وثيقة الحكم في فَلَجَي ضوت و الخوبي
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
تعرضنا في المقالة الفائتة لوثيقة «ثَبَت فلج ذي نيم» المؤرخة سنة 428هـ، وفيما علمتُ هو عينه المعروف عند أهل نزوى بفلج الدنين في بلدة سعال. وتتبع ثَبَت فلج ذي نيم في الجزء التاسع والثلاثين من كتاب بيان الشرع وثيقة أخرى في فلجين آخرين بنزوى هما فلج ضوت وفلج الخوبي، وفحوى هذه الوثيقة خلاف حدث بين أرباب الفلجين انتهى بتحاكمهم إلى العالم القاضي نجاد بن موسى المنحي (ت:513هـ) وهو فقيه متكلم له آثار ومؤلفات منها كتاب (البصائر والإرشاد) وكتاب (الأكِلَّة وحقائق الأدلة).
وقد تصدرت الوثيقة عبارة لعلها من الناقل وهي قوله: «وهذه المسألة من هذا الكتاب الذي كتبتُ منه هذا الثَّبَت الثاني وهو في أهل فلج ضوت وأصحاب الخوبي»، ونراه هنا جعله ثَبَتًا ثانيًا على شاكلة «ثَبَت فلج ذي نيم» المتقدم ذكره، ثم جاء نقل الثَّبَت ونصه: «كان قد اختلف أهل فلج ضوت، وأصحاب الخوبي في مدر ضوت بالتراب، وقطع أخبله في عرض الوادي، وأحسب أيضًا أنّه طرح فيها التراب فنقص من ذلك فلج الخوبي فتحاكموا إلى القاضي أبي محمّد نجاد بن موسى المنحي، وكان في جملة من حضر: الشّيخ أبو محمّد نبهان بن أبي المعمّر، وأبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن سليمان، ويوسف بن محمّد بن يوسف، والحسن بن محمّد بن الحسن، وحضر من حضر من جباه الفلجين، فجرى الاتفاق على إزالة الخبل المعترضة في الوادي، وعلى أنّهم يمدرونه بالتراب على وجين الساقية الشرقي، وأن لا يقطع للمدر أغرز من الساقية، وأن أقصى ما ينتهي مدرهم إلى حشاة صغيرة مقابلة للطريق التي تفضي بين الدارين السهيلية منها سهيلي هذه الطريق لورثة الشّيخ أبي الحسن بن أبي المعمر، والدار التي تغشى هذه الطريق للشّيخ أبي عبد الله بن أبي المعمر، وبعضها ممّا يلي الوادي دار لموسى بن سليمان. وأحسب أنّ ذلك في سنة ثمان وثمانين سنة وأربعمائة سنة. انقضى».
تنبئ هذه الوثيقة المؤرخة سنة 488هـ عن اشتغال الفقهاء بشؤون المجتمع ومعرفتهم بأحوال الناس وأعرافهم وصنائعهم وتقاليدهم، فالقاضي الذي احتكم إليه أرباب الفلجين كان من الفقهاء المتكلمين، ونقرأ في النص كذلك حضور أبي عبدالله محمد بن إبراهيم بن سليمان الكندي (ت:508هـ) وهو صاحب كتاب (بيان الشرع) المنقولة فيه الوثيقة، وأسماء أخرى بين الحاضرين منهم أبو محمد نبهان بن أبي المعمَّر، ويوسف بن محمد بن يوسف، والحسن بن محمد بن الحسن، وبعض جباه الفلجين أي أرباب كل فلج أو القائمون على شؤونه. ولفظ «الجباه» يجرنا إلى استقصاء الألفاظ الحضارية الواردة في النص، ومنها: (مدر - أخبُل أو خُبُل [جمع خبيل] – وجين – حشاة – سهيلي)، وهي ألفاظ تتردد في فقه الأفلاج وفي بعض وثائق الحجج الشرعية للأفلاج من أحكام ومعاملات، وهي بلا شك مما يفيد منه دارسو الألفاظ الحضارية أو حتى المشتغلون باللغويات واللسانيات. ثم إننا نرصد شيئًا مما استعمله أهل عمان حينذاك مثل قولهم: «دار فلان» عوض بيت فلان، وقولهم: «سهيلي كذا» تعبيرًا عن جهة الجنوب نسبة إلى نجم سهيل، وهو استعمال بقي حتى عهد قريب، إذ ورد في بعض الوثائق المؤرخة في القرن الرابع عشر الهجري.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بن أبی
إقرأ أيضاً:
أرشيف الإمارات يستقبل أكثر من مليون وثيقة تاريخية من محاكم رأس الخيمة
انطلاقاً من أهميتها كمصادر للمعلومات ولأنها تشكّل رصيداً وثائقياً يعد مصدراً للحقيقة التاريخية فقد استقبل الأرشيف والمكتبة الوطنية، بدولة الإمارات العربية، مليون وثيقة معاملة قديمة من دائرة محاكم رأس الخيمة قامت بتحويلها للحفظ والترميم في الفترة من يونيو 2024 وحتى يناير2025 والتي اشتملت على وثائق الإشهادات، وعقود الزواج والطلاق، والتنفيذ المدني والشرعي، والأمر على عريضة، والوكالات والإقرارات والعقود الموثقة بالكاتب العدل.
