لويزا الألمانية.. تروي للجزيرة نت كيف أسلمت ورابطت في المسجد الأقصى
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
عندما بدأت التسجيل مع لويزا لورانزن وجدت فيها حماسة للتعبير عن رحلتها إلى الإسلام والرباط بالمسجد الأقصى، وانطلاقا نحو سرد تفاصيل دقيقة شكّلت انعطافات كبيرة في مسيرات حياتها المهنية والأكاديمية والدينية، وتدفقت العبارات لتروي للجزيرة نت تفاصيل هذه الرحلة.
فتقول لويزا عن نفسها: "عندما بلغت 20 عاما من عمري لم أكن أعرف عن الإسلام شيئا، ولم ألتق مسلما من قبل، حتى المنطقة التي أسكنها والأسرة الكبيرة التي أنتمي إليها لم يكن فيها مسلم واحد، واستمر ذلك حتى انتقلت لمتابعة دراستي في مدريد بإسبانيا".
ولويزا نشأت في فرانكفورت بألمانيا لأب أسترالي وأم ألمانية، وهي باحثة في السلام والصراعات الدولية، وكان موضوع أطروحتها لنيل درجة الماجستير عن المرابطات في المسجد الأقصى، وأنشأت مع زوجها براء أبو الخير مؤسسة في ألمانيا معنية بالدفاع عن القضية الفلسطينية.
وبراء أيضا وُلد في ألمانيا أيضا، ولأبوين فلسطينيين، ويعمل في مجال الهندسة الصناعية والطاقة المتجددة وحماية المناخ.
إسلام لويزا
شكّل وصول لويزا إلى إسبانيا نقطة تحول عظيمة في حياتها كلها، إذ للمرة الأولى تلتقي مسلمين عن قرب وتتعامل معهم، وكان تطوعها في منظمة إنسانية المدخل الأول الذي جعلها تعيد حساباتها، ولم يستغرق الأمر طويلا لاتخاذ قرار بأن الإسلام هو الطريق الصحيح الذي ينبغي السير فيه.
إعلاناستمرت لويزا في إسبانيا عامين، بدأت فيها دراسة العلوم السياسية، وركزت دراستها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المفارقة أن فلسطين لم تكن موضوعا رئيسيا في دراستها آنذاك، ولم تكن تعرف الكثير عنها، حتى عندما يرد ذكرها في الدراسات الجامعية لديها تكون وجهة النظر أحادية.
ويشاء الله تعالى أن تصبح فلسطين محور دراستها في الماجستير والأبحاث الأخرى التي توالت بعد إسلامها، فتروي لويزا أنه رغم عدم معرفتها بأي فلسطيني عن قرب قبل إسلامها، فإنها شعرت برابطة الإسلام التي تجمعها مع المسجد الأقصى، وتحديدا عندما بدأت التعرف على الفلسطينيين.
بين إسطنبول والمدينةوتجسد هذا التعارف في زوجها براء وعائلته الفلسطينية، فأجداده من الذين عاشوا ويلات نكبة عام 1948، ووالداه ولدا مباشرة بعد النكبة في مخيم للاجئين الفلسطينيين، وهذا التعارف شكّل الباب الواسع الذي قدم مادة علمية أمام لويزا لكتابة أوراق بحثية عن القضية الفلسطينية على نحو يغاير انحياز الدراسات الألمانية تجاه الرواية الإسرائيلية.
وربما لعبت الصدفة دورا في تعرف لويزا على هذه الأسرة الفلسطينية، ففي مطار إسطنبول قابلت لويزا فتاة ألمانية من أصل فلسطيني أثناء توجهها إلى أداء مناسك العمرة، ولم يدم اللقاء كثيرا وذهبت كل واحدة في طريقها.
وفي اليوم الأخير من العمرة في المسجد النبوي بالمدينة المنورة قابلت لويزا الفتاة الفلسطينية نفسها، ولكن اللقاء هذه المرة امتد لوقت أطول، وتعمقت المعرفة وأخذت أبعادا أخرى للدرجة التي رشحتها الفتاة إلى أخيها، وسرعان ما تمت الخطبة.
