في محاضرته الرمضانية الثانية قائد الثورة: القرآن الكريم هو كتاب هداية جاء بأحسن القصص
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
الثورة /
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ جَمِيعِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في موضوع القصص القرآني، كُنَّا عرضنا في شهر رمضان المبارك من العام الماضي عدداً من القصص القرآني، عن بعضٍ من أنبياء الله، وتحدثنا في هذا السياق عن بعضٍ من مميزات القصص القرآني، وعن ما يتعلق بهذا الموضوع، في مقدمة ذلك: لماذا أتى في القرآن الكريم نماذج معينة من القصص والأحداث التاريخية، وما يميِّز العرض القرآني والتقديم القرآني لما قَصَّهُ من قصصٍ عن الماضي، ونبهنا أن القرآن الكريم هو كتاب هداية، هو في الأساس ليس كتاباً تاريخياً، يُقدِّم العرض والسرد التاريخي كما هي الكتب التاريخية، أو يقدِّم القصص كذلك كما هي الكتب المتخصصة في هذا المجال، ولكنه أكبر وأهم من كل ذلك.
القرآن الكريم هو كتاب هداية؛ ولـذلك فما قدَّمه من نماذج متنوعة من القصص والأحداث التاريخية، قدَّمه كأسلوب من أساليب الهداية؛ ولـذلك ضمَّنه الكثير من الدروس والعبر، وعرض فيه الكثير من الحقائق المهمة جدًّا؛ ولـذلك فهو غنيٌ بمحتواه من الدروس، ومن العبر، ومن الحقائق، ومن المفاهيم العظيمة، التي هي كلها تندرج تحت عنوان (الهداية)، فيها هدايةٌ لنا نحن في واقعنا، في ظروف حياتنا، في ديننا، في استلهام القيم العظيمة والأخلاق العظيمة، عندما نسمعها ونراها متجسدةً في الواقع، فيما عرضه الله لنا من النماذج الراقية من أوليائه من الأنبياء، والرسل، والمؤمنين… وهكذا.
فالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» قال في القرآن الكريم: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}[الإسراء:89]، فكان من ضمن ذلك هو: ما أتى به من القصص والأنباء في نماذج معينة، مختارة بهداية الله، بعلمه، بحكمته، يختار لنا أحسن القصص، التي تتضمن دروساً مهمة، نحن في أمسِّ الحاجة إليها، وتعرض لنا حقائق مهمة، وتعرض لنا السنن الالهية، وهذا من أهم ما في القصص القرآني.
أيضا هي- كما أشرنا في شهر رمضان المبارك من العام الماضي- هي من معالم الرسالة الإلهية؛ لأنها من أنباء الغيب، وأوحاها الله إلى رسوله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، وهو أميٌّ في مجتمعٍ أميٍّ، لم يكن يعلم شيئاً عن ذلك؛ ولهـذا قال الله «جَلَّ شَأنُهُ»: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}[هود:49].
هي أيضاً ملهمةٌ في مقام التأسي والاهتداء، كما ذكرنا عن قصص الأنبياء والمؤمنين، وقال الله «جَلَّ شَأنُهُ»: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}[هود:120].
الممــيزات للقصـص القـــرآني ممــيزات عظيمــــة ومهمـــة:
الله «جَلَّ شَأنُهُ» قال: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}[يوسف:3].
• في مقدمة هذه المميزات: أنــه مــن الله:
الذي قصَّ علينا تلك النماذج من القصص هو الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»؛ وبالتالي فهي حقٌّ، كل ما ورد فيها من تفاصيل وحقائق، ليس فيها أي شائبة من الشوائب التي يتعرض لها الكثير من القصص التاريخية، والأحداث التاريخية، والكتب التاريخية؛ أمَّا ما قدَّمه الله لنا في القرآن الكريم فهو حقٌّ خالص، ليس فيه أي شيءٍ من الزيف، ولا من الخرافات، ولا من الأساطير، ولا من الروايات غير الصحيحة، فهو يأتي لنا بالحقِّ في ذلك، وبالحقيقة الخالصة النقية، التي لا يشوبها أي شائبة؛ ولهـذا يقول: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ}[الكهف:13].
