هل اقترب التطبيع بين لبنان وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
بينما كان أعضاء حزب الله وأنصاره محتشدين في ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت يوم الأحد لدفن زعيمهم حسن نصر الله، الذي قُتل في قصف لسلاح الجو الإسرائيلي في سبتمبر(أيلول)، تردد هدير بين الحشد.
لى الغرب أن يتصرف بشكل استراتيجي لدعم هذا التحول
اخترقت أربع طائرات مقاتلة إسرائيلية سماء الملعب في تحليق نقل رسالة واضحة تردد صداها في العالم.كانت الرسالة هي أن الطائرات هي المسؤولة عن مقتل نصر الله، وأن إسرائيل لن تتردد في ضرب قادة حزب الله الآخرين إذا اقتضت الضرورة، حسب ياكوف كاتز، باحث في معهد سياسة الشعب اليهودي.
وضمت المقاتلات طائرتان نفاثتان من الجيل الخامس من طراز إف-35، واسمهما بالعبرية "أدير"، الذي يعني "القوة"، أما الطائرتان الأخريان فمن طراز إف-15 بعيدة المدى، والمعروفتان بـ "ثاندر" أي رعد.
#Hezbollah daily says #Lebanon government is preparing for normalization with #Israel, and threatens with civil war if the state chooses peace.
No mincing of words here.
Hezbollah and Lebanon cannot exist. One must die for the other to live.https://t.co/IfJzHBoaE1
وكما ذكر الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق، كان العرض بمنزلة "رعد قوي" سُمع صداه في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
كان هذا التحليق الدرامي أكبر من مجرد لفتة رمزية. قبل اندلاع الحرب بـ16 شهراً، لم تكن إسرائيل لتحلق فوق تجمع لحزب الله للاستعراض. كان الظن الأول أن يؤدي احتمال شن ضربة انتقامية إلى صراع أوسع نطاقاً.
وفي هذا الإطار، أوضح ياكوف كاتز، في موقع مجلة "نيوزويك" الأمريكية، أن سبب قدرة إسرائيل على ذلك اليوم هو أن المنطقة تغيرت في أعقاب الحرب التي أُجبرت إسرائيل على خوضها بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقرار حزب الله اللاحق بالانضمام إلى المعركة.
تراجع حزب الله ووكلاء إيران
يشهد الشرق الأوسط الآن حالة وقف إطلاق نار هش بين إسرائيل وحزب الله، الذي من المفترض أن يبقى خارج جنوب لبنان. تم القضاء على قيادة حزب الله، وتعرضت بنيته التحتية في جنوب لبنان لتدمير واسع النطاق. وتحولت مراكز القيادة ومرافق تخزين الأسلحة، التي كانت تشكل العمود الفقري لقدراته العملياتية، إلى أنقاض.
وفي غزة، في حين ما تزال حماس في السلطة، فإنها ما تزال بلا شك ظلاً لما كانت عليه في السادس من أكتوبر (تشرين الأول). وفي سوريا، سقط نظام بشار الأسد، وأصبحت إيران ــ الممول الرئيس لحزب الله ــ في وضع ضعيف على نحو متزايد.
وأدى فقدان وكلاء حزب الله، إلى جانب القصف الإسرائيلي الذي دمر أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة، إلى جعل إيران أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى.
ويقدم هذا الوضع، خاصةً في لبنان، للغرب فرصة فريدة من نوعها. ويبدو أن القيادة الجديدة في بيروت ملتزمة ظاهرياً على الأقل بمواجهة حزب الله ومنعه من إعادة التسلح.
????????????️????????????️????????????️????????????️????????????️????????
A Unique Opportunity for Israel to Normalize Ties With Lebanon https://t.co/TQRvs4plAb
وأعرب الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام عن رغبتهما في تقليص النفوذ الإيراني على لبنان وتفكيك قوة حزب الله غير المتناسبة في هذا البلد الممزق.
على سبيل المثال، حظرت الحكومة الجديدة الرحلات الجوية من إيران إلى لبنان بعد أن هددت إسرائيل بإسقاط أي طائرات يشتبه في استخدامها لتهريب المواد المحظورة إلى البلاد.
في الوقت نفسه، يخضع الشعور العام في لبنان إلى نوع من التحول. فقد تزايدت الانتقادات الموجهة لحزب الله، وتشعر وسائل الإعلام اللبنانية التي كانت حذرة ذات يوم بالجرأة للتشكيك في الرواية التي طالما تبناها التنظيم بأنها حامية للشعب اللبناني.
