بعد اتهامها بخيانة القيم وإغلاقها.. طالبان تسمح بإعادة بث قناة أريزو
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
استأنفت قناة "أريزو" التلفزيونية الأفغانية بثها، أمس السبت، بعد أن أغلقتها حكومة حركة طالبان لاتهامها بدعم وسائل إعلام منفية في الخارج وخيانة القيم الإسلامية.
وأعلن رئيس القناة بصير عابد أن الأختام الموضوعة على أبواب القناة في العاصمة كابل، أزيلت بحضور ممثلي وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشيرا إلى "استئناف عملياتنا".
ومع إغلاقها في 4 ديسمبر/كانون الأول الأخير، اعتقلت السلطات 7 من موظفي القناة، لكن أطلِق سراحهم في وقت لاحق، في حين ظلت القناة مغلقة.
ورحب مركز الصحفيين الأفغان، وهو مجموعة تعنى بحرية الصحافة، بإعادة فتح القناة، لكنه قال في بيان إنه يعتبر الإغلاق "انتهاكا صارخا لحقوق الإعلام الحر الذي لم يكن ينبغي أن يحدث".
وبحسب منظمة مراسلون بلا حدود، فإن القناة التي تأسست عام 2006 في مدينة مزار شريف الشمالية، افتتحت مكتبا في كابل عام 2010 لإنتاج أفلام وثائقية عن الحياة البرية ودبلجة المسلسلات التركية.
وتراجع قطاع الإعلام في أفغانستان بشكل كبير في ظل حكومة طالبان التي استعادت السلطة منذ 3 سنوات، في حين انتقد مراقبون دوليون حكام كابل الجدد لانتهاكهم المزعوم لحقوق الصحفيين.
وتقول منظمة مراسلون بلا حدود إن سلطات طالبان أغلقت ما لا يقل عن 12 وسيلة إعلامية عام 2024.
إعلانوقال المتحدث باسم الحكومة ذبيح الله مجاهد في وقت سابق إنه لا توجد قيود على الصحفيين، طالما أنهم "يأخذون في الاعتبار المصلحة الوطنية والقيم الإسلامية ويتجنبون نشر الشائعات".
وفي أوائل فبراير/شباط، دهمت سلطات طالبان الأفغانية إذاعة بيغوم النسائية المعروفة في كابل وأوقفت بثها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان حريات
إقرأ أيضاً:
كتاب 15 دقيقة.. قيادي بطالبان يروي تجربة نادرة من داخل الحركة
كابلـ في لحظة استثنائية من تاريخ حركة طالبان، اختار القيادي بالحركة خالد زدران أن يروي حكايته، ليس بالبندقية هذه المرة، بل بالكلمة، في كتاب حمل عنوان "15 دقيقة"، يقدّم سردية نادرة عن تجربته كمقاتل في صفوف الحركة لأكثر من عقدين، متجاوزا الخطاب التقليدي لتنظيمه، ومرسّخا لتيار جديد يتلمّس ملامح التحول داخله.
خالد زدران، الذي يشغل حاليا منصب المتحدث باسم شرطة كابل، يُعدّ أول مسؤول من الحركة يوثق تجربته الشخصية في القتال والعمل التنظيمي، وقد اختار أن يبدأ مذكراته من نقطة فارقة، هي عملية أسر الجندي الأميركي بو برغدال عام 2009، وهي الحادثة التي يعتبرها منعطفا غيّر مجرى العلاقة بين طالبان والولايات المتحدة.
يقول زدران في حديثه للجزيرة نت "حاولت أن أنقل تجربتي للقارئ الأفغاني بكل صدق وأمانة، فقد خضنا حروبا طويلة، وقلّما وثّق قادتنا تلك المراحل. غالبا ما قرأنا تاريخنا بعيون الآخرين، أما أنا فحاولت أن أروي ما عشته بعين أفغانية، حتى وإن تخللها بعض الأخطاء، فالحرب تفرض ظروفها ولا أحد ينجو من تبعاتها".
