موقع 24:
2025-04-27@18:48:46 GMT

واقعة البيت الأبيض وأبعادها

تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT

واقعة البيت الأبيض وأبعادها

لن تسقط المشاجرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضيفه الأوكراني فلوديمير زيلينسكي من الذاكرة السياسية، وستظل مشاهدها الصادمة مدعاة لتقصي أبعاد هذا الحدث ودلالاته، والتساؤل عما يعنيه بشأن مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، فما حدث مع زيلينسكي في البيت الأبيض يكاد يكون تتويجاً لما حدث سابقاً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.


كان واضحاً أن العلاقة بين ترامب وزيلينسكي متوترة، ولا تتجه إلى الاتفاق على أي شيء، فالأول، الذي لا يخفي نواياه، صرح بأنه يريد سلاماً ينهي الصراع مع روسيا ويبرم صفقة ضخمة مع كييف حول المعادن النادرة تتمكن من خلالها واشنطن من استعادة مئات المليارات التي قدمتها لدعم التصدي لروسيا، بينما يحاول الرئيس الأوكراني المحافظة على صورته التي رسمتها الدعاية الأوروبية كمناوئ لموسكو ومدافع عن بلده، وهي معادلة لم تعد مجدية، لأن الحرب، التي دخلت عامها الرابع، لم تحقق خلالها أوكرانيا أي شيء عسكرياً، ولكن إذا تم اللجوء إلى المفاوضات، يمكن التوصل إلى حل سياسي يحقن الدماء ويجنب أوروبا حرباً عالمية ثالثة، كما يحذر من ذلك متابعون كثيرون.
وسط هذا الجو المشحون، جاء اللقاء العاصف بين ترامب وزيلينسكي وسط شكوك بأن في الأمر مكيدة أو خطة مسبقة أوقع فيها الرئيس الأمريكي ضيفه الأوكراني، من أجل أن يبعث برسائل إلى من يهمه الأمر. وقد كانت ردود الفعل في العالم الغربي مستاءة ومتعاطفة مع زيلينسكي، وجوبهت الإدارة الأمريكية بانتقادات شديدة، باعتبار أن الملاسنة التاريخية بين رئيسين أمام وسائل إعلام خطأ يتنافى مع أبسط قواعد الدبلوماسية، والمعاهدات والمواثيق، التي تنظم العلاقات بين الدول وتضع الضوابط البروتوكولية التي تصون المناصب القيادية العليا للدول، فحتى عندما يلتقي عدوان، يكون اللقاء وفق أطر معلومة تضمن الاحترام المتبادل لكلا الطرفين، وتحفظ الأسرار والرموز للدول.
من الأهداف الأساسية الدبلوماسية وضع الأطر لإدارة الخلافات والتباينات. وما حدث في البيت الأبيض، بدا أنه أقرب إلى خلاف شخصي بين زيلينسكي وترامب مدعوماً بنائبه جي دي فانس، وفي دقائق معدودة أصبحت المشاجرة قضية الساعة، وذهب بعضهم إلى اعتبارها عنوان مرحلة في النظام الدولي، ستكون فيها الصراعات والرغبات والأهواء السياسية مطروحة على الهواء مباشرة ودون أي اعتبار للأعراف والقيم الديبلوماسية.
وما جرى بين ترامب وزيلينسكي كان يفترض أن يتم داخل غرف مغلقة وبعيداً عن وسائل الإعلام، حتى يظل هناك مجال للفعل السياسي واستمرار التواصل، وبما يسمح للطرفين بحث العلاقة المأزومة واستكشاف فرص تهدئة التوتر، والمساعدة على إنهاء الحرب في أوكرانيا وحفظ الأمن الإقليمي في أوروبا وحفظ أمن جميع الأطراف. ومثلما للدول الكبرى أهداف وخطط، للدول الصغرى والمتوسطة أيضاً مصالح وحقوق في العيش بسلام، دون أن تكون تحت طائلة الابتزاز أو التهديد.
واقعة البيت الأبيض، تؤكد، مرة أخرى، أن العالم مأزوم ويشكو تصدعات مخيفة وكسراً متعمداً لقواعد وسلوكيات حكمت العلاقات بين الدول عقوداً طويلة، وباتت الآن في خطر وأمام تحولات مجهولة العواقب.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب البیت الأبیض

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض مضطر إلى التراجع عن الرسوم الجمركية

ترجمة: بدر بن خميس الظفري.

