رمضان ليس مجرد شهر صيام عن الطعام والشراب، بل محطة روحية، وفرصة ذهبية لإعادة ترتيب حياتنا، وتحسين عاداتنا، واستثمار وقتنا فيما يعود علينا بالنفع في الدنيا والآخرة. إنه فرصة للارتقاء بالنفس، وضبطها وتدريبها على الصبر والانضباط، سواء في تعاملنا مع الطعام والشراب، أو في تهذيب أخلاقنا، أو في الالتزام بالطاعات.
الصيام يعلمنا التحكُّم في شهواتنا، ويمنحنا فرصة لإعادة النظر في أسلوب تغذيتنا. من المهم أن يكون تعاملنا مع الأكل في رمضان، قائمًا على الاعتدال، فلا إسراف يؤدي إلى الكسل والخمول، ولا حرمان يضعف الجسد. وجبة الإفطار يجب أن تكون متوازنة، تحتوي على التمر والماء لتعويض ما فقده الجسم، ثم تناول وجبة متكاملة غنية بالعناصر الغذائية دون إفراط. أما السحور، فهو سنة نبوية تمنح الصائم طاقة تعينه على الصيام، ومن الأفضل أن يحتوي على البروتينات والألياف التي تمنح الشعور بالشبع لفترة أطول. وتجنُّب الأطعمة الدسمة والمقلية يسهم في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي ويمنع الإرهاق.
الكثير يسعى إلى تخفيف الوزن في رمضان، وهذه فرصة مثالية لتحقيق ذلك إذا تم اتباع أسلوب غذائي متوازن، مع ممارسة النشاط البدني المعتدل. يمكن استغلال الوقت قبل الإفطار، أو بعده بممارسة رياضة خفيفة؛ مثل المشي، ما يساعد في تحسين الدورة الدموية، وحرق الدهون، كما أن الابتعاد عن المشروبات المحلاة والأطعمة الغنية بالسعرات، يسهم بشكل كبير في تحقيق نتائج إيجابية.
أما على الجانب الروحي، فشهر رمضان فرصة عظيمة للمحافظة على الطاعات، واستثمار الوقت في التقرب إلى الله، ويمكننا استغلاله في قراءة القرآن، والإكثار من الذكر، والدعاء وصلاة التراويح، وصلة الأرحام. كما أن العمل الخيري والصدقة، لهما أثر عظيم في تهذيب النفس وزيادة البركة، اللهم بارك لنا في رمضان.
ولا يقتصر رمضان على الجانب الروحي فحسب، بل هو فرصة لمراجعة العادات السلبية، والتخلُّص منها، ويمكن أن يكون نقطة انطلاق للتخلِّي عن التدخين، وتقليل التوتر، والحدّ من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، واستبدال ذلك بأنشطة مفيدة؛ مثل القراءة، والتأمل، وقضاء وقت ممتع مع العائلة.
إذا تعاملنا مع رمضان بوعي، واستثمرناه بحكمة، سيكون نقطة تحول في حياتنا، حيث نخرج منه بنفوس أكثر صفاءً، وأجساد أكثر صحة، وعادات أكثر إيجابية، ليكون بداية لحياة مليئة بالخير والتوازن بعد رمضان أيضًا.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فی رمضان
إقرأ أيضاً:
فرصة شهر رمضان
شعر/ ناجي جمعة البلوشي
أَيَّا شَعْبَانُ مَالِكٌ لَا تَعْضُنِي وَتَرْشِدُنِي النَّصِيحَةُ بِالتَّخَلِّي
فَأَتْرُكُ كُلَّ مَعْصِيَةٍ وَذَنْبٍ بِإِخْلَاصٍ تَوْبَةٌ لِلَّهِ أَمْرُهُ
وَنِيَّةُ تَائِبٌ يَدْعُوهُ يَدْمِي فَيَنْهَطُ ثُمَّ يَنْهَطُ نَفْسَهُ ثُمَّ يَبْكِي
عَلَى مَا فَاتَ مِنْ أَيَّامِ عُمْرِ، فَيَعْصِرُ كُلَّ كَلِمَاتٍ بِحَسَرِهِ
فْلًا عَيْشٍ وَلَا مَالٌ وَجِسْمٌ، بَقَى، وَكُلُّ الْحَالِ كَمَا لَوْ كُنْتُ أَعْنِي
وَلَا رَغَدَ كَمَا قَدْ كَانَ يُضْنِي فَلَا حَالَ يَطُولُ بِطُولِ دَهْرُهُ
فَمَالِي فِيهِ سِوَى الْحَسَرَاتِ أَشْكِي خَرَابٌ فِي خَرَابٍ طُولَ عُمْرِي
وَلَا تَفْسِيرُ مَأْسَاتِي لِنَفْسِي وَلَكِنَّهَا دَوْرَاتُ مَنْ قَدْ حَانَ دَوْرُهُ
سَئِمْتُ حَيَاةَ عِصْيَانِي فَمَاذَا ؟ أ مَوْعِدٌ هُوَ نِهَايَتِي أَوْ نَفَّذَ صَبْرِي
وَأَرْجُوا الْعَفْوَ وَالْغُفْرَانَ عَلَيَّ يُقَابِلُهُمْ مِنْ إِلَهِي دُخُولُ دَارِهِ
فَلَيْسَ رَصِيدُ آخِرَتِي سِوَاهُمْ وَإِلَّا السَّيِّئَاتُ تَكُونُ ثقل وَزْنِي
فَأَطْرَحُ فِي جَهَنَّمَ لَهَا وَقُودًا، حَقِيرًا كَحَالِ مُحْتَقِرِ الشَّطَارَةِ
وَأَخْسَرَ كُلَّ خُسْرَانٍ لِمَعْنَى، مُعَادَلَةِ النَّجَاةِ مطَالِبِهَا حَسَبِ عِلْمِي
فَتَقَوَّى اللَّهُ أَعْلَاهَا وَأَسْمَى وَحَذَّرَ بُلُوغَهَا بِدَفْعِ شَقِّ تَمْرِهِ
رابط مختصر