#خواطر_ رمضانية
د. #هاشم_غرايبه
كثيرا ما أرثي لحال غير المؤمنين، خاصة عندما يعزي أحدهم آخر بوفاة عزيز له، فلا يجد بدا من القول: لروحه الرحمة، رغم أنه لا يؤمن بالروح ولا بإله يرحمها، كما أنه عندما يريد أن يواسي مريضا، فهو لا يستطيع أن يدعو له بالشفاء، فمن سيدعو وهو لا يجوز له أن يؤمن بوجود الله؟، وفيمن رجاؤه بأن بعد الضيق فرجا، وهو ينكر أن هنالك إلهاً يرعى الناس ويحميهم!.
لذلك ليس من سبيل إلا أن يقول له: أنت قوي..إقهر المرض، فإرادتك أقوى من الموت ويمكنك أن تهزمه.
مك هي مضحكة هذه العبارات الغبية، فهل هنالك من لا يتمسك بالحياة!، وهل تمكن أحد بقوته وسلطانه من قهر الموت؟.
ربما لا يختلف الأمر في الجانب الغربي من العالم، فالملحدون يؤمنون كثيرا بالطب، ويعتقد كثيرون أنه هو الذي يحدد الحياة والموت، والمسألة ليست قدرا، بل ما يحددها توفر عناية طبية أو عدمها.
يبقى المؤمنون بالله هم فقط من يعرفون أن الله هو الشافي، وما الطب والعلاجات إلا الأدوات التي بها يشفي الله بها من شاء له الشفاء.
يقول مثل فرنسي:” أعظم الناس حظّاً هم الأطباء.. الله هو الذي يشفي وهم يقبضون الثمن”.
ينبهر كثير من الناس بما تحقق من تقدم في الطب والعلم، وكلما كان مستوى الشخص العلمي منخفضا كان أكثر انبهارا، وذلك يعود إلى أنه كلما تبحر المرء في التعلم وعرف حدود ما وصله الإنسان، أدرك أنه مازال على الشاطيء من بحر هائل الإتساع.
يحمد الأطباء الله على نعمة ثقة الناس بقدراتهم، فحين يحار الطبيب أحيانا عندما لا توجد للحالة علاجات، والمريض لا يقبل بذلك، لأنه يعتقد أن الطب متقدم ولديه الحل لكل حالة، ولو صارحه الطبيب بالحقيقة لاعتقد أنه غير ماهر وسوف يبحث عمن هو مشهور أكثر، لذلك يلجأ كثير من الأطباء الى التظاهر بأنه وصف له العلاج الشافي ويطمأنه بالتحسن خلال أيام.
وفعلا يتحسن المريض إن لم يكن يشكو من الأمراض القاتلة المعروفة، لكن ذلك لم يكن لمهارة الطبيب ولا لنجاعة علاجه، فما وصفه له بعض أدوية مزيلة للأعراض خففت معاناة المريض وهي لم تعالجه مطلقا، ما شفاه هوالطبيب الذاتي المزود به جسم كل كائن حي، فهو يشخص الحالة بدقة معتمدا على تحليلات وفحوص تتم على مدار الساعة، وحين يكتشف خللا ما يرسل إشارة الى الدماغ الذي يوعز الى الغدة النخامية الموجودة في حضن الدماغ أسفله، فتقوم بتوزيع المهام على الأجهزة المختصة ، وذلك من خلال بعض هرموناتها العشرة التي تسيطر على كافة الغدد، وتأمرها بإفراز المطلوب، لكي تبدأ الأنسجة بترميم التالف وإصلاح الخلل، من خلال قاعدة من الخلايا المولدة موجودة في كل نسيج.
كل تلك العمليات تبدأ فورا ومن غير تأجيل لثانية واحدة، وتتم بآلية تلقائية لا تخضع لإرادة الشخص ولا يمكنه إيقافها ولا تشغيلها، ولا تختلف في كفاءتها بناء على كون المرء غنيا ولا فقيرا ولا لوجوده في بلد متقدم أو متخلف، كل البشر لديهم الآليات ذاتها، بل حتى كل الكائنات الحية باختلافات متعلقة بخصائصها.
قد يتساءل البعض: هل يعني ذلك أنك تشكك بأهمية الطب ودور الإطباء مع أنك طبيب؟.
بالطبع لا فكثير من الحالات لم تكن لتنجح لولا التدخل الطبي في الوقت المناسب، صحيح أن التقدم في الجراحة أكثر بكثير من التطور في المعالجة (الطب) والذي لا زال يعتمد على المضادات الحيوية، والتي شكل البنسلين وما اشتق منه قفزة نوعية في معالجة الإنتانات الناجمة عن جراثيم البكتريا، لكن الفيروسات لا زالت خارج قدرتها ولا حيلة للطب في مقاتلتها إلا بالإعتماد على مقاومة الجسم أي الطبيب الذاتي، ولولاه لمات الإنسان من نوبة زكام أو عدوى بالإنفلونزا.