وتأتي هذه الخطوة تأكيداً على الاهتمام الذي يلاقيه المجتمع الإماراتي والأسرة التي تشكل نواته في عام المجتمع، إذ إن هذه المعاملات القديمة تشكل وثائق تاريخية تهم العائلات والأسر والأفراد، وهي توثق رسمياً الروابط الأسرية والمجتمعية بين أبناء المجتمع، وهذا ما يبرهن على الاحترام والاعتزاز بالمجتمع وبمكوناته من الأسر والأفراد.
وبهذه المناسبة قال عبد الله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية: إن مشروع التعاون مع محاكم رأس الخيمة يأتي ضمن أكبر مشروعات الشراكة والتي ارتقت لدرجة التكامل بين الأرشيف والمكتبة الوطنية والمؤسسات الحكومية في الدولة؛ وذلك على ضوء بنود القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2008 بشأن الأرشيف والمكتبة الوطنية ولائحته التنفيذية.
وأضاف: إن هذا الالتزام ببنود القانون، والتعاون يضمن الحفاظ على القيمة التاريخية الكبيرة لهذه الوثائق بالمحافظة عليها لأطول فترة ممكنة في جهة وطنية ذات خبرة عالمية متخصصة في هذا المجال، ويدعم المشروع أيضاً معيار التكامل بين المؤسسات الحكومية والذي يعتبر ركيزة أساسية في منظومة التميز الحكومي الإماراتية في إصدارها الأخير 2024 والتي تركز على المخرجات والنتائج والشراكة والتكامل.
وقال المستشار أحمد محمد الخاطري رئيس دائرة محاكم رأس الخيمة: إن هذا المشروع يأتي لضمان حفظ الملفات الورقية لمعاملات دائرة محاكم رأس الخيمة القديمة نادرة بجودة عالية، وإمكانية استدعائها بسهولة، وضمان ترميم التالف منها جزئياً في مؤسسة متخصصة وذات سمعة عالمية كالأرشيف والمكتبة الوطنية بعيداً عن المخاطر، وأضاف إلى أن ما يحققه هذا المشروع اقتصادياً يسهم في تحقيق رؤية حكومة رأس الخيمة 2030، ويدعم هذا المشروع سياسة استمرارية الأعمال وتقليل مخاطر الاحتفاظ بكمٍ هائل من الوثائق الورقية في أماكن غير مؤهلة ما يعرضها للتلف أو الفقد.
وأكد الدكتور حمد المطيري مدير إدارة الأرشيفات بالأرشيف والمكتبة الوطنية أنه تم الاتفاق بين الجهتين على تنفيذ مشروع نقل 100% من الملفات الورقية القديمة بدائرة محاكم رأس الخيمة إلى الأرشيف والمكتبة الوطنية والمقدر عددها بما يقارب 1,407,818 معاملة ورقية قديمة يعود إنشاؤها إلى ما قبل عام 2020م.
وقال الدكتور هزاع النقبي رئيس قسم الأرشيفات الحكومية: إن الأرشيف والمكتبة الوطنية لديه آلية خاصة لاستدعاء واستعارة هذه الملفات؛ مؤكداً أنه تم إنجاز 70.3% من إجمالي عدد الملفات القديمة المخطط تحويلها إلى مخازن الأرشيف والمكتبة الوطنية.
وقال محمد حسين فهمي مدير المشروع ومستشار التطوير المؤسسي بمحاكم رأس الخيمة: إن 7,628 صندوقا يحتوي على 989,273 معاملة قد تم تحويلها إلى الأرشيف والمكتبة الوطنية في 33 رحلة.