هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكون طوق النجاة للمحتاجين؟
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
نشرت مجلة نيتشر العلمية تقريراً حديثاً يستعرض كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة فعالة في مكافحة الفقر حول العالم، وذلك من خلال تحليل البيانات وتحديد المستحقين للمساعدات بطرق أكثر دقة وسرعة من الأساليب التقليدية.
في أواخر عام 2020، خلال جائحة كوفيد-19، تلقى عشرات الآلاف من القرويين الفقراء في توغو مساعدات مالية مباشرة عبر هواتفهم المحمولة، بفضل نظام ذكاء اصطناعي مبتكر.
اقرأ أيضاً.. هل يشيخ الذكاء الاصطناعي كالبشر؟ خفايا التقادم الرقمي
كيف يعمل الذكاء الاصطناعي في تحديد الفقراء؟
اعتمدت حكومة توغو، بالتعاون مع علماء من جامعة كاليفورنيا في بيركلي ومنظمة GiveDirectly غير الربحية، على الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الأقمار الصناعية وبيانات شبكات الهواتف المحمولة لتقدير مستوى الدخل والفقر في مناطق مختلفة. وبدلاً من استخدام المسوحات الميدانية التقليدية التي تستغرق وقتاً طويلاً وتحتاج إلى موارد ضخمة، استطاع النظام الجديد تحديد الأشخاص الأكثر حاجة بسرعة ودقة أكبر.
وفقاً للمجلة، فإن هذا النهج ساعد في التغلب على تحديات مثل عدم توفر بيانات دقيقة عن الفقراء، وهي مشكلة تواجه الحكومات والمنظمات الإنسانية عند توزيع المساعدات.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الطرق التقليدية؟
حالياً، يعيش نحو 700 مليون شخص حول العالم في فقر مدقع، حيث يحصلون على أقل من 2.15 دولار يومياً وفقاً للبنك الدولي. ومع ذلك، يواجه قياس الفقر وتوزيع المساعدات مشكلات عديدة، منها التكاليف العالية لجمع البيانات وعدم شمول بعض الفئات مثل المشردين أو الأشخاص الذين لا يملكون هواتف محمولة.
يقول الباحث جوشوا بلومنستوك، المتخصص في علوم الكمبيوتر بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في التغلب على هذه المشكلات عبر تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة فائقة، مما يجعل عملية تحديد المستفيدين من المساعدات أكثر كفاءة.
من جهة أخرى، يُحذر خبراء مثل أولا هال، الباحث في جامعة لوند في السويد، من أن الذكاء الاصطناعي ليس مثالياً، فقد تعاني بعض النماذج من التحيز أو عدم الدقة، مما قد يؤدي إلى استبعاد بعض الأشخاص المستحقين للمساعدة.
كيف تطور قياس الفقر عبر الزمن؟
تاريخياً، حاول الباحثون تطوير معايير لقياس الفقر منذ أواخر القرن التاسع عشر. على سبيل المثال، في عام 1901، أجرى عالم الاجتماع البريطاني سيبوم راونتري دراسة ميدانية حول الفقر في مدينة يورك بالمملكة المتحدة، حيث تم تحديد الفقر بناءً على قدرة الأسر على تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية.
لاحقاً، في عام 1964، اعتمدت الولايات المتحدة مقياس الفقر الرسمي الذي حدد الحد الأدنى من الدخل اللازم لتغطية الطعام والمسكن والنفقات الأساسية، وهو ما تبنته أيضاً دول مثل الهند.
لكن هذه المقاييس لم تعكس الواقع المعقد للفقر، حيث إن امتلاك دخل معين لا يعني بالضرورة القدرة على تأمين الصحة، التعليم، أو المياه النظيفة. ولهذا السبب، طورت الباحثة سابينا ألكاير بالتعاون مع جيمس فوستر ما يُعرف بمؤشر الفقر متعدد الأبعاد MPI عام 2008، والذي يقيس الفقر بناءً على عشرة عوامل مختلفة، مثل التغذية، التعليم، وسهولة الوصول إلى مياه الشرب.
اقرأ أيضاً.. عندما تتحدث الأرض.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالزلازل؟
هل الذكاء الاصطناعي هو الحل؟
مع التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدأ الباحثون في استخدام صور الأقمار الصناعية وتحليل البيانات الرقمية لتحديد الفقر بشكل أكثر دقة. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2016 أن الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بمعدلات الفقر بدقة مماثلة للمسوحات الميدانية التقليدية، ولكن بتكلفة أقل وبسرعة أكبر.
تتوسع هذه التجارب حالياً، حيث يتم تحليل بيانات الهاتف المحمول، حركة المرور، والإضاءة الليلية لتحديد المناطق الأكثر فقراً، ما يسمح للحكومات والمنظمات الإنسانية بتوجيه المساعدات بشكل أكثر كفاءة.