أسر برغداليروي زدران أن عنوان الكتاب "15 دقيقة" يُشير إلى الزمن الفاصل بين نقل الجندي الأميركي برغدال إلى مركز احتجاز جديد، وبين استهداف المركبة التي كان من المفترض أن تقله بغارة أميركية، ويضيف "لو تأخرت العملية دقائق معدودة، لقُتل برغدال، ولما جرت مفاوضات الدوحة، ولا تمت صفقة تبادل قادة طالبان الخمسة من معتقل غوانتانامو، وربما ما كنا لنعود إلى السلطة عبر التفاوض، بل عبر خيار عسكري دموي".
إعلانويكشف زدران تفاصيل غير مسبوقة عن عملية الأسر وظروف الاحتجاز في منطقة "شوال" بوزيرستان، كما يروي كيف أن الجندي الأميركي فرّ من منزل الذين كان يقطن فيه واختبأ في الجبال لمدة 9 أيام، قبل أن يُلقى القبض عليه مجددا.
ويشير إلى أن برغدال، خلال فترة احتجازه، كان يرتدي أحيانا ملابس نسائية للتمويه، وطلب لاحقا تعلّم اللغة البشتونية وقراءة كتب عن الإسلام، كما أبدى رغبة في التواصل مع صديقته "مونيكا لي"، طالبا منها أن تنتظره.
كسر السردية التقليديةاللافت في تجربة زدران أنه يتجاوز في خطابه اللغة القتالية المعتادة لعناصر طالبان، فهو يستخدم مصطلحات مثل "الجيش الوطني" و"العلم الوطني"، في إشارة إلى الحكومة السابقة، ويصف الأمير أمان الله خان -الذي حارب الاستعمار البريطاني- بلقب "الأمير الغازي"، وهي أوصاف لم تكن مألوفة في أدبيات الحركة.
زدران، الذي لم يتخرج من مدرسة دينية تقليدية، انضم إلى طالبان خلال مراهقته، وبدأ مسيرته كمساعد ميداني قبل أن يصبح مقاتلا ثم مسؤولا، ويبدو من خلال كتابه أنه ينتمي إلى تيار براغماتي داخل طالبان، يسعى لتقديم صورة أكثر اعتدالا وواقعية، دون أن يتنصل من المبادئ العامة للحركة.
ويكشف الكتاب عن حجم التهميش الذي تعرض له مقاتلو طالبان في ولاية بكتيكا الأفغانية المتاخمة للحدود الباكستانية، الذين أسروا الجندي برغدال، ولم يتم استشارتهم في قرار التبادل الذي تم بوساطة قطرية عام 2014، ويقول زدران إنهم علموا بالصفقة من وسائل الإعلام، رغم أنهم تكبّدوا خسائر ميدانية كبيرة لحماية الأسير.
ويضيف "كنا نحن من أسر الجندي الأميركي، ورافقته لسنوات، لكن حين حان وقت التبادل، لم تُعرض علينا التفاصيل. القرار صدر من القيادة، وتم التنفيذ دون مشاركتنا، وهو ما ترك شعورا بالخذلان".
وثيقة داخلية نادرةيُنظر إلى كتاب "15 دقيقة" على أنه وثيقة داخلية تكشف ما يدور داخل أروقة طالبان من تحولات فكرية وصراعات تنظيمية، فزدران يقدّم من خلال تجربته ما يشبه مرآة للواقع المركّب الذي تعيشه الحركة، بين تيار شاب يحاول الانفتاح على المجتمع والدولة، وآخر تقليدي متمسك بسياقات الماضي.
إعلانويقول وكيل وزارة التعليم السابق لطف الله خيرخواه للجزيرة نت "خالد زدران كأول مقاتل يوثق تجربته بتجرّد، يمثل فتحا مهما في أدبيات الحركة، لقد تعامل مع التاريخ والجغرافيا بدقة، وساعد في فتح الطريق أمام آخرين لتوثيق تجاربهم ونقلها للأجيال المقبلة".
ويرى مراقبون أن كتاب "15 دقيقة" لا يعد مجرد مذكرات مقاتل، بل هو سردية جديدة تُضاف إلى أدبيات الحرب والسلام في أفغانستان، وتفتح الباب لفهم أعمق لما يدور داخل طالبان، خاصة في ظل تحولات ما بعد عودتها إلى الحكم، كما يعد الكتاب خطوة أولى في مسار أوسع من التوثيق الذي قد يغيّر الطريقة التي يُنظر بها إلى طالبان من داخلها، لا من خلال روايات الآخرين فقط.