مع مرور عام على توقيع مصر عقد صفقة "رأس الحكمة" بالساحل الشمالي الغربي للبلد العربي الأفريقي، مع الإمارات، بقيمة 35 مليار دولار، استعاد مصريون بعض الأحاديث الحكومية عن أهمية تلك الصفقة في إنعاش الاقتصاد الوطني باستثمارات تصل إلى 150 مليار دولار بما يعود على 107 ملايين مصري بالرخاء والتنمية وزيادة الدخل وتراجع التضخم وزيادة فرص العمل.



الصفقة المعلنة في 23 شباط/ فبراير 2024، ورغم ما شابها من غموض وطالها من انتقادات وأثارت مخاوف المصريين من التفريط في أراض جديدة على طريقة التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" بالبحر الأحمر، للسعودية عام 2016، وببقعة سحرية على ساحل البحر المتوسط، اندفع الإعلام الحكومي في تبيان فوائد الصفقة مع وعود للمصريين بالسمن والعسل، وفق قول البعض.

حين توقيع الصفقة، مع شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ)، قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إنها "أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ البلاد"، وأنها "ستدر على مصر 150 مليار دولار استثمارات"،  وأنها "تسقطب 8 ملايين سائح إضافي".


المشروع يقام على مساحة 40 ألفا و600 فدان (170 مليون متر مربع) لإنشاء أحياء سكنية، وفنادق عالمية، ومنتجعات سياحية، ومشروعات ترفيهية، وخدمات عمرانية، وحي مركزي للمال والأعمال ومرافئ دولية لليخوت والسفن السياحية.

"دعاية الصفقة"
وصفه نواب البرلمان حينها بأنه "صفقة تاريخية"، و"انطلاقة غير مسبوقة للاستثمار الأجنبي"، وقالوا: "حان وقت جني الثمار، بعد أن تغلبنا على الصعاب وقهرنا التحديات بحكمة الرئيس"، فيما وعدوا بأن "يكون الشعب صاحب النجاح وجني الثمار".

واعتبروه "خطوة نحو مستقبل مستدام للأجيال"، و"يضمن تدفق دولاري يحل أزمة شح العملة الصعبة، ويسد الفجوة الدولارية"، و"يوفر ملايين من فرص العمل"،  و"يساهم في استيعاب حاجة المجتمع"، ويمثل "تهدئة لعواصف ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار".

وفي 28 شباط/ فبراير 2024، وبعد 5 أيام من الإعلان عن الصفقة أطلق رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، لفظ "هبرة" على الصفقة، مطالبا رئيس الوزراء باقتطاع 10 مليارات جنيه منها لصندوق خاص، ما دفع للتشكيك في فائدة الصفقة.

"مصر قبل وبعد الصفقة"
وسبق اتفاق رأس الحكمة وضع اقتصادي ومالي مصري متدهور، وتراجع رصيد البلاد من النقد الأجنبي، وانخفاض هو الأكبر بقيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، حيث وصل سعره بالسوق السوداء إلى 72 جنيها مقابل الدولار، في رقم تاريخي وغير مسبوق.

كما سبق الصفقة بـ4 شهور اندلاع العدوان على غزة 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما تبعه تأزم بحركة التجارة بالبحر الأحمر، وخسارة البلاد حوالي 6 مليارات دولار من دخل قناة السويس، فيما لم يكن لصفقة رأس الحكمة دور في إنعاش الموازنة العامة للبلاد إثر تلك الخسائر، بحسب تأكيد خبراء.

ولذا يرى مراقبون وخبراء أن الوعود لم تتحقق، وما زال المصريون يعانون من الفقر، والغلاء، وزيادة معدلات التضخم، وتأزم وضع الجنيه، وتعاظم خدمة الدين الخارجي، والاستمرار في الاقتراض من المؤسسات الدولية، وإعلان الحكومة بيع المزيد من الأصول العامة والشركات الحكومية والأراضي المصرية.

وفي الوقت الذي قيل فيه إن الصفقة تسهم في تعزيز السيولة الدولارية بالبلاد وتخفف من أزمتها الاقتصادية، شهدت البلاد أزمة تخفيف أحمال الكهرباء وقطع التيار جميع أنحاء البلاد. وذلك في أزمة أغضبت المصريين، وتفجرت إثر تراجع إمدادات الغاز "الإسرائيلي" لمصر، وتراجع الإنتاج المحلي منه، وعجز البلاد عن توفير العملة الصعبة لاستيراد شحنات الغاز المطلوبة لمحطات الكهرباء.

ولفت البعض إلى أن الصفقة لم تغن حكومة القاهرة عن اتخاذ عدة قرارات اقتصادية مثيرة للجدل بينها رفع سعر الفائدة، وتحرير سعر صرف الجنيه للمرة الرابعة منذ العام 2016، والثالثة خلال 3 سنوات.

ولم يتمكن الجنيه المصري من التعافي أو استعادة بعض قيمه المفقودة بل انخفضت قيمته من نحو 31 جنيه أثناء الإعلان عن الصفقة ليسجل بعد شهر واحد وفي 6 آذار/ مارس 2024، انخفاضا قياسيا وصل بقيمته إلى نحو 51 جنيها.

ومع الإعلان عن الصفقة وحصول مصر على 24 مليار منها خلال شهرين فقط، والحديث عن استثمارات تصل إلى150 مليار دولار، واصلت القاهرة الاقتراض الخارجي.

وبعد شهر واحد من الإعلان عن الصفقة رفع صندوق النقد الدولي تمويله المقرر للقاهرة من 3 إلى 8 مليارات دولار يجري صرفها على 6 شرائح تنتهي في خريف 2026، لتصبح القاهرة ثاني أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين.