زواج لويزا من براء لم يكن لقاء بين شخصين مجردين أو أسرتين مختلفتين، لكنه انفتاح على قضية ستشكل محور دراساتها واهتماماتها، وستضع في طريق معرفتها كتبا أخرى وسردية جديدة للصراع غير تلك السائدة في المدارس والجامعات الألمانية، والتي بالطبع تكون منحازة للمنظور الإسرائيلي.
إعلان
المرابطات بالقدس
تقول لويزا "المرة الأولى التي حظينا فيها بفرصة زيارة فلسطين والمسجد الأقصى كانت في رمضان (2023)، أي قبل نحو نصف عام من بدء الحرب والإبادة الجماعية على قطاع غزة، وكانت هذه لحظة تحول في رأيي، سواء في حياتي الشخصية أو في حياتي المهنية أو الأكاديمية، حيث تعرفت على أحد أكثر الشعوب صمودًا، وهم المرابطات في القدس".
وتروي الباحثة الألمانية ما وقفت عليه بنفسها: "هؤلاء النساء ممنوعات من دخول المسجد الأقصى منذ أكثر من عقد، وتصدر ضدهن أحكام من المحاكم العسكرية تمنعهن من دخول المسجد الأقصى. والآن بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أصبح ذلك صعبًا للغاية عليهن ويكاد يكون مستحيلًا، ولكنهن ما زلن يمارسن مطالبهن بالتجمع عند أقرب نقطة يستطعن الوصول إليها قرب المسجد الأقصى".
ومن المفارقات التي وقفت عليها لويزا أن أغلب هؤلاء المرابطات يعشن في البلدة القديمة بالقدس، ومع ذلك يُمنعن من دخول المسجد الأقصى، "فكن يجتمعن عند البوابات الأقرب للمسجد ويصلين هناك ويفطرن ويتحدثن مع الناس".
كان التحدي الكبير أمام لويزا يتمثل في نقل القصص الإنسانية التي سمعتها في فلسطين إلى المشهد الأكاديمي الألماني، خاصة أن الأوساط الجامعية في ألمانيا لم تكن ترحب بدارسة يكون موضوعها "المرابطات في المسجد الأقصى"، ليس فقط بين الأساتذة، بل بين الطلاب أنفسهم.
نظرة لويزا للمرابطات تغيرت إلى حد ما بعد مشاركتها في الأنشطة التي يقمن بها، ونظرت إلى الرباط في رحاب المسجد الأقصى بوصفه "فعلا مقاوما" للاحتلال تقوم به ناشطات فلسطينيات، وكنوع من الإلهام الذي يغير مجرى دراساتها.
وهذا تحديدا ما دفعها إلى اختيار موضوع أطروحتها للماجستير ليكون حول ممارسات المرابطات اليومية، وكيف يقمن بأنشطتهن، وكيف يتكيفن مع القمع الذي يتعرضن له تحت الاحتلال الإسرائيلي، فهن يتعرضن للضرب والسجن باستمرار.
إعلانوتروي لويزا على لسان إحدى المرابطات أنها تخرج كل يوم من منزلها وهي تتوقع 3 سيناريوهات: إما أن تتعرض للضرب من قبل الجنود الإسرائيليين، أو يتم سجنها، أو تصبح شهيدة.
شهادة ألمانية
بعد عودة لويزا وزوجها براء من فلسطين، مارس الاحتلال الإسرائيلي "إبادة جماعية" على الفلسطينيين في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفجّر ذلك تعاطفا كبيرا من الأصوات الناقدة للسياسة الألمانية، لكن هذه الأصوات تم قمعها وبعنف من قبل الشرطة، خاصة المظاهرات التي جابت شوارع برلين.
وتقول لويزا وزوجها براء إن الأمر امتد إلى أن كثيرا من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية فقدوا وظائفهم وأعمالهم لمحاولتهم التعبير عن الإحباط والغضب من سلوك الحكومة الداعم للعدوان الإسرائيلي مما ولّد إحباطا عاما، لكنهم لم يتوقفوا عن الأنشطة التي تشرح قضيتهم حتى تغير المشهد الشعبي العام في ألمانيا.
