات؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: الأفضل هو تقديمُها قبل صلاة العيد، فإن أخَّرها المكلف لما بعد ذلك لعذر أو ضرورة فلا إثم عليه، وذلك لما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: "كنَّا نخرجُ في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفطر صاعًا من طعام"، واليوم يطلق على جميع النهار.

سائل يسأل: كيف تم حسابها على 35 ج للفرد؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: تم حسابها بناءً على السعر الرسمي لكيلو القمح من أجود الأنواع، وطريقة الحساب كالآتي:

سعر أردب القمح لهذا العام 2025م - 2000 جنيه مصري، وأردب القمح (150 كيلو)، وسعر الكيلو 13.33 جنيه ووزن الصاع النبوي من القمح عند جمهور الفقهاء (2.04 كيلو) [2000 ÷ 150 = 13.33 × 2.04 = 27.19]. وذكرنا أن من زاد على هذا الحد فهو خير له وأفضل للمستحقين.

سائل يسأل: مَنْ مِنَ العلماء أجاز إخراج زكاة الفطر بالقيمة؟

دار الإفتاء المصرية تجيب: الإفتاء بجواز إخراج القيمة قال به مِن الصحابة: أميرُ المؤمنين عُمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، والحسن بن علي رضي الله عنهم أجمعين، ومِن التابعين: عمر بن عبد العزيز، وطاوس، ووافقهم الإمامان الثوري والبخاري، وهو ما ذهب إليه الحنفية والإمام أَشْهَب وروايةٌ عن الإمام ابن القاسم وابن حبيب مِن المالكية، وروايةٌ عن الإمام أحمد، واختارها الشيخ ابن تيمية.

إخراج زكاة الفطر بالقيمة مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الصحابة رضي الله عنهم، فعن الصُّنَابِحِ الْأَحْمَسِيِّ رضي الله عنه قال: رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ نَاقَةً مُسِنَّةً، فَغَضِبَ وَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ، فَسَكَتَ. أخرجه الأئمة: ابن أبي شيبة في "المصنف"، وأحمد -واللفظ له- وأبو يعلى في "المسند"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وبَوَّب له بـ(باب مَن أجاز أخْذ القِيَم في الزَّكَوَات).

قال كمال الدين ابن الهمَام في "فتح القدير" (2/ 193، ط. دار الفكر) بعد سَوْق الحديث: [فعَلِمْنَا أنَّ التَّنْصيص على الأسنان المخصوصة والشاة، لبيان قَدْر المالية، وتَخصيصها في التعبير، لأنها أسهل على أرباب المواشي] اهـ.

ملخص الحوار السابق

1- الحد الأدنى للفرد 35 جنيهًا.

2- من أراد الزيادة فهو خير له ولكن لا تفرض على غيرك.

3- يجوز إخراجها نقودًا.

4- تم حسابها على القمح وأردب القمح بـ (يكتب سعر الاردب هذا العام) جنيهًا.

5- إن اخترت إخراجها نقودًا لا تشتري به شيئًا.

6- يمكن أن تخرج الزكاة حبوبًا ولكن الأفضل للفقير الآن أن تخرجها نقودًا.

زكاة الفطر

7- يتم إخراجها قبل صلاة العيد.

8- يمكن أن تخرج حتى قبل غروب شمس أول يوم العيد.

9- إخراج القيمة أقرب إلى منفعة الفقير فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه.

10- روي عن عمر بن عبد العزيز في صدقه الفطر أنها: نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم.

- فرضت زكاة الفطر طهرة للصائمين وطعمة للمساكين، سواء كانت حبوبًا أو مالًا.

- إخراجها مالًا هو الأقرب إلى تحقيق مقصود الشرع في التوسعة على الفقراء وإغنائهم يوم العيد، تحقيقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذا الْيَوْمِ» أخرجه ابن سعد في "الطبقات" والدار قطني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والإغناء الآن يتحقق بالمال لا بالحبوب.

اقرأ أيضاًما قيمة زكاة الفطر وفدية الصيام؟.. «الإفتاء» توضح

«الإفتاء» تحدد قيمة زكاة الفطر لهذا العام 1446 هجريا

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أحاديث زكاة الفطر حساب زكاة الفطر دار الإفتاء المصرية زكاة الفطر قيمة زكاة الفطر دار الإفتاء المصریة تجیب صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم إخراج زکاة الفطر وعبد الله بن رضی الله عنه ن الصحابة سائل یسأل فی هذا نقود ا حدیث ا

إقرأ أيضاً:

ما حكم تطليق زوجتي إرضاء لأمي وأخواتي لكثرة المشاكل بينهم؟.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم الدين فى تطليق زوجتى إرضاء لأمى وأخوتى نظرا لوجود مشاكل بينهم؟".


وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن الله سبحانه وتعالى شرع الطلاق لعباده إذا تعذر استمرار الحياة بين الزوجين؛ فلا يستعمله المسلم إلا إذا كان مضطرًا له؛ لأنه أبغض الحلال عند الله تعالى؛ قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللهِ الطَّلاقُ» رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي.

وأوضحت الإفتاء أن الطلاق رخصة للزوج يستعملها عند الضرورة، ولا يجوز لأي شخص أن يتدخل في هذا الأمر حتى وإن كان والديه وإخوته؛ لأنه حق شخصي لا يتعدى إلى الغير، ولا تعد مخالفة الزوج لوالديه في إبقاء زوجته وعدم طلاقها عقوقًا للوالدين طالما أن الزوج مستقر مع زوجته، وأنها تحفظه في نفسها وماله وترعى حقوقه وحقوق الآخرين.

هل يجب استئذان الزوج قبل قضاء أيام رمضان؟.. الأزهر للفتوى يجيبهل الرجل ملزم بدفع نفقة تجهيز ودفن الزوجة المتوفاة من ماله؟.. الإفتاء تجيبهل يجوز للمرأة عدم زيارة والديها ضمن حقوق طاعة الزوج؟.. اعرف رأي الشرعهل يجوز للمرأة التصدق من مال زوجها؟.. دينا أبو الخير تجيب

وأكدت أنه لا يجوز شرعًا تدخل الوالدة أو الإخوة في أمر طلاق زوجته، ولا ينبغي على الزوج طاعتهم في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَة الله عَزَّ وَجَلَّ».

حكم الطلاق بسبب ضيق الحال على الزوج

حكم الطلاق بسبب ضيق الحال وعدم قدرة الزوج على الإنفاق، عن هذه المسألة التي تشغل بال كثير من الناس، أجاب الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية.

وقال مجدي عاشور، إن جمهور الفقهاء ذهب إلى أن الزوج مكلف بالنفقة على الزوجة ولها أن تطلب منه ما تشاء، طالما كان ميسور الحال وقادر على النفقه ومعه المال.

حكم الطلاق بسبب ضيق الحال


وأضاف، أن الزوج الذي حدث له أمر طارئ وأصبح لا يقدر على النفقة فللزوجة الخيار في أن تظل معه في هذه العلاقة الزوجية، ولكن عند طلب الطلاق، اختلف الفقهاء في مسألتها على أمرين:

الأول : ذهب إليه الحنفية ، وهو مقابل الأظهر عند الشافعية ، وقول عند الحنابلة إلى أنه ليس لها طلب التفريق ، لعموم قوله تعالى : ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾[البقرة:280]، والزوجة تدخل في عمومها ، فتنتظر حتى يتيسر حاله بالنفقة . ولكن ليس للزوج أن يمنعها من التكسب كي تنفق على نفسها .

أما القول الثاني فهو ما ذهب إليه المالكية وهو الأظهر عند الشافعية والصحيح عند الحنابلة أن للمرأة حق طلب التفريق بينها وبين زوجها لعجزه عن الإنفاق، فإن امتنع فرق القاضي بينهما، واستدلوا بقوله تعالى :﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾[البقرة: 229].

وأكد عاشور، أنه ينبغي للزوجة أن تصبر على عسر زوجها بالنفقة، ولا مانع أن تعمل بالتراضي، ولا تطلب الطلاق إلا إذا لحقها ضرر لا يدفع إلا به، وذلك عملًا بقاعدة :" ارتكاب أخف الضررين".

طباعة شارك الإفتاء حكم تطليق زوجتي إرضاء لأمي وأخواتي الطلاق حكم الطلاق بسبب ضيق الحال على الزوج

مقالات مشابهة

  • هل يتعرّض كل البشر لفتنة المسيح الدجال؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم تطليق زوجتي إرضاء لأمي وأخواتي لكثرة المشاكل بينهم؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للإمام إطالة الركوع لينتظر دخول الناس في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • دار الإفتاء المصرية توضح حكم بناء دور ثانٍ بالمقابر بعد امتلائها.. لا يجوز إلا عند الضرورة
  • حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع.. الإفتاء توضح
  • أذهب لأداء حج النافلة أم أسدد ديني؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز لمن لا يصلي مطلقًا أداء فريضة الحج؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم حج المرأة بدون محرم .. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز إضافة لفظ سيدنا عند ترديد الصلاة على النبي؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم عمارة وتزيين المساجد؟.. الإفتاء تجيب