كيف استقبل المواطنون في المحافظات المحتلة شهر رمضان المبارك؟
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
يمانيون ـ تقرير
مع حلول شهر رمضان المبارك تبدو الشوارع والأسواق في عدن وعواصم المحافظات المحتلة في سكون تام. الحركة التجارية تشهد تراجعًا ملحوظًا والأسواق شبه خالية في ظل ارتفاع غير مسبوق للأسعار، جعل كثيرًا من الأسر عاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية من المواد الغذائية التي باتت خارج نطاق القدرة الشرائية للمواطن.
مصادر صحفية أكدت أن من المؤلم أن يحلّ شهر رمضان وأبناء عدن وبقية المناطق المحتلة يعيشون أزمات مختلفة، خصوصًا أزمة الغلاء الفاحش، وتكاد تجعل تلك المناطق مدنا يسودها الظلام والكآبة”، خاصة في مدينة عدن حيث لفتت المصادر إلى أنّ “الكثير من الأُسَر العدنية تخلّت عن الكثير من الأشياء الكمالية منذُ سنوات؛ نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية، في ظل سيطرة مليشيا العدوان على المدينة، وفساد حكومة المرتزقة المقيمة في فنادق الرياض وأبوظبي، ما خلق فوضى عارمة، تعصف بالمواطن في عموم المناطق المحتلة.
في ظل هذه الظروف الصعبة يعيش المواطنون تحت وطأة ضغوط اقتصادية عدة تشتد قسوتها مع حلول شهر رمضان الذي تزداد فيه متطلباتهم المعيشية دون وجود أي بوادر لحل هذه الأزمة التي تلقي بظلالها على حياة ملايين الأسر.
تكلفة معيشة باهظة
تقول (ل.م)، وهي أمٌّ عدنية لأربعة أطفال: “جراء ما أحدثه انهيار العملة، من ارتفاع الأسعار في مختلف السلع، وعلى وجه الخصوص المواد الغذائية واحتياجات شهر رمضان، وفي ظلّ وضعٍ معيشيّ قاسٍ، أجبرنا على شراء جزءٍ بسيط من الاحتياجات الخاصة بشهر رمضان”.
وأكدت (ل.م) أنّها ذهبت إلى أحد الأسواق في مدينة كريتر بمحافظة عدن المحتلة لشراء مستلزمات شهر رمضان، لتُفاجَأ بالغلاء الجنوني في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية؛ ما دفعها لشراء جزء بسيط من المستلزمات، لافتقارها للمال الكافي لتوفير كل الاحتياجات الخاصة بشهر رمضان”.
وأضافت أنّ “رمضان هذا العام، سيأتي برفقة الكثير من التكاليف الباهظة على أبناء عدن، فعدن تعاقب اليوم، ما ذنبي كمواطنة في عدن أن يتم قطع الكهرباء والماء، وينهار الوضع المعيشي ؟ أصبحنا نشعر أننا كمواطنين في عدن نتعرض لعقاب جماعي، وندفع تكلفة باهظة”.
ووفقا لما تتناقله وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في المحافظات المحتلة، فقد تحول شهر رمضان الذي كان ينتظره الناس بفارغ الصبر إلى “عبء”، حيث تسببت الأزمات المعيشية المتراكمة في حرمانهم من فرحة الشهر الكريم. الانهيار الحاد في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية فاقم من حدة الأزمة. ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطن نتيجة عدم انتظام صرف الرواتب وانخفاض الأجور.
على القنوات الفضائية التابعة لحكومة الفنادق كثيرا ما تتردد عبارات من مثل “الحالة صعبة جدًا جدًا” على لسان الكثير من المواطنين، لتجسد واقعهم الأليم في ظل ارتفاع غير مسبوق للأسعار. يقول أحد المواطنين: “نحن قاعدون مع شهر كريم رمضان، والرغيف في يد التجار، يرفعون الأسعار كما يحلو لهم. أين الدولة من معاناة المواطن فين؟” فمع كل يوم يمر، تزداد الأسعار بلا هوادة، بينما تظل الرواتب على حالها، لتنتج معادلة موجعة تعكس مدى المعاناة.