كما أن التقدم (الباهر!) كان أكثره في التقنيات الجراحية وتداخلاتها.. أي فتح ما انسدَّ أو إغلاق ما انفتح وما يلحق بهما.
الأطباء يخفون عن المريض حقيقة دورهم، فهم لم يفعلوا أكثر من دفع السيارة دفعة بسيطة فاشتغلت.
لكن من شغّلها حقيقة بعد تعطلها هو الذي صنعها وزوّدها مسبقا بمُصلّح آلي ماهر، هو الذي يصلح مجانا، لكن الطبيب يقبض الأجرة!. مقالات ذات صلة هل سيقيم الأردن منطقة عازلة في الضفة؟ 2025/03/03
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: خواطر هاشم غرايبه هو الذی
إقرأ أيضاً:
الحكايات الأولى للمكبرين الأوائل.. الجامع الكبير ساحة للانطلاق (الحلقة الأولى)
يمانيون../
قبل أكثر من 20 عاماً، كان المجاهد حسين العياني واحداً من طليعة المجاهدين الذين التحقوا بالمسيرة القرآنية، وتعرضوا للاعتقال من قبل نظام الخائن علي عبد الله صالح، في المعركة الأولى للهتاف بشعار البراءة من أعداء الله وسط الجامع الكبير بصنعاء.
ووثقت قناة المسيرة الفضائية سلسلة حلقات مع المكبرين الأوائل، نعيد استعراضها في موقعنا عبر سلسلة من القصص الشيقة التي تكشف عن المراحل الأولى من ترديد الصرخة، وكيف كان يواجه المجاهدون المعاناة والصعوبات، وكيف تعرضوا للضرب والسجن والاعتقال، في معركتهم الأولى، من قبل أجهزة السلطة أنداك المرتهنة للسفارة الأمريكية.
ويروي العياني تفاصيل ملحمة نقل الصرخة من صعدة إلى وسط قلب العاصمة اليمنية صنعاء، ومعاناته في التنقل للوصول إلى الجامع الكبير، على مرمى حجر من السفارة الأمريكية، ووسط مسامعها وأعينها التي ترصد وتتجسس في المجتمع.
ويقول: “كنت أنظر إلى واقع الناس من حولي، عجيب، ونظرتهم لي غريبة، وإثناء سماعنا لمحاضرة الصرخة عند الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -رحمه الله- في أحد الأيام، ونحن مجموعة، قررنا التحرك إلى الجامع الكبير ما دام ذلك يزعج السفير الأمريكي والسفارة الأمريكية، وما دام هذا العمل يقلق الأمريكيين والإسرائيليين، إذن فلننطلق، فانطلقنا يوم الأربعاء”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A%20%D8%A3_1.mp4
ويضيف العياني: “كنا نشعر أن لدينا معركة كبيرة وقوية جداً، نحن نحمل أهم مشروع في رؤوسنا وأفكارنا، ونرى الناس بعيدين كل البعد عن الأفكار التي في رأسي. كانت أفكاراً صادمة بالنسبة لهم، وكأننا مجانين، ولكن في قناعتي الشخصية، أرى أن الهتاف بهذا الشعار في الجامع الكبير يمثل خطوة كبيرة وعملًا كبيرًا جداً ضد الأمريكيين وكيان العدو الإسرائيلي”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A%20%D8%A8_1.mp4
ويتابع: “كانت الأخبار والبلاغات معممة لمحاولة عرقلتنا عن ذلك، فعرقلونا في الفرز الخاص بنقل الركاب من صعدة حتى وصلنا صنعاء. تحقيقات: أين نذهب؟ وأين نروح؟ ورغم ذلك توجهنا صوب هدفنا، ووصلنا صباح يوم الخميس، ونزلنا في أحد الفنادق، وفي اليوم التالي صباح يوم الجمعة كنا نجهز أنفسنا للانطلاق نحو الجامع الكبير بصنعاء.
ويردف: “دخلنا من بوابة الجامع ووصلنا إلى المقصورة، والناس من على يميني ويساري يلفون ويقولون: أي واحد يشتي يكبر يسير عند المقصورة ولا يزعج الناس، فكنا في الصف الأمامي عند المقصورة، أنا والمجموعة التي طلعنا من البلاد تقريباً 10 أشخاص، وبدأ الخطيب يخطب خطبة الجمعة، وكان المسيطر على بالي كيف أرفع أعلى صرخة بأقوى صوت، وهكذا”.
http://https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A%20%D8%AC_1.mp4
ويسرد: “عندما انتهى الخطيب من الخطبة، أطلقنا أول الصرخة ورفعنا أيدينا بها، فارتفعت كل الصفوف من حولنا.. هذا يكمم على فمي، وآخر يضربني، وذاك يكتفي، ويسحبونا، وكأننا عملنا جريمة كبيرة جدًا، هذا يضربك وذاك يركلك وآخر يشتمك، وينادون في وجهك يا مجرم، تشتي تدمروا صنعاء، كارثة كبيرة عندهم أن تقول: [الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام] !
