صاحبة حضور طاغٍ وروح دعابة جعلتها قريبة من المثقفين والأدباء الذين عشقوا بساطتها وخفة ظلها، زينات صدقي التي تحل اليوم ذكرى رحيلها، "أشهر عانس في السينما المصرية"، ليست مجرد ممثلة كوميدية موهوبة، بل كانت شخصية تحمل في طياتها ثقافة الحياة وتجاربها، مما جعلها مادة خصبة لحكايات لا تُنسى في مجالس الفن والأدب.

زينات ونجوم الفكر في "جلسات المزاج"

عُرفت زينات بعلاقتها الوطيدة ببعض رموز الفكر والأدب، مثل نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، ويوسف إدريس، وغيرهم من الكتّاب الذين كانوا يلتقون في المقاهي والمنتديات الثقافية، كان نجيب محفوظ من المعجبين بشخصيتها الفريدة، وغالبًا ما كان يلتقي بها في جلسات فنية يتصدرها الحديث عن السينما والمجتمع، ويقال إنها ذات مرة مازحته قائلة: ("يا أستاذ نجيب، إنت بتاخد جايزة نوبل في الأدب، وأنا واخدة نوبل في الضحك" فضحك محفوظ بشدة وردّ: "وأي جائزة أهم من الضحك؟").

أما توفيق الحكيم، الذي كان معروفًا بميوله الفلسفية وحبه للعزلة، فقد وجد في زينات نقيضًا له، لكنها كانت تستطيع إخراجه من جديته بتعليقاتها الساخرة، ويُحكى أنها قابلته ذات مرة وسألته عن أحد كتبه الجديدة، فردّ متحفظًا، فقالت له: "طبعًا كتاب مليان حكم وفلسفة، بس قول لي فيه ضحك شوية ولا كله كآبة؟" فضحك الحكيم وأخبرها أن روحها المرحة تسبقها إلى أي مكان.

مواقف طريفة مع الأدباء

تحكي بعض الروايات أن زينات حضرت إحدى الندوات الأدبية الكبرى التي كان فيها يوسف إدريس، والذي كان معروفًا بحبه للقصص الواقعية والشخصيات الشعبية، وبينما كان يتحدث عن المرأة في الأدب المصري، قاطعته زينات قائلة: "يعني أنا لو كنت بطلة في رواية عندك، كنت هتبقى حكايتي إيه؟" فأجابها ضاحكًا: “أكيد هتبقي رمز البهجة وسط المعاناة، وأنتِ أحق ببطولة أي رواية فيها حياة.”

خفة ظلها التي لا تُنسى

كانت زينات صدقي نموذجًا فريدًا للمرأة التي تحمل بداخلها ثقافة شعبية فطرية، جعلتها قريبة من الجميع، حتى من طبقة المثقفين التي ربما لم تكن في دائرتها المباشرة، لكنها بأسلوبها العفوي وروحها النقية، جعلت الجميع يشعرون بأنهم في حضرة شخصية استثنائية، تمتلك بساطة الناس وذكاءً يضاهي كبار المفكرين.

ورغم أن الأضواء خفتت عن زينات في أواخر حياتها، إلا أن ذكرياتها مع الأدباء والمثقفين بقيت حاضرة في الكواليس والمجالس، شاهدة على زمن كان فيه الضحك والثقافة يسيران جنبًا إلى جنب.

زينات صدقي والفكاهة كوسيلة للنقد الاجتماعي

لم تكن زينات مجرد "خفيفة ظل"، بل كانت تمتلك ذكاءً اجتماعياً جعلها قادرة على فهم قضايا عصرها وتقديمها بطريقة ساخرة، كانت تدرك تمامًا أن الكوميديا ليست مجرد ضحك، بل وسيلة لطرح قضايا الناس، وهو ما جعلها قريبة من الأدباء الذين رأوا فيها نموذجًا للمرأة الشعبية الواعية.

مثلاً، يُقال إنها حضرت ذات مرة ندوة أدبية حول "أزمة المرأة في المجتمع"، فجلست في الصفوف الأولى وهي تستمع بانتباه، وعندما سألها أحد الصحفيين عن رأيها، قالت: "أنا شايفة إن أزمة المرأة في الجواز، مش في المجتمع، الواحد لازم يلاقي عريس الأول وبعدين يفكر في القضايا الكبيرة" فضجت القاعة بالضحك، لكنها كانت في الحقيقة تشير إلى أزمة العنوسة التي كانت قضية اجتماعية بارزة آنذاك.

ذكرياتها في المقاهي الثقافية

كانت زينات من روّاد بعض المقاهي الشهيرة التي يجتمع فيها المثقفون، مثل مقهى ريش، والزيتونة، وكسّاب، هذه الأماكن لم تكن مقتصرة على الأدباء فقط، بل كانت ملتقى لكل من يحب الحوار والفن، في أحد اللقاءات، سألها صحفي عن رأيها في المسرح التجريبي، فردّت ممازحة: "يعني إيه تجريبي؟ إحنا جرّبنا كل حاجة ولسه بنجري ورى الجمهور" فتعالت الضحكات، لكنها في العمق كانت تشير إلى معاناة المسرح في جذب الجمهور أمام زحف السينما والتلفزيون.