كما تشير تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي إلى أزمة غلاء متزايدة: “الزيت الذي كنا نشتريه بـ 20، أصبح بـ 64″، طبعا، بالألف ريال. ويتابع آخر وهو متسائل، “كيف نستقبل رمضان بالجوع والعطش، ولا في رواتب ولا في أي حاجة؟”. لقد تحوّل الشهر الفضيل الذي كان يحمل معه الأمل والسكينة إلى ضيف ثقيل، مع حرمان الناس من حق الفرح بتجهيزات رمضان.
وتناقش تحقيقات الصحف والمواقع الإلكترونية كارثة الانهيار الحاد في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ما يعكس بظلاله على تفاقم الوضع المعيشي للسكان، وأصبح تراجع القدرة الشرائية للمواطنين مشهداً يومياً. هنا، أحدهم يصرخ بحسرة: “راتبي 50 ألف ريال، “الجونية” الرز بـ 150 ألف ريال، والدكاكين الآن تتعامل بالريال السعودي، فكيف يمكنني أن أُعيل أسرتي؟” يُختصر كل ذلك في جملة واحدة: “هذا ظلم والله!”
مزيد من الوجع والخذلان
لقد تجاوز، مؤخرا، سعر الدولار الواحد في مناطق سيطرة العدوان ومرتزقته حاجز 2400ريالا يمنيا (مقابل 230 في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى)، وسط استمرار في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية. ويشكو اليمنيون في المناطق المحتلة من أوضاعهم الصعبة، وعدم قدرتهم على توفير أدنى متطلبات العيش لأسرهم، ناهيك عن المتطلبات الأخرى التي يحتاجونها في شهر رمضان.
يتردد على ألسنة المواطنين في هذه المحافظات وعبر وسائل الإعلام، من قنوات وصحف ومواقع ومنصات، يتواصل الحديث عن قضايا معيشية باتت تؤرق حياتهم، منها ما يقوله أحدهم: “نستقبل شهر رمضان هذا العام بمزيد من الوجع ومزيد من الخذلان ومزيد من القهر الذي لا يحتمل، اليوم الوضع المعيشي منهار إلى أقصى حدوده ونحن غير قادرين على توفير القوت الضروري لأسرنا”.
وما يضيف آخر “كنا قبل أن يأتي شهر رمضان نقوم بشراء كل ما لذ وطاب من المواد الغذائية وبكميات كبيرة تكفي لشهر كامل، واليوم السعيد منا هو الذي يقدر على شراء الحاجات الأساسية كالدقيق والزيت والسكر، وهذا الأمر اليوم أصبح ثقيلا على غالبية الأسر”.
ويتابع” كان الناس يستقبلون شهر رمضان بشراء أثاث جديد لمنازلهم، واليوم يستقبلونه ببيع أي أثاث لديهم مقابل شراء القوت الضروري لأسرهم المعدمة”. ويواصل “من أين لنا بقيمة المواد الغذائية الأساسية، ونحن لا نمتلك دخلا يوازي كل هذا الجنون في الغلاء المعيشي”.
أزمة خانقة في توفير الغاز المنزلي
تشهد مدينة تعز وعدن وحضرموت أزمة خانقة في توفير الغاز المنزلي، حيث تتفاقم هذه الأزمة بشكل مؤلم مع دخول شهر رمضان المبارك، ما ينعكس سلبًا على حياة المواطنين الذين يعتمدون بشكل أساسي على الغاز لطهو الطعام، ليصبح هذا المورد الأساسي مهددًا في زمن يفترض أن يكون زمن الفرح والبركة.
تُظهر شكاوى السكان النقص الحاد في الغاز المنزلي الذي يعاود مفاجأتهم كل عام عند اقتراب الشهر الفضيل. يجد هؤلاء المواطنون أنفسهم في حالة من الارتباك والقلق، فارين من أمل الحصول على أسطوانة واحدة، مع ارتفاع سعرها الذي يتجاوز قدرتهم الشرائية ويضعهم في موقف لا يُحسدون عليه.