واعترف وزير المالية المصري أحمد كوجك، في كانون الثاني/ يناير الماضي، باستخدام جزء من صفقة "رأس الحكمة" لسداد الدين الخارجي وتراجع قيمته 3 مليارات دولار إلى 155.3 مليار دولار بنهاية أيلول/ سبتمبر الماضي.



"رفع أسعار وتضخم وبيع أصول"
ورغم الحديث الحكومي عن فوائد الصفقة للمصريين، إلى أنها قامت برفع أسعار أغلب السلع الأساسية والاستراتيجية كالوقود والكهرباء وتعريفة المياه والنقل والاتصالات والأدوية مرات عدة، ورفع سعر الخبز المدعم من 5 إلى 20 قرشا.

وبعد توقيع الصفقة، رفعت مصر أسعار الوقود 3 مرات: في آذار/ مارس، وتموز/ يوليو، وتشرين الأول/ أكتوبر، بإجمالي زيادة بأسعار البنزين بين 33-38 بالمئة، والسولار بنسبة 63 بالمئة.

ورفعت هيئة الدواء المصرية سعر 400 دواء من آيار/ مايو وحتى تموز/ يوليو، و600 مستحضر من أيلول/ سبتمبر حتى نهاية العام الماضي، مع احتمال زيادة نحو 1000 صنف العام الجاري بحسب رئيس شعبة الأدوية علي عوف.

صفقة رأس الحكمة، لم تمنع القاهرة أيضا، من اللجوء إلى خيار بيع الأصول العامة، كما يؤكد مراقبون.

والأسبوع الماضي، أعلن وزير الاستثمار حسن الخطيب، دراسة نقل إدارة جميع شركات الدولة لصندوق مصر السيادي لإعادة هيكلتها، وجذب القطاع الخاص، وطرحها للاكتتاب العام بالبورصة المصرية.

"لم تكن من أجل المواطن"
وفي إجابته على السؤال: ماذا تحقق للمصريين من صفقة رأس الحكمة؟ وأين الوعود الحكومية؟ قال الباحث الاقتصادي المصري محمد نصر الحويطي لـ"عربي21": "يجب في البداية التأكيد على أن صفقة رأس الحكمة لم تكن لأجل المواطن في المقام الأول".

وأضاف: "صفقة رأس الحكمة كانت لأجل وقف نزيف سعر الجنيه أمام الدولار وتوفير حصيلة دولارية لسداد أقساط الديون الخارجية، ومبادلة ودائع إماراتية بالدولار تآكلت منذ أعوام".

وأكد أنه "في الحقيقة منذ صفقة رأس الحكمة ومعدلات التضخم معتدلة، لا توجد زيادات أو طفرات في قياسات حجم التضخم تتابعا، كذلك هناك أريحية نسبية في التعامل مع أقساط الديون".

والأهم من وجهة نظر الحويطي، هو "القضاء على السوق الموازي للدولار (السوق السوداء)، فبعيد صفقة رأس الحكمة تلاشت السوق الموازية للدولار تدريجيا، وأصبح سعر الدولار واحد".

وحول عودة الدولة للاقتراض مجددا ولبيع الأصول، وأنه رغم مليارات الصفقة تفجرت أزمة نقص الغاز وتخفيف الأحمال وتم رفع سعر الوقود 3 مرات، عاد ليؤكد أن "صفقة رأس الحكمة في المقام الأول ليست لخدمة المواطن".

وأشار إلى أن "الاقتراض الخارجي موجود وسيظل موجودا، وفي حد ذاته يؤكد على الجدارة الائتمانية، ما يعني إن لم تكن لديك القدرة على السداد فلن يقبل أحد إقراضك".

وبين أن "صفقة رأس الحكمة أوقفت نزيف الجنيه أمام الدولار وعطلت التضخم (بالأرقام)، وخفضت قليلا من الديون الخارجية (بالأرقام)، وأوجدت جدارة ائتمانية".

"لإنقاذ النظام لا دعم الشعب"
وقال الخبير الاقتصادي المصري الدكتور مصطفى يوسف، لـ"عربي21": "رأس الحكمة كانت صفقة إنقاذ لنظام دوره معروف كنظام وظيفي نشأ بتخطيط مسبق من ولي عهد الإمارات وحاكمها الحالي محمد بن زايد".



الباحث في الاقتصاد السياسي والتنمية والعلاقات الدولية، أوضح أن "هذا النظام أُتي به لتحطيم الربيع العربي، وإلغاء فكرة سيادة الشعوب، وتحقيق أمن إسرائيل، وكان وجود نظام ديمقراطي وبنكهة إسلامية مشكلة مضاعفة لهم خاصة مع فكرة الديمقراطية التشاركية وأن يكون للشعوب قرار، ما يهدد ليس فقط حكام الإمارات والممالك والأسر الخليجية، بل أعضاء المجلس العسكري في مصر والجنرالات".

وأشار إلى أنه في المقابل "جاء نظام من إنتاج بن زايد والإمارات ورئيس الديوان الملكي السعودي السابق خالد التويجري، يحمي إسرائيل وحكامها يرضوا عنه، ويتحرك بشكل جيد أمام اللوبيات وأروقة صناعة القرار في أمريكا".

وتابع: "لكنه سقط في فشل اقتصادي مريع نتيجة فساد غير مسبوق، يفوق فساد عهد حسني مبارك، وكل ما قيل عن رجال أعمال جمال مبارك، وحتى يفوق اعتراف زكريا عزمي الشهير أمام مجلس الشعب بأن (الفساد في المحليات للركب)، فالفساد الآن وصل للأعناق، وعما قريب سيغطي الأعناق ويُغرقها".

ومضى يؤكد أن "لحظة الحقيقة جاءت، بعدما وصل سعر الدولار في السوق الموازي حوالي 72 جنيها، وبدأ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبعض المنظمات التنموية يقولون إن هذا الوضع آخر هذا النظام ولابد أن ينتهي الفساد وتتوقف المشروعات غير ذات الجدوى".

