قبل 10 سنوات، لم يكُن شهر آب وتحديداً في العام 2013 عادياً أبداً بالنسبة للبنانيين، إذ شهدَ على إنفجارين دمويين، الأول كان في منطقة الرويس يوم 15 آب وتسبّب بإستشهادِ 27 شخصاً وإصابة 336 آخرين، فيما كان الثاني يوم 23 آب حينما إستهدف تفجيران مسجدي "التقوى" و "السلام" في طرابلس وأسفرا عن إستشهاد نحو 50 شخصاً وإصابة 500 آخرين.

  
إذاً، شهر آب يعدُّ دموياً بالإعتداءات التي شهدها، والفاصلُ الزمني بين تلكَ الهجمات التي حصلت عام 2013 وتوقيتنا اليوم يصلُ إلى 10 سنوات حدثت فيها الكثيرُ من التطوّرات والأحداث. في الأساس، وخلال ذلك العام، كان لبنان يتلقى النيران جرَّاء الحرب السورية التي بدأت عام 2011، فيما كانت أبوابهُ الحدودية مُشرّعة على سيناريوهات دخول المسلحين والجماعات الإرهابيّة إلى السّاحة الداخليّة. وبعد مرور كل هذا الوقت وتبدّل ملامح الأزمة السورية وبروز تغيُّرات سياسيّة محورية في المنطقة ولبنان، عادت المخاوف مُجدداً من بروز مسلسل الإنفجارات مُجدداً.. فهل سيحصلُ ذلك؟ وهل من إمكانية لسحب فتيل التوتُّر؟ 
لا يُمكن لأي جهةٍ أن تنفي "إنكشاف" لبنان أمنياً على أكثر من محور، فمختلف أجهزة المخابرات تنشطُ فيه وتتلقى المعلومات عن مختلف الأحداث والتطورات. الأمرُ هذا مفروغٌ منه تماماً، لكنَّ الأساس يكمنُ في مدى وجود نيّة لإقحام لبنان في أتون التفجيرات مُجدداً. حالياً، فإنَّ الأجهزة الأمنية اللبنانية رفعت جهوزيتها على أكثر من صعيد وتحديداً بعد أحداث مُخيم عين الحلوة الأخيرة.
وعن الناحية الأمنية، تقول المعلومات إنَّ مختلف الأجهزة العسكرية باتت تُكثف تحركاتها لمواكبة أي جديد وصدّ أي محاولة لتعكير الأمن، في حين أنّ المعنيين بـ"الأمن الإستباقي" باتوا يدرسون مختلف مناطق التوتر الأمنيّة وإخضاعها للرقابة بشكلٍ مُكثف لضبطها فوراً.   

