صراع داخلي إيراني يشتعل وظريف يستقيل.. ترامب اعلن الحرب الاقتصادية الشاملة- عاجل
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
بغداد اليوم- متابعة
شهد، اليوم الاحد، (2 آذار 2025)، اقالة البرلمان الإيراني لوزير الاقتصاد عبد الناصر هيماتي بعد سحب الثقة منه بغالبية الأصوات البسيطة، نتيجة لما وصفه البرلمان بــ "فشل الوزارة في معالجة الازمة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الأساسية في عموم البلاد"، مشعلا بذلك صراعا سياسيا داخليا في ايران.
وبحسب وصف شبكة ذا كرايدل الامريكية، فان سحب الثقة عن وزير الاقتصاد مثل بداية لما قالت انه "صراع سياسي داخلي" بين السلطات داخل النظام، موضحة "الرئيس الإيراني مسعود بزشيكان حضر الجلسة وحاول حماية وزيره من سحب الثقة، الامر الذي أدى الى تصاعد الصراع السياسي الذي اصبح يمثل الان معركة بين الإصلاحيين والمحافظين ذو الآراء المتباينة حول الطريقة الأنسب لمواجهة الضغوط الامريكية".
الشبكة أوضحت أيضا ان النتيجة المباشرة لسحب الثقة عن وزير الاقتصاد قادت الى استقالة وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف، الذي اعلن ان المفاوضات مع الجانب الأمريكي لم تتحقق بالشكل المطلوب نتيجة لــ "رفض المرشد الإيراني التفاوض مع الولايات المتحدة تحت سياسة الضغط الأقصى التي يعتمدها ترامب حاليا ضد الحكومة الإيرانية"، مشيرة الى ان استقالة ظريف تعبر عن تعمق الصراع السياسي الإيراني الداخلي بين الإصلاحيين والمحافظين مع رفض الأخير التفاوض مع واشنطن.
وزير الاقتصاد الإيراني من جانبه، اعلن ترحيبه بقرار سحب الثقة عنه واقالته من الحكومة، معلنا انها "ممارسة ديمقراطية"، فيما شدد في ذات الوقت على ان تدهور الاقتصاد الإيراني لم يأتي نتيجة لفشله في إدارة الملف الاقتصادي لكن بسبب "اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حربا اقتصادية شاملة على ايران"، بحسب وصفه.
يشار الى ان الأوضاع الاقتصادية الإيرانية شهدت انهيارا جديدا اليوم بعد اعلان وسائل اعلام محلية دخول نحو عشرة مليون إيراني تحت خط الفقر نتيجة للتضخم الكبير في العملة والعقوبات الاقتصادية ضد ايران التي توسعت بشكل كبير بعد تولي ترامب مسؤولية إدارة البيت الأبيض.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: وزیر الاقتصاد سحب الثقة
إقرأ أيضاً:
الدبلوماسية الاقتصادية من أمستردام إلى موسكو
د. محمد بن خلفان العاصمي
كتبتُ مقالًا سابقًا عن الدبلوماسية الاقتصادية التي باتت توجه العلاقات الدولية وتشكل التحالفات السياسية الجديدة في هذا القرن، الذي أصبحت فيه قوة التأثير مرتبطة بالقوة الاقتصادية بشكل كبير جدًا.
في ذلك المقال تطرقتُ إلى توجه سلطنة عُمان نحو الدبلوماسية الاقتصادية وآثر ذلك على الخطط الاستراتيجية ورؤية "عُمان 2040" والتي يتوقف نجاحها كغيرها من الرؤى الاستراتيجية على استدامة الموارد المالية ودوران الاقتصاد، ولذلك يجب ضمان هذه الاستدامة كإحدى الممكنات الأساسية مع بقية العناصر اللازمة بطبيعة الحال، ولضمان ذلك لابد من وجود خطة اقتصادية متكاملة لتحقيق أهداف التنمية، وهنا يأتي دور السياسة الخارجية كأحد العوامل الرئيسية لضمان خلق فرص استثمارية جديدة ووجود بيئة جاذبة لنمو الاقتصاد الوطني.
وعودةً الى الدبلوماسية الاقتصادية، فإنني ومن خلال نظرة تحليلية بسيطة حول الدبلوماسية الاقتصادية العُمانية والتوجهات المستقبلية، وما هو النموذج الأنسب لها في ظل المبادئ الموَجِّهة للسياسة العُمانية، من حيث الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ورفض التحالفات المبنية على الإضرار بالدول الصديقة. وقد أوردت الدراسات السياسية الاستراتيجية عدة نماذج ومستويات للدبلوماسية الاقتصادية بحسب السياسية الخارجية لكل دولة وما ترغبه من أهداف، ولعل أبرز هذه النماذج التي تنتهجها الدول في دبلوماسيتها الاقتصادية النموذج الثنائي والنموذج الإقليمي والنموذج الجماعي أو المجموعات متعددة الأطراف التي تضم المنظمات والتحالفات السياسية على المستوى الإقليمي والدولي.