وتضج وسائل التواصل الاجتماعي بدعوات لتفكيك حزب الله، بل إن بعض اللبنانيين يدعون إلى التطبيع مع إسرائيل، وهو الأمر الذي كان يبدو مستحيلاً قبل بضعة أشهر.
الدور الأمريكي في تطبيع لبنان
وتتمتع الولايات المتحدة وأوروبا بنفوذ كبير للمساعدة في تحقيق ذلك، لكنهما لا تستطيعان القيام بذلك بمفردهما؛ وسوف يتطلب أي تقدم شجاعة دبلوماسية في القدس وبيروت.
ويسعى عون إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، التي تقدم بالفعل دعماً كبيراً للقوات المسلحة اللبنانية من خلال المساعدات المالية وإمدادات الأسلحة وبرامج التدريب.
وبوصفه قائداً سابقاً للقوات المسلحة اللبنانية، يدرك عون أن تحسين قدرات القوات المسلحة اللبنانية وضمان قدرتها على مواجهة حزب الله بفعالية يتطلب المزيد من المعدات الحديثة والدعم الاستراتيجي. وهذا يمنح الإدارة الأمريكية نفوذاً في المفاوضات.
لكن على الجبهة الإسرائيلية، فإن التوتر المستمر في غزة وتهديد تجدد الصراع يجعل من الصعب تحقيق التقدم، حسب الكاتب. وكما تنتظر المملكة العربية السعودية انتهاء الحرب، لا يمكن أن يحدث الكثير مع لبنان قبل انتهاء القتال.
ورأى الكاتب أن الرئيس دونالد ترامب في وضع فريد يسمح له باغتنام هذه اللحظة. فهو يهدف إلى أن يُنظَر إليه باعتباره صانع صفقات وصانع سلام، ومع مرور الشرق الأوسط بواحدة من أكثر لحظاته تحولاً في تاريخه المتقلب، هناك الآن فرصة لبدء عصر جديد من التعاون والاستقرار الإقليمي.
على الشعب اللبناني أن يساعد نفسه
في نهاية المطاف، يقول الكاتب، يقع العبء الحقيقي للتغيير على عاتق الشعب اللبناني نفسه. ويقع على عاتقه مواصلة الضغط على حزب الله وأن يضمن عدم إعادة تسليح الجماعة.
لفترة طويلة، قدم حزب الله نفسه كمدافع عن الشعب اللبناني. وبعد سنوات من الخراب المالي والآن حرب أخرى، يدرك الشعب اللبناني زيف هذه الرواية. وهم وحدهم القادرون على تغيير مستقبلهم.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "يقف لبنان عند مفترق طرق. وإذا اغتنم قادته وشعبه هذه اللحظة، فسوف يتمكنون من تحرير أنفسهم من عقود من الحرب. ويتعين على الغرب أن يتصرف بشكل استراتيجي لدعم هذا التحول. ويتوفر الخيار والفرصة الآن".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله الشعب اللبنانی حزب الله
إقرأ أيضاً:
ما الذي تريده إسرائيل من سوريا الجديدة؟
تتسم المقاربة الإسرائيلية تجاه سوريا الجديدة بنهج عدائي شديد الوضوح، فقد نظرت القيادة الإسرائيلية إلى التحولات الجيوسياسية الناشئة كتهديد للأمن القومي الإسرائيلي، حيث شرعت منذ اللحظات الأولى لسقوط نظام الأسد بشن سلسلة من الاعتداءات والغارات الجوية وقامت بتوغلات برية أسفرت عن ضم واحتلال مزيد من الأراضي السورية. وقد أعلنت إسرائيل دون لبس أو مواربة عن عدائها للقيادة السورية الجديدة، وكشفت عن رغبتها وعزمها على إبقاء سوريا دولة هشة وضعيفة ومفككة ودون وجود سلطة مركزية قوية. وعبّرت إسرائيل بجلاء عن قلقها وخوفها من تنامي النفوذ التركي المتصاعد، وأكدت على خوفها وخشيتها من عودة وإحياء الإسلام السياسي السني الذي بات يسيطر على دمشق، وأثره وتداعياته على أمن الكيان الإسرائيلي وخطورته على أمن المنطقة.