في الواقع، دأب الكثير من الأطراف خلال الفترات الماضية إلى الترويج لإمكان حصول أحداثٍ أمنيّة قد تُمهد لإنتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية. حتماً، النظرية هذه قد تكونُ ساقطة لأنه في العام 2013 وحينما وقع تفجير الرويس والهجوم على مسجدي "التقوى والسلام"، كان لبنان ينعمُ بـ"وجود رأس للدولة". وبمعنى أوضح، فإنّ وجود رئيسٍ لا يعني أنّ "الإرهابيين" سيرتدعون، أو أن مخططاتهم ستفشل أو أنّ تنظيم "داعش" الذي يستعيدُ نشاطه في سوريا، سيتوقف عن تنفيذ أهدافه الإرهابية في لبنان. إلا أنه في المقابل، تبقى هناك مصلحة دوليّة في الحفاظ على إستقرار لبنان داخلياً، وقد يكون هذا الأمر عاملاً مُساعداً في حفظِ الأمن أكثر من أي وقتٍ مضى وتحديداً عبر دعم الجيش والقوى الأمنية.. ولكن هل هذا الأمر يكفي؟ 
في هذا الإطار، تقولُ مصادر سياسيّة مقرّبة من "قوى 8 آذار" لـ"لبنان24" إنّ سيناريوهات التفجيرات ستكون حاضرة لأسباب عديدة قد لا تكونُ مرتبطة بالواقع السياسي أو بغياب التغطية الدولية للبنان، وتضيف: "ما يجبُ على الجميع معرفته هو أنّ الواقع الإقتصاديّ يساهم بمفردهِ في تغذية الصراعات والأحداث المميتة.. فليس ضرورياً أن نشهد إنفجاراً لكي نقول أن الأمن قد تزعزع.. ما يجري من حوادث متنقلة هنا وهناك كفيلٌ تماماً لدق ناقوس الخطر أمنياً، فالأمور قد تأخذُ منحى الإنفلات في أيّ لحظة".  
وبحسب المصادر، فإنَّ البيئات المُحتاجة والفقيرة قد تكونُ موئلاً ومنطلقاً وهدفاً لجماعات إرهابيّة تسعى لتكريس نفوذها في لبنان مُجدداً، والدليل على ذلك هو مُخيم عين الحلوة الذي تبين أنه استقطب سوريين ولبنانيين إليه لتنفيذ نشاطٍ أمني مع الجماعات الإرهابية المتمثلة بـ"جند الشام" و"الشباب المُسلم".  
إذاً، وبكل بساطة، ستكون الأزمة القائمة هي "الوقود" الذي سيُشعل نيران الأحداث الأمنية أكثر من أيّ وقتٍ مضى، فيما ستكونُ العناصر الفقيرة هي قِبلة الجماعات الإرهابية بغية تجنيدها وإستخدامها كخلايا نائمة قد تتحرّك فجأة.   وللتذكير، فإنه في العام 2021، أطلق وزير الداخلية السَّابق محمد فهمي تصريحاً حذّر فيه من خلايا إرهابية تعدّ العدة لإفتعال أعمالٍ أمنية في كل المناطق اللبنانية لاسيما في الشمال. حينها، "قامت الدنيا" على فهمي واعتبرت بعض الأقلام أنّ الأخير "يُهوّل" على الناس، بينما الحقيقة هي أن خلايا "داعش" كانت موجودة وما زالت ناشطة حتى الآن. في ذلك الحين، كان الحديثُ عن عودة نشاط التنظيم الإرهابيّ في سوريا والعراق قد اتخذ منحى بارزاً أيضاً، وقد تكون معطيات الوزير السابق هي "الأكثر صراحة" حينها بشأن الوضع الأمني. 
عملياً، يمكن اعتبار إنكشاف مجموعات داعشية في أكثر من منطقة خلال الفترات الماضية بمثابة أمرٍ كفيلٍ جداً لتثبيت وجود خطر، مع العلم أنّ "داعش" يسعى لإستعادة زمام المبادرة الهجومية في أكثر من بلد وليس في سوريا وحسب. أما الأمر الأخطر فيرتبطُ بخطوة إبقاء النازحين في لبنان التي قد تُشكّل منعطفاً كبيراً على صعيد الأمن. حتماً، من خلال هؤلاء يمكن تكريس وجود بؤر أمنية جديدة تؤدي "أمر عمليات" في أيّ لحظة وسط وجود "نقمة" ضدّ اللبنانيين بسبب مطالبة شريحة واسعة منهم بترحيل النازحين إلى سوريا. 
ما الذي يمنع الإنفجار؟ 
من دون أيّ مُنازع، ما يساهم في منع إنفجار الوضع وحدوث أحداث أمنية دموية هو تماسك القوى الأمنية والعسكرية وتحييد الجيش عن أيّ صراعات سياسية كتلك التي حصلت بعد حادثة الكحالة قبل أكثر من 10 أيام. كذلك، ينبغي تماماً تكثيف رصد الحدود الشمالية والشرقية باعتبار أنّ عمليات التسليح قد تحصلُ من خلالها. أما الأمر الأهم فيتطلبُ تكثيف الحملات على مخيمات النازحين السوريين التي قد تكشف عن مفاجآت جديدة سواء على صعيد التسلّح أو الخلايا النائمة.  
بكل واقعية، هذه الأمور هي التي تمنعُ الإنفجار وتؤدي إلى ضبط الأمن، وفي حال بقيت الأمور على إنفلاتها، عندها سيكون لبنان مُرشحاً لدخول معترك سيناريوهات دمويّة جديدة.. فهل سيتحمل الناس ذلك؟               المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان أکثر من م جددا

إقرأ أيضاً:

كبيرة ومتنوعة.. عون يكشف عن التحديات التي يواجهها لبنان

أوضح الرئيس اللبناني جوزف عون، أن من التحديات التي يواجهها لبنان، تنفيذ القرار 1701، مؤكدًا أن الوضع في لبنان لن يستقر في ظل استمرار التوتر على حدوده الجنوبية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); وأضاف: اتفاق وقف إطلاق النار كقضية محورية تستدعي اهتمامنا وعنايتنا، متابعًا: لا يمكن أن يستقر لبنان ويزدهر في ظل استمرار التوتر على حدوده الجنوبية".التحديات التي يواجهها لبنانوذكر عون: "لا يمكن أن تعود الحياة الطبيعية إلى المناطق المتضررة من دون تطبيق القرارات الدولية التي تضمن سيادة لبنان وأمنه واستقراره، وانسحاب المحتل من أرضنا وعودة الأسرى إلى أحضان وطنهم وأهلهم".
أخبار متعلقة معبر رفح البري يستقبل 35 مصابًا فلسطينيًا و44 مرافقًابينهم صحفيون ومصورون.. استشهاد 9 فلسطينيين في شمال قطاع غزةوأضاف: "هذا يوجب أيضا وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته للإيفاء بضماناته وتعهداته، وتجسيد مواقفه الداعمة للدولة ووضعها موضع التنفيذ".
وقال عون إن إعادة إعمار ما دمرته الحرب تتطلب منا جميعا العمل بجد وإخلاص، وتستدعي تضافر جهود الدولة في الداخل والخارج، والمجتمع المدني والأشقاء والأصدقاء، والقطاع الخاص، لكي نعيد بناء ما تهدم، ونضمد جراح المتضررين، ونفتح صفحة جديدة من تاريخ لبنان".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } جوزف عون يكشف عن التحديات التي يواجهها لبنان - وكالات
وتابع الرئيس اللبناني: "التحديات التي يواجهها لبنان كبيرة ومتنوعة، لكن إرادة الحياة لدى اللبنانيين أكبر وأقوى، من أجل بناء لبنان القوي بدولته ومؤسساته، المزدهر باقتصاده وموارده، المتألق بثقافته وحضارته، المتمسك بهويته وانتمائه، المنفتح على محيطه العربي والعالمي".مؤسسات الدولة اللبنانيةوواصل عون: "إذا كان الصوم يعلمنا التضامن والوحدة، فإن رمضان يذكرنا بأهمية المشاركة والانخراط الإيجابي في قضايا وطننا. فلبنان الذي نعتز به جميعا، هو وطن الرسالة والتنوع والتعددية، وطن يتسع للجميع بمختلف انتماءاتهم ومعتقداتهم".
وأضاف: من هنا تأتي أهمية المشاركة السياسية لجميع شرائح المجتمع اللبناني، من دون تهميش أو عزل أو إقصاء لأي مكون من مكوناته. وإن هذه المشاركة تقوم على مبدأ أساس وهو احترام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وتفسيرهما الحقيقي والقانوني لا التفسير السياسي أو الطائفي أو المذهبي أو المصلحي".
وأكد أن "الدولة اللبنانية بمؤسساتها المختلفة، وبقدر حرصها على حماية التنوع اللبناني وخصوصيته، فإنها ملتزمة، وقبل أي شيء، بحفظ الكيان والشعب، فلا مشروع يعلو على مشروع الدولة القوية القادرة العادلة، التي ينبغي بناؤها وتضافر جميع الجهود لأجل ذلك.

مقالات مشابهة

  • ضبط أكثر من 14 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة
  • الداخلية تواصل الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة الخروج على القانون
  • كبيرة ومتنوعة.. عون يكشف عن التحديات التي يواجهها لبنان
  • محافظ الدرعية يشارك القطاعات الأمنية إفطارهم الرمضاني
  • زيلينسكي: يجب أن نحدد موقفاً واضحاً بشأن الضمانات الأمنية
  • مجلس الأمن القومي السوري هيئة لتنسيق السياسات الأمنية
  • وزير خارجية مصر يكشف الجهة التي ستتولى الأمن في غزة
  • رابطة قدماء القوى المسلحة تهنئ القادة الجدد وتؤكد دعمها للمؤسسات الأمنية
  • مخاطر كامنة والتعيينات الأمنية رهن الامتحان
  • إقرار التعيينات الأمنية والعسكرية بتوافق الترويكا واتصالات لحسم منصبَيْ مدير المخابرات ورئيس المعلومات