• ثم أيضاً الاختيار من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»:
اختار لنا؛ لأن سِجِلّ التاريخ هو سجلٌ كبيرٌ جدًّا، ونحن آخر الأمم، حتى على المستوى التخصصي، لا يستطيع الإنسان أن يستوعب كل الأحداث التاريخية على كثرتها، لو أمضى كل عمره، لكن الله اختار لنا بعلمه، بحكمته، وهو العليم بما نحتاج إليه أكثر شيء، وما هو الأكثر فائدةً لنا، فقدَّم لنا نماذج متنوعة، متنوعة، وسنتحدث عن قيمة وأهمية هذا التنوع.
فالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» باختياره لنا من سِجِلّ التاريخ الهائل نماذج معينة، تتناسب مع ظروف حياتنا، حتى لا يحتاج الإنسان أن يمضي كل عمره، ولا يصل بعد إلى استقراء الحقائق والأحداث التاريخية والقصص في التاريخ، اختار نماذج معينة، متنوعة، مهمة، مفيدة جدًّا، وإذا كان الاختيار هو من الله، فهل هناك أحد يمكن أن يكون أكثر دقةً وحكمةً في هذا الاختيار نفسه؟ معاذ الله!
• كذلك العــرض القــرآني عرض راقٍ جدًّا:
على مستوى الأسلوب، والتعبير، والطريقة، وعرض فيه هداية بكل ما تعنيه الكلمة، وسليم من كل المؤثرات السلبية، يعني: حتى عندما يعرض حقائق فيها جوانب سلبية كحقائق، كوقائع حصلت، هو يُقدِّمها بشكلٍ يبعدها عن التأثير السلبي، وأنت تسمعها، أو تتلوها في القرآن الكريم، فأنت لا تتأثر سلباً؛ وإنما يقدمها بطريقة راقية جدًّا، وذكرنا أمثلة لذلك في العام الماضي، ونذكر- إن شاء الله- أمثلة لذلك في هذه المحاضرات إن شاء الله.
• كذلك في غناها بالدروس والعبر:
في عرض الحقائق، في عرض المفاهيم، في تصحيح التصورات، في الجانب التربوي لها، في جوانب كثيرة ومهمة، في بيان السنن الإلهية، ولـذلك يقول الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[يوسف:111]؛ ولـذلك فمسألة التركيز على موطن العبرة من القصة هي مسألة أساسية في العرض القرآني؛ لأنه- كما قلنا- كتاب هداية.
• كما أن من المميزات لما في القرآن الكريم من القصص: أنهــا قصـصٌ واقعيــة:
ليست خيالية، بل هي أمثلة من الواقع، وهذا يمنح الإنسان ثقة تجاه تلك القصص، وتجاه ما فيها من حقائق، وما يستلهم منها من دروس وعبر… وغير ذلك؛ لأن الواقع البشري فيه الكثير من القصص- يعني كأسلوب- التي فيها إمَّا الكثير من الزيف والخرافات، ليست نقيةً في النقل، أو كأسلوب آخر بعيداً عن الواقع، هناك أيضاً الكثير من القصص الخيالية في واقع البشر التي تُنقل، لتصور شيئاً من الحياة، لكنه ليس بواقعٍ في الحياة؛ إنما هو جانبٌ خيالي، ويراد له أن يكون إما من قبيل التسلية، أو من قبيل التأثير في النفوس، أو بشكلٍ أو بآخر.
• من مميزات العرض القرآني للقصص وما فيه أيضاً: أنه يقدِّم لنا جوانب نفسية، ولكن ليس من باب التخمين والتقدير؛ وإنما من باب الحقيقة:
لأنه من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، الذي يعلم ما في النفوس، يعلم الواقع النفسي، عندما يعرض قصصاً لأشخاص، لنماذج معينة، لأمم؛ فالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» هو العليم بذات الصدور، العليم بخفايا النفوس، عندما يقدِّم لنا صورةً عن الدوافع، عن الواقع النفسي، وعن الحالة النفسية، يُقدِّمه وهو العليم به كحقائق، حقائق ممن يعلم ما في النفوس، حتى ما هو في خفايا الفكر والتفكير، يقدِّمه وهو العليم بذلك؛ ولـذلك فهو لا يقدِّم لنا فقط الأحداث بشكلها الخارجي، بل في عمقها، في الواقع النفسي، في الدوافع، في الحالات النفسية، وهذه دروس مهمة حتى في هذه الأمور، التي نحتاج فيها حتى هي إلى دروس وإلى عبر؛ لأنها جانبٌ أساسيٌ في واقع حياتنا.
