البطريرك الراعي: الصلاة في زمن الصوم بمثابة "رفع العقل والقلب إلى الله"
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في رسالته السنوية الخامسة عشرة للصوم الكبير، وجَّه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دعوةً للمؤمنين لاعتبار هذا الزمن "مسيرة جماعيّة" نحو التجدد الروحي، مستذكرًا مثال المسيح الذي صام أربعين يومًا كـ"مقاومةٍ للمجرب".
وأكّد أن أركان الصوم الكبير – الصيام، الصلاة، والصدقة – تُشكِّل وحدةً متكاملةً لتحقيق التوبة والعودة إلى الله
أوضح البطريرك في رسالته، التي نُشرت عبر الصفحة الرسمية للبطريركية المارونية على فيسبوك، أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام من منتصف الليل حتى الظهر، بل هو "علامة توبة وندامة عن الخطايا"، وفرصةٌ لـ"ولادة جديدة" تُمحى فيها الحياة القديمة المشوّهة.
وذكّر بأن الصوم يُمكّن المؤمن من مشاركة المسيح في "صيامه وحياته وآلامه"، كما يُعزِّز التضامن مع المحتاجين
ركّزت الرسالة على أن الصلاة في زمن الصوم يجب أن تكون "رفع العقل والقلب إلى الله"، وليست طقوسًا شفهيةً فارغة.
وحذّر البطريرك من أن الصلاة تفقد قيمتها إذا كان القلب "بعيدًا عن الله"، مشيرًا إلى أنها "شركةٌ مع الخالق" وعلاقةٌ تُجدّد الإيمان بعطاياه.
دعا البطريرك المؤمنين إلى ممارسة الصدقة كـ"فعل محبّة" يُشرك الآخرين في الخيرات المادية والمعنوية، مؤكدًا أن التقاسم يُضعف الأنانية ويُحرّر من "عبادة المال"، التي وصفها بـ"السراب" البعيد عن السعادة الحقيقية.
واستشهد بالكتاب المقدس: "بما أنكم فعلتم ذلك بأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فبي فعلتم" (متى 25: 40).
اختتمت الرسالة بالتأكيد على أن الصوم الكبير هو "زمن مقدّس" للعودة إلى الله عبر سر التوبة، الذي أسّسه المسيح برحمته، مشددةً على أن هذه المسيرة الجماعيّة تُعيد بناء العلاقة مع الخالق والإخوة معًا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المارون إلى الله
إقرأ أيضاً:
ابراهيم في رسالة الصوم: أدعوكم الى التضرع للبنان
وجه راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم رسالة الصوم الى الكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والمؤمنين والمؤمنات والأصدقاء، وجاء فيها:
"الصوم هو مسيرة روحية تهدف إلى تجديد الإنسان من الداخل واستعداده للقيامة مع المسيح. هو ليس مجرد ممارسة شكلية، بل هو تحول عميق، عبور من الظلام إلى النور، ومن العبودية إلى الحرية، ومن العادات التي تقيد الروح إلى نمط حياة جديد يقود إلى الخلاص والشركة الحقيقية مع الله. هو خارطة طريق تعلم الإنسان كيف يجوع إلى الله ويحرر نفسه من قيود الخطيئة ويعيش القيامة كواقع يومي. الصوم هو مفتاح الحرية الحقيقية، حيث يكشف الإنسان أعماقه ويدرك مواطن الضعف فيه ويستعد للتجديد والنضج الروحي والإلتزام الحقيقي في الإيمان. الصوم يدعو الإنسان إلى الخروج من الروتين الروحي والممارسات الشكلية ليستعيد الشغف والحيوية في صلته بالله. هو فرصة لكل مؤمن ليدرك مكمن الحقيقة في حياته ويكشف له ما يحجبه عن النور الإلٰهي. الصوم يعني الإصغاء إلى الروح القدس وإعادة توجيه الحياة نحو ما يستحق الإلتزام والتكريس. هو زمن المسامحة والمصالحة والعطاء، وهو زمن الكشف عن الأعماق المخفية في القلب لكي يستطيع الإنسان أن يقدم نفسه قربانا نقيا أمام الله. الصوم هو دخول في رحلة تحول، حيث تطهر الذات ويزال كل ما يعيق النمو الروحي ويحدث الإنقسام بين الإنسان وخالقه. هو الوقت الذي فيه يدرك المؤمن أن القبر لا يكون نهاية، بل نقطة البداية لحياة جديدة. لذٰلك فإن الصوم يدعو كل واحد منا ليسمح لنور المسيح أن يدخل إلى مواطن الظلمة في نفسه ويحولها إلى نور وقوة وحياة. فهل نحن مستعدون للسير في هٰذه الرحلة والقيامة مع المسيح؟"