شكّل سقوط نظام آل الأسد الوحشي الطائفي في سوريا بعد عملية "ردع العدوان"، على يد فصائل المعارضة المسلحة بقيادة "هيئة تحرير الشام" في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، مفاجأة غير سارة للكيان الإسرائيلي، لكنه كان خبرا سعيدا لتركيا، ففي الوقت الذي تريد تركيا أن تكون سوريا الجديدة دولة ناجحة، ترغب إسرائيل بوجود دولة سورية جديدة فاشلة، ولذلك سارعت إسرائيل بالتزامن مع سقوط نظام الأسد، بشن سلسلة من الهجمات، ولم تكتف تل أبيب بالدخول إلى المنطقة العازلة، بل سيطرت على مرصد وقمة جبل الشيخ الاستراتيجية، وشنت أكثر من 300 غارة جوية أدت إلى تدمير البنية التحتية العسكرية التي تركها النظام السوري ومستودعات السلاح والصواريخ الإستراتيجية ومراكز البحث العلمي والتصنيع العسكري.
انهيار "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في سوريا، وانكفاء نفوذه الإقليمي وتراجع مشروعه الطموح الذي كان يمتد من إيران والعراق عبر سوريا إلى لبنان حزب الله، مثّل نعمة أمنية آنية بالنسبة لإسرائيل، فسرعان ما شعرت إسرائيل بالقلق من أن المحور الإسلامي السُنّي الجديد بقيادة تركيا قد يصبح خطيرا بنفس القدر، وربما يتفوق على الخطر الإيراني مع مرور الوقت
ورغم أن تركيا وإسرائيل استفادتا بشكل كبير من تفكك المحور الذي تقوده إيران، وخاصة في سوريا، لكن تركيا كانت الرابح الأكبر، بينما تضاربت المشاعر الإسرائيلية وأفضت إلى نشوة مؤقتة أعقبها قلق دائم، فالعداء بين إسرائيل وتركيا لا يقارن بالصراع الطويل والدموي بين إسرائيل وإيران ووكلائها، والتحديات التي تواجه العلاقات التركية الإسرائيلية في الشرق الأوسط بعد الأسد تشير إلى تشكل منعطف حاسم في الجغرافيا السياسية الإقليمية، الأمر الذي يغير بصورة جذرية الديناميكيات التي طبعت العلاقات التاريخية بين تركيا وإسرائيل، والتي تأرجحت بين نسق من التحالفات البراغماتية والانقسامات الأيديولوجية، وقد أدى زوال عدوهما المشترك في سوريا إلى تحول في توازن القوى الإقليمي، وهو ما خلق تحديات جديدة وأخل بمرونة علاقاتهما الهشة.
إن انهيار "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في سوريا، وانكفاء نفوذه الإقليمي وتراجع مشروعه الطموح الذي كان يمتد من إيران والعراق عبر سوريا إلى لبنان حزب الله، مثّل نعمة أمنية آنية بالنسبة لإسرائيل، فسرعان ما شعرت إسرائيل بالقلق من أن المحور الإسلامي السُنّي الجديد بقيادة تركيا قد يصبح خطيرا بنفس القدر، وربما يتفوق على الخطر الإيراني مع مرور الوقت، فالدعم التركي العلني الذي يقدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأعداء إسرائيل وفي مقدمتهم حركة حماس، قد يتطور إلى آفاق بعيدة.
وبحسب تقرير لجنة "جاكوب ناجل" بشأن ميزانية الدفاع الإسرائيلية، الذي نُشر في السادس من كانون الثاني/ يناير 2025، فإن طموحات تركيا إلى "إعادة التاج العثماني إلى مجده السابق" تشكل تحديا أمنيا ملحا، وقد أوصت اللجنة في تقريرها إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالاستعداد لحرب محتملة مع تركيا، في ضوء مخاوف متزايدة لدى تل أبيب من تحالف أنقرة مع الإدارة الجديدة في دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد. ونبهت اللجنة في تقريرها إلى خطر التحالف السوري التركي، الذي ربما "يخلق تهديدا جديدا وكبيرا لأمن إسرائيل"، وقد يتطور إلى شيء "أكثر خطورة من التهديد الإيراني"، وفقا للجنة التي تم تشكيلها عام 2023، قبل بدء الحرب على غزة، لتقديم توصيات لوزارة الدفاع الإسرائيلية بشأن مواطن الصراع المحتملة التي تواجهها إسرائيل في السنوات المقبلة، ويترأس اللجنة يعقوب ناجل، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي.