واستدرك بالقول: "لكن بعد الدور الرهيب الذي قام به النظام المصري مع الإماراتي في دعم الكيان المحتل في إمداده بالخضار والفاكهة والجسور والمراكب والإمدادات اللوجستية، وفي المقابل غلق كل الطرق أمام قطاع غزة فلا طعام ولا دواء ولا سلاح، كانت النتيجة محاولة إنقاذ".

ولفت إلى أنه هنا "جاء قرار بيع رأس الحكمة، ولأن الإعلام المصري غير محترف وغير منضبط وأقرب إلى عمل المرتزقة كانت دعاياتهم عن وضع جديد للبلاد مع دخول 35 مليار دولار، للدولة؛ ولكن لم يحدث لا تطوير ولا غير ذلك، والنتيجة بيع أراض مميزة جدا، كما بيعت (تيران وصنافير) للسعودية، فأبوظبي والرياض يشترون مصر قطعة قطعة في مزاد علني مثل وضع روسيا أثناء حكم الرئيس الأسبق بوريس يلتسن (1991- 1999)".

وخلص للقول إن "هذا نظام يبيع كل شيء، ولن أندهش لو باع قناة السويس أو آثار مصر أو حق انتفاع الأهرامات، لأنه نظام لا يهمه أن تتقزم مصر وتصغر جغرافيا وسياسيا، في مقابل أن تحيا حفنة جنرالات ومجموعة من شيوخ بالخليج، والتعاون مع إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية، وتدمير مستقبل وأعمار وحياة وآمال وطموحات مئات الملايين من شباب العرب".

وأكد أنه "لم يتم عمل أي شيء بمبلغ 35 مليار دولار، فقد دفعت بعض التزامات وفوائد وخدمة الدين، وجزء دخل الثقب الأسود الخاص بالفساد".

ويرى أنه "ليس هناك أي حل هيكلي، فالحل الهيكلي يتطلب إيقاف حنفية الفساد، ورفع يد الدولة عن الاقتصاد، لأن الدولة والجيش بعهد حسني مبارك كانا يمثلان فقط نحو 20 بالمئة، لكن الآن يؤكد الباحث في كارنيغي يزيد صايغ، أن المؤسسة العسكرية وما يتبعها يمثلون نحو 78 بالمئة من اقتصاد البلاد".

وختم بالقول: "وعليه فإن البلد تتدمر، والقطاع الخاص يتقلص ويتقزم بشدة، والبطالة تزيد، والتضخم يرتفع، والعملة تنهار، وتعتمد على الاستيراد، بل تستورد التضخم القادم لك من كل مكان في العالم، ولديك استدانة خارجية، ومشاريع بلا جدوى، وتشتري طائرات رئاسية وتبني قصورا لا فائدة منها".

"السؤال الحرام"
وقال أستاذ الإعلام السياسي الدكتور ناصر فرغل: "بعد مرور عام على صفقة بيع رأس الحكمة يصبح لزاما علينا طرح السؤال الحرام".

وتساءل: "ماذا تغير في حياة المصريين؟ وهل تحققت الوعود التي رددها على مسامعنا كثير من الأبواق السياسية والإعلامية واللجان العنكبوتية وغيرهم، ممن وجهوا اتهامات لأصحاب الرأي الآخر، أقلها الخيانة والعمالة والانضمام إلى جماعات محظورة".

وأضاف: "لقد وعدوا الناس بالمن والسلوى، وأدخلوا على القاموس كلمات جديدة مثل الهبرة، تعبيرا عن المال الوفير الذي سرعان ما تبخر وآلت الأحوال إلى الأسوأ، فالجنيه واصل انخفاضه أمام العملات الأجنبية رغم أن الثمن وصل إلى 35 مليار دولار".



وتابع: "واصل التضخم ارتفاعه وزاد عن 24 بالمئة، حسب التقارير الأجنبية، وتواصلت رحلة الاستدانة من البنوك ومؤسسات التمويل شرقا وغربا؛ وارتفعت معدلات البطالة واختفت الأدوية، وتراجع مستوى التعليم، وأصيبت الأسواق بشلل شبه تام، واختفت الطبقة الوسطى المعنية بالتقدم وحماية القيم الاجتماعية".

وخلص للقول: "تبخرت الدولارات، وضاعت قطعة غالية من تراب الوطن، وللأسف بدأت الأبواق الكريهة تردد ذات الاسطوانة المشروخة تمهيدا لبيع منطقة وسط القاهرة التاريخية التي تُماثل العمارة الباريسية، لتحل مكانها مبان قبيحة الشكل والمضمون لمصلحة النخاسين الجدد".

وختم: "بينما تسعى الدول المحورية التي تلعب أدوارا إقليمية ودولية مؤثرة وحتى بعض الدويلات على التوسع خارج حدودها؛ فإننا نسير عكس الاتجاه سواء بالبيع أو التنازل تحت عناوين زائفة كالاستثمار".


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مصر الاقتصاد مصر اقتصاد راس الحكمة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإعلان عن الصفقة صفقة رأس الحکمة ملیار دولار إلى أن

إقرأ أيضاً:

التضخم يلتهم موائد رمضان في الدول العربية وسط أزمات الاقتصادية

عواصم عربية – بدأ شهر رمضان المبارك وسط حالة اقتصادية لا توصف بأنها الأفضل بطبيعة حال المنطقة العربية فثمة أزمات أمنية وتغيرات سياسية أتبعتها أزمات اقتصادية في عدد من البلدان كما أن التضخم هو الضيف الأثقل على موائد الصائمين هذا العام.

في هذا التقرير تستعرض الجزيرة نت حال المائدة الرمضانية في المنطقة العربية وكيف صارت كلفة موائد إفطار الصائمين في عدة بلدان عربية وفق معدلات التضخم والأصناف الشائعة عليها من الطعام.

