كشف معهد كارنيغي للشرق الأوسط عن مساع لجماعة الحوثي لتعزيز نفوذها الإقليمي ببناء تحالفات مع مليشيا الحشد الشعبي في العراق.

 

وقال المعهد في دراسة له ترجم أبرز مضمونها إلى العربية "الموقع بوست" إن الجماعة في اليمن عملت على تعزيز علاقاتها الإقليمية، وخاصة مع الحشد الشعبي، التي تقدم لهم فوائد سياسية واقتصادية وعسكرية وجيوسياسية، فضلاً عن وسائل الضغط على دول الخليج.

 

وأضاف "لقد اضطلعت جماعة الحوثي التي تسيطر على جزء من اليمن بدور مهم عبر الحدود في السنوات الأخيرة كجزء من محور المقاومة المدعوم من إيران في المنطقة.

 

وحسب المعهد فإن الجماعة بدأت في استغلال قوتها المتنامية في النفوذ الخارجي وخاصة في مواجهة دول الخليج العربية. ويشير تعاون الجماعة مع قوات الحشد الشعبي، وهي منظمة مظلة تجمع بين العديد من الجماعات شبه العسكرية العراقية، واستخدامها للأراضي العراقية لشن هجمات على السعودية والإمارات، إلى ذلك.

 

وأضاف "لقد أدت قدرة الحوثيين على تعزيز نفسها محلياً على مدى العقدين الماضيين في حين توسعت إقليمياً إلى تحويلها إلى جهة فاعلة غير حكومية رائدة عبر الحدود في المنطقة، مما شجعها على الانخراط في أعمال تصعيدية أو تهدئة في الداخل والخارج.

 

وأردف "من المسلم به أن الجماعة يمكن أن تتوقع استمرار الدعم من قوات الحشد الشعبي، والتي لم تتأثر في معظمها بالأحداث الأخيرة في سوريا ولبنان، ومن المؤكد تقريباً أن إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، ستواصل تمويل وتسليح الجماعة إلى حد ما، نظراً لقيمتها المتزايدة وسط سقوط النظام السوري وخسائر حزب الله في لبنان.

 

الحوثي والحشد الشعبي: شراكة قديمة ونطاق متسع

 

بصفتها سلطة سياسية غير معترف بها إلى حد كبير، لم تتمكن جماعة الحوثي من إقامة علاقات رسمية مع دول أخرى غير إيران وسوريا. وهذا جعل احتمال إقامة علاقات مع جهات غير حكومية أو شبه حكومية موالية لإيران في العراق جذابًا بشكل خاص. تقول الدراسة.

 

وفق الدراسة فإن العلاقة بين الحوثيين والفصائل التي تندرج تحت مظلة الحشد الشعبي ترجع إلى عام 2012 على الأقل. في ذلك العام، أرسلت جماعة الحوثي مقاتلين منضمين إلى مجموعات شبه عسكرية عراقية ولبنانية إلى سوريا لدعم نظام الأسد، الذي كان يواجه انتفاضة مسلحة في أعقاب الربيع العربي.

 

وقال معهد كارنيغي "في السنوات التي تلت ذلك، عقدت جماعة الحوثي العديد من الاجتماعات، العامة والخاصة، مع المسؤولين ورجال الدين العراقيين والإيرانيين، فضلا عن قادة مجموعات الحشد الشعبي. واليوم، تتمتع الجماعة، التي ورد أنها فتحت مكتبا سياسيا في بغداد، بعلاقات قوية مع كتائب حزب الله، وكتائب النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وعصائب أهل الحق، ومنظمة بدر، وألوية وعد الحق.

 

وحسب الدراسة فإن فصائل الحشد الشعبي تستضيف سراً مئات من أفراد الحوثيين العسكريين في قواعدها، حيث يشاركون في أنشطة تدريب مشتركة وتبادل الخبرات.1

 

"في جوهرها، تربط الفصائل الشيعية الموالية لإيران في اليمن والعراق عدة قواسم مشتركة: فهي تشترك في وجهات نظر عالمية معادية لأميركا وإسرائيل، وتسعى إلى الهيمنة على المشهد السياسي الداخلي، ولديها أجندة توسعية، وتؤطر أفعالها ضد القوات الأميركية في المنطقة باعتبارها مقاومة. ولعل الأهم من ذلك أنها تحظى بنفس الراعي: إيران. لذلك ليس من المستغرب أن يثبت الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، من خلال فيلق القدس، أنه كان فعالاً في تنظيم التعاون التقني والعملياتي بين أنصار الله ونظرائه الإقليميين. وتهدف طهران إلى تسهيل تبادل الخبرات"، وفق الدراسة.