ويقول براء أبو الخير إن ما بعد معركة السابع من أكتوبر غيّر الكثير من المسلمات التي كانت سائدة في ألمانيا، وعلى رأسها احترام القانون الدولي، بوصفه قوة لا يمكن تحديها أو تجاوزها، لكن ما تعلموه لاحقا أن هذه القدسية لها شروط ولا يتم تطبيقها على الجميع.
ويضرب أبو الخير مثلا بالأبرياء من أطفال غزة الذين يستمر قتلهم، والمزيد من المستشفيات والمدارس التي تدمر، لأن ألمانيا تحديدا تطبق القانون الدولي فقط "إذا لم تكن الضحية دولة أوروبية، أو لم تكن الضحية شخصًا أبيض، فإننا نتحدث عن قواعد مختلفة لا تنطبق على الفلسطينيين على الإطلاق أو على شعوب الجنوب العالمي".
وأشار أبو الخير ولويزا إلى أنهما أسسا معا مؤسسة في ألمانيا معنية بالدفاع عن السردية الفلسطينية، وعرض حقائق القضية باللغة الألمانية، وأنها تجد تجاوبا كبيرا من المجتمع الألماني الذي يحدث فيه تغيير إيجابي حاليا حتى في الساحة الأكاديمية، واستمرار المظاهرات في الشوارع الألمانية تعكس هذه المتغيرات، رغم التضييق الحكومي حتى الآن.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القضیة الفلسطینیة المسجد الأقصى فی ألمانیا فی المسجد أبو الخیر لم تکن
إقرأ أيضاً:
جماعات الهيكل تطالب بالاحتفال بـيوم القدس العبري داخل الأقصى
بعد 3 أيام من إطلاقها إلكترونيا، تمكّنت جماعات الهيكل المتطرفة من جمع أكثر من 700 توقيع على عريضة، تطالب فيها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بفتح المسجد الأقصى أمام اقتحاماتهم لمدة 24 ساعة للاحتفال بـ"يوم القدس" العبري في رحابه.
وحملت العريضة عنوان "الهجرة والعبادة الكاملة لليهود في جبل الهيكل (التسمية التوراتية للمسجد الأقصى) من المساء إلى المساء". وجاء في مقدمتها أن الموقعين عليها يتوجهون لبن غفير بطلب عاجل ومهم استعدادا ليوم القدس، وهو "فتح الجبل لليهود طوال ساعات العطلة"، التي ستبدأ مع غروب شمس يوم الأحد الموافق 25 مايو/أيار المقبل، وتنتهي مع غروب شمس اليوم التالي.
وتطالب الجماعات المتطرفة بن غفير في العريضة بـ"السماح بحرية العبادة الكاملة، بما في ذلك إدخال الأدوات المقدسة مثل السيدور (كتاب الصلوات اليهودية)، والطاليت (شال يرتديه اليهود أثناء الصلاة)، والتفلين (لفائف الصلاة السوداء)، وحتى مخطوطات التوراة تكريما ليوم تحرير الجبل والمعبد".
وأضاف الموقّعون أنه "لا يُعقل في اليوم الذي يعود فيه شعب إسرائيل إلى جبل الهيكل، أقدس ما لدى الشعب اليهودي، أن تكون الحقوق مقيدة هناك، في حين يتمتع المسلمون بالحرية الكاملة على الجبل حتى في أعيادهم".
وأشارت منظمات الهيكل في رسالتها لبن غفير إلى أن "يوم القدس ليس مجرد عطلة وطنية بل هو يوم تحقيق السيادة اليهودية في مكان الهيكل".
وأنه كوزير للأمن القومي "وكشخص يعزّ جبل الهيكل على قلبه فإننا نمسك بيديك من أجل ضمان حرية العبادة اليهودية الكاملة على جبل الهيكل ولو ليوم واحد في السنة فقط".
إعلانوأيّد العريضة -التي أُطلقت لجمع ألف توقيع- مئتا حاخام وردت أسماؤهم في قائمة الرسالة التي وُجّهت لبن غفير.
مع انتهاء أقسى موسم للاقتحامات، الخميس الماضي، استأنف المستوطنون، صباح اليوم الأحد، اقتحامهم للمسجد الأقصى، حيث تتواصل الاقتحامات يوميا منذ عام 2003، باستثناء يومي الجمعة السبت، واستثناءات أخرى.