التنوع في القصص القرآني هو كذلك مهمٌ، وغنيٌ، ومفيدٌ جدًّا:
• نماذج من قصص الأنبياء، مجموعة كبيرة من أنبياء الله ورسله، وكذلك حتى هذا الجانب (في قصص الأنبياء) فيه أيضاً نماذج لظروف مختلفة، وأحوال مختلفة، ومقامات متنوعة.
• نماذج من قصص المؤمنين من أولياء الله، من غير الأنبياء: مثلما هي قصة أصحاب الكهف، مؤمن آل فرعون، مؤمن أهل القرية في (سورة يس)… وغير ذلك.
• نماذج من قصص النساء: على مستوى الجانب الإيماني، مثلما في قصة الصديقة الطاهرة (مريم ابنت عمران)، وباسمها سورة في القرآن الكريم، وتحدث القرآن عنها في مواضع متعددة، وكذلك عن غيرها.
• نماذج عن الأقوام والأمم: قوم نوح، عاد، ثمود، قوم فرعون… وغيرهم.
• نماذج عن التجار.
• نماذج عن المزارعين.
• نماذج عن العلماء.
• نماذج عن الملوك…
وهكذا… قصصٌ واسع.
فهي نماذج نستفيد منها في مختلف مجالات حياتنا، يعني: في الجانب العقائدي، في الجانب السياسي، في الجانب الاقتصادي، في الجانب الاجتماعي، في المجال الأخلاقي، في شؤون حياتنا نحن أيضاً، الشؤون المختلفة، ونحن آخر الأمم، بين أيدينا رصيدٌ هائلٌ من الأحداث، من التجارب في الواقع البشري، وهذا ما يساعدنا على أن نستفيد منها كتجارب واقعية، عرضت لنا نماذج متعددة ومتنوعة، تُقدِّم لنا الدروس المهمة، التي تزيدنا حكمةً، ورشداً، وبصيرةً، ووعياً، وفهماً، وتساعدنا على تَجَنُّب المزالق، المزالق في هذه الحياة، الأخطاء الكبيرة، التوجهات التي لها نتائج كارثية، العواقب الخطيرة، التي تكون نتيجةً لتوجهات معينة، أو مواقف معينة، كذلك دروساً في مجال الدعوة إلى الله، دروساً في مجال معرفة الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وهذا من أهم ما نستفيده من القصص القرآني حتى في مجال معرفة الله، وهذا مما سنلحظه- إن شاء الله- فيما نعرضه.
عرضنا في شهر رمضان المبارك من العام الماضي من قصص القرآن:
• عن نبي الله آدم «عَلَيْهِ السَّلَامُ»، وزوجه حواء «عَلَيْهَا السَّلّامُ».
• وكذلك عن قصة ابني آدم.
• وعن نبي الله إدريس «عَلَيْهِ السَّلَامُ».
• وعن نبي الله نوح «عَلَيْهِ السَّلَامُ»، وكذلك عن قومه في سياق قصته.
• وعن نبي الله هود «عَلَيْهِ السَّلَامُ»، وقومه عاد.
• وعن قصة نبي الله صالح «عَلَيْهِ السَّلَامُ»، وقومه ثمود.
ويتضح لنا كم تضمن العرض القرآني لتلك القصص من دروسٍ مهمة، وحقائق كثيرة، وعِبر عظيمة، بالرغم من أنَّا عرضناها باختصار، وبمحدودية ما نعرفه وما نقدمه.
في هذا الشهر المبارك، نبدأ مشوارنا مع القصص القرآني مع نبي عظيمٍ، من أبرز رسل الله وأنبيائه، ورد ذكره في القرآن الكريم (تسعاً وستين مرة)، وتحدث القرآن الكريم عنه في (خمسٍ وعشرين سورة) في قصصٍ عنه، وحقائق مهمة تتعلق به، منها سورةٌ باسمه في القرآن الكريم (سورة إبراهيم).