لكن معاناة أزمة الغاز لا تتوقف عند حدود المنازل؛ فقد طالت أيضًا حركة سير المواصلات داخل المدينة، حيث أدى نقص الغاز إلى توقف العديد من السائقين عن العمل، ما أحدث ازدحامًا شديدًا في الشوارع وتأخر المواطنين عن أعمالهم ومصالحهم. هل يُعقل أن تتأثر حياتنا اليومية بهذا الشكل في وقت من المفترض فيه أن تسود التوقعات الجميلة والأجواء الروحانية؟
وفي هذا السياق، يُعبّر المواطن ج. ع (39 عامًا، يعمل في صيانة السيارات) عن قلقه العميق، مؤكدًا: “كل عام مع اقتراب شهر رمضان المبارك، نجد أنفسنا في مواجهة أزمة غاز خانقة تهدد فرحتنا. أواجه كابوس البحث عن أسطوانة الغاز، فقد تُركت في حيرة، كل يوم أسأل فيه عن حصتي، لكن الإجابة تكون دائمًا بالنفي. وأصبح إعداد الطعام تحديًا يكاد يكون مستحيلًا؛ إذ يُضطر كثيرون مثلي لأخذ الطعام من الخارج، بينما نحن نحلم بوجبات دافئة في منازلنا”.
ويضيف: “إن هذه الأزمة تتسبب في قلق وتوتر كبيرين، ما يؤثر بشكل جذري على استعدادنا لاستقبال شهر رمضان. أصبح من المعتاد أن يبدأ قلقنا من أزمة الغاز قبل أن نكمل شهر شعبان، وهذا أمر لا يمكن تحمله بعد الآن!”
وفي المجمل: الوضع لا يطاق
عشر سنوات مضت وتحالف العدوان الأمريكي السعو-إماراتي يدير المشهد بكونه قوة فوق الدولة يسقطها حيناً ويحركها حيناً آخر، والنتيجة تحول المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة المرتزقة الخاضعة لإرادة ذلك التحالف إلى كتلة سكانية مفرغة من الدولة، لا سلطة ولا خدمات. ويرى مراقبون أن غضب الناس بلغ أشده ويقترب من التحول إلى موجة جارفة، والشعب الذي صمت وصبر طويلا يبدو اليوم على وشك أن يقول كلمة الفصل.
في المقابل يشهد الشارع السياسي في المناطق المحتلة غلياناً غير مسبوق من الاحتجاجات، فقد أصدرت العديد من التكتلات بيانات نددت بالانهيار الخدمي والاقتصادي في عدن وبقية المحافظات المحتلة، وحملت “مجلس القيادة” بقيادة المرتزق العليمي وحكومته العميلة المسؤولية الكاملة.
وفي جولة استطلاع على محتوى وسائل الاعلام الصادرة في تلك المناطق، تجد أن مجمل مضامين ما تنشره تختصر الحال في عبارة “إن الوضع اليوم أصبح لا يطاق اقتصاديا، والمواطنين لا يحتملون أي تعقيدات أو أزمة معيشية، والأسعار اليوم تزداد تصاعدًا ويزداد الوضع تأزمًا أمام الناس، والمواد الأساسية باتت تباع بأسعار مضاعفة عن العام السابق، ومع انقطاع الرواتب تزداد معاناة اليمنيين.
وإليها يضيف الناشطون في تعليقاتهم على منصات التواصل الاجتماعي: “يعيش المواطنون في مناطق حكومة المرتزقة وضعا صعبا اقتصاديًا، وتزداد معاناتهم صعوبة بشكل كبير، خاصة مع انقطاع الإغاثة الإنسانية وتوقف عمل المنظمات وما يمارسه المسؤولون عن هذه المحافظات من فساد غير معقول”.
وتتابع التعليقات “إذا استمر الوضع بهذه الطريقة سوف يعيش الناس في المناطق المحتلة وضعا معيشيا صعبا، وقد تتسع نسبة الفقر يوما بعد آخر، ما ينذر بكارثة حقيقية”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المحافظات المحتلة شهر رمضان المبارک المواد الغذائیة المناطق المحتلة الکثیر من فی عدن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أجور المواصلات في عدن يثير غضب المواطنين
شمسان بوست / خاص:
شكا مواطنون في العاصمة عدن من ارتفاع أجور المواصلات الداخلية بين المديريات، خاصة مع استغلال بعض سائقي “الدبّاب الغاز” لأزمة الغاز ورفع الأسعار بشكل كبير.
وأوضح المواطنون أن سائقي الباصات التي تعمل بالغاز زادوا الأجرة بشكل ملحوظ، في حين أن سائقي الباصات التي تعمل بالبترول لم يرفعوا أسعارهم بنفس النسبة رغم ارتفاع أسعار الوقود.
وطالب المواطنون الجهات المعنية بالتدخل العاجل لوضع حد لاستغلال بعض السائقين وفرض رقابة على تسعيرة النقل لضمان عدم تحميل المواطنين أعباء إضافية.