ووفق رصد شبكة "القدس البوصلة" فإن شهر مايو/أيار المقبل سيحمل في طياته مناسبات… pic.twitter.com/nYwLI2sLkA
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) April 20, 2025
مناسبة لاستباحة الأقصىوبالعودة إلى هذه المناسبة من العام الماضي؛ فإن 1601 من المتطرفين اقتحموا المسجد الأقصى خلالها، ونجحوا في تسجيل عدد من الانتهاكات داخل ساحات أولى القبلتين، أبرزها ارتداء لفائف الصلاة السوداء (التفلين)، وترديد النشيد الوطني الإسرائيلي (هاتيكفا)، والتلويح بالأعلام الإسرائيلية، وأداء طقس السجود الملحمي (الانبطاح الكامل، واستواء الجسد على الأرض ببسط اليدين والقدمين والوجه بالكامل، ويمثّل هذا أقصى درجات الخضوع)، بالإضافة لارتداء قمصان كُتب عليها "جبل الهيكل بأيدينا".
وفي عام 2023 اقتحم المسجد الأقصى في هذا اليوم 1262 متطرفا ومتطرفة وفقا لإحصائيات دائرة الأوقاف الإسلامية، وقبيل حلول المناسبة دعت زوجة الوزير بن غفير "إيلا" آنذاك إلى المشاركة في اقتحام الأقصى، وقالت إنها تنتظر بشوق مشهد الطوابير والأعداد الغفيرة التي ستتوافد للاقتحام، ولرفع الأعلام داخل المسجد.
كما اقتحم المسجد في حينه عدد من أعضاء الكنيست وأدوا النشيد الوطني الإسرائيلي (هاتيكفا)، ورفع أحد المتطرفين العلم الإسرائيلي، وتعمّد آخرون اقتحامه بالزي العسكري.
ترجمة العاصمة: جماعات المستوطنين تنشر دعوات لرفع علم الاحتلال داخل المسجد الأقصى في ذكرى احتلال شرق القدس pic.twitter.com/BUzLFezvos
— شبكة العاصمة الإخبارية (@alasimannews) April 24, 2025
إعلان مطلب جديد قديميُذكر أن هذه ليست المرّة الأولى التي تطالب فيها الجماعات المتطرفة بفتح الأقصى مساءً أمام اقتحاماتهم في هذه المناسبة، ففي عام 2023 قدمت طلبا لتمكينها من إدخال مسيرة الأعلام -التي تصل إلى البلدة القديمة قبيل غروب الشمس- إلى المسجد عبر باب الأسباط.
وقالت حينها إن العدد المطلوب للمشاركة في مسيرة الأعلام داخل الأقصى هو 7500 متطرف سيقتحمونه لقرع الطبول والرقص بالأعلام، وهو المطلب الذي فشلوا في تحقيقه آنذاك، ويعيدون إحياءه اليوم بعريضة تحمل ألف توقيع.
ويُعدُّ يوم "القدس" أو "توحيد القدس" "عيدا وطنيا" لإحياء ذكرى استكمال سيطرة إسرائيل على مدينة القدس، واحتلال الجزء الشرقي منها، وعلى وجه الخصوص البلدة القديمة، وذلك خلال حرب يونيو/حزيران عام 1967.
وتُعَد "مسيرة رقصة الأعلام" الاحتفالية الأبرز في هذا اليوم، وتنطلق سنويا من مكان التجمع المتفق عليه غربي القدس بمشاركة عشرات الآلاف، وتمر من بابين من أبواب البلدة القديمة هما باب الخليل والجديد، ثم تصل إلى باب العمود، حيث تواجه المسيرة احتجاجات فلسطينية رغم كل الحواجز التي تنصبها الشرطة في محيطه.
ويتأثر سنويا بالاحتفالية الأبرز "رقصة الأعلام" نحو 40 ألف مقدسي يعيشون داخل أسوار البلدة القديمة، حيث تمنعهم الشرطة من التحرك من وإلى منازلهم، وتجبر التجار على إغلاق أبواب محالهم التجارية بعد عسكرة المدينة ونشر آلاف القوّات لتأمين احتفالات المستوطنين بالقدس في هذا اليوم.