الحديث عن نبي الله ورسوله وخليله إبراهيم «عَلَيْهِ السَّلَامُ»، فيما قَصَّهُ القرآن الكريم عنه، متنوعٌ تنوعاً مفيداً، في أحوالٍ وظروفٍ متنوعة، ومقاماتٍ متعددة، وشؤونٍ مختلفة، وكلها غنيةٌ بالدروس والعِبر، ومسيرة حياته مدرسةٌ متكاملة في الهداية، في الأخلاق، في القيم، في الحكمة، في الرشد، في العلاقة مع الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»… في جوانب كثيرة، نتحدث عن الكثير منها إن شاء الله، بقدر ما يوفقنا الله له.
رسول الله ونبيه وخليله إبراهيم «عَلَيْهِ السَّلَامُ» منحه الله الوسام الرفيع، والحديث عنه في القرآن الكريم يبيِّن لنا عظيم مقامه، ورفيع منزلته، ودرجته العالية، الله قال عنه: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء:125]، هذا وسام رفيع جدًّا، من أعلى وأعظم الأوسمة، التي تبيِّن منزلته الرفيعة عند الله «جَلَّ شَأنُهُ».
مقامه أيضاً بين الأنبياء والرسل، هو من أرفعهم مقاماً، ومن أفضلهم، ومن أعلاهم منزلة، فمنزلته بينهم هم كأنبياء ورسل منزلة عالية جدًّا؛ لأن مقامات وفضل الأنبياء يتفاوت في مستوى منزلتهم، وكمالهم، وأدوارهم، كما قال الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» في القرآن الكريم: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[البقرة : 253]، وكما قال «جَلَّ شَأنُهُ»: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}[الإسراء:55]، فمقامه بين الأنبياء والرسل مقامٌ عظيم، قدوةٌ لغيره من الرسل والأنبياء ممن أتى بعده؛ ولهـذا تُقَدّم الكثير من الدروس والعبر من حياته، من سيرته، لهم في مقام القدوة، واستلهام الدروس والعبر.
قبل أن ندخل في تفاصيل القصص القرآني عنه، نعرض عرضاً موجزاً عن مقامه العظيم، وعناوين عن شخصيته وكماله الإنساني والإيماني:
نبي الله إبراهيم «عَلَيْهِ السَّلَامُ»، كما قال الله عنه: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}[البقرة: 124]، هو شخصيةٌ عالمية، تلتقي على تعظيمه وتقديره الكثير من الأمم، والطوائف، والملل، والأديان، بل وتدَّعيه رمزاً لها، كُلٌّ منهم يدَّعي أنه رمزٌ له، وتدَّعِي الاقتداء به، إلى درجة أن مشركي العرب، الذين كانوا على الوثنية في الجاهلية، كانوا يدَّعون أنهم يقتدون به، ويعتبرونه الرمز العظيم لهم، مع ما هم عليه من انحراف كبير، وكفر بالرسالة والرسل والأنبياء، وهم في حال الشرك والوثنية، كذلك هو حال اليهود، يدَّعونه رمزاً لهم، وينسبونه منهم، في انتمائه العقائدي والديني، وكذلك هو الحال بالنسبة للنصارى، وبالنسبة لغيرهم، هناك كذلك أقوام، وأمم، وطوائف، وملل، لها نفس الدعوى.
ولهـذا رد الله عليهم في القرآن الكريم، في قوله «جَلَّ شَأنُهُ»: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران:67]، ليرد عليهم في تلك الادَّعاءات، ويقول: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ}[آل عمران:68]، بين كل للذين يدَّعون أنه رمزٌ لهم، وأنهم يقتدون به، وأنهم منتمون عقائديًا ودينياً إليه، أولى الناس به من؟ {لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران:68]، يعني: هم الذين- فعلاً- يمثلون امتداداً لنهجه: رسول الله محمد «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، والذين آمنوا معه، هم الذين يمثلون امتداداً لنهج نبي الله إبراهيم وملته ودينه، وهم أولى الناس بهذا الانتماء.