مصر

تلقي الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر خلال السنوات الأخيرة بظلالها على موائد إفطار المصريين خلال شهر رمضان، وتشهد أسواقها استمرار ارتفاع أسعار السلع مع تراجع معدلات الشراء من قبل المستهلكين.

وتباطأ التضخم السنوي (معدل ارتفاع الأسعار) في مصر قليلًا إلى 23.2% في يناير/ كانون الثاني الماضي مقابل 23.4% لديسمبر/ كانون الأول عام 2024.

ورغم ما تظهره المؤشرات الرسمية من تراجع معدلات التضخم، تعلو أصوات المعاناة داخل الأسواق من كلا الطرفين؛ البائع والمشتري.

يقول فايز محمد، بائع لحوم حمراء لمراسلة الجزيرة نت إن نسبة المبيعات بمتجره تراجعت بشكل كبير مقارنة بسنوات فائتة، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم.

تدبير الإنفاق حل الأسر المصرية خلال رمضان (الجزيرة)

ويتراوح سعر كيلو غرام اللحم بين 420 إلى 500 جنيه (8.30 دولار إلى 9.88 دولار) ، بزيادة أكثر من 50% مقارنة بعام 2022.

إعلان

ويضيف البائع أن كثير من زبائنه لجأوا إلى تقليل الكميات التي اعتادوا على شرائها استعدادا لشهر رمضان، وبالتالي تراجعت مبيعاته.

وتقول لبنى السيد، وهي زوجة وأم لثلاثة أبناء، إنها ومنذ رمضان قبل الماضي تلجأ لكثير من الحيل لتقليل الإنفاق على الطعام خلال شهر الصوم، موضحة أن مائدة إفطار أسرتها تخلت بشكل كبير عن أنواع البروتين المختلفة، واختصرت الياميش في التمر والزبيب فقط.

وتضيف السيدة لمراسل الجزيرة نت دعاء عبد اللطيف، إن أزمتها في تدبير النفقات، قائلة: "راتب زوجي الشهري لا يتجاوز 7 آلاف جنيه (138.26 دولار)، ما يجعل بند الإنفاق على الطعام يزيد قليلا عن 3 آلاف جنيه (59.25 دولار) أي ما يعادل 7 كيلوغرام من اللحم فقط".

وبسؤال تجار وأرباب أسر، وبالنظر إلى ما أعلنته الجمعيات الخيرية عن تكلفة إفطار الصائم، فإن متوسط إنفاق الفرد الواحد على إفطار متكامل العناصر الغذائية من بروتين وخضار وياميش وحلوى وعصائر، يتراوح بين 90 إلى 130 جنيها (1.78 دولار إلى 2.57 دولار) يوميا، ذلك يعني أن متوسط تكلفة الإنفاق للفرد خلال شهر رمضان تتراوح بين 2700 إلى 3900 جنيه (53.33 دولار إلى 77.03 دولار)، بينما تقل التكلفة إلى النصف تقريبا حال استثناء اللحوم من المائدة.

بيع العصائر والحلويات في شهر رمضان في أحد الأسواق الشعبية في العراق (الجزيرة) العراق

في العراق، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش، إن ثمة تضخم معلن وآخر غير معلن، أما المعلن فهو يصدر عن وزارة التخطيط للعامين 2023 و2024 ويتراوح بين 3.5% و4%، ويشمل السلع الأساسية مثل الخضروات والفواكه والبقوليات.

ويضيف لـمراسل الجزيرة نت فارس الخيام، أن ثمة تضخم غير معلن يؤثر على سلع أخرى مثل الذهب والعقارات، وقد ارتفعت أسعار العقارات 120% بين عامي 2021 و2023، بينما تجاوز التضخم في أسعار الذهب 30% إلى 40%.

إعلان

يقول تاجر المواد الغذائية، منير محمد، أن الأسعار تشهد تباينًا ملحوظًا بين مواسم رمضان المتعاقبة نتيجة تقلبات أسعار السلع المستوردة المرتبطة بسعر صرف الدولار، مضيفًا أن قناعة التاجر تلعب دورًا محوريًا في تحديد الأسعار، حيث يستغل بعض التجار هذا الموسم لزيادة الأرباح.

وفي حديثه لـمراسل الجزيرة نت، يؤكد محمد أن القدرة الشرائية للمستهلكين تؤثر بشكل مباشر على الأسعار، ومع ذلك، فإن الزيادة تتركز في المواد الغذائية الأساسية التي لا تستغني عنها موائد الإفطار، مثل التمور والألبان والأسماك واللحوم وبعض أنواع الحبوب والحلويات، حيث تشهد هذه المواد ارتفاعا في الأسعار.

ويشير إلى أن استهلاك المواطنين يزداد خلال شهر رمضان، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل الإنفاق اليومي، موضحًا أن متوسط الإنفاق اليومي للأسرة المتوسطة، المكونة من 5 أفراد أو أقل، يتراوح بين 10 إلى 30 دولارًا.

من جانبه، يقول التاجر محمود الطائي إن أسعار السلع ترتفع بصورة "طفيفة"، إذ يزيد سعر كيس الأرز الفاخر من 50 دولارًا إلى 55 دولارًا، وكيس السكر من 30 دولارًا إلى 33 دولارًا.

ويشير إلى أن الأسعار لم تشهد تغييرات كبيرة وهو تكرار لسيناريو العامين الماضيين، وذلك بفضل استقرار السوق.

ويؤكد المواطن جاسم أبو سما أن بعض المواد الغذائية والألبان وعصائر التمر الهندي واللومي بصرة (شاي الليمون المجفف) والتمور والعدس والأرز والحلويات تحظى بحضور دائم على موائد رمضان، بالتالي ترتفع أسعارها لكن بشكل بسيط.