يُعرف الرئيس دونالد ترامب بمتابعته الدقيقة لتحركات سوق الأسهم، واهتمامه الكبير بردود أفعاله على السياسات الاقتصادية والسياسية للحكومة لكن، ولسوء حظه، فإن الأسواق العالمية واصلت ارتجافها بسبب سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها، حتى بعد إعلانه تأجيلًا كبيرًا لمدة 90 يومًا على فرض رسوم جديدة على جميع الدول، باستثناء الصين. تعكس هذه الاضطرابات في الأسواق مشاعر القلق العالمي من احتمال اندلاع حرب تجارية مع الصين.

تشير المعطيات المباشرة وغير المباشرة إلى أن السبب الرئيسي وراء تغيير الإدارة الأمريكية لموقفها كان سوق السندات السيادية الأمريكية. ففي يوم واحد، قفز معدل الفائدة الفعلية إلى 5%.

ونظرًا لأن مثل هذه التغيرات لا ينبغي أن تحدث في ظل هذا القدر من الفوضى، يرى كثير من الخبراء أن تراجع الرئيس كان ردًا مباشرًا على المؤشرات السلبية في سوق الديون. وكانت المرة الأخيرة التي حدث فيها شيء مماثل خلال أزمة «الاندفاع نحو السيولة» مع بداية جائحة كورونا في مارس 2020.

ما حدث في سوق الديون كشف عن ضعف وهشاشة موقف الإدارة الأمريكية.

يكشف سلوك سوق السندات أن السياسات الجمركية الأمريكية العشوائية تُلحق الضرر بالأسواق. ويبدو أن وزير الخزانة، سكوت بيسنت، قد نصح ترامب بضرورة التفاوض على اتفاقات تجارية مع الحلفاء قبل الدخول في مواجهة مع الصين.

لطالما وصفت الولايات المتحدة حتى أقرب حلفائها بأوصاف مثل «اللصوص» و«المحتالين» و«الناهبين»، ولذلك فإن تراجع واشنطن عن تكتيكاتها الجمركية الأولية كشف أن هذه الاستراتيجية لم تكن سوى استعراض تنمّر ومقامرة رعناء، لا خطة مدروسة.

مرعوبًا من ردود فعل الأسواق، تراجع ترامب سريعًا، وقال في اجتماع متلفز لمجلس وزرائه: «سيكون هناك دائمًا مشاكل في مرحلة الانتقال»، مضيفًا إن «الصعوبات أمر طبيعي». من جهتها، لم تُبدِ بكين أي مؤشرات على التراجع، بل رفعت من حدة ردها بفرض رسوم إضافية وصلت إلى 125% على السلع الأمريكية.

الخطوة الغريبة في لعبة الشطرنج التي يخوضها ترامب هي استثناء الصين من إجراءات التخفيف الجمركي. وإذا بقي الوضع على حاله، فإن الاقتصاد الصيني سيواجه تحديات كبرى بسبب تقييد وصوله إلى السوق الأمريكية.

ومع ذلك، عبّر ترامب عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع الصين. وقال: «أعتقد أننا سنصل إلى شيء جيد جدًا لكلا البلدين. أنا أتطلع إليه».