رسائل نجيب محفوظ إليها

يُروى أن نجيب محفوظ كان يُكنّ احترامًا كبيرًا لزينات صدقي، لدرجة أنه أرسل لها رسالة في أواخر أيامها بعد أن تدهورت حالتها المادية، قائلاً: "لا يمكن أن ننسى من أضحك مصر ورسم الابتسامة على وجوهنا، أنتِ تاريخ لن يُمحى"، وكانت هذه الرسالة واحدة من لحظات التقدير القليلة التي أسعدتها في سنواتها الأخيرة.

تراثها الممتد في الذاكرة الثقافية

على الرغم من أن زينات لم تكن كاتبة أو مفكرة بالمعنى التقليدي، إلا أنها كانت "مثقفة بالفطرة"، تفهم المجتمع وتعبر عنه بلغة الناس، مما جعلها قريبة من الأدباء الذين وجدوا فيها "حكاية تمشي على قدمين"، تنبض بالحياة والمرح، وتختزن في داخلها تجارب تستحق أن تُروى.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السينما المصرية زينات صدقي المثقفين والأدباء المزيد زینات صدقی نجیب محفوظ قریبة من

إقرأ أيضاً:

على بعد أيام من رحيلها.. ريضال تتسبب في خسف الطرق بسلا (صور)

زنقة 20 ا سلا

تعاني عشرات الأسر بأحد الأحياء بمدينة سلا منذ أزيد من شهر، المفوض لها تدبير الماء والكهرباء والتطهير السائل، بسبب الأشغال الناقصة التي قامت بها بطريق بزنقة واد أم الربيع حي الرحمة قطاع دال، حيث قامت يتغيير قناة الصرف الصحي على طول الطريق الماحدية للعشرات المنزال دون احترام لدفتر التحملات، الأمر الذي أسفر عن حدوث ثقوب وخسف للطريق وتسرب مياه الأمطار الأخيرة تحت المنزل.

ورغم أهمية هذه الأشغال في تحسين البنية التحتية، إلا أن الطريقة التي أنجزت بها هذه الصفقة تطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى احترام الشركة لمعايير الجودة والسلامة، حيث تم الأستعانة بـ”القادوس” القديمة كردم عوض جلب مواد جديدة للردم.

وتركت شركة ريضال وراءها حفراً عميقة تعيق السير بالشارع وتسبب إزعاجًا كبيرًا للساكنة وخطرا محدقا على مستعملي السيارات والأطفال والراجلين على حد سواء، فيما قمت مؤخرا بحلول ترقيعية.

المثير في الأمر أن هذه الضفقة لا تمر عليها سوى شهر ونصف، مما يثير الشكوك حول جودة الأشغال التي تُنفَّذ. فكيف يعقل أن يتم إصلاح قناة الصرف الصحي اليوم، ثم بعد مدة قصيرة تعود تظهر الحفر الكبيرة وتخسف الأرض؟ حيث أن هذا الأمر يطرح تساؤلات حول غياب التخطيط والتنسيق بين المصالح المعنية والمصالح الجماعية التي لم تراقب بشكل جيد هذه الأشغال.

يذكر أن الساكنة عبرت عن استيائها من غياب أي تواصل من طرف الشركة والمجلس الجماعي لمدينة سلا بشأن إعادة إصلاح الشارع لتفادي تسرب المزيد من المياه وسقوط المنازل لا قدر الله.

وأكدت الساكنة أنه المطلوب اليوم هو تدخل الجهات الوصية لمراقبة عمل “ريضال” وإلزامها باحترام دفتر التحملات، خاصة فيما يتعلق بجودة الأشغال وسرعة إنهائها. فلا يعقل أن تتحول شوارع المدينة إلى ورش مفتوح بشكل دائم بسبب سوء التدبير وغياب المحاسبة خصوصا أن الشركة سترحل في الأيام القادمة بدون تقديم الحساب.

يذكر أنه في سياق انتهاء عقود التدبير المفوض مع شركة ريضال بجهة الرباط سلا القنيطرة أثيرت تساؤلات حول إمكانية محاسبة الشركة عن أدائها خلال فترة التدبير خصوصا المشاريع الأخير، أم سيتم إفلاتها من المحاسبة لتفادي تغريمها الملايين.

مقالات مشابهة

  • سلام اتصل بالشرع.. وزيارة قريبة إلى دمشق
  • محفوظ ولد الوالد يروي قصة انضمامه للمجاهدين الأفغان وتأسيس القاعدة
  • هل تعلم أن نجيب محفوظ كان دائمًا "صوت مصر" في أدبه؟
  • نصيحة تساعدك في تقليل هرمونات التوتر وتحسين المزاج في 10 دقائق
  • كيف تحسّن حالتك المزاجية؟.. نصائح هتغير مودك
  • مساع قريبة لرفع حظر سفر السعوديين والمملكة تنتظر اشارة حكومية ايجابية
  • ملتقى الفنانين والأدباء يُحيي عيد الفطر المبارك بفعالية ثقافية وفنية بمحافطة مأرب
  • على بعد أيام من رحيلها.. ريضال تتسبب في خسف الطرق بسلا (صور)
  • النمر: استمتع بتجربة اللاشيء يوميًا لإعادة شحن جسمك
  • إيناس النجار قبل رحيلها: زوجي تركني بسبب مرضي.. فيديو