هل نحن مستعدون للاعتماد على الذكاء الاصطناعي بالكامل؟
رغم الإمكانات الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في مكافحة الفقر، إلا أن هناك تحديات يجب معالجتها، مثل ضمان العدالة في توزيع المساعدات، حماية البيانات الشخصية، وتجنب التحيزات الخوارزمية التي قد تؤثر على دقة التحديد.
في نهاية التقرير، تشير مجلة نيتشر إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة الفقر لا يزال في مراحله الأولى، لكن التجارب مثل مشروع توغو تثبت أنه يمكن أن يكون أداة قوية وفعالة إذا تم استخدامه بطريقة مدروسة ومنصفة.
إسلام العبادي(أبوظبي)
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفقر الأقمار الصناعية الهواتف المحمولة الذكاء الاصطناعي البيانات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
دبي تجمع قادة الابتكار في أسبوع الذكاء الاصطناعي
يجمع أسبوع الذكاء الاصطناعي الذي انطلقت فعالياته اليوم، ويستمر حتى 25 أبريل الجاري، قادة الابتكار والمتخصصين ومستثمرين، تحت مظلة واحدة يبحثون فرص نمو القطاع على المدى الطويل ومستقبله.
وقال سعيد الفلاسي، مدير مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، إن المركز يؤمن بأن الذكاء الاصطناعي ليس حكراً على المتخصصين أو الخبراء بل يجب أن يكون أداة متاحة وسهلة للجميع من أفراد المجتمع، وطلاب المدارس، والجامعات، إلى رواد الأعمال، والشركات الكبرى والناشئة.
وأضاف أن "أسبوع الذكاء الاصطناعي يمثل منصة إستراتيجية لتجميع الخبرات من مختلف دول العالم، ومشاركة آخر ما توصلت إليه التقنيات والتطبيقات الحديثة مع التركيز على التفاعل بين الشركات الكبيرة والناشئة، وهو ما نعتبره عنصراً أساسياً في تطوير اقتصاد المعرفة في دبي ودولة الإمارات".
وأعرب الفلاسي عن سعادته، بمشاركة أكثر من 26 شركة ناشئة من 15 دولة، تمثل نخبة من المبتكرين في مجال الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يفيد في انطلاق الشركات الإماراتية، مما يؤكد على مكانة دبي كمركز جذب عالمي للتكنولوجيا والابتكار، ليس فقط لعرض المشاريع بل لتأسيس شراكات وفرص طويلة الأمد داخل منظومتنا الاقتصادية.
وأشار إلى أن مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي يعمل بالشراكة مع "دبي الرقمية" و"غرفة دبي" على تسهيل رحلة هذه الشركات داخل الدولة، وتقديم برنامج دعم يمتد لأسبوع كامل لتمكينهم من التعرف على بيئة الأعمال المحلية، وفرص النمو بما يعزز من فرص استقرارهم في دبي على المدى الطويل.
وأفاد الفلاسي بأن "الذكاء الاصطناعي لم يعد مستقبلاً بل هو واقع نعيشه اليوم في كل تفاصيل حياتنا من تنقلاتنا اليومية إلى تفاعلنا مع الخدمات الرقمية، ورؤيتنا في المركز تتمثل في أن تكون دولة الإمارات من الدول الرائدة عالمياً، ليس فقط في استخدام الذكاء الاصطناعي بل في تطويره وتصدير ابتكاراته للعالم".
وقالت منى بوسمرة، مديرة أكاديمية دبي للإعلام، إنه في الأكاديمية وبعد سلسلة من الدراسات وجلسات العصف الذهني المعمقة خلال الأشهر الستة الماضية توصلت إلى ضرورة إطلاق مبادرة نوعية تعزز حضور اللغة والثقافة العربية في مستقبل الإعلام، ومن هنا جاءت مبادرة "العين " كخطوة استراتيجية تهدف إلى حماية ودعم اللغة العربية، ضمن أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وإعادة تموضعها في قلب المشهد الإعلامي العربي.
وبينت أن الدراسات الأخيرة للمركز، أظهرت أن قطاع الإعلام هو من أكثر القطاعات تأثراً باستخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بتراجع جودة اللغة وغياب الخصوصية الثقافية، لذلك تسعى المبادرة إلى توفير أدوات تدريب ونماذج لغوية متخصصة ترتقي بالمحتوى العربي وتواكب التطور التقني.
ونوهت إلى أن الإعلان اليوم عن المبادرة بداية، وستقوم خلال شهر مايو المقبل بالكشف عن حزمة من البرامج والمشاريع المرتبطة بها، بمشاركة مطورين ومبرمجين من مختلف أنحاء الوطن العربي، بما في ذلك مصر والأردن ودول مجلس التعاون، بالتعاون مع جمعيات واتحادات المبرمجين العرب، متطلعة أن تكون هذه المبادرة منصة تجمع بين التقنية والهوية وتفتح أبواباً جديدة للمواهب العربية للعمل على مشاريع إعلامية تعتمد الذكاء الاصطناعي .