ويقول إن المائدة الرمضانية تختلف من أسرة إلى أخرى حسب الوضع المادي، فثمة موائد بسيطة وأخرى فاخرة، مضيفا أن وجبة الإفطار لأسرة متوسطة الدخل مكونة من 4 أفراد، مثل أسرته، تكلف حوالي 15 إلى 25 ألف دينار عراقي (ما يعادل 10 إلى 17 دولارًا).

افطار في القدس (مواقع التواصل) فلسطين

في فلسطين، أقرت وزارة الاقتصاد الوطني الحد الأقصى لأسعار 15 سلعة أساسية بعملة الشيكل، منها:

إعلان الخبز: 4.5 شيكل (1.25 دولار). الأرز: بين 6 و8 شواكل. (1.7 إلى 2.25 دولار) لتر الزيت النباتي: بين 1.67 دولار و2.22 دولار. كيلو لحم العجل الطازج 60 شيكلا ( 17.7 دولار) كيلو لحم الخروف الطازج: 90 شيكلا (25 دولار). كيلو الدجاج المذبوح: 17 شيكلا (4.72 دولار).

ويتكون الطبق الرئيسي لمائدة إفطار أسرة فلسطينية متوسطة الدخل غالبا من الأرز والدجاج، إضافة إلى المحاشي وورق العنب، مع المشروبات الغازية والعصائر الطبيعية كالخروب والسوس (العرق سوس) والليمون واللوز، وحلوى القطايف.

وحسب جمعية حماية المستهلك الفلسطينية تصل كلفة مائدة الإفطار لأسرة متوسطة الدخل مكونة من 4 أفراد إلى 30 دولارا، وترتفع التكلفة لتصل إلى 50 دولارا في حال استبدال الدجاج بلحم الضأن.

وإجمالا تتراوح كلفة موائد شهر رمضان كاملا بين 900 و 1500 دولار لأسرة متوسطة الدخل والعدد.

ونقل مراسل الجزيرة نت عوض رجوب، عن أيمن، رب الأسرة مكونة من 8 أفراد، إنه ثاني رمضان يحل عليه في الحرب، وسط ضنك شديد، لدرجة أنه ظل يعتمد في قوت عياله على الديْن من متجر قريب له، الذي قرر أخيرا التوقف عن البيع بالدين.

ويقول أيمن الذي لا يجد عملًا منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول بعد أن كان يعمل داخل الخط الأخضر، إن "اللحوم والدجاج سعرها مرتفع، بينما الكثير من الأصناف الأساسية مثل الزيوت والطحين والطماطم والبطاطا والزهرة (القرنبيط) والخيار، سعرها معقول أو في تراجع، لكن أمثالي ليس لديهم المال للشراء".

من جهته، يقول حسام محمد، وهو تاجر جملة من منطقة رام الله إن بعض  الأسعار التي تراجعت في الشهور الأخيرة كالزيت والطحين والسكر بنسبة تصل إلى 20%، لكن ذلك لم يؤثر على الحركة الشرائية نظرا لانعدام السيولة.

وتقول رئيسة جمعية حماية المستهلك شمالي الضفة فيحاء البحش لـ (الجزيرة نت) إن الدجاج مثلا ارتفع إلى 17 شيكلا (4.72 دولار) مقارنة مع 13 (3.61 دولار) قبل نحو أسبوع، لكنه قريب من أسعار العام الماضي.

إعلان

أما سعر لحوم الخراف فوصل الكيلو إلى 120 شيكل (33.34 دولار) مع أن وزارة الاقتصاد حددت سقفه بـ 90 شيكلا (25.01 دولار)، فيما وصل سعر كيلو لحم العجل إلى 60 شيكلا (16.7دولار) مقارن مع 50 شيكلا (13.9 دولار) العام الماضي.

ووفق معطيات سلطة النقد الفلسطينية سجل التضخم في فلسطين ما نسبته 46.7% خلال 2024 مقارنة مع 5.6% خلال 2023.

وأشار موقع المؤشرات الاقتصادية إلى انخفاض معدل التضخم السنوي إلى 22.77% في يناير/ كانون الثاني 2025 من 87.99% في ديسمبر/ كانون الأول 2024.

وقد سجل هذا أدنى معدل تضخم منذ يناير/ كانون الثاني 2024، وكانت الأسباب الرئيسية وراء ذلك هي إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

إفطار شمل المئات في أحد أحياء العاصمة الجزائر في رمضان ساب (الفرنسية) الجزائر

تتميز مائدة الإفطار الجزائرية بتنوع كبير يضم عدد من الأطباق المشهورة في البلاد على اختلاف مناطقها وتتشكل من أطباق تقليدية أساسية تتواجد على مائدة الإفطار طيلة الشهر الفضيل وهي شوربة الفريك أو الحريرة والبوراك (رقائق عجينة محشوة باللحوم والاجبان) وطبق اللحم الحلو (تشكيلة من الفواكه المجففة تطهى مع اللحم) والسلطات إلى جانب طبق آخر رئيسي يختلف من منطقة إلى اخرى وتتنوع مكوناته بين اللحوم والأسماك والدواجن.

يقول المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك، فادي تميم تميم لـ (الجزيرة نت) إن متوسط 70 ألف دينار (517.54 دولار) يكفي لقضاء شهر رمضان لعائلة مكونة من 4 إلى 5 أشخاص، فإذا زاد دخل في إطار البذخ، وكلٌّ حسب إمكانياته.

أما عن أقل ثمن لوجبة، فمن الممكن في الجزائر أن يفطر الشخص وعائلته مجانا على مدار 30 يوما نتيجة انتشار موائد الإفطار الجماعي في كل أحياء البلاد وتوفير المتطوعين والجمعيات وجبات مجانية طيلة الشهر.

وأشار إلى أن وفرة المنتجات والتحضيرات المسبقة إلى جانب عدم تسجيل أي اختلال في السوق يجعل الوضع رمضان الحالي أفضل من الوضع في سابقه.

