لكل شعب من الشعوب هويته الثقافية الخاصة به والتي يفتخر بها ويعمل على الحفاظ على أصالتها وتميزها، وربما في بعض الثقافات المنفتحة تعمل على غرسها في الشعوب الأخرى؛ لكي تؤكد قبول واتساع هذه الثقافة بالإضافة إلى السعي للسيطرة والتغيير، والثقافة كما عرفها إدوارد تايلور في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي (الكل المركب والمعقد الذي يشتمل على المعرفة والمعتقدات والفنون والأخلاق والقانون والعرف وغير ذلك التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع).
حدد إدوارد تايلور المفردات اللامادية غير المحسوسة في حياة البشرية مثل الأخلاق والأعراف وغيرها، وهذه تنشأ كما يحللها علماء الاجتماع نتيجة التفاعل الاجتماعي أو الاحتكاك الاجتماعي بين الأفراد أو الجماعات وهذا التفاعل أو الاحتكاك يُنتج عادات وسلوك وثقافة معينة وتصبح نمطاً من أنماط حياة الشعوب تٌمارس بشكل دائم أو مؤقت، لذلك أن نظرة العالم اليوم تجاه الهوية الثقافة تغيرت عن الماضي نتيجة لأن العالم في حال متغير بشكل سريع وهائل وأصبحت الهوية الثقافية يتحكم فيها متغيرات خارجية بطمسها أو تكريسها أو الرقي بها كما يظن بعضهم.
وهنا تساؤل مهم : هل يظن بعضهم أن هذه المتغيرات عندما تأكل في جسد الهوية الثقافية تقدم لنا حياة راقية؟
أن هذه الحياة الراقية والوصول إلى قمتها على حساب الهوية الثقافية من خلال ذلك الوهم الذي يعيشه الكثير من الناس أصبحت صيغة أعجمية براقة تسعى لطمس الهوية الثقافية ويمكن الرد عليهم بأن الثقافة العربية والإسلامية من أجمل وأسمى الثقافات العالمية وتعيش في أي زمان ومكان، ولأنها ثقافة بقيت صامدة كالجبل أمام الكثير من التيارات سواءً التيارات العسكرية أو الفكرية أو الثقافية التي اجتاحت العالم العربي والإسلامي في العصور الماضية.
إن معرفة هذه المتغيرات وتحليلها أمر في غاية الأهمية ، ولكن إذا كُشف الستار عن من يقود هذه المتغيرات التي تسعى لطمس الهوية الثقافية ولذلك فأنه من ذات الأهمية بمكان الكشف عن المستفيدين من طمس الهوية الثقافية وخصوصاً عندما أصبح الغزو الثقافي ذراع مهم للسيطرة والتغيير .
لقد درج في الواقع الثقافي العالمي مصطلح (إصلاح الثقافات) لأن هذه الثقافات ثقافات بائدة لا تتفق مع اتجاهات دعاة التغيير ولا تتوافق مع نظام ثقافي متطور – كما يعتقدون – ولهذا السبب فأن الكثير من البشرية أصبحت نظرتها واعية لمحيطها الثقافي وأصبحت بعض المجتمعات تأخذ كل ما يتوافق معها وتنبذ كل ما يتعارض مع ثقافتها ، وعملت بعض الدول للحفاظ على هويتها الثقافية من متغيرات العصر حيث كلفت في هذا الجانب المؤسسات الثقافية لوضع برامج وقائية لحماية هويتها الثقافية من كل عارض يشكل خطر جسيم .
أن المحافظة على الهوية الثقافية يأتي من المهام الأساسية للمجتمعات ثم دور المؤسسات الثقافية والتعليمية للحفاظ على الأجيال القادمة من خطر الانسلاخ الثقافي حتى يتعامل الأجيال مع جميع الأخطار التي قد تمس هويتهم الثقافية بالشكل الوقائي الصحيح .
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الهویة الثقافیة
إقرأ أيضاً:
وزير الثقافة يلتقي مستشار الشؤون الثقافية القطري.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ختام زيارته الرسمية إلى دولة قطر الشقيقة، التقى الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة ، بالشيخ حسن بن محمد آل ثاني، مستشار الشؤون الثقافية بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، والمشرف العام على قسم الوثائق والأبحاث في الديوان الأميري، وذلك في إطار بحث آليات التعاون الثقافي بين البلدين، وتعزيز جهود حفظ وصون التراث.
تبادل الخبرات
شهد اللقاء مناقشة عدد من المحاور التي تستهدف دعم التعاون المؤسسي بين وزارة الثقافة المصرية ومؤسسة قطر، إلى جانب استعراض سبل تبادل الخبرات في مجالات التوثيق والحفاظ على التراث الثقافي، وتنفيذ مشروعات نوعية تعزز من الحضور الثقافي العربي على الساحتين الإقليمية والدولية.
الهوية والتراث والابتكار
خلال الزيارة، تفقد الوزير عددًا من المعارض الثقافية والفنية التي تنظمها المؤسسة، واطّلع على أبرز المبادرات التي تعكس التنوع والثراء في المشهد الثقافي القطري، مشيدًا بمستوى العروض الفنية، واهتمام المؤسسة بالهوية والتراث والابتكار.
دعم التكامل الثقافى
وأعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو عن اعتزازه بهذا اللقاء الذي وصفه بالمثمر، مؤكداً أن التعاون مع مؤسسة قطر يُعد ركيزة مهمة في دعم التكامل الثقافي بين البلدين، واستثمار الثقافة كأداة استراتيجية لبناء جسور التواصل بين الشعوب.
الذاكرة الثقافية
من جانبه، عبّر الشيخ حسن بن محمد آل ثاني عن ترحيبه بالوزير المصري، مؤكدًا أهمية استمرار التعاون بين المؤسستين في مجالات التراث والتبادل الثقافي
وشدد على أن الحفاظ على الذاكرة الثقافية مسؤولية جماعية تتطلب شراكات فعالة ورؤية مشتركة للمستقبل.