إن التهديد الذي تشكله تركيا لإسرائيل يشكل تحديا جديا كبيرا لأمن إسرائيل في ضوء التحولات الجيوسياسية الدولية والإقليمية، وهو تحد بالغ الخطورة بالنسبة لإسرائيل، إذ يعد الجيش التركي أحد أكبر الجيوش وأكثرها قوة في الشرق الأوسط، ويتألف الجيش التركي من 425 ألف جندي نشط و380 ألف جندي احتياطي. ووفقا لمصادر أمنية، فإن النفوذ المتزايد لتركيا في سوريا كقوة مهيمنة يستلزم دراسة جدية لقدراتها العسكرية، وتشكل المليشيات العسكرية الموالية لتركيا في سوريا، مثل "الجيش الوطني السوري"، تهديدا محتملا لإسرائيل، وخاصة على طول الحدود السورية الإسرائيلية. ويمكن للرئيس أردوغان أيضا الاستفادة من مجموعات مثل هيئة تحرير الشام بقيادة الرئيس الحالي أحمد الشرع ضد إسرائيل.
وقد أعلن الجولاني، في السابق ذات مرة أنه "بعون الله، لن نصل إلى دمشق فحسب؛ بل إن القدس تنتظرنا". وكان أردوغان قد أصدر تهديدات مباشرة لإسرائيل، ففي 28 تموز/ يوليو 2024، صرح في مؤتمر لحزب العدالة والتنمية بالقول: "كما دخلنا قره باغ وليبيا، سنفعل الشيء نفسه مع إسرائيل".
إن السيناريو الإسرائيلي المفضل في سوريا هو التفتيت والتقسيم وخلق كيانات هشة ضعيفة على أسس عرقية ومذهبية، وهي الطريقة الوحيدة التي تجعل من إسرائيل دولة طبيعية في المنطقة من خلال كيانها اليهودي العنصري. ففي سوريا تتحقق رؤيتها من خلال تأسيس دويلات هشة وضعيفة على أسس عرقية إثنية ومذهبية دينية، وهي ذات الرؤية الاستعمارية التقليدية، فأُمنية "إسرائيل" هي رؤية سوريا مقسمة إلى بضعة جيوب؛ الأكراد في الشمال الشرقي، والدروز في الجنوب، والعلويون في الغرب.
وكانت وكالة رويترز كشفت نقلا عن أربعة مصادر مطلعة أن إسرائيل تسعى للضغط على الولايات المتحدة من أجل بقاء سوريا ضعيفة ومفككة ودون سلطة مركزية قوية، بما في ذلك السماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها العسكرية لمواجهة ما سمته النفوذ التركي المتزايد في البلاد. وأضافت المصادر أن إسرائيل أبلغت واشنطن أن من سمتهم الحكام الإسلاميين الجدد في سوريا، المدعومين من أنقرة، يشكلون تهديدا لحدودها. ووفقا لرويترز، فقد ذكرت ثلاثة مصادر أميركية أن إسرائيل تشعر بقلق بالغ إزاء الدور الذي تلعبه تركيا كحليف للإدارة السورية الجديدة.
في هذا السياق أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 شباط/ فبراير الماضي تحذيرا أشبه بإعلان حرب للإدارة الجديدة في دمشق، إذ قال: "لن نسمح لقوات النظام السوري الجديد بالانتشار جنوب دمشق"، وطالب بإخلاء جنوبي سوريا من هذه القوات بشكل كامل، وأكد نتنياهو على أن إسرائيل "لن تتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية" في المنطقة. وتزامنت هذه التصريحات مع سلسلة هجمات واستهدافات عسكرية شنتها إسرائيل في ريف دمشق وجنوبي سوريا، ولاحقا شنت إسرائيل سلسلة هجمات في 25 شباط/ فبراير الماضي على مواقع عسكرية في ريف دمشق ودرعا والقنيطرة، كما توغلت برا في بلدات وقرى على الحدود الإدارية بين المحافظتين.
وقال وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان إن الهجمات "جزء من السياسة الجديدة التي حددناها لإخلاء جنوب سوريا من السلاح، والرسالة واضحة: لن نسمح لجنوب سوريا أن يصبح جنوب لبنان".
وعقب حالة التوتر في الأول من آذار/ مارس 2025، جراء اشتباكات بين عناصر أمن تابعين للسلطة السورية الجديدة ومسلحين محليين دروز في ضاحية جرمانا قرب دمشق، أسفرت عن مقتل شخص وإصابة تسعة آخرين بجروح، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس تعليمات للقوات الإسرائيلية "بالاستعداد للدفاع" عن مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية، وقال بيان صادر عن مكتب كاتس إن المدينة "تتعرض حاليا لهجوم من قبل قوات النظام السوري"، وقال كاتس: "لن نسمح للنظام الإسلامي المتطرف في سوريا بإيذاء الدروز. إذا آذى النظام الدروز، فسوف نضربه". وأضاف: "نحن ملتزمون تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل ببذل كل ما في وسعنا لمنع إيذاء إخوانهم الدروز في سوريا، وسنتخذ كل الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامتهم".
