جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-03@20:14:25 GMT

وأحسنوا

تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT

وأحسنوا

 

 

زكريا الحسني

 

الإحسان في اللغة العربية يعني: إتقان العمل: أي فعله على أكمل وجه وبأفضل صورة، ويعني كذلك فعل الخير: وهو تقديم المعروف والمساعدة للآخرين، كما يعني التفضل والعطاء: أي تقديم النفع دون انتظار مقابل، وهو مشتق من الجذر "حَسُنَ"، الذي يدل على الجمال والجودة في الفعل والخلق.

الإحسان هو أسمى مراتب الفضيلة، وهو ليس مجرد فعلٍ نبيلٍ أو عطاءٍ كريم، بل هو حالة من الصفاء الروحي والسمو الأخلاقي.

إنه شعورٌ يعكس نقاء القلب وصفاء السريرة، فيفيض صاحبه حبًا ورحمة، فيصبح كالغيث أينما حلّ نفع.

الإحسان هو أن تعطي دون انتظار مقابل، وأن تزرع الأمل في قلوبٍ أرهقها الألم، وأن تكون يدًا حانية تمتد لكل محتاج. إنه أن ترى جمال الحياة في إسعاد الآخرين، وأن تستشعر رضا الله في قضاء حوائج عباده.

يقول ابن القيم: "الإحسانُ هو أن تعبدَ اللهَ كأنَّكَ تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهو غايةُ الإخلاصِ للهِ وحده."

ويقول الشاعر:

وإذا جَزَيتَ الخَيرَ عَشرَةَ أمثَالِهِ

فَالإحسَانُ يَفُوقُ ذَلِكَ أضْعَافَا

الإحسان نورٌ يُضيء الدروب الحالكة، وهو قوةٌ تمنحك سعادةً لا توصف؛ لأنك تشعر أنك سبب في إدخال السرور على قلوبٍ أرهقها الزمن. إنه رسالة حبٍ وسلام، ومفتاحٌ لرضا الرحمن، وسرٌ من أسرار السعادة الأبدية.

فكُن من المحسنين، وازرع الخير حيثما حللت، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، ويكفيك شرفًا أن تكون ممن أحبهم الله واصطفاهم ليرفعوا راية الإحسان في الأرض.

حين أحسِن إلى أحدهم أشكرهم، فقال لي أحدهم: أليس من المفترض أن نكون نحن من يشكرك؟ فقلت: ألا تعلم من أمرني بذلك؟ إنه الله، الذي قال: {إِنْ أَحْسَنتُمْ فَقَدْ أَحْسَنتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (الإسراء: 7).

واليوم، أنت دفعتني إلى الارتقاء إلى هذه المرتبة، فخذ كل ما ذكرت سلفًا بعين الاعتبار، وتقبّل شكري لك، لأن الله اختارني لهذا الموقف ليبلوني: أأشكر أم أكفر؟ وهذا هو نور الله في الأرض، والله يصطفي من عباده من يشاء ويختار.

وما قدمته لك ليس تفضّلًا مني، فإن ظننت ذلك فقد تكبّرت على الله. تعالى الله علوًّا كبيرًا عن أن أكون جاحدًا أو ناكرًا لفضله.

أشكر الله الذي رزقني هذه الفرصة لأكون سببًا في إدخال السرور على قلبك، وجعلني ممن يحملون نور الإحسان في هذه الدنيا. فالفضل لله أولًا وآخرًا، وما أنا إلا وسيلة لتحقيق إرادته في نشر الخير بين عباده.

ينبغي أن نُعيد إحياء مفهوم الأخلاقيات في ثقافة الناس، فبعودة هذه القيم السامية سيصبح نسيج المجتمع أكثر صلابة، وستنتشر المحبة والخير بين أفراده، فتتنزل البركات من الله؛ لأن الله يُوجد في كل خيرٍ، وهو الذي غرس هذه القيم في صميم خِلقتنا ومناط تفكيرنا.

علينا فقط أن نستعيد ما ضاع منا من إرثٍ عظيمٍ جاء به سيّد الخلق وأهل بيته الأطهار. فلنكن على أثرهم مهتدين، مستنيرين بهديهم، سائرين على دربهم، لنحقق ما أراده الله لنا من خيرٍ وصلاح.

الأخلاق ليست مجرّد سلوكياتٍ عابرة، بل هي روح الحضارات وجوهر الإنسانية. إنّها الحبل الذي يربط الأرض بالسماء، والقوة التي تُعلي شأن الأمم وترفع قدر الإنسان. فلا رفعة لأمةٍ فقدت أخلاقها، ولا مجدَ لمجتمعٍ تهاوى في مستنقع الانحلال.