 

وطبقا للدراسة "بالنسبة للحوثيين، يقدم العراق فوائد سياسية واقتصادية وعسكرية وجيوسياسية، خاصة وأن البلاد تشترك في حدود يبلغ طولها 811 كيلومترًا مع السعودية. في سبتمبر 2019، خلال فترة من الاحتكاك المتزايد بين الحوثيين والرياض، تم شن هجوم بطائرة بدون طيار على منشآت نفط أرامكو السعودية في بقيق وخريص. وعلى الرغم من أن الحوثي أعلن مسؤوليته، إلا أن تحقيقًا لاحقًا للأمم المتحدة وجد أن الهجوم لا يمكن أن يكون قد نشأ في اليمن؛ يبدو أنه جاء "من اتجاه الشمال / الشمال الغربي والشمال / الشمال الشرقي"، مما يعني العراق أو حتى إيران، مع احتمال أن يكون الجناة مجموعة أو أكثر من مجموعات الحشد الشعبي تعمل نيابة عن أنصار الله.

 

"كما يتيح وجود الحوثيين في العراق تهريب الأسلحة من الأراضي العراقية إلى اليمن عبر السعودية. بل إن الحشد الشعبي زود الحوثيين "بوقود عراقي مجاني ومدعوم بشدة، بما في ذلك الديزل والنفط"، والذي يشحنه إلى الحديدة من البصرة في انتهاك للحظر الدولي. وفق الدراسة.

 

 وذكرت أن غالبًا ما يتم ذلك من خلال الموانئ البحرية في الإمارات العربية المتحدة وعمان، مع عمليات نقل من سفينة إلى سفينة ووثائق مزورة تسهل العملية.

 

وقدر تقرير صادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة في اليمن في عام 2019 أن إيران نقلت نفطًا بقيمة 24.4 مليون دولار على الأقل شهريًا إلى الحوثيين. بالإضافة إلى ذلك، قبل إعادة فتح مطار صنعاء الدولي في عام 2022، كان الحوثيون ينقلون مقاتلين إلى العراق عبر عمان. ولكن الآن، تنقل الجماعة على الأقل بعض هؤلاء الأشخاص ــ الذين حصلوا على جوازات سفر مزورة من مطار صنعاء ــ إلى عمان في الأردن، وهو ما يجعل نقلهم اللاحق إلى العراق أسرع كثيراً.

 

العراق كقاعدة لجمع الأموال والتحويلات المالية للحوثيين

 

يشير المعهد إلى أن جماعة الحوثي أصبحت قادرة على استخدام العراق كقاعدة لجمع الأموال والتحويلات المالية. لافتا إلى أن المتحدث باسم كتائب حزب الله أبو علي العسكري، والأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، والمتحدث باسم تجمع شباب الشريعة أمير الموسوي نظموا مؤخرا أنشطة عامة لجمع الأموال نيابة عن جماعة الحوثي، وليس أقلها لدعم برنامج الطائرات بدون طيار.

 

وقال "على النقيض من تصويرها كأحداث مستقلة وطوعية، فإن أنشطة جمع الأموال هذه تشكل آليات منهجية لدعم جماعة الحوثي في تجنب التدقيق من جانب هيئات الرقابة التي تراقب غسل الأموال وتمويل الإرهاب.7 أما بالنسبة للتحويلات المالية، فإنها تتم غالباً من خلال شبكات الحوالة أو أساليب غير رسمية مماثلة ــ وهو ما يعقد عملية تحديد الهوية وتعقبها واعتراضها".

 

تفيد الدراسة أن هذه الديناميكيات مجتمعة مكنت الحوثي من تجاوز مكانتها الأولية كظاهرة يمنية محلية. وقد بلغ هذا التحول ذروته مع التدابير التي اتخذتها الجماعة ضد إسرائيل ردًا على هجومها المستمر على غزة، فضلاً عن إجراءاتها ضد الدول التي تتاجر مع الإسرائيليين.