أضاف: "الصوم ليس مجرد ممارسة ظاهرية، بل هو رحلة روحية نحو العمق، حيث نلتقي بالله في أعمق أعماق قلوبنا. "« ولكن الآن، يقول الرب، ارجعوا إلي بكل قلوبكم، وبالصوم والبكاء والنوح." (يوء 2: 12). فالصوم دعوة لإعادة ترتيب أولوياتنا، للبحث عن الله لا في المظاهر الخارجية بل في جوهر الحياة. في عالم مليء بالضوضاء، نحن بحاجة إلى الصمت كي نسمع صوت الله. المسيح نفسه كان ينسحب للصلاة في الخلوة، فكيف بنا نحن؟ يقول القديس يوحنا الصليب: "الله يتحدث في الصمت". فلنخصص وقتا يوميا للصلاة، للصمت، للتأمل في كلام الله، لنمنح قلوبنا مساحة للنعمة الإلٰهية، ولندرب أنفسنا على الإصغاء لكلمة الله وتطبيقها في حياتنا اليومية. الصوم فرصة لنستكشف ذواتنا ولنحقق تغييرا حقيقيا في أنفسنا، فهو زمن التجديد والرجوع إلى الله، زمن نحاسب فيه نفوسنا ونطهر قلوبنا من كل شوائب الخطايا والضعف. لكل واحد منا "قبور" داخلية، مواطن ضعف وألم وعادات تثقل الروح وتبعدنا عن الله وتجعلنا أسرى للماديات والأهواء الشخصية. إن الصوم يدعونا إلى مواجهة هٰذه القيود والخروج منها بقوة الروح القدس، لنزيل الحجارة التي تغلق مداخل قلوبنا ونفتحها لنور المسيح كي يضيء فيها ويحييها من جديد. فكم من مرة نشعر أننا مكبلون بأثقال الحياة وأن قلوبنا مغلقة بأحجار الضيق والخوف والشك؟ ولٰكن إذا سمحنا للمسيح أن يلمس نفوسنا، فإنه يقيمنا معه إلى حياة جديدة، حياة تسودها المحبة والسلام والرجاء. فهل نكون مستعدين لهٰذه الرحلة المقدسة، ولندع المسيح يقودنا من قبور الضعف إلى نور القيامة؟"
وتابع: "هٰذا الصوم هو فرصة مقدسة يمنحها لنا الله لنقترب منه أكثر، لنحدد مواقفنا ونجدد التزامنا بطريق الحق والبر، لنختبر التغيير الحقيقي في أعماقنا، فلا يكون صومنا صوما شكليا أو ممارسة جسدية فحسب، بل يكون صوما يطهر نفوسنا ويحول قلوبنا إلى هيكل حي للروح القدس. إنه زمن التجديد والتكريس، زمن التعامل بمحبة وتواضع، زمن الرجوع إلى الله بكل القلب والنفس والفكر. فهل نحن مستعدون لنخرج من ظلام الخطايا وأثقال الحياة إلى نور القيامة وحرية أبناء الله؟ هل نستطيع أن نزيل الحواجز التي تفصلنا عنه، وأن نتوب توبة صادقة تبدل كياننا وتعيدنا إلى درب الحق؟ لنجعل من هٰذا الصوم خارطة طريق لحياة مسيحية أعمق، لنحيا فيها الإيمان كواقع معاش، فيكون صومنا قربانا حيا يرتفع أمام الله، ويعيدنا إلى فرح القيامة ونعمتها".
وقال: "الفي هذا الزمن المقدس، حيث ندخل مع المسيح درب الصوم والصلاة والتوبة، ندعوكم جميعا، أفرادا وعائلات، رهبانا وراهبات، كهنة وعلمانيين، إلى الالتفاف حول مذابح الرب ورفع القلوب بصدق وتضرع من أجل لبنان، هذا الوطن الذي يحمله الله في قلبه رغم آلامه. إن أرضنا تعاني، وشعبنا يرزح تحت أثقال كثيرة، ولكن إيماننا بالله يبقى رجاءنا وثباتنا. فلنجتمع بالصلاة، طالبين شفاعة العذراء مريم، سيدة زحلة والبقاع وسيدة النجاة، وقديسينا الأبرار، كي يحل السلام في وطننا، ويمنح الله أبناءه الحكمة، وفقراءه العزاء، ومتعبيه القوة، ومظلوميه العدالة".
أضاف: "ليكن صومنا صلاة، وصلاتنا رجاء، ورجاؤنا فعل محبة، فنكون نورا يشع وسط الظلمة. نلتقي معا في الكنائس، والأديرة، والبيوت، لنوحد صلاتنا على نية لبنان، طالبين من الرب أن يباركه ويحفظه، ويعيد إليه مجده ورسالته. "إن لم يبن الرب البيت، فباطلا يتعب البناؤون" (مزمور 127: 1). فلنبتهل إليه بإيمان، لأنه وحده قادر أن يصنع لنا قيامة بعد الصليب. لبنان يستحق صلاتنا… فليكن الصوم صلاتنا، وليكن إيماننا خلاصه".
وختم: "ليبارككم الله، ويعد علينا جميعا هذا الزمن الـمقدس، ونحن في اتحاد ونجاح وصحة وأمان.".