فلنكن جيلًا يُعيد للأخلاق رونقها، وللقيم مكانتها، ولننشر هذا النور في كل مكان، لأن الأخلاق هي أمانة السماء في أعناقنا، وحِفظها هو حفظ للإنسانية جمعاء.

ويُضاف إلى ذلك أن الإحسان يحرر الروح من قيود الأنا، ويرتقي بالإنسان إلى مراتب العطاء الخالص. فهو سرٌ من أسرار النقاء القلبي، وعنوانٌ للرقي الإنساني.

كما أن الإحسان يُعيد تشكيل العلاقات الاجتماعية على أسسٍ من الحب والإخلاص، ويُضفي على الحياة بريقًا لا يُقاوم، فتشعر أن العالم كله يتنفس الجمال لأنك زرعت فيه بذور الخير.

فما أروع أن نعيش بالإحسان، وما أجمل أن نمضي في دروب الحياة حاملين قلوبًا نقية وأرواحًا مضيئة، تنشر الفرح وتنثر الأمل في كل مكان.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العلامة مفتاح يفتتح مركز الإحسان لرعاية وإيواء المتشردين بأمانة العاصمة

الثورة نت|

افتتح النائب الأول لرئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل سمير باجعاله، اليوم مركز الإحسان لرعاية وإيواء المتشردين “المرضى النفسيين غير المصحوبين بالرعاية” بأمانة العاصمة.

وفي الافتتاح الذي حضره وزيرا الصحة والبيئة الدكتور علي شيبان والاتصالات وتقنية المعلومات المهندس محمد المهدي، وأمين العاصمة حمود عباد ومحافظ صنعاء عبدالباسط الهادي، أكد العلامة مفتاح، أهمية المركز لحماية المجتمع، لا سيما المتشرد من الضرر.

وأشار إلى أن المركز الذي تم افتتاحه في إطار البرنامج الوطني لرعاية وإيواء المتشردين “المرضى النفسيين غير المصحوبين” بتمويل هيئة الزكاة، وعدد من الجهات الحكومية، سيقدم خدمات لـ200 نزيل في البداية، قابلة للزيادة في مجالات الرعاية والصحة والتأهيل والدمج الاجتماعي.

ودعا كافة الميسورين ورجال المال والأعمال والمنظمات الإنسانية والجهات والمغتربين إلى التعاون في مساعدة هذه الفئة المستضعفة من المشردين والمرضى النفسيين، مؤكدًا أن رعاية هذه الفئة بحاجة لإمكانات كبيرة سيما في الجانب العلاجي.

وعبر عن الشكر لكافة الجهات وكل ما ساهم وبذل جهودًا في إنجاز المركز الذي سيكون نواة أولى للتعامل مع هذه الفئات حتى لا يكون هناك مشرد باليمن.

بدوره أوضح وزير الشؤون الاجتماعية والعمل باجعالة أن افتتاح المركز يعكس الكرامة الإنسانية وترسيخ مبدأ التماسك الأسري والاجتماعي، ويعبر عن اهتمام القيادة الثورية والسياسية في رعاية الفئات المستضعفة.

وثمن دعم الجهات الحكومية وفي المقدمة هيئة الزكاة في تجهيز المركز وإنجاز ما عليها من التزامات في توفير احتياجاته للاضطلاع بدوره الإنساني والعلاجي، مؤكدًا أن هذه الأنشطة من أعمال الإحسان التي توليها الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية جل اهتمامها.

ولفت الوزير باجعالة إلى أهمية الخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية التي يقدمها البرنامج الوطني لرعاية وإيواء المرضى النفسيين المتشردين غير المصحوبين بالرعاية، لحمايتهم من الضرر، إلى جانب التأهيل والتمكين والادماج والحفاظ على استدامة التماسك الأسري.

فيما أكد رئيس هيئة الزكاة الشيخ شمسان أبو نشطان، حرص على إطلاق مشروع مركز الإحسان لرعاية وإيواء المتشردين، بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات الحكومية المعنية.

وأفاد بأن المركز يُعد الثالث من المراكز التي ترعاها هيئة الزكاة وتتمثل في “الرأفة، الرحمة” بالشراكة مع الوزارة وعدة جهات، مثمنًا حرص القيادة الثورية والسياسية ومتابعتها لاحتواء هذه الشريحة والإحسان إليها وغيرها من الشرائح المستضعفة.