فيما يتعلق بنماذج من العناوين القرآنية عن شخصيته: وهو- كما قلنا- من منحه الله الوسام الرفيع، العظيم، العجيب، الذي يندهش الإنسان أمامه، عندما قال: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء:125]، فيما يفيده هذا من علاقته العظيمة بالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ومنزلته الرفيعة جدًّا، (معنى: خليلاً، يعني: حبيباً وولياً)، الله اتَّخذه حبيباً له وولياً، وهو في مقام المحبة لله، والمحبة من الله له في مستوى عالٍ جدًّا، مُقَرَّبٌ جدًّا من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، يحبه الله محبةً عظيمة، ويحظى بمنزلةٍ رفيعة، وهذا بنفسه وسامٌ عظيم، يبيِّن ما هو عليه من الكمال الإيماني والطهارة، وسنتحدث عن هذه النقطة- إن شاء الله- في سياق القَصص، عندما ندخل في التفاصيل؛ ولـذلك هو حظي برعايةٍ عجيبةٍ من الله، وهذا من الدروس المهمة في قصص نبي الله ابراهيم «عَلَيْهِ السَّلَامُ»: ما حظي به من رعايةٍ عجيبةٍ من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وما منحه الله، هذا درسٌ مهمٌ جدًّا في رعاية الله لأوليائه، وما يمنحهم، ما يمنحهم ويَمُنُّ به عليهم في إطار رعايته لهم، فله مكانته الراقية، ومنزلته الرفيعة في علاقته بالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى».
يقول الله «جَلَّ شَأنُهُ» في القرآن الكريم: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا}[النحل:120]، هذا التعبير العجيب: {كَانَ أُمَّةً}، يُقدِّم لنا صورةً عن كمال إبراهيم، عن منزلته الرفيعة، عن دوره العظيم:
• كَانَ أُمَّةً فيما حازه من كمالٍ إنسانيٍ وإيمانيٍ ومواصفاتٍ راقية، وفيما حمله من قيم، وجسَّده من مبادئ، يعدل أُمَّةً بكلها، يساوي أُمَّةً بكلها، فاجتمع فيه ما لو تفرَّق في أُمَّة، من مواصفات الكمال الإيماني والأخلاقي والإنساني، لكانت أُمة نموذجية، لكانت أُمَّةً صالحة، هذا تعبير عظيم جدًّا، هذا يُقرِّب لنا وإلى أذهاننا مستوى عظمة شخصيته، ومستوى كماله.
• وكَانَ أُمَّةً في أهليته العالية، في مقام الاهتداء والقدوة؛ فكان رمزاً للأنبياء، وإماماً للناس، ومعلماً عالمياً للمجتمع البشري.
• وكَانَ أُمَّةً في دوره العظيم، الذي قام به في إرساء دعائم الحق والخير والهدى، وفي تصديه للطغيان والضلال، وما بذله من جهدٍ في ذلك، بالرغم من أنه بدأ بمفرده، لكنَّ حجم هذا الدور الذي نهض به، بما تنهض به أُمَّة، إلى هذا المستوى، شخص له هذا الدور، له هذا التأثير، يعادل مجهود أُمَّة، ودور أُمَّة، ونهضة أُمَّة، وحركة أُمَّة، هذا يفيد مستوى الدور العظيم الذي قام به، وما بذله من جهد، وما حققه من تأثير ونتائج.
ولهـذا عندما قال الله عنه هذا التعبير، فهو تعبير جامع، جمع كل هذه الدلائل والمفاهيم.
{كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}[النحل:120]، هنا يعرض لنا القرآن الكريم مواصفات راقية جدًّا، تبيِّن لنا كيف كان في مستوى إيمانه، كيف كانت علاقته بالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وهذا من أهم ما أهَّله لهذا الدور، وارتقى به إلى هذه المنزلة، وهذا المقام العظيم.
{قَانِتًا لِلَّهِ}، هذه مواصفات مهمة، مجموعة من المواصفات تندرج تحت عنوان (قَانِتاً لِلَّهِ)، كان خاضعا لله، مطيعاً له؛ ولـذلك ففي قوله «جَلَّ شَأنُهُ»: {قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} كم يجتمع لنا؟ يجتمع لنا أنه كان نموذجاً عظيماً:
• في المحبة لله تعالى، والإخلاص له، والاستقامة على نهجه.
• وفي الخضوع التام لله.
• وفي الخشوع لله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى».
• وفي الثبات على نهج الله.
كل هذه العناوين تجتمع تحت قوله تعالى: {قَانِتًا لِلَّهِ حَنِفًا}، وسنتحدث أيضاً في سياق التفاصيل، في القَصص عن نبي الله إبراهيم، عن كيف تجسَّدت هذه العناوين في واقعه، في حركته، في أعماله، في مواقفه، بشكلٍ عظيمٍ ومميَّز.