 

وقالت "باختصار، أثبتت الجماعة أنها لاعب رئيسي عبر الحدود. ومع ذلك، فإن العام التالي سيغير الأمور بشكل كبير".

 

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن العراق ايران الحوثي الحشد الشعبي جماعة الحوثی الحشد الشعبی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

كيف ستناور بغداد؟.. العقوبات القصوى قد تشمل العراق: الحكومة والحشد تحت وطأة الضغوط الأمريكية

بغداد اليوم- بغداد

مع تصاعد سياسة "الضغط الأقصى" التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد النظام الإيراني، تبرز تساؤلات حول مدى شمول العراق بهذه العقوبات، لا سيما في ظل اتهامات أمريكية بوجود صلات وثيقة بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة المرتبطة بطهران.

تصريحات حديثة للمسؤول الأمريكي ديفيد شينكر، المستشار السابق لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، تكشف عن توجه جديد في سياسة إدارة ترامب قد يستهدف مؤسسة الحشد الشعبي، ضمن استراتيجية تهدف إلى إعادة ترتيب النفوذ الأمريكي في المنطقة، والضغط على بغداد لإعادة ضبط علاقاتها بين واشنطن وطهران.


استراتيجية ترامب: تقليص التورط العسكري مقابل الصفقات السياسية

أوضح ديفيد شينكر، خلال حديثه في مؤتمر أربيل الاقتصادي، تابعته "بغداد اليوم"، أن سياسة الرئيس الأمريكي الجديد تتمحور حول "الانتقالية"، أي تقليل التدخلات العسكرية المباشرة في الشرق الأوسط، والتركيز على العقوبات الاقتصادية والنفوذ السياسي.

وقال شينكر: "ترامب يحاول تقليل تورط القوات الأمريكية العسكرية في قضايا الشرق الأوسط، ويتجه نحو عقد الصفقات وتأمين مصالح الولايات المتحدة عبر النفوذ السياسي بدلاً من التدخل المباشر".

ويأتي هذا التوجه في إطار مراجعة واسعة لاستراتيجية واشنطن، حيث تشير التسريبات إلى أن الإدارة الأمريكية قد تتبنى المقترحات التركية بشأن سوريا، والتي تتضمن انسحاب القوات الأمريكية من هناك وتسليم إدارة المناطق الشمالية لأنقرة. كما تشمل الاستراتيجية إمكانية سحب القوات الأمريكية من العراق، ضمن خطة لإنهاء ما يسميه ترامب "الحروب الأبدية" في المنطقة.


الحشد الشعبي في دائرة الاستهداف الأمريكي

رجح شينكر أن تشمل العقوبات الأمريكية الجديدة الحكومة العراقية ومؤسسة الحشد الشعبي، مشيرًا إلى أن واشنطن تعتبر دعم بغداد لهذه الفصائل عقبة رئيسية أمام تنفيذ سياساتها في الشرق الأوسط.

وقال شينكر: "ترامب قد يشمل العراق بالعقوبات في سبيل الضغط على الحكومة العراقية لإيقاف تعاونها مع النظام الإيراني، ومنع توفير ملاذ آمن للفصائل المرتبطة بطهران، وخصوصًا قوات الحشد الشعبي."

كما أشار إلى أن الولايات المتحدة ترى في تمويل الحكومة العراقية للحشد الشعبي دليلًا على ضعف استقلالية القرار العراقي. وأضاف أن عدد الفصائل المسلحة داخل الحشد يتجاوز 70 فصيلًا، ويضم 338 ألف عنصر، "جزء كبير منهم موصومون بالإرهاب من قبل الإدارة الأمريكية".


أهداف العقوبات الأمريكية على العراق

وفقًا لشينكر، فإن العقوبات المحتملة على العراق تهدف إلى معالجة ملف الحشد الشعبي والحد من نفوذ طهران في بغداد، وذلك عبر، منع تهريب الدولار إلى إيران، الذي ترى واشنطن أنه يتم عبر المصارف العراقية، وتقويض الوجود الإيراني داخل العراق، من خلال تضييق الخناق على الفصائل المسلحة التي تتلقى دعمًا من طهران، مع الضغط على الحكومة العراقية لإعادة هيكلة الحشد الشعبي بما يتوافق مع الرؤية الأمريكية.