إعلان

وقال لمراسلة الجزيرة نت  إلهام محمد  إن أسعار الخضر تعد أفضل هذا العام مقارنة بالعام الماضي رغم ارتفاعها في الأيام الماضية بـ 20 إلى 40 دينار (0.15 دولار إلى 0.30 دولار) نتيجة زيادة اقبال المواطنين عليها.

ونوه بأن الارتفاع الوحيد سجل في أسعار البطاطا والتمور، إلى جانب اللحوم الحمراء خاصة المستوردة التي سجلت أسعارها ثبات العام الماضي كون هوامش ربحها مسقفة، خاصة لحم الخروف الإسباني المستورد الذي بلغ 2200 دينار للكيلو (16.27 دولار) بدل 1500 أو 1800 (11.09 أو 13.31 دولار)، محملا التجار سبب هذا الارتفاع .

من جانبه يقول محمد، رب أسرة، إنه لاحظ هذا العام وفرة وتنوع في المنتجات والأسعار ما جعله يشتري ما يريد في حدود ميزانيته المخصصة لهذا الشهر، مؤكدا أن المتجول في السوق خلال الأيام الماضية يستشعر من الإقبال الكبير أن الأسعار هذا العام في المتناول.

تراجع معدل التضخّم في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 إلى 4.9%، من 5.2% في سبتمبر/ أيلول، وفق حسب أرقام الديوان الوطني للإحصائيات.

وبلغ معدل التضخم في الجزائر مع نهاية سنة 2023 حدود 9.32%، قريبا من المستوى المسجّل في 2022 والبالغ 9.27%.

إفطار جماعي في أحد الأحياء المغربية في رمضان سابق (مواقع التواصل) المغرب

استقبل المغاربة شهر رمضان وسط موجة غلاء شملت العديد من المواد الغذائية التي تعد أساسية في المائدة الرمضانية.

واستعد محمد الميساوي، رب أسرة من 4 أفراد لرمضان منذ أسبوع، إذ اشترى المواد الغذائية وحاجته من اللحوم والأسماك والخضر وغيرها من مواد البقالة تجنبا للازدحام الذي يميز الأسبوع الأخير من شعبان تهيئا لاستقبال رمضان.

يقول الميساوي لمراسلة الجزيرة نت سناء القويطي، إن مستلزمات رمضان هذا العام أنهكت جيبه وهو العامل في إحدى شركات النقل ولا يتجاوز أجره 6 آلاف درهم (600 دولار) شهريا.

إعلان

لم يستطع محمد تغيير عاداته الرمضانية في الاستهلاك رغم أنه في قرارة نفسه يرى ضرورة الاستغناء عن كثير من المواد لإنقاذ جيبه من الإفلاس، لكنه كما يقول يريد أن تعيش أسرته أجواء رمضان الغذائية كما تعودوا في السنوات الماضية.

وقال رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك بوعزة الخراطي إن ما يسميه "تسونامي الأسعار" بدأ في المغرب أواخر عام 2022.

وأضاف أن رمضان هذه السنة يختلف عن سابقه بكون ارتفاع الأسعار شمل المنتجات البروتينية مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض إلى جانب الأسماك وهي مواد أساسية في المائدة الرمضانية ما سيجعل تكلفتها مرتفعة.

وتقصت الجامعة عبر فروعها في مدن الرباط والقنيطرة والدار البيضاء ومراكش وأكادير وواد زم وكلميم وآيت باها تكلفة مائدة الإفطار في رمضان هذا العام.

ووفق الخراطي، فإن هذه التكلفة تتراوح بين 150 و400 درهما (15 دولارا إلى 40 دولارا) في اليوم الواحد وفي الشهر ما بين 4 آلاف و12 ألف درهم (أي ما بين 400 و1200 دولار).

ويرتفع استهلاك الأسر في شهر رمضان مقارنة بباقي الأشهر، وتضم مائدة الإفطار المغربية حساء الحريرة، والتمر، والفطائر، وحلوى الشباكية، والسفوف، والسمك أو اللحم أو الدجاج، والسلطات، والعصائر والحليب، والشاي، والمملحات.

كانت المندوبية السامية للتخطيط (جهاز حكومي مكلف بالإحصاء) أصدرت في مارس/آذار من العام الماضي تقريرا حول ميزانية الأسر في رمضان أظهر أن متوسط نفقات الأسر في رمضان يتزايد بنسبة 18.2 % مقارنة بالشهور الأخرى من السنة، وأن الميزانية المخصصة للتغذية ترتفع بنسبة 17.8%.

أما المنتجات الغذائية التي تعرف زيادة في نفقات استهلاكها في رمضان فهي الأسماك بنسبة 57.7% (تستهلك في رمضان 6.8 كلغ مقابل 5.2 في باقي الأشهر) والفواكه بنسبة 43.3% (54.3 كلغ مقابل 22.9 كلغ) والبيض بنسبة 35.7% (52.2 وحدة مقابل 39.4 وحدة) والمنتجات الحليبية بنسبة 34.8% ( 35.8 لتر مقابل 23.7 لتر) واللحوم بنسبة 26% (15.1 كيلوغرام مقابل 11.3 كلغ).

إعلان

وكانت المندوبية قد أعلنت أن التضخم السنوي مقاسا بمؤشر أسعار المستهلكين، قد بلغ 2.4% في 2024 مقابل 6.1% عام 2023.

سلع رمضانية في أحد أسواق العاصمة عمان (الجزيرة) الأردن

ارتفع معدل التضخم السنوي في الأردن خلال يناير/ كانون الأول إلى 2.29%، بعد أن زاد 1.67% في عام 2024 مقارنة بعام 2023.