عَـــرَض القُـــرْآنَ الكريـــم عنـــه أيضــاً أنه:
• كان رمزاً عظيماً في التسليم لله تعالى والإسلام له: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[البقرة:131]، في التفاصيل في القصص عنه سيأتي نماذج في واقعه العملي، عن هذا الإسلام والتسليم لله «جَلَّ شَأنُهُ»
• قدَّمه على أنه نموذج راقٍ في المصداقية، {إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}[مريم: 41]، (صِدِّيقًا): مصدقاً بكلمات الله تعالى، وكانت مصداقيته في أقواله، في انتمائه، في أعماله، تامة وراقية جدًّا.
• نموذج في اليقين، وسيأتي الحديث عن ذلك.
• في الشكر: {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ}[النحل:121]، يُقدِّر نعم الله عليه، ويُعظِّم نعم الله عليه، ويشكر الله على نعمه في أقواله، في أفعاله، وفي أعماله، بقلبه وسلوكه، وسيأتي أيضاً تفاصيل عن هذا الموضوع، وهذا العنوان.
• في الرشد، والعلم، والحجة، والحكمة، والبصيرة كذلك: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ}[الأنبياء:51]، كان راشداً، حكيماً، على بصيرة، على معرفة، على علم، {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}[ص:45]، فهو من المتمسكين، والمقدمين، والمسهمين، في إقامة الحق، وفي مسيرة النبوة والرسالة أعطى دفعاً كبيراً للحق والهدى، استمر لأجيالٍ طويلة، {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}[الأنعام:83]، وستأتي التفاصيل أيضاً عن ذلك.
• في الحلم: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}[التوبة:114]، وفي آيةٍ أخرى: {لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}[هود:75]، فهو من ذوي الحلم، ونموذج في الحلم، وستأتي التفاصيل، وتعريف هذا العنوان ودلالاته.
• في الكرم، في حسن الضيافة: كذلك في القصص تأتي التفاصيل.
• رمزٌ في البراءة، والموقف الحاسم من أعداء الله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا}[الممتحنة:4].
العناوين كثيرة، والتفاصيل كثيرة، وكثيراً من العناوين نأتي اليها مع المفاهيم، مع الحقائق، مع الدروس، مع العبر، في سياق القَصَص الذي قَصَّهُ الله عنه، وقدَّم في ذلك القصص- كما قلنا- نماذج من ظروف متنوعة، وشؤون مختلفة، وأحوال متعددة.
نَسْألُ اللَّهَ «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء، وَأَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَامَ، وَالقِيامَ، وَصَالِحَ الأَعْمَال، وَأَنْ يَجْعَلَنَا فِي هَذَا الشَّهْر الكَرِيم مِنْ عُتقَائِهِ وَنُقذَائِهِ مِنَ النَّار.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فی القرآن الکریم القصص القرآنی الدروس والعبر العام الماضی عن نبی الله إن شاء الله قصص القرآن ق ان ت ا ل ل فی الجانب الکثیر من من الدروس ت ع ال ى ع ل ى آل س ب ح ان ه من القصص نماذج عن قال الله نماذج من فی القصص فی سیاق فی مقام ه ذ ا ال وهذا من من الله ه الله ة الله ذلک فی فی الق هذا من الذی ق الله ع من قصص التی ت ذلک هو فی هذا
إقرأ أيضاً:
بمشاركة أكثر من 1000 طالب وافد.. الأزهر و«مؤسسة أبوالعينين» يكرمان الفائزين في مسابقة القرآن الكريم
كرمت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، اليوم الأحد، الفائزين في المسابقة العالمية لحفظ القرآن الكريم، والتي أقامتها المنظمة بالتعاون مع «مؤسسة أبو العينين الخيرية»، بمشاركة ما يزيد على 1000 طالب وطالبة من جامعة الأزهر من الطلاب الوافدين من دول العالم، الذين يدرسون في الأزهر الشريف كعبة العلم الذي ينشر الإسلام بوسطيته السمحة التي تظهر بجلاء ووضوح أنه دين الحق والخير، ودين العطاء والإخاء، ودين الأمن والأمان، ودين السلم والسلام.
وشارك في حفل التكريم أ.د عباس شومان، رئيس مجلس إدارة المنظمة، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، والسيدة سمية أبوالعينين، نائب رئيس «مؤسسة أبو العينين الخيرية»، وأ.د. نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر للوافدين، وعضو مجلس إدارة المنظمة، وأ.د عبدالدايم نصير، الأمين العام للمنظمة، اللواء وائل بخيت، نائب رئيس مجلس إدارة المنظمة.