وأكد شينكر أن واشنطن ترفض استمرار الحشد الشعبي بشكله الحالي، معتبرًا أن دمجه في القوات النظامية أو تقليص نفوذه العسكري هو جزء من الشروط الأمريكية لاستمرار التعاون مع بغداد.


كردستان تحت الضغط: المساعدات الأمريكية مشروطة 

لم تقتصر التهديدات الأمريكية على الحكومة الاتحادية فقط، بل شملت أيضًا إقليم كردستان. حيث أشار شينكر إلى أن الدعم الأمريكي لحكومة الإقليم سيكون مشروطًا بتوحيد قوات البيشمركة تحت قيادة مركزية واحدة.

وقال شينكر: "انقسام قيادة البيشمركة الكردية بين الحزبين الرئيسين لم يعد أمرًا توافق عليه واشنطن، والدعم الأمريكي سيعتمد على مدى التزام كردستان بإعادة هيكلة قواتها."

هذا التصريح يعكس تغيرًا في موقف واشنطن تجاه إقليم كردستان، الذي كان يتمتع في السابق بدعم أمريكي غير مشروط، لكنه الآن يخضع لضغوطات مماثلة لما تتعرض له بغداد، في محاولة أمريكية لإعادة ترتيب موازين القوى داخل العراق.


العراق بين طهران وواشنطن

مع تزايد الضغط الأمريكي، يجد العراق نفسه في موقف معقد، حيث يواجه تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين علاقاته مع الولايات المتحدة وإيران. فمن جهة، تعتمد بغداد على الدعم الأمريكي في التسليح والتدريب والدعم الدبلوماسي، لكنها في المقابل تحتفظ بعلاقات استراتيجية مع طهران، التي تتمتع بنفوذ قوي داخل المؤسسات العراقية، لا سيما في ملف الحشد الشعبي.

وهذا التوازن الهش يضع الحكومة العراقية أمام خيارين أحلاهما مرّ:

1. الاستجابة للمطالب الأمريكية، مما قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع الفصائل المسلحة القريبة من إيران، وزيادة حدة الانقسام الداخلي.

2. رفض الضغوط الأمريكية، وهو ما قد يعرض العراق لعقوبات اقتصادية قاسية، تؤثر على استقراره المالي والسياسي.


هل تتجه واشنطن إلى فرض عقوبات على العراق؟

في ظل هذه التطورات، تبقى الأسئلة مفتوحة حول ما إذا كانت إدارة ترامب ستنفذ تهديداتها بفرض عقوبات على العراق، وإلى أي مدى يمكن لبغداد المناورة لتجنب هذا السيناريو؟

حاليا، العراق يواجه مفترق طرق استراتيجي، فإما أن ينجح في تحقيق توازن دبلوماسي يحميه من التصعيد، أو يجد نفسه في مواجهة ضغوط اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، قد تؤثر على استقراره الداخلي ومستقبله في المنطقة.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

مقالات مشابهة

  • خبير سياسي: أطراف دولية وإقليمية تسعى لتعزيز نفوذها في السودان
  • المالية النيابية: الشيعة مختلفون على قانون الحشد الشعبي
  • معهد بحوث وقاية النباتات يستضيف خبراء إيطاليين لتعزيز إدارة آفات النحل
  • معهد القطن يكشف تأثير هبوط الأسعار عالميًا على المساحات المزروعة
  • وزير الخارجية:واشنطن طلبت من العراق حل الحشد الشعبي والتهديد الإسرائيلي ضده ما زال قائماً
  • رشيد يدعو إلى أهمية الحفاظ على استقرار العراق
  • الجارديان توثق شهادات لحرس الحدود السعودي بقتل مئات المهاجرين الإثيوبيين واغتصاب نساء (ترجمة خاصة)
  • كيف ستناور بغداد؟.. العقوبات القصوى قد تشمل العراق: الحكومة والحشد تحت وطأة الضغوط الأمريكية
  • الإحصاء التركي يكشف نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.2 بالمئة.. تجاوز التوقعات