وذكرت جمعية حماية المستهلك الأردنية في اتصال مع مراسل الجزيرة نت حبيب ابو محفوظ، أن كلفة الحد الأدنى لإفطار الأسرة الأردنية برمضان يوميًا بلغت 35 دولارا والحد الأعلى 653 دولارا بالتالي تبلغ كلفة الحد الأدنى شهريا 1000 دولار والحد الأعلى 1950 دولارًا.

وتتكون مائدة الإفطار الأردنية غالبا من طبق الأرز مع الدجاج الذي يعتبر وجبة رئيسية، واللحوم الحمراء فالأسماك بدرجات متفاوتة، بالنظر لارتفاع أسعارها بالإضافة إلى سلطة الخضروات بصورة دائمة (البندورة والخيار والخس)، والخبز والحساء الساخن.

وعادة يبدأ الأردنيون استعداداتهم لشهر رمضان قبل أسبوع من حلوله، ليبدأ التزاحم على الأسواق، لشراء ما يعرف بـ"مونة رمضان"، والتي غالباً ما تقتصر على المواد الغذائية، وتقول هند بني هذيل، ربة منزل مكون من 5 أفراد إن أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية بدأت تشهد ارتفاعًا حادًا قبل حلول شهر رمضان المبارك.

وشكت بني هذيل في حديثها لمراسل الجزيرة نت حبيب أبو محفوظ من ارتفاع أسعار الدجاج – كمادة أساسية على موائد الأردنيين – وكذلك الخضار والمواد التموينية التي يحتاجها المواطن الأردني في شهر رمضان والتي دائماً ما تشهد ارتفاعات حادة وغير مفهومة في مثل هذا الوقت من كل عام.

ودعت بني هذيل الجهات المعنية لتشديد الرقابة على الأسواق لضمان توفر السلع بأسعار مناسبة "حتى لا نبقى تحت رحمة التجار الذين يستغل بعضهم الظروف الاقتصادية الحالية"، مضيفة نجد أن ثمة وفرة في المواد التموينية، إلا أن التهافت على الشراء يدفع التجار لرفع أسعارها.

إعلان

وتابعت: "تبقى مشكلتنا ومخاوفنا متكررة كل عام مع بداية شهر رمضان من ارتفاع أسعار المواد التموينية والغذائية، خصوصاً السلع التي تحتاجها كل أسرة أردنية، كالسلع الطازجة كالدجاج واللحوم، والأرز والزيوت، وأصناف من الخضار المختلفة.

من جانبه، يؤكد مؤيد غنيم، مدير أحد الأسواق التجارية في الأردن لـ (الجزيرة نت) أن ثمة وفرة في السلع والمواد التموينية قبيل حلول شهر رمضان، مبينًا وجود فروقات في الأسعار ما بين رمضان العام الماضي، والعام الحالي.

وأرجع غنيم الأسباب لارتفاع الأسعار إلى الاضطرابات الأمنية والتوترات الجيوسياسية التي تأثر بها الشحن في البحر الأحمر نتيجة الحرب على قطاع غزة.

إقبال على أحد الأسواق اللبنانية استعدادا لشهر رمضان  (الجزيرة) لبنان

يواجه لبنان تحديات اقتصادية جسيمة تؤثر بشكل مباشر على تكاليف المعيشة، خاصة في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير، وتتفاقم هذه الأعباء خلال شهر رمضان المبارك إذ تزداد الضغوط المالية على الأسر اللبنانية وسط الارتفاع المستمر في الأسعار.

ووفقا لإدارة الإحصاء المركزي في لبنان، بلغ معدل التضخم السنوي لعام 2024 نحو 45.24% مقارنة بـ221.3% في عام 2023، ما يعكس تراجعا ملحوظا في وتيرة ارتفاع الأسعار، وإن كانت الضغوط التضخمية لا تزال قائمة.

أما على صعيد التضخم الشهري، فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك ارتفاعا بنسبة 1.10% في يناير/ كانون الثاني 2025 مقارنة بالشهر السابق، وهو أدنى مستوى خلال 4 أشهر، بعد أن بلغ معدل الزيادة 2.39% في ديسمبر/ كانون الأول 2024، وفقا لبيانات إدارة الإحصاء المركزي في لبنان.

وبالرغم من التحديات الاقتصادية الخانقة، لا تزال مائدة الإفطار الرمضاني في لبنان تحافظ على مكوناتها التقليدية التي تتنوع بين التمر، والشوربة، والفتوش، والأطباق الرئيسية، غير أن تأمينها أصبح أكثر صعوبة مع الارتفاع المستمر في الأسعار ما يضع الأسر اللبنانية أمام اختبار لقدرتها على التكيف مع الظروف المعيشية المتدهورة، وهكذا يغدو الشهر الفضيل مناسبة تمتزج فيها روحانية الصيام بتحديات الواقع الاقتصادي.

إعلان

ويقول وليد النميري، صاحب مؤسسة للمواد الغذائية لمراسلة الجزيرة نت نجية دهيشة، إن أسعار المواد الغذائية في رمضان الحالي لم تشهد تغيرًا كبيرًا مقارنة برمضان السابق، باستثناء بعض السلع التي يرتفع سعرها خلال الشهر الكريم، مثل الأرز والسكر.

ويشير إلى أن الإقبال على الشراء لا يزال متواضعا، مرجعا ذلك إلى التوزيعات والتقديمات التي تقدمها الجمعيات الأممية والأهلية والتي تسهم في تغطية جزء من الاحتياجات الغذائية.

أما أكثر المنتجات طلبا، فتشمل السكر، الأرز، التمر، الجلاب، الشوربات، والمعكرونة، وفيما يلي أبرز أسعار المواد في رمضان:

سعر كيلوغرام الأرز 1.5 دولار ليتر الزيت 1.5 دولار سعر كيس الشوربة 50 سنتا التمر فيصل سعر 3 كيلوغرامات منه إلى 8 دولارات بينما يتراوح سعر الجلاب بين 5 و5.5 دولارات حسب النوعية أسعار المعكرونة في متناول الجميع حيث تباع 3 عبوات بدولار واحد.