تستند إسرائيل في سياساتها العدوانية في سوريا إلى دعم أمريكي عسكري وسياسي مطلق، فما تقرره القيادة الإسرائيلية كضرورة للحفاظ على أمنها القومي تصادق عليه الإدارة الأمريكية، وتعتبر واشنطن ممارسات إسرائيل العدوانية بداهة استراتيجية من باب حق الدفاع عن النفس، فالمستعمرة الاستيطانية الصهيونية حجر الزاوية الأساس في مشروع الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط، والاشتراطات الأمريكية على القيادة السورية الجديدة هو الالتزام بأمن إسرائيل ومحاربة أي مجموعة أو كيانات تناهض إسرائيل، وهو ما عبرت عنه واشنطن بوضوح، فعندما التقى القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، بوفد دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى في دمشق في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2024، كانت مسألة الحفاظ على أمن إسرائيل ومحاربة الجماعات التي تهدد أمن المستعمرة والتي تختزل بتسميتها بالإرهابية هي جوهر البحث والمداولة. فقد قالت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف عقب اللقاء:سوريا الجديدة سوف تبقى تحت وطأة التصورات التي تحددها المستعمرة الصهيونية، والتي تصادق عليها الولايات المتحدة دون قيود، وتتجلى الرؤية الإسرائيلية بوجود دولة سورية هشة وضعيفة ومفككة ودون وجود سلطة مركزية قوية، وتستند إلى مقاربة استعمارية تقليدية تقوم على مبدأ "فرق تسد" من خلال التلاعب بالمكونات الإثنية العرقية والدينية الطائفية. فوجود كيان حكم سني يشكل كارثة وخطرا ينذر بولادة تحالف سني أكبر إن أبو محمد الجولاني التزم خلال الاجتماع في دمشق بعدم السماح للجماعات الإرهابية بالعمل في سوريا وتهديد الولايات المتحدة والدول المجاورة (إسرائيل)، فالولايات المتحدة على مدى عقود، ترتكز في مقاربتها للمنطقة على ضرورة مكافحة الإرهاب (الإسلامي) وضمان أمن إسرائيل (الصهيوني).
خلاصة القول أن سوريا الجديدة سوف تبقى تحت وطأة التصورات التي تحددها المستعمرة الصهيونية، والتي تصادق عليها الولايات المتحدة دون قيود، وتتجلى الرؤية الإسرائيلية بوجود دولة سورية هشة وضعيفة ومفككة ودون وجود سلطة مركزية قوية، وتستند إلى مقاربة استعمارية تقليدية تقوم على مبدأ "فرق تسد" من خلال التلاعب بالمكونات الإثنية العرقية والدينية الطائفية. فوجود كيان حكم سني يشكل كارثة وخطرا ينذر بولادة تحالف سني أكبر يؤدي إلى تنامي النفوذ التركي المتصاعد، ويشير إلى عودة وإحياء الإسلام السياسي السني، الذي تخشى الولايات المتحدة من تداعيات انتشاره على أمن الكيان الإسرائيلي وخطورته على أمن المنطقة.
ولذلك لن تفلح تطمينات النظام الجديد في سوريا، وسوف يبقى تحت وطأة التصنيفات الأدائية السياسية للإرهاب، وسوف تبقى الإدارة الأمريكية مخلصة في تأمين وجود ومصالح الاستعمار الصهيوني في المنطقة، وتلبية المتطلبات الإسرائيلية الأمنية والسياسية. ومهما قولبت "هيئة تحرير الشام" من أيديولوجيتها وبعثت برسائل تطمينية للعالم ودول المنطقة، لن تحصل على الرضى والقبول الأمريكي الإسرائيلي، وسوف تبقى تحت وطأة الضغوطات والتخريب بذريعة "الإرهاب"، ولن ترضى الإدارة الأمريكية والإسرائيلية عن الحكم الجديد دون شرط الخضوع التام، ولذلك فإن أولوية سوريا الجديدة هي تعزيز روابط التحالف مع تركيا، والعمل بجد على تأسيس جيش موحد قوي، وإخضاع كافة النزعات الانفصالية. فالرد على الكيان الاستعماري الإسرائيلي يجب أن يكون داخليا أولا باتخاذ قرارات وإجراءات قانونية وعسكرية وسياسية حاسمة تجاه المكونات الانفصالية؛ بدءا بقوات سوريا الديمقراطية ثم الانعطاف إلى بقية الكيانات الموازية.
x.com/hasanabuhanya