ولف الشيخ أبو نشطان إلى أن معاناة المتشردين تحتم على الجميع العمل بروح الفريق الواحد لخدمتها وتجسيد رحمة وأخلاق وقيم وتعاليم الإسلام.

وقال :”حرصنا مع كل الشركاء على أن يكون المركز أنموذجي بخدماته ومرافقه وتقديم الرعاية الاجتماعية والصحية للمتشردين وتأهيلهم نفسيًا وإعادة دمجهم في المجتمع”.

في حين أشار المدير التنفيذي للبرنامج الوطني لرعاية وإيواء المتشردين علي الرزامي، إلى أهمية افتتاح المركز المختص ضمن البرنامج الوطني لرعاية وإيواء المتشردين المرضى النفسيين غير المصحوبين، لتقديم الرعاية لهذه الشريحة الاجتماعية الضعيفة التي أغفل الاهتمام بها على مدى عقود.

وقال “إن افتتاح المركز يجعلنا نستحضر حقيقة وجود الدولة بما توليه من رعاية لمواطنيها لاسيما الفئات الضعيفة وفي ظل قيادة حكيمة تولي الضعفاء جل الاهتمام وتحث على رعايتهم وتتحمل المسؤولية الإيمانية والأخلاقية والمجتمعية تجاههم على كافة المستويات”.

وأضاف الرزامي، “افتتاح المركز ليس إلا لبنة أولى في الرؤية الوطنية للبرنامج الوطني لرعاية وإيواء المتشردين المرضى النفسيين غير المصحوبين”، و التي لن تقتصر على الإيواء وتوفير الملجأ الآمن، وإنما حفظ كرامته كإنسان، ثم رعاية صحية وتغذية روحية دينية وفق هدى الله”.

وبين أن الرعاية تتضمن إعادة تأهيل وبناء قدراتهم بما يتوافق مع ميولهم وقدراتهم ومن ثم تمكينهم اقتصادياً وفق خطط وبرامج إعادة الإدماج في المجتمع .. داعيًا كافة العاملين في البرنامج الوطني لرعاية وإيواء المتشردين، إلى استشعار المسؤولية والرقابة الإلهية في العمل مع هذه الفئة الضعيفة.

إلى ذلك طاف النائب الأول لرئيس الوزراء، ووزراء الشؤون الاجتماعية والصحة والاتصالات وأمين العاصمة ومحافظ صنعاء ورئيس هيئة الزكاة، بأقسام المركز من غرف استقبال وعيادات وكذا غرف إيواء ومطعم وصالة وباحات رياضية وغيرها، واطلعوا على مستوى التجهيزات من معدات طبية وأثاث.

حضر الافتتاح وكيلا هيئة الزكاة علي السقاف والوكيل المساعد للرعاية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية ياسر شرف الدين وعدد من المسؤولين.

إلى ذلك زار وزير الشؤون الاجتماعية والعمل باجعاله ومعه الوكيل المساعد بالوزارة لقطاع الرعاية الاجتماعية شرف الدين مركز الرأفة للرعاية الاجتماعية للمتشردين بالبرنامج الوطني لمعالجة ظاهرة التسول.

وخلال الزيارة التقى الوزير باجعاله وشرف الدين، بمدير المركز الدكتور عبدالله نهشل، واستمعا منه إلى شرح حول الأعمال والبرامج التي ينفذها المركز لرعاية المشردين.

كما اطلعا على مستوى الخدمات والرعاية الصحية التي تقدم للنزلاء وعددهم 120 نزيلاً خلال شهر رمضان الكريم.

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية أهمية تكاتف الجهود المجتمعية والرسمية في مساعدة المشردين، والأمراض النفسيين، وتكثيف برامج الرعاية والعمل على كل ما من شأنه معالجتهم وإعادة إدماجهم بالمجتمع.

مقالات مشابهة

  • الزكاة تدشن مشاريع الإحسان الرمضانية بأكثر من 16 مليار ريال
  • القارئ الطبيب صلاح الجمل لـ«الأسبوع»: أنا العربي الوحيد الذي سُمح له أن يسجل القرآن في الحرمين النبوي والمكي
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • عبد الله: ودعنا اليوم رفيقنا علي عويدات الذي تشهد له الساحات والمواقف
  • العلامة مفتاح يفتتح مركز الإحسان لرعاية وإيواء المتشردين بأمانة العاصمة
  • لجلب الخير والمغفرة.. أدعية لـ ثاني ليلة في رمضان بالقرآن الكريم
  • الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
  • رمضانُ الخير والعطاءات
  • معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ومن الذي يوسوس لنا ؟