ويتابع العياني: “أثناء الضرب لي، يشهد الله كنت أجد قول الله: [وربطنا على قلوبهم] في جسدي ومشاعري وأحاسيسي وخلجات نفسي، فما حسيت لا الضرب ولا الدكم، حتى لو كان به جنابي وطعن في جسمي، إنني ما شعرت بها، ولا التأنيب، رغم أن الكل يأنبنا، كنت أشوف أني أديت واجبي وتوفقت بذلك الشرف العظيم الذي حثني عليه ديني وعقيدتي، وتوجيهات ربي في القرآن الكريم، وما قدمه لنا الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه)”.
ويكمل: “بعد الضرب لنا أخذونا إلى فوق السيارات والكل يرانا بشكل عجيب، وكأننا عملنا حاجة كبيرة، العسكر فوق الأطقم، يشعرون بالنشوة والانتصار أنهم أخذونا إلى السجن، لكن اليوم نقول: الحمد لله صدق قوله فينا: [ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين]، مؤكداً: من هذا المكان خضنا أول معركة ضد السفير الأمريكي وأدواته في الداخل، وبهذا الشعار انطلقنا من المسجد على أساس العداء الديني، فوجدنا نصر الله لنا وعنايته بنا، فله الحمد والشكر”.
أحد شهود العيان:
في السياق، يقول أحد المصلين الحاضرين في الجامع تلك الأيام: “كنا نكمل صلاة الجمعة، ويقوم واحد يصرخ بالشعار، والثاني يجاوب من هناك، والثالث يجاوب من الصف الآخر، فكان الناس لا يعرفون الصرخة، يقصدون أنها شيء حرام تقوله في الجامع، بينما هو مشروع الله أكبر؟ واليهود والنصارى قد لعنهم الله تعالى في القرآن الكريم، هي سابحة”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%A7%D8%AD%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86%20%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%B9%20%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A_1.mp4
ويتابع: “أذكر من المرات أنه كان هناك واحد جاء بجانبي، وكان الأمن السياسي يقوم بنفس العمل، حق العادة الذي يمارسونه، كانوا يغيرون زيهم العسكري إلى ثياب مدنية، ويصلون بجانبنا، وهو جاء متربصًا لأي واحد يصرخ بعد الصلاة، وكانوا يشعلون الناس ويحرضون المصلين على أي واحد يهتف بالشعار، ويقولون لنا: إذا لقيتم واحدًا فاضربوه.. كانوا يعتبرون الصرخة عيبًا، كانوا يعتبرونها منكرًا في بيت الله، واليوم نسمعها شيئًا عظيمًا، ما هي منكرًا، على الإطلاق”.
ويزيد: “أثناء مشاهدتنا لعملية الضرب التي تقع على المرددين للصرخة، نتساءل في نفوسنا: هذا الضرب كله على ماذا؟ ما هو السبب؟ الأمر عجيب! إذن والله ضروري نتابع هؤلاء الذين يرددون الصرخة ويصبرون على كل العذاب والإهانة والحبس، ما قصتهم؟ مدري؟”
ويردف: “بدأ الكثير من الناس متابعة هؤلاء والتعاطف معهم، غير معقول أن هذا الجاهل الذي لا يوجد معه “شنب” أو شعر في وجهه، يصبر على كل هذا الكم من الضرب المؤلم، وكل أسبوع نشاهد أعدادًا أكثر من الجمعة الأولى. ومن تم القبض عليه في الجمعة السابقة محبوس”.
كيف نواجه أمريكا؟ وكيف يكون لنا موقف؟
ومن منطلق كيف نواجه أمريكا؟ وكيف يكون لنا موقفاً؟ تحرك الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- قائلاً في محاضرة الصرخة في وجوه المستكبرين: “الجواب على من يقول ماذا نعمل في مواجهة أمريكا، هو اصرخوا، أليس لكم صرخة؟ أن تنادوا (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام). بهذه الصرخة يستطيع كل واحد منكم أن يهتف بها”.
ويتابع الشهيد القائد في المحاضرة ذاتها، وهو يستنهض همم وطاقات الشباب وعزائمهم الجهادية: “نحن كعرب، كمسلمين، أصبحنا تحت أقدام اليهود، هل هذه تكفي؟ إن كنا لا نزال عربًا، إن كنا لا نزال نحمل القرآن، ونؤمن بالله وبكتابه، وبرسوله، وباليوم الآخر، ألا يدفعنا ذلك إلى أن يكون لنا موقف؟”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF%20%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86_1.mp4
منصور البكالي | المسيرة