وجاء نظام المسابقة هذا العام ثلاثة مستويات، المستوى الأول: حفظ القرآن الكريم كاملاً، والمستوى الثاني: حفظ نصف القرآن الكريم، والمستوى الثالث: مسابقة الأصوات الحسنة، وتقدم للمشاركة في المسابقة ما يزيد على 1000 طالب وطالبة من جامعة الأزهر من الطلاب الوافدين، وتم تشكيل 7 لجان لإجراء الاختبارات، 3 لجان لإجراء الاختبارات للمستوى الأول، ومثلها للمستوى الثاني، ولجنة واحدة للأصوات الحسنة.
وفاز من المشاركين 35 فائزًا، وتم تكريمهم اليوم، من إجمالي عدد المتقدمين، وفي نهاية الحفل تم توزيع الجوائز على الفائزين، والتقاط الصور التذكارية.
في البداية، رحب أ.د.عباس شومان، بحفظة القرآن الكريم، وقال: إن الأزهر الشريف يرتكز في الأساس على تعليم القرآن الكريم، حفظا وفهما، لما لهذا الكتاب العظيم من مكانة عظيمة في الدنيا والآخرة.
وأضاف «شومان»، أن القرآن الكريم هو النور الذي يجب أن يتمسك به شبابنا، للوصول إلى الهداية والنجاح والرشاد، في ظل عالم مليء بالفتن، مشيدًا بما تقدمه «مؤسسة أبو العينين» لحفظة كتاب الله، من دعم يحث شباب العالم على حفظ كتاب الله قراءة وحفظاً وفهماً.
وتابع: إننا نسعد بأبنائنا المسلمين من دول العالم، فكثير ممن يدرسون في الأزهر الشريف من دول غير إسلامية ولكنهم من أبناء المسلمين، مؤكدًا أن الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر هو أكثر المعنيين بأبنائه الوافدين الذين يدرسون في الأزهر الشريف، ويتعامل بخصوصية مع الطلاب الوافدين ويهتم بأدق تفاصيلهم ويغضب بشدة إذا رأى أي تهاون أو تقصير في التعامل مع تلبية احتياجات الطلاب الوافدين، ويقول «أسرهم جعلونا مكانهم فنحن أولياء أمورهم هنا».
وهنأ الفائزين في المسابقة السنوية لحفظ القرآن بالتعاون مع مؤسسة أبو العينين الخيرية، منوهًا بأن غير الفائز سيفوز في المرات القادمة بإذن الله وعليه الاستمرار في الجد والاجتهاد.
وواصل: نعيش في عصر شوهت فيه القدوات، فالقدوة هو الذي يدفعك إلى الخير ويقتدى به، فليست القدوة في الشهرة والخروج على المألوف، فهناك شهرة فضيحة وهناك شهرة إنجاز، ورسالتي لكم أن تختاروا قدوتكم.
وأكد أن الأزهر يتعاون معه جمعيات خيرية كثيرة أبرزها مؤسسة أبو العينين الخيرية، فدائما هي حاضرة في مجالات الخير ومجالات القرآن الكريم، فحين لا ينشغل رجال الأعمال في أعمالهم فقط ويهتموا بالخير، فهذا يدفع أعمالهم إلى الأمام فالخير الذي يقدمونه سيعود عليهم أضعافا مضاعفة.
وفي كلمتها، وجهت السيدة سمية أبوالعينين، الشكر لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذي يرعي الخير والعلم ويستضيف الطلاب الوافدين من دول العالم، مؤكدة أن مصر لها مكانة كبيرة في العالم بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية.
ونقلت السيدة سمية أبو العينين، تحيات النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، للمشاركين في الحفل والفائزين في مسابقة القرآن الكريم.
كما قدمت التعازي في وفاة الدكتور محمد المحرصاوي، نائب رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، والذي أفنى حياته في العلم.
وأكدت أن الأزهر الشريف هو قبلة العلم منذ أكثر من ألف عام، حيث يفد إليه طلاب العلم من كل أنحاء العالم، بسبب منهجه الوسطي المستنير، الذي ينشر علوم الإسلام بلا إفراط أو تفريط.