إنَّ المتابع لتوجهات السياسة العُمانية يدرك أن الخط الذي وضعه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- للدبلوماسية العُمانية يسير وفق منهجية واضحة تراعي المبادئ التي أقرها النظام الأساسي للدولة، وفي نفس الوقت تساهم في تشكيل دبلوماسية اقتصادية تقوم على تحقيق المصالح الاقتصادية العُمانية وتخدمها بشكل مباشر. لذلك جاءت الزيارات الخارجية لجلالته- أيده الله- لتعزز هذا التوجه والخط الدبلوماسي الذي يتناسب مع المرحلة المقبلة ويحقق تطلعات القيادة الحكيمة والشعب لرفع مستوى المعيشة وزيادة الدخل والرفاه الاجتماعي.
هذه الأهداف لا يمكن أن تتحقق إلّا من خلال جهود مختلفة تساهم في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط والغاز كمصادر وحيدة للدخل، مع وجود فرص كبيرة لتحقيق التنوع الاقتصادي.
وفي ظل ما يشهده العالم من تطورات وتغيرات سياسية تؤثر بشكل مباشر على مستقبل الاقتصاد العالمي وخاصة ما دار خلال الأسابيع الماضية من حرب مستعرة حول الرسوم الجمركية التي أشعلتها الولايات المتحدة الأمريكية، ومدى تأثير كل ذلك على اقتصاديات الدول، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني أساسًا من ازمات سياسية، وحالة من عدم الاستقرار وتحديات تعيق النمو الاقتصادي، الذي يعاني من تباطؤ حركته، كذلك استمرار الاعتماد على النفط والغاز كمصادر للدخل وتأثير الأزمات الاقتصادية على هذين المصدرين بشكل مباشر، وسط كل ذلك لابد من عمل سياسي قوي يعمل على إيجاد مسارات اقتصادية جديدة وينعش الاقتصاد ويواجه هذه التحديات ويقلل من تأثيرها ويمنع الانتكاسات التي قد تؤثر على الخطط والاستراتيجيات التنموية.
وفي هذا السياق، جاءت زيارة جلالة السلطان المعظم- حفظه الله- إلى كلٍ من هولندا وروسيا لتُعزِّز العلاقات الاقتصادية معها، الى جانب مد جسور الصداقة والتعاون بين الجانبين، وقد كرَّس جلالة السلطان المعظم جهوده خلال الفترة الماضية للوصول إلى شراكات اقتصادية جديدة يمكن أن تسهم في تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040" وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي تعزز من قوة الاقتصاد الوطني وزيادة الناتج المحلي؛ مما يعني زيادة فرص العمل ونمو القطاعات غير النفطية. وقد حرص جلالة السلطان على قيادة المشروع الاقتصادي بشكل شخصي، رغبة من جلالته في إيصال فكرة واضحة عن خطط الدولة واستراتيجيتها الاقتصادية المستقبلية وقدرتها على الالتزام بتنفيذ هذه الخطط ورغبتها الجادة في هذه الشراكات والتحالفات الاقتصادية.
إنَّ الفكر الذي يمضي به جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أبقاه الله- وهو يقود المشروع الاقتصادي الوطني من خلال الممارسة الناجحة للدبلوماسية الاقتصادية؛ لهو جدير بالالتفاف حوله ومساندة هذه الجهود، كلٌ حسب موقعه ومكانته ومهامه؛ فهذا الفكر هو السبيل لمستقبل واعد للحاضر وللأجيال القادمة من أبناء الوطن العزيز، ولا بُد من الإيمان بأن هذه الجهود التي تبذل سوف نرى نتائجها في المستقبل القريب- بإذن الله- مع استمرار الجهود والمساعي التي تُسهم في تطوير منظومة الاقتصاد الوطني وتحقق أهداف التنمية المستدامة التي تسعى الحكومة لتحقيقها، وبالتعاون سوف نرى كل ذلك واقعًا بعون الله.
ختامًا.. ومن خلال الزيارتين الساميتين وما سبقهما من زيارات سامية إلى أقطار عدة، فإنَّ حزمة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي أبرمتها سلطنة عُمان مع هذه الدول، يجب استثمارها بشكل صحيح وعلى المؤسسات المعنية أن تقوم بدور فاعل في سبيل وضع هذه التفاهمات موضع التنفيذ، وفق خطط محددة، وعلى الوزارات والهيئات ذات العلاقة المُباشرة وكذلك غرفة تجارة وصناعة عُمان والشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني وشركات القطاع الخاص، أن تعمل على تحليل مضامين هذه الاتفاقيات وما تحتويه من تسهيلات وخدمات يمكن أن تساعد على تطوير القطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية والاستثماريّة بين الدول، وربما تكون هناك حاجة لمؤتمرات وورش عمل في هذا الشأن حتى تتحقق الاستفادة من هذه الجهود.