يقول زياد الأحمد، مواطن لبناني لـ (الجزيرة نت): "بصراحة، راتبي لا يكفي لتغطية احتياجاتنا الأساسية بسبب الأوضاع الصعبة في البلد، كنا ننتظر شهر رمضان لنعيش أجواء الخير لكن اليوم أصبح تأمين الطعام اليومي تحديا كبيرا، كل شيء أصبح غاليًا، من الخضار واللحوم إلى الأرز والزيت، إذ ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ، كرب أسرة مكونة من 5 أفراد يجبرنا على تقليل الكميات أو الاستغناء عن بعض الأصناف تماما".

إعداد موائد الإفطار للصائمين في شهر رمضان في السودان  (مواقع التواصل) السودان

يستقبل السودانيون شهر رمضان للعام الثاني وسط ظروف اقتصادية صعبة بعدما فقد قطاعاً واسعاً منهم مصادر رزقهم ووظائفهم ونهب ممتلكاتهم وتباطؤ الاقتصاد وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وتآكل القيمة الشرائية للعملة الوطنية.

وحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن معدل التضخم تراجع في يناير/ كانون الثاني الماضي إلى 145.14% مقارنة مع 187.83% سُجلت في ديسمبر/كانون الأول 2024، بعدما كان 198.2% و 211.4% في الشهرين السابقين لهما.

إعلان

وتوقف جهاز الإحصاء عن إعلان معدلات التضخم بعد إندلاع الحرب في منتصف أبريل/ نيسان 2023، وقال الجهاز في أول تقير بعد الحرب إن معدل التضخم في البلاد قفز إلى 136.6 % في النصف الأول من عام 2024.

ويقول الناشط في منظمة حماية المستهلك، عصام عبد الرحيم أن السلع الغذائية متوفرة لكن غالبيتها يصعب على قطاع عريض من المواطنين شرائها لارتفاع أسعارها بسبب فقد الطبقة الوسطى مصادر رزقها وتوقف الأنشطة الاقتصادية لأصحاب الحرف وتآكل القيمة الشرائية للجنيه السوداني.

ويقدر الناشط في حديث لمراسل الجزيرة نت النور أحمد، أن قيمة إفطار رمضان للشخص الواحد في اليوم تتراوح بين 10 ألف جنيه حوالي (4 دولارات) إلى 20 ألف جنيه (8 دولارات)، وتنقص قليلاً في حال كان للمجموعة.

ويفيد بأن قطاع من المواطنين لا يستطيعون توفير ما يفطرون به وخصوصًا النازحين ويعتمدون على المطابخ الطوعية "التكايا" في دور الإيواء المؤقتة التي تنشط فيها جمعيات ومنظمات خيرية ومتطوعون يدعمهم رجال أعمال ومؤسسات اقتصادية.

ويضيف الناشط أن غالبية المواطنين يعتمدون على سلع محلية في الإفطار، فيعتمد مواطنو شمال البلاد وشرقها ووسطها على (القراصة) التي تصنع من طحين القمح وفي غرب البلاد على (العصيدة) التي تصنع من الذرة الرفيعة أو الدخن، بجانب البليلة من الحمص أو الدخن المحمص أو العدسية.

ويفضل السواد الأعظم من المواطنين عصائر من الكركدي والتبلدي والبرتقال أو "الحلو مر" من الذرة "النابتة" أو المخمرة.

من جانبه، يقول التاجر سليمان دفع الله لـ (الجزيرة نت) إن ثمة استقرار نسبي في أسعار السلع الغذائية ورغم ذلك يوجد ضعف في القوة الشرائية بسبب أوضاع المواطنين الاقتصادية.

ويوضح أن سعر كيلو السكر نحو 3 آلاف جنيه  (1.2 دولار)، وكيلو طحين القمح 2500 جنيه (1 دولار)، ورطل زيت السمسم نحو 3 آلاف جنيه (1.2 دولار)، ورطل زيت الفول 2500 جنيه (1 دولار)، وربع الذرة الأبيض 12 ألف جنيه (4.8 دولار) وربع الدخن 16 ألف جنيه (6.4 دولار).

إعلان

بدوره توقع الناشط الإجتماعي حسن الأمير أن اللحوم ستكون الغائب الأبرز عن المائدة الرمضانية لعدم استطاعة قطاع كبير من المواطنين شرائها لتصاعد أسعار حيث يبلغ متوسط سعر كيلو اللحم البقري 16 ألف جنيه (6.5 دولار) والضأن 20 ألف جنيه (8 دولار) واللحوم البيضاء 12 ألف جنيه لكيلو الفراخ (4.5 دولار).

مقالات مشابهة

  • التضخم يلتهم موائد رمضان في الدول العربية وسط أزمات الاقتصادية
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: ممتنون لإدارة ترامب بشأن الموافقة العاجلة على صفقة الأسلحة
  • بن شرقي يكشف كواليس انضمامه للأهلي: مفاوضات بدأت منذ 2017 وتأخرت 8 سنوات
  • واشنطن تخطط لصفقات أسلحة طارئة لإسرائيل
  • صفقة ذخائر ومعدات عسكرية أمريكية جديدة للاحتلال بقيمة 2.7 مليار دولار
  • صفقة ذخائر أمريكية جديدة لـإسرائيل بنحو 2.7 مليار دولار
  • أمريكا تقر صفقة ذخائر محتملة لإسرائيل بـ 2.7 مليار دولار
  • أميركا تقر صفقة ذخائر محتملة لإسرائيل بـ 2.7 مليار دولار
  • باحث: الوساطة المصرية حاسمة في صفقة تبادل الأسرى رغم تعقيدات نتنياهو