وأشادت باهتمام الأزهر الشريف والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر بحفظة كتاب الله تعالى، الأمر الذي دفع مؤسسة أبو العينين لدعم هذا الدور المحوري، لما له من إضافة للقوة الناعمة المصرية بالعالم أجمع، عبر هذا الصرح الشامخ.
وتابعت: لما بنشوف نماذج الطلاب الوافدين درسوا القرآن وحفظوه وتفوقوه فيه، نفتخر بهم ونحث أبناءنا على أن يكونوا مثلهم.
من جانبها، أشارت د. نهلة الصعيدي، مستشار الإمام الأكبر لشئون الطلاب الوافدين، إلى أن الأزهر الشريف لا يدخر جهداً في تقديم كل الدعم للطالب الوافد في مجالات التعليم المختلفة، وعلى رأسها خدمة كتاب الله تعالى حفظاً وفهماً وسلوكاً.
وفي كلمته، قال د. عبدالدايم نصير، الأمين العام للمنظمة، إن المسابقة ضمت وافدين من كل أنحاء العالم، ومنهم من يحفظ القرآن الكريم بدون أن يكون ملماً باللغة العربية، وهو ما يثبت الإعجاز لهذا الكتاب المكرم، الأمر الذي يدفع المتحدثين بالعربية إلى إتقان حفظ القرآن الكريم.
ولفت إلى أن رأس المال الاجتماعي هو المساهمة في تحسين المجتمع أينما كان، وهذا التعبير يقاس به مدى الأمل في تقدم المجتمع.
ونبه على أن نشاط جمعية أبو العينين الخيرية يضيف إضافة مهمة للمجتمع، منوهًا بأن العمل الصالح مقترن بالإيمان في القرآن الكريم، وبالتالي أعتقد أن الحفاظ على القرآن الكريم هذا من الأعمال الصالحة ولا خلاف على ذلك فهنيئًا لكل من ساهم في الحفاظ على القرآن الكريم.
وواصل: «حينما نرى حفظة القرآن الكريم من الطلاب الوافدين غير الناطقين بالعربية فنقول «الدنيا بخير».
وختم كلمته بتوجيه الشكر للقائمين على المسابقة: «أشكر القائمين على إدارة المسابقة من العاملين في المنظمة العالمية لخريجي الأزهر واتمام مسابقة حفظ القرآن بنجاح ودقة.
وفي ختام الحفل، تم تكريم 35 فائزًا، من إجمالي عدد المتقدمين، وفي نهاية الحفل تم توزيع الجوائز على الفائزين، والتقاط الصور التذكارية، وجاءت أسماؤهم كالآتي:
أسماء الفائزين بالقرآن كاملاً
نجيب مختار حافظ – نيجيريا
عبدالرحمن إبراهيم عبده- النيجر
عمر أبوبكر على- نيجيريا
محمد يوسف عظيموف – قيرغيزستان
شريف الله منصور- أفغانستان
سهل عبدالله إبراهيم- النيجر
رئيس أكمل رشيد- أندونيسيا
حسن عمر- النيجر
ثانى لول- نيجيريا
بشير عثمان إمام – نيجيريا
عبدالرحمن أحمد عبدالله- نيجيريا
ميمونه محمود يايا- نيجيريا
إسحاق إدريس- النيجر
عبدالله شيخ محمد – نيجيريا
هارون محمد فليجى- تشاد
حسن سيسى إمام- نيجيريا
محمد مغيث أحمد- باكستان
محمد مدافق الحق – أندونيسيا
محمد عبدالرفيع طارق – نيجيريا
حمزة خالد ويدروغو - بوركينا فاسو
شمس الرحمن فياز محمد – أفغانستان
أمين إبراهيم محمد – نيجيريا
أحمد عبدالله الأزهر - بنجلاديش
سلمى كريمة –بنجلاديش
مهدي عبدالرحمن محمد – نيجيري
محمد عثمان- بنجلاديش
محمد عاقل حنيف - أندونيسيا
سيد نعيم خطيبي - أفغانستان
تنوير أحمد- بنجلاديش
يمانى داتوكالى حاج عثمان- الفلبين
محمد عبدالله يناس - السنغال
سيد عبدالجواد على - الهند
إسراء السيد عطية - فلسطين
فاطمة الزهراء ايدين- تركيا
نفيسية صفا همزة - الهند.