حتى بعد تراجع الولايات المتحدة عن بعض إجراءاتها القاسية، فإنها أبقت على حاجز جمركي ضخم لا مثيل له منذ ثلاثينيات القرن الماضي. فقد فرضت رسومًا موحدة بنسبة 10% على جميع الدول، بغض النظر عما إذا كان لديها فائض أو عجز تجاري مع الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، دول مثل أستراليا وهولندا والمملكة المتحدة والإمارات تشتري من الولايات المتحدة أكثر مما تبيعه لها، ومع ذلك لم تُستثنَ من الرسوم.

المشكلة الجوهرية في النظام الاقتصادي العالمي اليوم هي أن السياسات الأمريكية تدفع القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، واللتين تتكامل اقتصادياتهما، إلى التصادم. فرض رسوم بهذه المعدلات الفلكية يُشكل ضربة قاصمة للعلاقات التجارية بين بلدين يشكل حجم تبادلهما نحو 3% من إجمالي التجارة العالمية. وقد تتوقف شرايين الاقتصاد العالمي عن النبض.

سوف تتضح عواقب كل ذلك بسرعة. فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار في كلا البلدين، وقد تُهدد مصانع الإنتاج، ويخسر الناس وظائفهم. وقدّرت مؤسسة «جولدمان ساكس» مؤخرًا أن إدخال رسوم جديدة سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 2.4%، غير أن الصين تستطيع التخفيف من آثار هذه التحديات من خلال الدعم الحكومي، وهي ميزة لا تتوفر في الولايات المتحدة التي يُهيمن عليها القطاع الخاص، ولا تملك الحكومة فيها أدوات تدخّل مباشر مماثلة.

وفي الآونة الأخيرة، أصيب العالم بالدهشة من تخبط الإدارة الأمريكية في تبرير فرض رسوم على واردات بسيطة من دول إفريقية فقيرة، والتعديلات التي أُدخلت على معدلات الرسوم قبل تنفيذها، والأخطاء في منهجيات احتسابها.

بات حتى أقرب الحلفاء للولايات المتحدة لا يثقون في إدارتها، التي تُصدر قرارات وتصريحات صادمة، ثم تلغيها أو تعدّلها بالاندفاع ذاته. المواطنون العاديون في مختلف أنحاء العالم يتساءلون: ما الذي يمكن التفاهم عليه مع هذه الولايات المتحدة؟ أمام أعيننا، تتآكل الثقة في الدولة الأقوى في العالم بسرعة كبيرة.

ربما حان الوقت للعالم أن يبدأ في تشكيل نظام عالمي جديد، يتجاوز واشنطن، بتقلّباتها ونزعاتها المتقلبة وخيالاتها غير الواقعية.

جومارت أوتورباييف رئيس وزراء جمهورية قرغيزستان السابق، وأستاذ في مدرسة الحزام والطريق بجامعة بكين للمعلمين.

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض مضطر إلى التراجع عن الرسوم الجمركية
  • لقاء يجمع ترامب وزيلينسكي لأول مرة منذ مشادة البيت الأبيض.. هكذا ظهرا (شاهد)
  • لقاء يجمع ترامب وزيلينسكي لأول مرة منذ مشادة البيت الأبيض.. هذا ظهرا (شاهد)
  • البيت الأبيض: ترامب التقى زيلينسكي خلال جنازة بابا الفاتيكان
  • زيلينسكي يكشف تفاصيل اجتماعه الأول مع ترامب بعد مشادة البيت الأبيض
  • البيت الأبيض: اجتماع ترامب وزيلينسكي في روما كان مثمرا للغاية
  • جنازة البابا فرانسيس تجمع ترامب وزيلينسكي بعد مشادة البيت الأبيض
  • بعد المواجهة التاريخية في البيت الأبيض.. ترامب وزيلينسكي يلتقيان مجدداً
  • ترامب يلتقي زيلينسكي لأول مرة منذ "مشادة البيت الأبيض"
  • البيت الأبيض: زيلينسكي يتحرك “في الاتجاه الخاطئ” وترامب بدأ ينفذ صبره